ملخص
- سيطرة "البعث": استخدم حزب "البعث" نظاماً انتخابياً يضمن له الأغلبية، مع ترك بعض المقاعد لمستقلين صورياً لتجنب مظهر حكم الحزب الواحد.
- غياب المصداقية والنزاهة: كشفت انتخابات "مجلس الشعب" لعام 2024 عن غياب الشفافية، حيث اعتبرت مناورة سياسية لفرض هيمنة حزب "البعث" على مجلس الشعب.
- تصويت غير نزيه: سجلت حالات تصويت بالوكالة وتصويت القاصرين، بالإضافة إلى تصويت دون سرية وفي ثكنات عسكرية، مما يضعف مصداقية النتائج.
- ضغط على الناخبين: أصدر النظام تعليمات بمنع منح الموظفين عطلة يوم الانتخابات، مما أجبرهم على التصويت.
- تراجع الدعم لقوائم "الوحدة الوطنية": تراجعت نسبة الأصوات المؤيدة لقوائم "الوحدة الوطنية" في عدة محافظات مقارنة بالانتخابات السابقة.
- تحليل محدود للنتائج: بسبب غياب الشفافية والبيانات الكاملة، يصعب إجراء تحليل دقيق للنتائج والتأكد من مدى صحة العملية الانتخابية.
- نسبة المشاركة مبهمة: لم يعلن النظام بشكل واضح عن نسبة المشاركة، مما يزيد الشكوك حول مدى الإقبال الحقيقي.
- رفض الطعون: رفضت المحكمة الدستورية العليا جميع الطعون المقدمة من دون الكشف عن تفاصيلها، مما يعزز الشكوك حول مصداقية العملية الانتخابية.
كشف مرسوم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الذي أقر الفائزين بانتخابات "مجلس الشعب"، ودعوته للانعقاد في 21 آب الجاري، أن الانتخابات كانت تفتقر للمصداقية والنزاهة، جعل منها النظام مناورة سياسية لفرض هيمنة حزب "البعث" على المجلس.
وبفضل نظام انتخابي يضمن له الأغلبية، عزز حزب "البعث" سيطرته، حيث ضمنت قوائمه الفوز بجميع المقاعد التي ترشح لها، مع تجنب مظاهر حكم الحزب الواحد، من خلال ترك بعض المقاعد لمرشحين مستقلين صورياً، مما يؤمن له الأغلبية اللازمة لتمرير التعديلات الدستورية.
وأجرى "المجلس الأطلسي" سلسلة تقارير بحثت في تحديات المضي قدماً في الإصلاح الانتخابي للعملية السياسية في سوريا التي تيسرها الأمم المتحدة، حيث ناقش التقرير الأول منها طبيعة الانتخابات وأهميتها، وبحث الثاني في النظام الانتخابي وتمثيل المرشحين، وقدم الثالث تفصيلاً لهيكل الناخبين السوريين، وفصّل الرابع دور المؤسسات المختلفة في إدارة الانتخابات والمرشحين، في حين تحدث التقرير الأخير عن نتائج الانتخابات.
وخلص التقرير الأخير بشأن نتائج الانتخابات إلى مجموعة من التحديات المرتبطة بالإصلاح الانتخابي والشفافية، وأشار إلى تحولات جديدة في التصويت قد تؤثر على مستقبل النظام السياسي في سوريا.
استمرار هيمنة "البعث"
أسفرت الانتخابات عن فوز جميع مرشحي قوائم "الوحدة الوطنية" المدعومة من حزب "البعث"، مما يعكس استمرار الهيمنة الحزبية في البرلمان السوري.
ويعزز هذا الوضع الشكوك حول التمثيل الحقيقي للشعب السوري، ويؤكد على فعلية سيطرة حزب "البعث" على العملية السياسية.
وضمت قوائم "الوحدة الوطنية" 185 مرشحاً في مختلف أرجاء البلاد، وكما كان متوقعاً، ضمن النظام الانتخابي فوزهم جميعاً، الأمر الذي جعل التركيب الحزبي للمجلس مطابقاً للتركيبة السابقة: 67 % للبعثين و26 % لغير المتنافسين مع مرشحي "البعث".
ويمكن اعتبار أن عدد المقاعد غير المتنافس عليها من قبل قوائم "البعث" ليس عشوائياً، بل هو مصمم خصيصاً، حيث يتجنب شكل "حكم الحزب الواحد"، ويسمح بمظهر خادع من مظاهر التنوع، ويحمي في الوقت نفسه تأمين أغلبية الثلثين اللازمة لصد التحديات التشريعية أو سن التعديلات الدستورية أو توجيه اتهامات للرئيس.
وهذه النسبة الذهبية التي يعتمدها النظام السوري هي الصيغة المعمول بها منذ انتخابات 2016، التي عقدت في أعقاب إصدار دستور العام 2012.
شكوك في مصداقية النتائج
بسبب غياب البيانات الكاملة المتعلقة بالانتخابات، مثل نسبة المشاركة الفعلية وعدد الأصوات لكل مرشح، أصبح من المستحيل إجراء تحليل دقيق للنتائج.
وتتزايد الشكوك حول مصداقية النتائج في ظل عدم نشر نتائج الانتخابات الكاملة، وتوفير معلومات محدودة فقط حول المرشحين الفائزين.
وأصبحت أنماط التصويت أكثر صعوبة في التحليل بسبب استخدام نظام التصويت الكتلي مع العديد من المرشحين، حيث يكشف استخدام هذه الطريقة عن نمط من بعض التحولات في التصويت بين المحافظات وبين انتخابات 2020 و2024.
فعلى مستوى البلاد، حصلت قوائم "الوحدة الوطنية" على أصوات أقل بنسبة 5 % مقارنة بانتخابات عام 2024، وكانت بعض الانخفاضات في الأصوات دراماتيكية، كما هو الحال في دمشق، حيث خسرت 49 % من الأصوات، تليها الحسكة بنسبة 43 %.
ومن ناحية أخرى، زادت الأصوات لصالح قوائم "الوحدة الوطنية" في ريف حلب ودير الزور وحماة بشكل كبير (42 % و51 % و71 % على التوالي).
غياب الشفافية وشكوك حول النزاهة
تعرضت الانتخابات لانتقادات واسعة، محلية ودولية، حيث لم تستوف العملية الانتخابية للمعايير الأساسية للإدارة المحايدة للانتخابات ولا معايير الشفافية.
ولم يسمح النظام السوري بتسجيل الناخبين مسبقاً، كما هو معمول به، ولم توفر قوائم الناخبين للجان قبل الانتخابات، وبدلاً من ذلك، تم تجميع قوائم الناخبين في يوم الانتخابات، مما أثار الشكوك حول نزاهة العملية.
ويعكس هذا الإجراء نقصاً في الاستعداد، فضلاً عن غياب للشفافية في إدارة العملية الانتخابية.
غياب المراقبة المستقلة
عملية الاقتراع لم تخضع لأي مراقبة مستقلة، سواء من جهات وطنية أو دولية، وغياب المراقبة يثير تساؤلات حول شفافية ونزاهة الانتخابات ويضعف من مصداقية النتائج المعلنة.
وأشارت الانتقادات إلى أن عدم وجود مراقبين يجعل من الصعب التحقق من صحة العملية الانتخابية، وما إذا كانت تمت وفقاً للمعايير الدولية، وعززت الانطباع بأن الانتخابات كان مجرد إجراء شكلي لتأكيد سيطرة "البعث" على المجلس.
تصويت بالوكالة وتصويت القاصرين
وأشار التقرير إلى حدوث تصويت بالوكالة بشكل جماعي، حيث كان يتم التصويت نيابة عن آخرين.
كما تم تسجيل حالات تصويت للقاصرين، بالإضافة إلى تصويت من دون سرية وفي ثكنات عسكرية، مما يضعف من مصداقية النتائج ويؤكد الشكوك حول نية النظام السوري في إجراء انتخابات نزيهة.
الضغوط على الناخبين للمشاركة
أصدر النظام السوري تعليمات للمؤسسات العامة والشركات والبنوك والنقابات بعدم منح الموظفين يوم عطلة في أثناء الانتخابات، مما منعهم من تجاهل التصويت وأجبرهم على المشاركة.
وتعتبر هذه الإجراءات ضغوطاً غير مبررة على الناخبين، وتثير مخاوف بشأن حريتهم في الاختيار.
انعدام الشفافية في نسبة المشاركة
رغم أهمية نسبة المشاركة في تقييم نزاهة الانتخابات، فإن النظام السوري لم يعلن عن هذه النسبة بشكل واضح.
واستخدم النظام السوري عبارات مبهمة مثل "نسبة المشاركة كانت جيدة"، من دون تحديد نسب دقيقة، مما يزيد من الشكوك حول نزاهة الانتخابات ومدى الإقبال الحقيقي للناخبين.
رفض جميع الطعون الانتخابية
ووفق ما أعلنت وسائل إعلام النظام السوري، رفضت المحكمة الدستورية العليا جميع الطعون الـ47 المقدمة بشأن الانتخابات، زاعمة أنها لم تستوفِ الشروط القانونية اللازمة.
ويعزز هذا الرفض الجماعي للطعون، من دون الكشف عن تفاصيلها أو أسباب رفضها، الشكوك حول مصداقية العملية الانتخابية والعدالة في التعامل مع الشكاوى.
حملة المعارضة ضد شرعية الانتخابات
أطلقت المعارضة السورية حملة لرفض شرعية الانتخابات، كان شعارها "لا للأسد وانتخاباته، معتبرة أن الانتخابات تتعارض مع الإطار الذي حدده قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2254.
وعلى الرغم من ذلك، لم تتمكن الحملة من تحقيق زخم كبير، وكانت رسائلها محدودة في التأثير، خصوصاً أنها أطلقت في وقت متأخر، قبل يوم واحد من الانتخابات.