ملخص
- أصدرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريراً يؤكد بطلان وعدم شرعية انتخابات "مجلس الشعب".
- الانتخابات تنتهك القرارات الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان وتعتمد على دستور غير شرعي.
- الانتخابات تجري في بيئة محكومة بالقمع وبوجود عدد من مرتكبي الانتهاكات في البرلمان.
- المهمة الأهم للمجلس هي تعديل الدستور لتمكين بشار الأسد من الترشح لولاية جديدة في 2028.
- ذكر التقرير ستة أسباب لبطلان الانتخابات، منها تحدي القرارات الدولية وغياب الرقابة القضائية.
- دعت الشبكة المجتمع الدولي لرفض الانتخابات ووضع الفائزين على قوائم العقوبات.
أصدرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريراً جديداً أكدت فيه أن "انتخابات مجلس الشعب 2024 باطلة وغير مشروعة وعديمة المصداقية، وتنتهك القرارات الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتعتمد على دستور غير شرعي وقانون انتخابات مليء بالتناقضات والثغرات والانتهاكات".
وقال التقرير، الذي جاء بعنوان "انتخابات مجلس الشعب التابع للنظام السوري غير شرعية، وتستند إلى سطوة الأجهزة الأمنية، ومجلس الشعب أداة قمع وسيطرة بيد النظام السوري ضد حقوق الشعب السوري"، إن "انتخابات مجلس الشعب في هذه الدورة، وفي الدورات السابقة، بعيدة كل البعد عن أن تكون حرة ونزيهة وشفافة، ولا تمثل الشعب والمجتمع السوري، بل هي مفروضة بقوة السلاح وسطوة الأجهزة الأمنية، وهي مجرد إجراءات شكلية فارغة تماماً من أي مغزى سياسي".
وأضاف أن هذه الانتخابات "تجري على نحو ثلثي الأرض السورية فقط، وبوجود أكبر عدد من الفاعلين الدوليين داخل سوريا، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية طاحنة، وانهيار في قيمة الليرة السورية وارتفاع معدلات التضخم والبطالة والفقر، وتشريد لأزيد من نصف الشعب السوري بين نازح ولاجئ، حسب تقديرات مفوضية اللاجئين، فضلاً عن أنَّها تجري في ظل استمرار ارتكاب النظام السوري لكمٍ هائل من الانتهاكات الفظيعة".
مجرمو حرب تحت قبة البرلمان
ووفقاُ للتقرير، فإن النظام السوري "أولى أهمية خاصة لانتخابات الدورة التشريعية الرابعة، لعدة أسباب أبرزها: التلاعب بالدستور وإصدار التشريعات التي تصب في خدمة النظام، والاستمرار في التغطية على جرائم النظام، وترسيخ أوهام الإصلاح السياسي، وإعادة إنتاج شخصيات داعمة للنظام".
وأشار التقرير إلى وصول عدد من مرتكبي الانتهاكات بحقِّ الشعب السوري إلى "مجلس الشعب"، من بينهم ضباط متقاعدون، وقادة ميليشيات، وتجار حرب موضوعون على قوائم العقوبات الدولية، وأعضاء من مجلس الشعب في دورته السابقة رفعت عنهم الحصانة، وهناك ملاحقة قضائية بحقهم بتهم تتعلق بالفساد.
تعديل الدستور لتمكين الأسد من الترشح لولاية جديدة
وذكر التقرير أن "المهمة الأهم والأخطر للمجلس بدورته هذه هي تعديل الدستور كي يتمكن رئيس النظام السوري من الترشح لولاية رئاسية جديدة بعد انتهاء ولايته الحالية في منتصف 2028، في ضوء القيود الدستورية المفروضة على عدد الولايات الرئاسية المنصوص عليها في المادة 88 من دستور 2012، والتي لا تتيح لرئيس النظام بالترشح لولاية جديدة ثالثة بعد انتهاء ولايته منتصف عام 2028".
وأشارت الشبكة السورية إلى أن "مجلس الشعب المنتخب سيتابع دوره التقليدي والمتمثل بقوننة أحكام السلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية، والعمل كواجهة مدنية لتغطية جرائم النظام السوري، المهيمن على جميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.".
وقال مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، فضل عبد الغني"، إن النظام السوري "يوظف مؤسسات الدولة كأدوات حرب ضد الشعب السوري، ويستخدمها كأدوات لترسيخ الاستبداد، وفي مقدمتها مجلس الشعب، الذي يعد ويصدر قوانين وتشريعات تعارض القواعد الآمرة، وتنتهك حقوق الإنسان الأساسية".
وأكد عبد الغني أن "انتخابات مجلس الشعب تجري في بيئة محكومة بالقمع لا يتمكن فيها المواطن السوري من الاختيار بحرية، ويتم تعيين أعضاء مجلس الشعب من قبل الأجهزة الأمنية. إنَّها انتخابات غير قانونية، وتمثل النظام السوري فقط".
ستة أسباب لبطلان الانتخابات
وذكر تقرير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" ستة أسباب لاعتبار هذه الانتخابات باطلة وغير شرعية، وهي:
- إجراء الانتخابات تحدٍّ صارخ للقرارات الدولية، ونسف للعملية السياسية وخاصة لبيان جنيف 1 والذي تم تضمينه في قرار مجلس الأمن رقم 2118، وقرار مجلس الأمن رقم 2254.
- جرت الانتخابات في بيئة فاسدة وغير شرعية مستندة لدستور 2012 عديم الشرعية، ولقانون الانتخابات رقم 5 لعام 2014، الذي يفيض بالمواد التي تنتهك حقوق الإنسان وتخالف مبدأ المساواة المفترضة بين جميع المواطنين وتخرق مبدأ فصل السلطات.
- غياب الضمانات الرقابية القضائية الحقيقية عن الانتخابات التي ينظمها النظام مع انعدام استقلالية اللجنة العليا للانتخابات والمحكمة الدستورية العليا.
- التلاعب بأعداد الناخبين وإشكالية السجل الانتخابي في ظل غياب الإحصائيات الدقيقة لعدد السكان.
- التفاوت في توزيع المقاعد بناء على تقدير رئيس الجمهورية.
- الهيمنة الكاملة لحزب البعث على الانتخابات وابتلاعه لأكثرية المقاعد، إذ حصلت قائمة "الوحدة الوطنية" التي يقودها حزب البعث على 185 مقعداً، ما يمثل نسبة 74% من إجمالي مقاعد مجلس الشعب، بينها 169 مقعداً لحزب البعث بنسبة 67,7% بزيادة مقعدين عن انتخابات 2020، وتم منح أحزاب الجبهة المتحالفة مع البعث 16 مقعداً، بنسبة 8,64% وهو نفس عدد المقاعد الممنوحة لهم في الدورات السابقة، فيما بقي 65 مقعداً فقط للمستقلين ما يعكس سيطرة كاملة لحزب البعث على المجلس بأغلبية الثلثين.
على المجتمع الدولي رفض الانتخابات ووضع الفائزين فيها على قوائم العقوبات
وخلص التقرير إلى أن "إجراء هذه الانتخابات يدل على أن النظام السوري ما زال يتعاطى بمعايير أمنية وعسكرية في إدارة شؤون سوريا، ويتعامل مع الأطراف الداخلية والخارجية على أنه المنتصر في الحرب، وليس مضطراً لإجراء تعديلات جوهرية في سلوكه ونهجه".
وأكد على أن "الانتخابات الحرة والنزيهة تتطلب إجراء إصلاح قانوني وسياسي شامل، يحقق انتقالاً سياسياً ويزيل التشريعات المرسخة للاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان، وأن سطوة الأجهزة الأمنية، وإفلاتها التام من العقاب وسيطرة النظام السوري على السلطتين القضائية والتشريعية، وانعدام حرية الرأي، منعت أية فرصة لتأسيس أحزاب معارضة حقيقية".
وأشار إلى أن "حزب البعث ظل هو الحزب الأوحد على مدى عقود، وما يسمى بالجبهة الوطنية التقدمية هي عبارة عن أحزاب هلامية، عمودها الفقري حزب البعث، إذ تفرض سطوة الأجهزة الأمنية قوائم مرشحين موالين للنظام السوري ومنتسبين لحزب البعث في غالبيتهم العظمى كنوع من التعويض للموالين له".
وأوصى التقرير الأمم المتحدة والمجتمع الدولي برفض هذه الانتخابات، واعتبارها غير شرعية، لأنها تخالف قرارات مجلس الأمن، ووضع أعضاء مجلس الشعب السوري على لوائح العقوبات الأوروبية والكندية والأميركية، وكافة دول العالم، لتمريرهم القوانين والمراسيم التي تنتهك أبسط مبادئ حقوق الإنسان.
وأوصى مجلس الأمن باتخاذ خطوات جدية لتطبيق قرار مجلس الأمن 2254، القاضي بإنشاء هيئة حكم انتقالي، وتحقيق انتقال سياسي يضمن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية حرة وديمقراطية.
كما دعا تقرير "الشبكة السورية" المفوضية السامية لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية إلى الإشارة إلى الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تضمنتها هذه الانتخابات.