انتهت انتخابات "مجلس الشعب" التي روج لها النظام على أنها جرت ضمن واقع جديد ومرحلة مختلفة. رغم أن بعض الأسماء التي كانت سابقاً تشكل أقطاباً اقتصادية جدلية ومولت المرحلة السابقة قد غابت عن المجلس هذه الدورة مثل عامر تيسير خيتي في ريف دمشق الذي اشتهر بتجارة المخدرات، وحسام قاطرجي في حلب المعروف وأخيه بتجارة النفط، وقائد ميليشيا نمور الأسد مهرب المحروقات الشهير في حلب بقضية رفع الحصانة عنه العام الماضي فؤاد علداني، إلا أن أسماءً معروفة عادت هذه المرة مثل رجل الأعمال محمد حمشو المقرب من إيران الذي أقصي عن السباق الانتخابي الدورة الماضية مرغماً، إضافةً إلى دخول أسماء جديدة لها ارتباطاتها الخارجية إلى المجلس.
وبحسب نتائج "انتخابات مجلس الشعب"، بلغت نسبة التغير في المجلس أكثر من 62 بالمئة، أي إن هناك نحو 94 عضواً حافظوا على عضويتهم في المجلس، ودخل 156 عضواً جديداً.
أذرع اقتصادية لروسيا وإيران في المجلس
نتائج الانتخابات الأخيرة حملت معها كثيراً من الإشارات عن الأسماء التي تم استبعادها أو خسرت بشكل مفاجئ مثل عائلة بكداش التي تمثل الحزب الشيوعي السوري الذي خسر كل مرشحيه على رأسهم عمار بكداش الأمين العام بعد أن خرج الحزب من قائمة الجبهة الوطنية في هذه الانتخابات، بينما أبقي على أسماء حولها كثيرٌ من إشارات الاستفهام، ومنهم رجل الأعمال بلال نعال في دمشق.
يرى الشارع السوري المهتم (وهم قلة) بأسماء أعضاء المجلس، أن الترويج لمرحلة جديدة وواقع مختلف لا يمكن أن يكون عبر إقصاء بعض الأسماء التي (حرقها النظام) فقط، حيث بقيت أسماء لها ارتباطات خارجية مثل نعال، الذي قد يكون أحد أذرع روسيا الاقتصادية المهمة في المجلس التشريعي. فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليه بداية العام وجاء في بيان للاتحاد، أن موقع نعال في مجلس الأعمال المشترك السوري الروسي يجعله فعالاً في العلاقات الاقتصادية بين روسيا والنظام السوري. وأضاف البيان أنه "لذلك يعتبر بلال نعال من رجال الأعمال البارزين في سوريا، وهو بهذه الصفة يدعم النظام السوري ويستفيد منه، وهو مرتبط أيضاً بفادي صقر وشركة شام القابضة وبشر الصبان".
ومن الأسماء التي ظهرت جديداً في المجلس وحولها كثيرٌ من الجدل، خاصةً أنه يحمل جنسيتين (إيرانية وسورية) ما يكفي ليمنعه من الترشح لمجلس الشعب، كان فهد درويش. إنْ كان نعال هو أحد أذرع روسيا في المجلس، فإن درويش أحد أهم أذرع إيران وهو رئيس غرفة التجارة السورية الإيرانية. قد يكون سبب دخوله المجلس في هذه الدورة دون سابقتها هو أنه تنصّب رئيساً لغرفة التجارة السورية الإيرانية عام 2021 أي بعد الانتخابات السابقة.
قادة عسكريون في البرلمان
برز اسم جهاد بركات بين الفائزين بمقعد في المجلس عن محافظة اللاذقية، وهذا الاسم ارتبط بكثير من الجرائم، حيث كان قائداً لفصيل يدعى مغاوير البعث تم حله عام 2018. اشتهر بلقب صهر العائلة، وهو من مواليد 1964 القرداحة، متزوج من انتصار بديع الأسد (عمار بديع الأسد تصدر الفائزين في المجلس عن اللاذقية). اشتهر بتهديده لأهالي السويداء وكتب على صفحته في فيس بوك "كل من يتظاهر في الشارع ويهدد الأمن الداخلي للبلاد هو مجرم وعميل وخائن"، وأضاف "لن ننسى ما حصل عام 2011، والتهاون وقتها كان سبب وصول البلاد والعباد إلى هذا الحال”.
إضافةً إلى بركات، برز فراس علي الجهام بين الفائزين بمقعد في المجلس بدير الزور. يعرف الجهام بلقب "فراس العراقية" وهو متزعم ميليشيا ما يسمى بـ"قوات الدفاع الوطني"، ويشتهر بارتكاب جرائم قتل وتجارة المخدرات ومحروقات وسرقات.
ربما يشير فوز الجهام بالانتخابات وسط غياب قاطرجي إلى شيء ما، خاصةً أن الطرفين اقتتلا بداية العام إثر الخلاف على تجارة وتهريب المحروقات من مناطق سيطرة "قسد" إلى مناطق سيطرة النظام والميليشيات الإيرانية. بحسب صحيفة الشرق الأوسط، فإن الجهام أحد أذرع إيران في دير الزور.
مقاعد إيرانية
حافظت إيران على مقاعد أغلب المدعومين من قبلها والمرتبطين ليس فقط بالاقتصاد، بل بالعسكر أيضاً، حيث حافظ مجيب الدندن على مقعده في المجلس عن حلب وهو قيادي في فوج رعد المهدي المرتبط بإيران، إضافةً إلى عمر حسين الحسن القيادي في لواء الباقر المدعوم من إيران، الذي فاز عن حلب أيضاً.
أبرز من حافظ على مقعده في المجلس بدعم من إيران، رأفت بكار عن محافظة القنيطرة، والذي وصفه موقع ديبكا الإسرائيلي سابقاً على أنه خليفة سمير القنطار الذي اختارته إيران حينذاك، وهو أحد قيادات الحزب السوري القومي الاجتماعي.
قال ديبكا في 2015، إن الإيرانيين استدعوا رأفت بكار للإعداد لتنفيذ عمليات عسكرية عاجلة ضد إسرائيل انطلاقاً من الجولان السوري وذلك انتقاماً لاغتيال القنطار بالإضافة إلى مهام أخرى مستقبلية بحسب ما تقتضيه ظروف القتال والمعركة. وقد تلقى البكار دورات عسكرية وأمنية في إيران.
7 ملايين من أصل 20 مليوناً
وفي 18 من الشهر الجاري، أعلنت اللجنة القضائية العليا للانتخابات نتائج انتخابات مجلس الشعب التابع للنظام للدور التشريعي الرابع، التي جرت يوم 15 من الجاري. وقال رئيس اللجنة القاضي جهاد مراد في مؤتمر صحفي إن اللجنة حرصت على توفير مناخ ديمقراطي من خلال اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان حرية الناخبين ونزاهة الانتخابات، وكانت على مسافة واحدة من جميع المرشحين والأحزاب مع معاملة الجميع على قدم المساواة وبحياد تام، بما يضمن تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص فيما بينهم أثناء فترة الحملة الانتخابية".
وأوضح مراد أن عدد من يحق لهم الانتخاب 19 مليوناً و200 ألف و325 مواطناً، انتخب منهم 7 ملايين و326 ألفاً و844 مواطناً في ظل مناخ ديمقراطي، على حد تعبيره.
تعتبر النسبة الرسمية للمشاركة في الانتخابات التي تحدث عنها مراد متدنية جداً، لكن بحسب جولات الموقع على مراكز الانتخابات في أغلب المحافظات، فإن الإقبال على المراكز كان شبه معدوم، بينما استطاع بعض المرشحين شراء أصوات الناس من دون نزولهم إلى المراكز عبر استعارة بطاقاتهم الشخصية، في حين استطاع كثيرون أن يبيعوا أصواتهم أكثر من مرة.