icon
التغطية الحية

التعليم في مدارس ريف دمشق يتدهور.. أصحاب الدخل المحدود يعانون أمام البدائل

2024.09.08 | 17:05 دمشق

سوريا
من بدء العام الدراسي 2024 -2025 في سوريا (صحيفة الوطن)
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • تدهور التعليم "الحكومي": المدارس الحكومية في ريف دمشق تعاني من نقص الكوادر المؤهلة وتراجع النظافة والتعليم، خاصة في المرحلة الثانوية.
  • نقص المدرسين: كثير من المدارس تعاني من نقص في المدرسين، ما يدفع الطلاب للعودة مبكراً إلى منازلهم.
  • الدروس الخصوصية والمعاهد: الأهالي يلجؤون إلى الدروس الخصوصية والمعاهد لتحضير أبنائهم للامتحانات.
  • رواتب المعلمين: رواتب المعلمين متدنية جداً، مما يدفعهم للبحث عن وظائف أخرى أو تقديم استقالات مرفوضة.
  • المدارس الخاصة: أصحاب الدخل الميسور يلجؤون للمدارس الخاصة رغم كلفتها العالية، وسط ارتفاع أسعار القرطاسية.

تعاني بلدات ومدن ريف دمشق الغربي، كسائر المناطق السورية، من تدهور التعليم في المدارس التي تديرها حكومة النظام السوري، وبينما يلجأ ميسورو الحال إلى المدارس الخاصة، يجد أصحاب الدخل المحدود أنفسهم أمام خيارات محدودة ومعاناة كبيرة.

ورغم انتشار العديد من المدارس التابعة للحكومة السورية في ريف دمشق الغربي، فإنها تعاني من نقص الكوادر المؤهلة والكافية، ما أدى إلى تراجع ملحوظ في مستوى التعليم، خاصة في المرحلة الثانوية. بالإضافة إلى ذلك، تعاني المدارس من تدهور النظافة، خصوصاً في دورات المياه.

وفي وقت سابق من اليوم الأحد، أعلنت حكومة النظام السوري بدء العام الدراسي، مشيرة إلى عودة أكثر من 3 ملايين و700 ألف تلميذ وطالب إلى مدارسهم، موزعين على نحو 15 ألف مدرسة في مختلف المحافظات.

وبحسب بيانات وزارة التربية، وصل العدد الإجمالي للتلاميذ والطلاب إلى 3,708,694، بينما بلغ عدد المدارس الموضوعة في الخدمة 14,936 مدرسة.

نقص الكوادر.. صفوف بلا مدرسين

قالت "علياء"، مهندسة معمارية من ريف دمشق، إن المدارس تعاني من نقص حاد في الكوادر التعليمية، خاصة في المرحلتين الإعدادية والثانوية. وفي حال وجود مدرسين، فإنهم غالباً ما يكونون غير مؤهلين ويفتقرون إلى الشهادات الجامعية.

وأشارت إلى تجربة ابن شقيقها، الذي يدرس في المرحلة الثانوية في إحدى مدارس جديدة عرطوز، موضحة أنه كان يعود إلى المنزل بحلول الساعة التاسعة والنصف صباحاً، بعد ساعتين فقط من بدء الدوام المدرسي، بسبب غياب المدرسين.

وأضافت أن بعض المدرسين يحضرون فقط قبل الامتحانات، حيث يكتبون على اللوح مجموعة من الأسئلة ويطلبون من الطلاب نقلها، لأن الامتحانات ستكون من ضمنها.

وتابعت: "تلك الأسئلة تبقى على اللوح لفترة قصيرة قبل أن يمحوها المدرس، والطالب الذي يتمكن من نقلها جميعها يحصل على العلامة الكاملة، بينما يحصل الآخرون على علامات متفاوتة".

ونتيجةً لهذا الإهمال، يلجأ الأهالي إلى تدريس أبنائهم في المنازل أو إلحاقهم بمعاهد خاصة لتحضيرهم للامتحانات، بينما لا يتمكن البعض الآخر من تحمل التكاليف، فيتركونهم لمصيرهم.

وتعاني المدارس في ريف دمشق أيضاً من الاكتظاظ، حيث يجلس ثلاثة أو أربعة طلاب في المقعد الواحد. كما تفتقر إلى وسائل التدفئة المناسبة في فصل الشتاء بسبب نقص المحروقات، وتُهمل دورات المياه، التي غالباً ما تكون في حالة سيئة. وتُستخدم وسائل تدريس بدائية وفقاً لشهادات السكان.

وفي داريا بريف دمشق، تحدثت معلمة عن الإهمال الكبير في مدارس المدينة، لافتةً إلى أن الجهات المسؤولة توظف معلمات غير مؤهلات أو بدون خبرة لسد النقص.

وأشارت أيضاً إلى نقص الأدوات الرياضية وغياب الإذاعة المدرسية والكهرباء في كل المدارس بداريا، إلى جانب المعاناة التي يواجهها الطلاب بسبب عدم توفر لوازم الكتابة.

رواتب متدنية واستقالات مرفوضة

يُعتبر راتب المعلم في مدارس النظام السوري ضئيلاً جداً، حيث لا يتجاوز 20 دولاراً شهرياً، وهو مبلغ غير كافٍ في ظل ارتفاع الأسعار والانهيار الاقتصادي في البلاد.

وقالت معلمة من داريا إن المدرسين يعانون من ظروف عمل قاسية، حيث يعملون لعدة أشهر دون أجر، وعندما تُصرف الرواتب، تكون مبالغها ضئيلة بالكاد تكفي احتياجاتهم الأساسية واقتطعت أجزاء منها.

وأضافت أن المسؤولين لا يقدمون أي حلول ملموسة، ويُنصح المدرسون بتقديم شكاوى، إلا أن هذه الشكاوى لا تؤدي إلى تحسين الوضع أو إعادة الجزء المقتطع من الراتب، ما يزيد من شعورهم بالإحباط ويؤثر على أدائهم.

ولفتت إلى رفض المدارس استقالات المدرسين بسبب النقص الحاد في الكوادر، ما يدفع البعض للبحث عن وظائف أخرى في المدارس الخاصة أو المعاهد، أو حتى العمل في مهن غير مرتبطة بتخصصاتهم الجامعية.

وأوضحت أن العائلة في سوريا تحتاج إلى نحو 7 أو 8 ملايين ليرة سورية شهرياً، بينما لا يتجاوز راتب المعلم 600 ألف ليرة سورية، ما يجعل الدروس الخاصة وسيلة ضرورية لتحسين الدخل.

وفي حزيران / يونيو 2023، أصدرت وزارة التربية في حكومة النظام تعميماً يمنع قبول طلبات الاستقالة أو رفعها إلى الإدارة المركزية دون موافقة أمنية. وفي كانون الأول / ديسمبر، فتح وزير التربية والتعليم عامر مارديني باب الاستقالات للمعلمين بشرط قضائهم 30 عاماً في الخدمة وتأمين البديل، مشيراً إلى أن هذه الاستقالات لن تؤثر على "العملية التربوية".

الدروس الخاصة ترهق الأهالي

أمام الفوضى التي تعيشها المدارس "الحكومية"، يلجأ الأهالي إلى الدروس والمعاهد الخاصة، خاصةً للعائلات التي لديها أبناء في الصف الثالث الإعدادي أو الثانوي، حيث تصل كلفة الدروس إلى 80 ألف ليرة سورية قبل الامتحانات.

وقالت سيدة من ريف دمشق إن ابنها، الذي يدرس المعلوماتية في مدرسة مهنية، لم يتلق التعليم المناسب بسبب غياب المدرسين، ما اضطرها لتسجيله في معهد خاص في منطقة الزاهرة بدمشق، ما أرهقها بالأقساط وتكاليف النقل.

وأشارت أيضاً إلى معاناتها مع ابنتها التي تدرس للامتحانات الأساسية، حيث لم تتلق التعليم اللازم في المدرسة واضطرت لجلب مدرسين خصوصيين إلى المنزل بكلفة تتراوح بين 10 و15 ألف ليرة سورية للساعة الواحدة.

المدارس الخاصة ملاذ لأصحاب الدخل الميسور

وفي ظل تدهور التعليم في مدارس النظام، يتوجه أصحاب الدخل الميسور إلى المدارس الخاصة، رغم ارتفاع أقساطها. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 15% من الطلاب في مناطق سيطرة النظام يدرسون في المدارس الخاصة، حيث تصل أقساط بعض هذه المدارس إلى 30 مليون ليرة سورية.

وقالت "دعاء"، مهندسة من ريف دمشق، إنها تدخر المال لنقل ابنها إلى مدرسة خاصة بعد انتهاء المرحلة الابتدائية، فهي الآن تستطيع تدريسه، ولكن من الصعب الاعتماد على التعليم "الحكومي" في المراحل الإعدادية والثانوية.

وأكدت أن أقساط المدارس الخاصة مرهقة وتبدأ من مليونين ونصف المليون والمتوسطة منها 15 مليوناً أما الأعلى بالمواصفات فتصل إلى 30 مليون ليرة سورية.

وأشارت إلى الارتفاع الكبير في أسعار القرطاسية، حيث يصل سعر الحقيبة المدرسية إلى 30 ألف ليرة سورية، بينما تعادل تكاليف اللوازم البسيطة من أقلام عادية وتلوين و"دفاتر" ومصنفات راتب موظف "حكومي"، حيث يبلغ متوسط الرواتب نحو 250 ألف ليرة سورية.

التعليم في سوريا

وشهد القطاع التعليمي في سوريا انهياراً منذ عام 2011، بسبب القصف والاشتباكات، ما أدى إلى تدمير العديد من المدارس وحرمان ملايين الأطفال من حقهم في التعليم، كما تفاقم الوضع نتيجة انتشار الفقر والنزوح.

وزاد الأمر سوءا بسبب عدم وجود معلمين مؤهلين، حيث هاجر العديد منهم إلى خارج البلاد، فيما اضطر آخرون إلى تغيير مهنتهم بسبب تدني الأجور وسوء الأوضاع المعيشية.

ورغم محاولات النظام لإعادة تأهيل المدارس وفتح مدارس جديدة، إلا أن الفساد والتمويل المحدود أعاقا تحقيق أي تقدم ملموس في هذا المجال.