أعلنت وزارة التربية التابعة للنظام عن تعليق الدوام المدرسي لعدد من المراحل التعليمية ابتداءً من الخامس من الشهر الجاري بعد تقارير تفيد بتفشي وباء كورونا في العديد من المدارس، ووفقا للقرار يُنهى دوام مرحلة رياض الأطفال والتعليم الأساسي من الصف الأول حتى الصف الرابع على أن تعتمد نتائج الفصل الدراسي الأول كمعيار للنجاح والرسوب.
أما لمرحلة التعليم الأساسي من الصف الخامس حتى الثامن فيعلق دوامهم على أن تُجرى امتحاناتهم خلال الفترة الممتدة بين 25 نيسان حتى 29 من الشهر ذاته.
وبالنسبة لطلاب الصف التاسع الأساسي والمرحلة الثانوية بفروعها فيستمر الدوام على أن تجرى الامتحانات الانتقالية لصفي الأول الثانوي بمختلف الفروع بين 25 حتى 29 من نيسان الجاري فيما تبقى امتحانات الشهادات العامة للتعليم الأساسي بمختلف فروعها وفق المواعيد المقررة بالبرامج المعتمدة
الأسباب الحقيقية وراء إغلاق المدارس
ولكن هل تفشي وباء كورونا هو السبب الحقيقي وراء ايقاف التعليم في سوريا؟، هذا ما نفته المعلمة "نور" من مدينة دوما (اسم مستعار لأسباب أمنية) لـ موقع تلفزيون سوريا "منذ تهجير أهالي الغوطة الشرقية عام 2018 وصل التعليم إلى أدنى مراحله حيث إن البنية التحتية للمدارس مدمرة بشكل شبه كامل، فمعظم الأبنية متضررة جراء القصف ولم تقم الدولة بترميمها بل الأهالي قاموا بذلك و بعض المتبرعين، ولا يوجد دورات مياه صالحة للاستخدام في المدرسة ولا مياه للشرب والتنظيف وفي حال اضطر الطالب للذهاب إلى الحمام فبإمكانه أن يذهب إلى منزله ولو كان ذلك في منتصف الدوام".
وأضافت "نور" أنه بإمكان الطالب أيضا أن لا يعود إلى المدرسة فحالة الفوضى تعم كل مدارس الغوطة الشرقية ولا يوجد انضباط و لا رقابة على الطلاب أو المدرسين و إجمالا نسبة كبيرة من الطلاب تسربت من المدارس و خاصة مع الغلاء المعيشي الكبير و انهيار العملة حيث إن قيمة الدفتر الواحد الذي يحتوي على خمسين ورقة فقط تبلغ ألف ليرة سورية و القلم الواحد ب 500 ليرة سورية أما عن الكتب فالوضع أسوأ حيث إن وزارة التربية تغيّر المنهاج كل عام تقريبا لمعظم المواد فيضطر الطالب لشراء نسخة جديدة بدل أن يستعير وبالنسبة للملخصات المساعدة التي يعتمد عليها الطلاب في الدراسة بسبب غياب نسبة كبيرة من المعلمين فثمن الواحدة 6000 ليرة سورية، هذا عدا عن الرواتب المنخفضة للمدرسين والوكلاء و المصاريف الإدارية كل هذه الأسباب هي الحقيقة وراء إيقاف التعليم في الغوطة الشرقية.
الفقر يهدد جيلا من الطلاب بالتوقف عن التعليم
وقال "أبو حسام" أحد أهالي الغوطة الشرقية إن لديه أربعة أطفال في المدارس واضطر لإخراج أحدهم من مدرسته لعدم قدرته على تدريسه بسبب الغلاء، وتابع أن كلفة لباس المدرسة لصف التاسع 30 ألف ليرة سورية، والحذاء ما يقارب من 15 ألف ليرة سورية.
وتضيف المدرسة جهاد من حي القابون أنه لا يوجد إلا مدرسة واحدة ابتدائية في حي القابون اسمها مدرسة ميسون و هي في منطقة أبو جرش و هذه المنطقة متطرفة في المنطقة و بالنسبة للطلاب من بقية المراحل عليهم أن يذهبوا إلى المدارس الموجودة في برزة أو في مناطق أخرى مع العلم أنه لا يوجد حركة مواصلات في المنطقة وبسبب انتشار الفقر أوقف عدد كبير من الأهالي أولاده عن التعليم حتى لو كان في مرحلة التعليم الابتدائي والتي تعتبر إلزامية حسب القانون السوري ويوجد بها ملاحقة قضائية ولكن هذه الملاحقة لا تطبق الآن بسبب الأوضاع الاقتصادية وعدم اهتمام المسؤولين بالأمر ومتابعة دوام الطلاب والتزامهم.
رواتب الكادر التدريسي منخفضة
ومع عودة الأهالي إلى بلدة المليحة عادت المدارس إلى العمل ولكن بالحد الأدنى حيث إنها تعاني من ضعف الإمكانيات شأنها شأن باقي مدارس الغوطة الشرقية وتم تفعيل مدارس لكل المراحل التعليمية بحسب "محمد" أحد المقيمين في المليحة ولكن المشكلة الأكبر في عدد المدرسين والذي يعد العائق الأساسي فبعد انخفاض الرواتب لأقل من 12 دولاراً شهريا ترك قسم كبير من المدرسين وظائفهم وهناك قسم آخر يداوم ولكن شكليا فقط من غير أن يقوم بواجبه وأغلب المدرسين الوكلاء الذين بقوا في العمل فقط لأنهم لم يجدوا فرصة عمل أخرى أما المثبتون في ملاك الدولة فللأسف عدد لا بأس به يخبر الطلاب عن اللحاق بهم إما إلى المعاهد الخاصة أو المنازل ليأخذوا الدروس الخصوصية دون أن يقلق المدرس من الرقابة على أفعاله وبالرغم من شكوى العديد من الأهالي على مدرسين يقومون بهذه الأفعال لا توجد خطوات محاسبة و هذا ما يزيد من سوء الوضع.
بدورها، قالت مديرة إحدى المدارس لموقع تلفزيون سوريا فضلت عدم الكشف عن اسمها، إنه بلغت القيمة المالية لراتب الوكالة في التعليم 38 ألف ليرة سورية وراتب المدرس المثبت قرابة الـ 50 ألفاً وراتب التقاعد ما يقرب من 40 ألفاً، ومع تدهور سعر صرف الليرة السورية يصل راتب التدريس مجملا إلى أقل من 12 دولاراً شهريا مع العلم أن الوكلاء لا يقبضون رواتب في فصل الصيف والعطل الرسمية.
التعليم الخصوصي يثقل كاهل الأهالي
وفي ظل تدهور التعليم الحكومي في الغوطة الشرقية نشط بالمقابل قطاع التعليم الخاص حيث انتشرت المدارس الخاصة والمعاهد والدروس الخصوصية وقسط المدارس الخاصة للطالب الابتدائي يبلغ مليون ليرة سورية في السنة ويزيد مع ارتفاع الصفوف وقيمة الدورة المكثفة للطالب الواحد لمواد الشهادة الثانوية والإعدادية بلغت 400 ألف ليرة سورية خلال أسبوع واحد فقط في المعاهد الخاصة بحسب مدرس يعطي دروساً خصوصية.
ويضيف المدرس أن قسط المعهد الخاص لطلاب الشهادة الثانوية تجاوز الـ 150 ألف ليرة سورية ويرتفع المبلغ بالاتفاق بين مديري ومالكي المعاهد الخاصة والذين يعدون "حيتان التعليم الخاص" في المنطقة.
استغلال المدرسين
والجدير بالذكر، فإن مسابقة لتعيين وتثبيت المدرسين قامت بها وزارة التربية التابعة لحكومة النظام في بداية العام الدراسي والتي تحدثت عنها المدرسة "عبير" من مدينة دوما لـ موقع تلفزيون سوريا، والتي تقدمت للمسابقة ونجحت فيها قالت "تم إبلاغ المدرسات اللواتي نجحن بالمسابقة بأن يذهبن ويخترن مدارس للالتحاق بها والالتزام بالعمل من بداية العام الدراسي حتى يتم التثبيت بالمدرسة نفسها عندما تصدر نتائج التعيينات، وهنا بدأ الاستغلال من مديرات المدارس والمدرسات القدامى وألزمن المدرسات الجديدات بالعمل بشكل يومي وبكل الحصص التدريسية دون حصة راحة أو يوم عطلة وعندما تطالب المدرسة بحصة فراغ أو عطلة تهددها مديرة المدرسة بعدم رفع اسمها للتثبيت".
وأضافت أن "المدرسات بقين كل العام الدراسي ينتظرن قرار التثبيت ليطالبن بحقوقهن، ولكن بقينا نعمل أغلب العام دون صدور القرار وقبل شهر صدر القرار، ولكنه لم يدخل حيز التنفيذ ولم يشمل جميع المقبولين واعتبر القرار أن كل ساعات الدوام التي داومتها المدرسات قبل صدور القرار هي ساعات تكليف وليس تثبيت، وبالتالي تختلف أجرة الساعة التدريسية و بذلك تكون وزارة التربية أمنت كوادر من غير رواتب".