بعد الانهيار الكبير والمتسارع في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، والذي وصل في 17 آذار الجاري إلى 4730 ليرة سورية بحسب موقع الليرة اليوم، وما نتج عنه من ارتفاع جنوني للأسعار في سوريا، وإغلاق المحال وضعف القوة الشرائية وتهالكها أكثر مما هي متهالكة أصلاً، عادت الليرة منذ أيام إلى ارتفاع ملحوظ أمام الدولار الذي سجل اليوم 3775 ليرة سورية.
ومع هذا التحسن في سعر صرف الليرة بدأت المطالبات في مناطق سيطرة النظام بتخفيض الأسعار ولا سيما أسعار المواد الغذائية الأساسية، التي أصبح المواطن عاجزاً عن شرائها، لتأتي تصريحات حكومة النظام بالإعلان عن خططها لتخفيض الأسعار.
خطط حكومة النظام لتخفيض الأسعار
حيث أعلن الخميس رئيس لجنة التصدير في اتحاد غرف التجارة التابعة للنظام فايز قسومة عن خطة غرفة تجارة دمشق من أجل تخفيض الأسعار، وهي أن "6 لجان تابعة لغرفة تجارة دمشق ستجول في أسواق دمشق على الفعاليات الاقتصادية وسيكون تركيزها على الفعاليات المختصة بالمواد الغذائية وستطلب خلال الجولة من التجار تخفيض الأسعار بشكل ودي وليس بشكل قسري".
ولفت إلى أن "هذا النشاط أو المبادرة تعتبر هدية للمواطنين الذين يعانون الأمرين من ارتفاع الأسعار، وفي حال تجاوب التجار سنقوم بتبليغ وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالتخفيضات التلقائية التي قام بها التجار"، مشيراً إلى إمكانية تعميم هذه المبادرة على جميع المحافظات.
وكذلك طرحت غرفة التجارة في دمشق أمس الأحد مبادرة بالتعاون مع وزارة الأوقاف التابعة للنظام من أجل إقامة سوق خلال شهر رمضان المقبل، التي تقتضي بحسب عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق مازن حسن "أن يقوم التجار بعرض بضائعهم في السوق بسعر الكلفة فقط وسيخصمون من رأسمالهم عند المبيع زكاة الأموال المفروضة عليهم".
وبالأمس أعلن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك التابعة للنظام طلال البرازي أن "الحكومة اتخذت مؤخراً جملة من الإجراءات للحدّ من ارتفاع الأسعار والضغط عليها وتسخير الجهود لحماية القدرة الشرائية للمواطن"، وأشار إلى أن "أجهزة الرقابة في مديريات الوزارة قامت بمتابعة جميع الأسواق من خلال جولات ميدانية للتأكد من الأسعار ومطابقتها ومحاسبة من يخالف، وتعمل اليوم للتأكد من عدم وجود أي حالات تمنع وتوقف عن البيع بهدف الاحتكار، وسوف تكون هناك محاسبة صارمة لهؤلاء".
ووعد البرازي بأن يكون التسوق خلال شهر رمضان "أفضل لجهة انخفاض الأسعار مما كانت عليه خلال الأسابيع الماضية"، وهو الوزير الذي كان قد وعد سابقاً في تصريح له بتخفيض أسعار المواد في الأسواق وأن يتوافر مخزون كاف من المواد الأساسية.
الأسعار بين التصريحات والأسواق ودخل المواطن
وبعد كل هذه التصريحات والتهديدات للتجار والوعيد والمبادرات، والوعود بتخفيض الأسعار من قبل حكومة النظام، أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام، أمس الأحد، نشرة أسعار جديدة حدّدت بموجبها أسعار المواد الغذائية الأساسية، وذكرت الوزارة أن هذه النشرة جاءت "تماشيا مع الإجراءات الحكومية بتخفيض أسعار المواد والسلع الغذائية الأساسية والعمل على استقرار سعر صرف العملات الأجنبية".
وبحسب نشرة الأسعار الجديدة فقد تم تحديد سعر كيلو السكر المعبأ بـ 2100 ليرة، وليتر زيت دوار الشمس بـ 8000 ليرة، والرز نوع وسط بـ 4000 ليرة، والسمن النباتي بـ 7000 ليرة، وأرخص نوع شاي بـ 17 ألف ليرة.
وفور صدور هذه اللائحة جاءت ردود أفعال غاضبة واستهجان على صفحة الوزارة وصفحات موالية أخرى، البعض كذّب هذه الأسعار وقال بأن "هذه الأسعار هي مجرد حبر على ورق والواقع أنه لم يتغير شيء"، والبعض الآخر ذكر بأنه "عند ارتفاع الدولار ترتفع الأسعار بالألوف وعند الانخفاض لا تنخفض الأسعار سوى بالليرات أو المئات"، وآخرون قالوا بأن "الأسعار بارتفاع وليس العكس"، ونشر البعض لائحة الأسعار في منطقته.
وتوضح بعض الصور التي نشرتها مواقع موالية، الفرق بين الأسعار في اللائحة الجديدة التي أصدرتها وبين الأسعار في الأسواق، علماً أن دخل المواطن في مناطق سيطرة النظام يتراوح بين 50 و70 ألفاً.
المواد التموينية الأساسية في صالات "المؤسسة السورية للتجارة"
وحول أسعار بعض السلع الأساسية في المؤسسة السورية للتجارة، فقبل 5 أشهر تم تحديد سعر ليتر زيت دوار الشمس على البطاقة الذكية بـ 2900 ليرة، ولكن النظام يتحجج بأن المادة غير متوفرة منذ شهور، وبعض الأحيان يتم توفيرها، ولكن تكون نوعية الزيت المباع بالصالات من أسوأ الأنواع أو يكون منتهي الصلاحية.
ففي يوم أمس الأحد نقلت وكالة (نورث برس) عن مصادر محلية في مدينة حماة أن "السورية للتجارة" قامت بإعادة كميات كبيرة من زيت قطن العاصي إلى الشركة العامة للزيوت بسبب انتهاء صلاحيتها.
وأضافت أن "هذه الزيوت متكدسة في مؤسسات الحكومة منذ أكثر من عامين لعدم وجود طلب عليها لرداءة نوعه وعدم صلاحيته للاستخدام".
وقالت "إن معظم المستخدمين لزيت القطن هم أصحاب المطاعم ومحال الوجبات السريعة لانخفاض ثمنه، حيث يبلغ سعر اللتر الواحد من زيت دوار الشمس 9000 ليرة سورية في حين سعر زيت القطن 4000 ليرة، وفق تسعيرة اليوم الاثنين 29 آذار".
أما المواد التموينية الأساسية الأخرى في صالات السورية للتجارة فغالباً ما يتأخر توزيعها أو لا تكون متوفرة، أو أن الرسائل المتعلقة بتسلم المخصصات لا تصل للمواطنين الذين يشتكون باستمرار من تأخر وصول رسائل تعلمهم بمراجعة صالات "السورية للتجارة" لتسلّم مخصصاتهم من السكر والأرز، أو عدم وصولها أصلاً، وسط تخبط حكومة النظام في إطلاق تبريرات متناقضة حول هذه المسألة.
مدير فرع السورية للتجارة في اللاذقية شادي دلالة عزا عدم وصول الرسائل، إلى سوء خطوط الاتصال بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي يحول دون ذلك. ومدير السورية للتجارة في ريف دمشق محمد باسل طحان، قال "إن مسؤولية عدم وصول الرسائل تقع على عاتق شركة الإدارة الإلكترونية. وفي حماة صرح مدير فرع المؤسسة رياض زيود بأن عدم وصول الرسائل للمواطنين ليس من مسؤولية المؤسسة، وقال "من لم ترده رسالة فقد خسر مخصصاته. وأحياناً تبرر حكومة النظام تأخر توزيع المواد التموينية عن طريق البطاقة الإلكترونية بأن الصالات مشغولة بعمليات الجرد السنوي.