icon
التغطية الحية

النساء في "مجلس الشعب".. تمثيل يعزز مصالح النظام السوري

2024.07.20 | 09:07 دمشق

مركز انتخابي في دمشق، 15 تموز 2024 ـ رويترز
مركز انتخابي في دمشق، 15 تموز 2024 ـ رويترز
دمشق ـ غالية حسين
+A
حجم الخط
-A

أعلنت اللجنة القضائية العليا للانتخابات لدى حكومة النظام السوري رسمياً نتائج انتخابات مجلس الشعب التابع للنظام، للدور التشريعي الرابع لعام 2024. وأظهرت النتائج تمثيلاً ضعيفاً للنساء بنسبة أقل من 10 % من مجموع أعضاء المجلس البالغ عددهم 250 مقعدًا، حيث حصلت النساء على 24 مقعدًا فقط.

لا يعكس هذا التمثيل المحدود الفجوة الكبيرة بين الجنسين في التمثيل السياسي، بل يشير أيضا إلى تمثيل مصالح النظام السوري عبر شخصيات مثل الإعلامية الموالية رائدة وقاف والقاضية نهى محايري التي "جددت مقعدها في البرلمان" مع الدكتورة سهام العثمان المنحدرة من طرطوس أيضا، وغالبًا ما يتم اختيارهن بناءً على انتماءاتهن الحزبية والسياسية وولائهن القوي للنظام، ما يعني أنهن يمثلن مصالح الفئة الحاكمة بدلاً من تمثيل مصالح كافة النساء السوريات، في محاولة من النظام لكسب شرعية مفقودة عبر انتخابات "مجلس الشعب".

وبالنظر إلى تنوع المحافظات التي ينتمين إليها، تمثل هؤلاء النسوة الطبقات الاجتماعية العليا أو المتوسطة، ولديهن روابط قوية مع النظام وبهذا يكن وجها داعما للنظام. إذ يسعين لتحقيق أجندات "الحكومة" والسياسات التي تعزز سيطرتها، ويساهمن في إظهار نوع من التوازن الاجتماعي والتمثيل النسائي في المؤسسات الحكومية. هذا يُستخدم كوسيلة لترويج صورة زائفة عن التقدم والمساواة.

التوزيع الجغرافي للنساء في مجلس الشعب

تعكس نسبة النساء في "مجلس الشعب" التحديات والقيود التي تواجهها النساء في المشاركة السياسية في مناطق سيطرة النظام، فقد أظهرت النتائج غياب التمثيل النسائي في محافظات جنوبي سوريا (القنيطرة والسويداء)، فيما شهدت محافظات حمص، طرطوس، الرقة، دير الزور، ودرعا ضعفاً في التمثيل النسائي بفوز سيدة واحدة فقط عن كل محافظة.

بالمقابل، ضمت محافظات حماة، ريف دمشق، اللاذقية، ودائرة ريف حلب وإدلب عضوتين فقط، أما محافظة حلب فقد شهدت تمثيلاً نسائياً أكبر بفوز ثلاث عضوات، فيما كانت العاصمة دمشق الأكثر تمثيلاً بأربع عضوات، وكل ذلك جاء مخالفاً للقوانين واللوائح الداخلية المجحفة أصلا بحقوق المرأة وتمثيلها.

وتعاني النساء في سوريا من بيئة سياسية واجتماعية غير داعمة، حيث تفضل التقاليد المجتمعية والمفاهيم السائدة الرجال في المواقع القيادية، مما يقلل من فرص النساء في الوصول إلى المناصب السياسية. هذا الوضع كرسه النظام السوري لسنوات طويلة وانعكس حتى على واقع المعارضة السورية وتشكيلاتها السياسية.

وتسيطر المركزية على المشهد السياسي في ظل النظام السوري، الذي أغلق المجال السياسي أمامهن، ويقلل من فرصهن للترشح والفوز بمقاعد في المجلس. بالإضافة إلى ذلك، لا تعطي السياسة الاستبدادية أهمية كبيرة لتمكين المرأة، نتيجة لتسلط الميليشيات وأمراء الحرب الذين تم فتح أبواب المجلس لهم لقوننة وجودهم وشرعنة سطوتهم.

رائدة وقاف مثال عن خدمة النظام

تولت رائدة وقاف منصب إدارة قناة سوريا دراما بين عامي 2015 و 2018، واتهمت خلال تلك الفترة وتوليها للمنصب بتورطها بالكثير من قضايا الفساد لاسيما تلقيها الرشاوي من أصحاب الإعلانات على شاشة التلفزيون من أجل زيادة نشر إعلاناتهم، عدا عن مساهمتها باستخدام أساليب مخابراتية لتشويه صورة وإبعاد مذيعات عن العمل، وبالتأكيد مسيرة تشبيحية طويلة مع نظام الأسد، بحسب موقع زمان الوصل.

ووفقا لموقع عين المدينة فإن "وقاف زوجة ضابط في القصر الجمهوري منذ أيام حافظ الأسد يدعى (نظام وقاف) وقد أصبحت مديرة سوريا دراما بدعم من زوجة عمها الإعلامية المعروفة ماريا ديب ومن بثينة شعبان مستشارة بشار الأسد، وأصبحت جميع الشركات المنتجة في سوريا تتقرب من وقاف وتتودد لها عبر الرشاوي لعرض إعلاناتهم".

ويضيف الموقع أن "شركة كيا المملوكة من رجل الأعمال المعاقب أميركيا سامر الفوز حظيت بدعاية إعلانية خاصة على قناة سوريا دراما وجنت من تلك الدعايات أموالاً طائلة".

وبحسب زمان الوصل، وضع النظام السوري اسم وقاف في اللجنة الدستورية. وفي كثير من الأحيان، تعمل هؤلاء النساء على تنفيذ وترويج سياسات النظام السوري بدلاً من التركيز على قضايا المرأة بشكل مستقل.

يمكن القول إن هؤلاء النساء يمثلن مصالح فئات معينة داخل النظام الحاكم، ويعملن على دعم واستقرار تلك الفئات وغالبًا ما تُعطى المناصب في المؤسسات والمجالس الحكومية للأشخاص الذين يمكن الوثوق بهم في دعم سياسات النظام، وهذا ينطبق أيضًا على النساء في هذه المناصب.

التناقضات في تطبيق الكوتا النسائية

لطالما كانت قضايا المرأة وحقوقها قضية جدلية وسط المجتمع، وحول الترشح لمجلس الشعب تقول "سعاد" لموقع تلفزيون سوريا وهي حقوقية (طلبت عدم ذكر اسمها كاملا): "يتزايد النقاش حول تدني تمثيل المرأة في مجلس الشعب وتتنوع الآراء حول أهمية وجودها، وفقر عمل مجلس الشعب خاصة والمؤسسات الحكومية عامة، رغم فرض القيادة لنسبة معينة من المقاعد للنساء. يعتقد البعض أن زيادة عدد النساء في المجلس ستسهم في تمكين حقوق المرأة، لكن هذه الفكرة ليست بالضرورة صحيحة. فالقيادة هي من تفرض وجود النساء في المجلس، وهذا لا يعني أنهن سيمثلن حقوق المرأة بشكل فعلي".

كما تقول "سوزان" وهي موظفة حكومية (طلبت عدم ذكر اسمها كاملا): "التنوع الجندري في المجلس لا يعني بالضرورة تحسين الأداء، لأن الوضع السياسي الحالي لا يعكس اهتماماً حقيقياً بحقوق المرأة بغض النظر عن جنس الممثلين. المقارنة الصحيحة لا تكون فقط بين عدد النساء اللواتي نجحن وعدد النساء المرشحات، بل يجب أيضاً مقارنة عدد الرجال الذين ترشحوا مع عدد الرجال الذين فازوا. هذه المقارنة تعطي صورة أكثر دقة عن تأثير "الواسطة" في النجاح الانتخابي، وهو أمر نعرفه جميعاً بغض النظر عن جنس المرشح".

بالتالي، فإن فرض الكوتا النسائية ليس كافياً لضمان تمثيل فعلي وفعال للمرأة في المجلس، طالما أن العوامل الأخرى، مثل العلاقات والنفوذ، لا تزال تلعب دوراً حاسماً في النتائج الانتخابية.

كل ما ذكر عن المشاركة السياسية للمرأة يبقى بعيد المنال دون تحرك العملية السياسية وفق القرارات الأممية، تلك التي تفضي إلى الانتقال السياسي في سوريا. هذا الانتقال والتغيير السياسي يفترض أن يحمل تحولاً كبيراً في دور المرأة ودعمها.