يُعدّ الاكتئاب هاجساً كبيراً يُهدد الصحة العامة على مستوى العالم، حيث يُمثل المساهم الأكبر في عبء الأمراض غير المُعدية، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
وتُشير إحصائيات المنظمة إلى أنّ الاكتئاب يشكل أكثر من 80% من عبء الأمراض الصحية في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، ممّا يجعله خطراً حقيقياً يُهدد حياة الملايين من البشر.
هل يساهم تناول الفواكه والخضراوات في تحسين الصحة النفسية؟
تشير العديد من الدراسات إلى أن السلوكيات الغذائية، وخاصة زيادة استهلاك الفواكه والخضراوات، قد تكون مهمة في تقليل خطر الإصابة بالاكتئاب، وفي هذا السياق، أجرى باحثون من مركز شيخوخة الدماغ في جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني دراسة حول العلاقة بين تناول الفواكه والاكتئاب لدى البالغين الذين تبلغ أعمارهم 45 عاماً وأكثر.
وكشفت الدراسة عن العلاقة بين تناول الفواكه والخضراوات وخطر الإصابة بالاكتئاب لدى كبار السن أو الأشخاص الذين يعيشون في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وقالت مديرة الدراسة الدكتورة ماتيسون: "الاكتئاب الذي يُصيب كبار السن يؤثر بشكل أكبر على الأداء البدني والقدرات الإدراكية، ويقلل من جودة الحياة، ويزيد من معدل الوفيات، مقارنة بالاكتئاب الذي يصيب البالغين الأصغر سناً".
وأضافت: "هدفنا من هذه الدراسة هو دراسة العلاقة بين تناول الفواكه والخضراوات والاكتئاب لدى البالغين الذين تبلغ أعمارهم 45 عاماً فأكثر".
وشملت الدراسة 7801 مشارك بالغ من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، والسويد، والبرازيل، ونيجيريا، وماليزيا، وأستراليا، وكان جميعهم لا يعانون من الاكتئاب في بداية الدراسة.
وقام الباحثون بتقييم وتحليل بياناتهم التي تم جمعها من عشر دراسات طولية سابقة، وكشفوا عن وجود علاقة بين تناول كميات أكبر من الفواكه وانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب.
وخلال فترة المتابعة التي بلغت مدتها تسع سنوات، تم تسجيل 1630 حالة اكتئاب جديدة بين المشاركين. وأظهرت الدراسة وجود علاقة بين ارتفاع استهلاك الفواكه وانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب لاحقاً، بينما لم تظهر أي علاقة بين استهلاك الخضراوات والإصابة بالاكتئاب.
ما الرابط بين الفواكه والاكتئاب؟
خلصت الدراسة إلى أن "الفواكه سلاح طبيعي لتعزيز الصحة النفسية ومكافحة الاكتئاب"، وقد أشارت الدكتورة ماتيسون إلى أهمية نتائج هذه الدراسة قائلة: "هذه النتيجة المثيرة للاهتمام التي تُظهر علاقة وقائية بين تناول الفواكه وخطر الإصابة بالاكتئاب تؤكد على الحاجة إلى التركيز بشكل أكبر على النظام الغذائي في مجال الرعاية الصحية".
وعلى الرغم من أن نتائج هذه الدراسة أشارت أيضاً إلى بعض الفوائد لتناول الخضراوات، فإنها لم تكن ذات دلالة إحصائية قوية، وأوضحت الدكتورة ماتيسون أن وجود هذه العلاقة بين الاكتئاب وتناول الفواكه، وليس الخضراوات، قد يكون بسبب طريقة تحضيرها، فالخضراوات تُطهى عادةً، مما قد يؤثر على محتواها من العناصر الغذائية، بينما تُستهلك الفواكه عادةً نيئة.
أبلغ المشاركون في الدراسة عن تناولهم للفواكه والخضراوات من خلال ملء استبيان شامل أو قصير أو باستخدام سجل تاريخ نظامهم الغذائي، وتم تقييم أعراض الاكتئاب باستخدام تدابير التحقق من صحتها. وبعد جمع البيانات، قام الباحثون بتحليل العلاقة بين تناول الفواكه والخضراوات والإصابة بالاكتئاب خلال فترة المتابعة التي تراوحت بين ثلاث وتسع سنوات.
رجّح الباحثون أن المستويات العالية من مضادات الأكسدة، والألياف الغذائية، والفيتامينات الموجودة في الفواكه والخضراوات قد يكون لها تأثير إيجابي على الاكتئاب من خلال آليات عديدة، مثل دورها في تقليل الالتهاب والإجهاد التأكسدي، وتحسين صحة ميكروبيوم الأمعاء. وبما أن الفواكه والخضراوات تحتوي على عناصر غذائية مختلفة، فمن المحتمل أيضًا أن يكون لأنواع مختلفة منها تأثيرات مختلفة على خطر الإصابة بالاكتئاب.
كما أشارت الدراسة إلى وجود علاقة بين تناول الفواكه الحمضية والخضراوات الورقية الخضراء وانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب.
أهمية إجراء المزيد من الدراسات
أكد البروفيسور هنري بروداتي، المؤلف المشارك في الدراسة، على أهمية إجراء المزيد من الدراسات التي تركز على استهلاك أنواع مختلفة من الفواكه والخضراوات، والتي تشمل أعداداً أكبر من كبار السن، لا سيما من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وأضاف: "توسيع نطاق الدراسة الحالية الجارية حول الجينات المرتبطة بالمدخول الغذائي يوفر وسيلة واعدة للتأثير على كمية استهلاك الفواكه والخضراوات. يجب علينا أيضاً أن نأخذ بعين الاعتبار أنواع الفواكه والخضراوات التي يتم تناولها لفهم العلاقة بشكل أفضل".
المصدر: الفواكه والاكتئاب.. ما هو دور الفواكه في تحسين الصحة النفسية؟ (صحتك)