icon
التغطية الحية

فهد درويش.. من مستثمر خاسر إلى ذراع إيران الاقتصادية في "مجلس الشعب"

2024.07.19 | 15:41 دمشق

آخر تحديث: 21.07.2024 | 11:32 دمشق

234534
يعتبر فهد درويش مهندس الصفقات الإيرانية مع الاقتصاد السوري وعرّاب لوبي إيران داخل مجتمع رجال الأعمال السوريين
تلفزيون سوريا - طارق صبح
+A
حجم الخط
-A

أعلن الاتحاد العربي للمناطق الحرة، أمس الخميس، عن افتتاح مكتب إقليمي في العاصمة السورية دمشق، وذلك بناء على طلب قدمته "اللجنة العليا للمستثمرين في سوريا"، التي يرأسها فهد درويش، والذي ظهر اسمه ضمن قوائم الفائزين في عضوية "مجلس الشعب" عن مدينة دمشق.

ليس من قبيل المصادفة أن نجد رجل الأعمال السوري، فهد درويش محمود حاضراً في كل اجتماع أو لقاء يجمع الشخصيات الإيرانية الرسمية أو رجال الأعمال الإيرانيين مع مؤسسات النظام السوري الاقتصادية أو الفعاليات الاقتصادية السورية. حضوره المستمر إلى جانب الشخصيات الإيرانية يعكس بوضوح دوره كحلقة وصل موثوقة لطهران في سوريا.

تفيد مصادر مطلعة في العاصمة دمشق أن فهد درويش، الحامل للجنسية الإيرانية، يلعب دوراً حيوياً في تسهيل دخول المنتجات والخدمات والشركات الإيرانية إلى السوق السورية، ويذلل العقبات أمام هذه العمليات. ويشير وجوده المتكرر في اللقاءات التي تجمع بين الإيرانيين والنظام السوري ورجال أعماله إلى أنه شخصية محورية في أي نشاط اقتصادي يجمع الطرفين.

ترشح فهد درويش لانتخابات "مجلس الشعب" ضمن قائمة "الشام"، التي يرأسها محمد حمشو، رجل الأعمال المقرب من النظام السوري والمدرج على قوائم العقوبات الأميركية والأوروبية. وتضم قائمة "الشام" مجموعة من رجال الأعمال ضمن الدائرة الضيقة لداعمي النظام الاقتصاديين، والمرتبطين بشكل وثيق بإيران.

فهد درويش
فهد درويش إلى يسار سفير إيران لدى النظام السوري مهدي سبحاني خلال اجتماع في غرفة صناعة دمشق وريفها

مستثمر خاسر يحمل الجنسية الإيرانية

برز اسم فهد درويش في السنوات الأخيرة كرجل أعمال ذي نفوذ واسع في الأوساط التجارية والاقتصادية السورية، حيث يجمع بين العديد من المناصب، بما فيها عضوية المكتب التنفيذي لاتحاد غرف التجارة ورئيس لجنة التصدير فيها، وعضو مجلس هيئة الصادرات السورية، وعضو مجلس إدارة شركة "العقيلة للتأمين" المدرجة على قائمة العقوبات الأميركية. بالإضافة إلى توليه رئاسة الغرفة التجارية السورية الإيرانية.

لم يكن درويش، المولود في دمشق عام 1955، معروفاً على نطاق واسع قبل عام 2011، وكان أول ظهور بارز له نهاية عام 2010، عندما منحته المؤسسة العامة الاستهلاكية عقد استثمار "مجمع العباسيين الاستهلاكي". إلا أنه مني بخسارة كبيرة بعد افتتاح المجمّع بسبب اندلاع الثورة السورية في آذار 2011. لكن بعد سنوات قليلة أصبح واحداً من أبرز الأسماء في عالم الأعمال السوري، مدفوعاً بتعزيز إيران لمكانته في المشهد الاقتصادي السوري.

2345

تشير المصادر إلى أن فهد درويش، الذي يحمل الجنسية الإيرانية، يلعب دوراً محورياً في هندسة الصفقات التجارية الإيرانية في سوريا، حيث استغلته طهران منذ العام 2012 نظراً لخبرته في مجال الاستثمار واقتناص الفرص التجارية، وإسهاماته في إبرام اتفاقيات تجارية واقتصادية ضخمة وطويلة الأمد لإيران مع النظام السوري.

ووفقاً لتقرير نشرته مجلة "إنتيليجنس أونلاين"، في تشرين الثاني 2021، ساهم فهد درويش بشكل كبير في تعزيز النفوذ الاقتصادي الإيراني في سوريا، ونظّم معرض "صنع في إيران" في دمشق بحضور نحو 160 شركة إيرانية. وتمكن من إدخال معدات طبية إيرانية إلى مستشفيات عسكرية تابعة للنظام السوري، وعرف كيفية تجاوز العقوبات الدولية على إيران، مما سهل تحركات طهران السريعة للسيطرة على السوق السورية قبل أن تتفوق عليها روسيا.

فهد درويش
رجلا الأعمال فهد درويش (يسار) ومصان نحاس (يمين) يتوسطان أحد رجال الأعمال الإيرانيين في ملتقى عُقد في أيار 2023 في دمشق

مستشار ثقة لمحور مقاومة اقتصادي

منذ عام 2018، شهدت إمبراطورية فهد درويش الاقتصادية توسعاً ملحوظاً بفضل الدعم الإيراني، حيث أسس شركة "أرمادا للتجارة والمقاولات" في ريف دمشق، والتي سرعان ما أصبحت وكيلاً حصرياً لمجموعة من الشركات الإيرانية، منها شركة "سايبا" لصناعة وتجميع وبيع السيارات الإيرانية في سوريا، والتي استورد عبرها نحو ثلاثة آلاف جرار إيراني إلى سوريا من شركة "تراكتور مانفاكتورنك" الإيرانية.

وقامت شركته "البركة للأدوية"، التي تعتبر امتداداً لشركة "البركة القابضة" الإيرانية، باستيراد كميات كبيرة ومتنوعة من الأدوية الإيرانية، وعلى رأسها الأدوية الخاصة بالأمراض الخبيثة. وأمن من خلالها المستلزمات الطبية لقوات النظام السوري ودعم المشافي العسكرية التابعة له بها.

في نهاية العام 2018، أقرّت شركات إيرانية كبرى تمثلها "البركة القابضة" الإيرانية مشروع إنشاء معامل دوائية مشتركة مع النظام السوري من خلال التعاون والتنسيق مع وزارة الصحة والصناعة والمؤسسة العامة للصناعات الكيميائية. وكان فهد درويش هو عرّاب هذه الشراكة.

بصفته رئيس "غرفة التجارة السورية الإيرانية المشتركة"، عمل درويش على تعزيز الروابط بين القطاع الخاص السوري والإيراني، وتذليل العقبات التي تعيق التبادل التجاري بين البلدين. وساهم في استحواذ إيران على أكثر من 40 منشأة صناعية استراتيجية في عدة محافظات سورية.

كما يقف فهد درويش وراء توسيع النفوذ الاقتصادي الإيراني في سوريا، ويعتبر عرّاب مشروع الخط البحري المباشر بين ميناء بندر عباس الإيراني وميناء اللاذقية على الساحل السوري عبر العراق. ويصفه البعض بأنه "المستشار الثقة" للمستثمرين الإيرانيين الراغبين في استكشاف الفرص الاستثمارية في سوريا تحت غطاء إعادة الإعمار.

سبق أن صرح درويش لوكالة "تسنيم" الإيرانية، في شباط 2021، أن دور "غرفة التجارة السورية الإيرانية ينطلق من الربط بين القطاع الخاص السوري والإيراني، إضافة إلى تذليل المعوقات التي تمنع تحقيق مستوى متميز من التبادل التجاري بين البلدين، بهدف تشكيل محور مقاوم اقتصادي".

وفي تصريحات لوسائل إعلام محلية نهاية العام 2022، أكد درويش أن "المرحلة المقبلة ستشهد انتقالاً من مذكرات التفاهم وتوقيع الاتفاقيات بين دمشق وطهران إلى تنفيذها على أرض الواقع، كاشفاً عن وجود خطة عمل على المستوى الاستثماري والتبادل التجاري والصناعي والتأمين والمصارف والجمارك والطاقة، سيتم التوقيع عليها من جميع الفعاليات الاقتصادية بين البلدين.

وأشار درويش إلى عقد لقاءات مباشرة ميدانية مع ثلاث شركات إيرانية متخصصة بمجالات الطاقة والكهرباء، بما في ذلك إنشاء معمل مشترك لإنتاج المراوح الهوائية والعنفات، فضلاً عن استثمارات في القطاعات الصناعية والزراعية وغيرها.

وفي تموز 2023، كشف درويش عن خطة لإنشاء منطقة حرة إيرانية في سوريا لدعم العلاقة الاقتصادية بين البلدين، إضافة لبنك سوري إيراني مشترك لتسهيل عمليات التحويل المالية في ظل العقوبات الغربية المفروضة على إيران والنظام السوري.

فهد درويش
فهد درويش (يسار) إلى جانبه محمد حمشو وأحد رجال الأعمال الإيرانيين يليه سامر الدبس خلال ملتقى الأعمال السوري الإيراني بدمشق

عرّاب لوبي إيران داخل مجتمع رجال الأعمال السوريين

سبق أن أدرج موقع "مع العدالة" اسم فهد درويش ضمن قائمة رجال الأعمال الداعمين للنظام السوري، مؤكداً أنه يشكل واجهة اقتصادية للشركات الإيرانية في سوريا، ويعمل كوكيل لها في الأسواق السورية.

أشار "مع العدالة" إلى أن فهد درويش يوظف شركاته بهدف التحايل على العقوبات المفروضة على إيران والنظام السوري، ويعمل في الوقت نفسه على تأسيس لوبي إيراني داخل مجتمع رجال الأعمال السوريين، وذلك بهدف مساعدة إيران على التحرك بشكل سلس في السوق السورية ومنحها الأفضلية في المعاملات التجارية، علماً بأن الاستثمارات العائدة لدرويش لا تتمتع برأسمال كبير.

على الرغم من كل ما ذكر آنفاً، بقي اسم فهد درويش طويلاً خارج قوائم العقوبات المفروضة على النظام السوري، وسبق أن طالب السيناتور الجمهوري جو ويلسون بفرض عقوبات على رجال أعمال من ضمن الدائرة المقربة للنظام السوري ويمولون عملياته العسكرية، وليسوا ضمن قائمة العقوبات، من بينهم فهد درويش.

وفي 23 كانون الثاني 2024، أدرجت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اسم فهد درويش على قوائم العقوبات، على خلفية دعمه واستفادته من النظام السوري في أنشطته التجارية والاقتصادية، مؤكدة أنه يلعب دوراً بارزاً كواجهة اقتصادية للشركات الإيرانية في سوريا، بما في ذلك تجاوز العقوبات المفروضة على الجانبين.