البث المباشر
بعد ستة أشهر من الإعلان عن تشكيل "هيئة ثائرون للتحرير" من قِبل عدة فصائل في الجيش الوطني السوري، بدأت بوادر تفكك هذا الجسم تلوح في الأفق، بعد انشقاق فرق عسكرية عنه، بسبب خلافات قيادية عميقة.
تشكلت "هيئة ثائرون للتحرير" في 23 كانون الثاني من العام الجاري، عبر اندماج "حركة ثائرون" و"الجبهة السورية للتحرير"، بقيادة فهيم عيسى (قائد فرقة السلطان مراد).
هذان التشكيلان يحتويان بدورهما على عدة فصائل في الجيش الوطني، ولا يمكن اعتبارها أجساماً صلبة، حيث تتألف "هيئة ثائرون" من فرقة السلطان مراد، فيلق الشام - قطاع الشمال، ثوّار الشام، فرقة المنتصر بالله، الفرقة الأولى بمكوناتها (لواء الشمال والفرقة التاسعة واللواء 112)"، وعند تشكيلها قالت إنها تتبع للقيادة العامة في "غرفة القيادة الموحدة - عزم".
أما تشكيل "الجبهة السورية للتحرير" فقد أُعلن عنه، في شهر أيلول من العام المنصرم، وذلك باندماج خمسة فصائل، أربعة منها خرجت من "عزم" وهي: "فرقة الحمزة، وفرقة السلطان سليمان شاه، والفرقة 20، وصقور الشمال"، إضافةً إلى "فرقة المعتصم".
انشقاقات عن "ثائرون للتحرير"
منذ منتصف العام الماضي بدأت التجاذبات والاستقطابات ضمن فصائل الجيش الوطني، وتم الإعلان عن عشرات عمليات الاندماج فيما بينها، لكن العامل المشترك بين معظمها، أنها لم تبن على أسس صحيحة وتخطيط دقيق ودراسة، ما جعل من تفككها سهلاً نظراً لأن الاندماج في الغالب كان شكلياً، من دون توحيد للمكاتب الأساسية التابعة للفصائل.
ويوم أمس الثلاثاء شهدت هيئة ثائرون للتحرير انقساماً، بخروج "فرقة الحمزة" بقيادة "سيف بولاد أبو بكر"، وفرقة "السلطان سليمان شاه" بقيادة "محمد الجاسم أبو عمشة"، وعودتهما للعمل ضمن المسميات القديمة، ضمن الفيلق الثاني في الجيش الوطني.
ولم يصدر إعلان رسمي عن الفرقتين بالخروج من "ثائرون"، لكن "سيف أبو بكر" الذي كان يشغل منصب نائب القائد العام في التشكيل، غيّر النبذة التعريفية على حسابه الشخصي في تويتر، من "نائب قائد هيئة ثائرون للتحرير"، إلى "القائد العام لفرقة الحمزة - الفيلق الثاني".
وبحسب مصدر مطلع - رفض الكشف عن اسمه - فإن تشكيل "هيئة ثائرون للتحرير" منذ البداية كان يهدف إلى خلق جسم يجابه "الفيلق الثالث" (أبرز تشكيلاته الجبهة الشامية وجيش الإسلام)، واستطاع استقطاب عدة فصائل ترى أنها مهددة من الفيلق الثالث، مثل فرقة "السلطان سليمان شاه".
وأشار المصدر في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إلى أن الفصائل العاملة في ثائرون لم تندمج بشكل كامل، وبقيت تعمل بشكل منفرد على مستوى المكاتب الداخلية، معتبراً أن انشقاق بعض الفصائل عنها يعد حالة طبيعية لأن الاندماج "غير صحي".
وكشف المصدر نفسه عن خلافات عميقة شهدتها "ثائرون" على مستوى القيادة، خاصة بين قائد الهيئة "فهيم عيسى"، و"أبو عمشة" قائد "سليمان شاه" من جهة، وقائد الهيئة ونائبه "سيف أبو بكر" من جهة أخرى.
ورغم أن قائد "ثائرون" ونائبه لهما صلاحية متابعة شؤون التشكيل بالكامل، يؤكد المصدر أن "فهيم عيسى" لا يتدخل في الأمور الخاصة بـ "فرقة الحمزة"، كما أن نائبه "سيف أبو بكر" لا يتدخل في الأمور الخاصة بـ "فرقة السلطان مراد".
تأكيد "الانشقاق" وسرد الأسباب
أكدت مصادر رسمية متطابقة لموقع تلفزيون سوريا، انشقاق فرقتي "الحمزة" و"سليمان شاه" عن هيئة ثائرون للتحرير وبقاءهما كفرقتين ضمن الفيلق الثاني بالجيش الوطني.
المصادر قالت إن هناك أسباباً رئيسية لخروج الفرقتين من ثائرون، أولها "عدم الإيمان بأي مشروع خارج الجيش الوطني السوري وفيالقه"، مضيفة أن "الاصطفافات خارج هيكلية الجيش الوطني لم تنعكس إيجاباً على المنطقة".
وأضافت أن السبب الثاني، هو سوء إدارة الأزمات بالمناطق المحررة من قبل التشكيلات خارج الجيش الوطني، ومنها هيئة ثائرون، وهو ما أفرغ المشروع من مضمونه.
وتابعت: "بالأصل لم يكن عند الفرقتين وعدد من التشكيلات الأخرى قناعة بأي تشكيل خارج إطار الجيش الوطني وفيالقه، حتى نظرتهم لغرفة عزم كانت سلبية لأنها تجاوزت وزارة الدفاع وأدت إلى تشكيلات موازية لهيكلية الجيش الوطني"، بحسب وصفها.
تدخل "تحرير الشام" في عفرين يعمّق الخلاف
تدخل "هيئة تحرير الشام" في الخلاف الحاصل بين "الفيلق الثالث"، و"أحرار الشام - القطاع الشرقي" في شهر حزيران الماضي، واقتحامها بعض البلدات في ريف عفرين الجنوبي من دون مقاومة من بعض تشكيلات "ثائرون" الموجودة على خط التماس مع منطقة إدلب، أدى إلى تعمّق الخلافات بين مكونات "هيئة ثائرون".
وأفاد مصدر مطّلع بأن قيادة القوات التركية و"فهيم عيسى" غضبوا من "فرقة الحمزة" بسبب عدم مشاركتها في وقف تمدد هيئة تحرير الشام في عفرين، الأمر الذي سمح للهيئة بالانتشار في عدة بلدات تخضع لسيطرة "الحمزة" أهمها بلدة الباسوطة.
ويقول المصدر: "الرأي العام تحدث عن تمدد هيئة تحرير الشام في عفرين بضوء أخضر من الجانب التركي، كنوع من التأديب للفيلق الثالث، لكن الحقيقة خلاف لذلك، حيث تسبب تمدد الهيئة بأزمة كبيرة لتركيا، قررت على إثرها معاقبة حركة أحرار الشام بقيادة حسن صوفان ومن ثم فرقة الحمزة وفيلق الشام لأنهم أفسحوا المجال أمام أرتال "الأحرار" و"الهيئة".
"سيف" يلتقي قيادة "الفيلق الثالث"
التقى قائد فرقة الحمزة "سيف أبو بكر" خلال الأيام الماضية بقيادة الفيلق الثالث، ما فتح الباب أمام التكهنات حول إمكانية انضمام الفرقة إلى الفيلق، عقب خروجها من "هيئة ثائرون".
وعن فحوى اللقاء، قال مصدر قيادي في الفيلق الثالث لموقع تلفزيون سوريا: "لا توجد خطوات لدخول فرقة الحمزة إلى الفيلق، وكانت زيارة سيف أبو بكر لنا، بروتوكولية".
وتزامن اللقاء مع توسع الخلاف بين "سيف أبو بكر" و"فهيم عيسى"، وتطوره في أحد الاجتماعات في منطقة حوار كلس الحدودية مع تركيا، إلى حد الصراخ والتصعيد الكلامي بين الطرفين.
ومما زاد الخلاف سوء إدارة أزمة رأس العين بريف الحسكة، حيث اقترحت فرقة الحمزة تغييرات لضبط الأوضاع، وتم تغيير شخص من "الحمزة"، واثنين من فرقة السلطان مراد، الأمر الذي لم تتقبله "فرقة السلطان".
قيادي في الفيلق الثالث - رفض الكشف عن اسمه - أشار في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إلى وجود تواصل بين الفيلق، وفرقة الحمزة، لكنها ليست من باب انضمام الفرقة إلى الفيلق، إنما من باب "الواجب الثوري الذي يحتّم أن تكون العلاقة جيدة مع مختلف المكونات والفصائل الثورية".
وأضاف: "بعض الفصائل انضمت إلى ثائرون بحجة الخوف من الفيلق الثالث، لكن رسائل الفيلق كانت إيجابية دائماً تجاه فصائل ثائرون، وعندما تأكدت هذه الفصائل من عدم وجود شيء سلبي تجاهها، خرج بعضها من التشكيل، إثر زوال السبب الذي انضمت بناء عليه، من وجهة نظرها، إضافة إلى وجود خلافات سرّعت عملية الخروج".
توزع تشكيلات الجيش الوطني
بعد أن كان الجيش الوطني يعتمد نظام الفيالق، وعددها ثلاثة، جاءت الاصطفافات والاندماجات الأخيرة بين الفصائل، لتقسّم الجيش إلى ثلاثة تشكيلات، وهي: هيئة ثائرون للتحرير، والفيلق الثالث، وحركة التحرير والبناء.
ومن فصائل هيئة ثائرون للتحرير (بقيادة فهيم عيسى)، كل من فيلق الشام (قطاع الشمال)، فرقة السلطان مراد، الفرقة الأولى (الفرقة التاسعة - لواء الشمال - اللواء 112)، فرقة المنتصر بالله، ثوار الشام، لواء صقور الشمال، فرقة المعتصم، فيلق الرحمن، فرقة القوات الخاصة.
أما الفيلق الثالث (بقيادة أبو أحمد نور) يتألف من الجبهة الشامية، جيش الإسلام، فيلق المجد، الفرقة 51، فرقة ملكشاه، لواء السلام.
وتتألف حركة التحرير والبناء (بقيادة العقيد حسين الحمادي)، من أحرار الشرقية، جيش الشرقية، الفرقة 20، صقور الشام (قطاع الشمال)، في حين بقيت فصائل خارج هذه التشكيلات، أهمها فرقة الحمزة، وفرقة السلطان سليمان شاه.
وفي بداية تشكيلها، قال قيادي في "هيئة ثائرون للتحرير" لموقع تلفزيون سوريا، إن أطراف التشكيل لم يناقشوا بعد الكثير من الأمور المفصلية، ولم يعطوا إجاباتٍ واضحة حول توزيع الأدوار كالمكاتب السياسية والإعلامية والإدارية، أما عن الفيلق الثالث، فقد قال أحد قادته: "أسس المشروع على قواعد ثابتة ودمج حقيقي وتامّ يشمل الإدارة والعسكرة والأمن والصندوق المالي وغياباً كاملاً لمسميات الفصائل المنضوية تحت التشكيل، وكل ذلك ميّز هذا المشروع عن التجارب التي شهدناها أخيراً في الساحة"، في حين أكدت حركة التحرير والبناء في بيان تشكيلها، أنها جسم عسكري مستقل بذاته، يتبع لمؤسسة الجيش الوطني السوري، في وزارة الدفاع.
