icon
التغطية الحية

غلاء الإيجارات يدفع سوريين للسكن في محال تجارية ومنازل على "العضم"

2022.11.05 | 15:31 دمشق

بيوت تعرضت للقصف في دوما بريف دمشق
بيوت تعرضت لقصف وغارات جوية في دوما بريف دمشق ـ رويترز
دمشق ـ جوان القاضي
+A
حجم الخط
-A

بعد أن أصبح دخله أقل من إيجار منزله، يعيش أبو محمد 54 عاماً، مع زوجته وأولاده الأربعة في محل تجاري مهمل وغير صالح للسكن في حي باب سريجة الدمشقي.

محال تجارية للسكن في دمشق

أبو محمد المهجر وعائلته من ريف دمشق، كان يسكن في حي من عشوائيات المزة 86، لكنه فقد قدرته على الاستمرار في دفع 150 ألف ليرة إيجاراً شهرياً لمنزله، ما اضطره للبحث عن مأوى آخر إلى أن دله أحد معارفه على ذلك المحل في حي باب سريجة ليستأجره بـ 50 ألف ليرة شهرياً.

ويعمل أبو محمد براتب شهري لا يتجاوز الـ 200 ألف ليرة ضمن ورشة لإصلاح السيارات في حي البرامكة، ويقول لموقع تلفزيون سوريا "إن دخلي لم يعد يغطي نفقات إيجار منزلي السابق"، مضيفاً بحسرةً أنه لولا عمل اثنين من أولاده لكانت العائلة تسكن في الشوارع وتأكل من حاويات القمامة، عل حد قوله.

ورغم صعوبة العيش في محل تجاري صغير المساحة ويحتوي على حمام فقط من دون مطبخ، يقول أبو محمد "شو بدنا نعمل بدنا ننستر أحسن ما نصفي بالشارع". ويضيف، أن المحل أرضي من دون أي نوافذ باستثناء "الجرار الحديدي" الذي يبقى مغلقاً إلى أكثر من نصفه.

وإلى جانب عائلة أبو محمد، تخشى آلاف العائلات السورية في مناطق سيطرة النظام من استمرار مسلسل ارتفاع أسعار الإيجارات وتحكم أصحابها بالمستأجرين، وسط وقوع أكثر من 90 في المئة من السوريين تحت خط الفقر بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.

وفي وقت يعاني سكان مناطق سيطرة النظام من تدني أجورهم الشهرية، إذ لا يتجاوز متوسط الأجور الـ 140 ألف ليرة، تستمر أسعار الإيجارات في الارتفاع بما لا يتناسب مع ذاك الدخل، فضلاً عن فقدان معظم السوريين قدرتهم الشرائية بفعل ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية.

وترتفع أسعار الإيجارات مع ارتفاع أسعار الشقق السكنية، وتبدأ بدلات الإيجار في مناطق متفرقة من العاصمة دمشق وضواحيها من 200 ألف ليرة وقد تصل إلى 5 ملايين ليرة، من دون وجود أية معايير تحدد قيمة بدل الإيجار أو نسبة الزيادة التي يحق للمؤجر فرضها سنوياً.

سوريون يسكنون في منازل على "العضم"

وبينما لجأ أبو محمد إلى السكن في محل تجاري، يحاول صالح السيد، 56 عاماً، تنظيم احتياجاته وفق دخله الشهري الذي لا يتجاوز 120 ألف ليرة. لكنه وبعد أشهر من عناء البحث عن غرفة يستأجرها وعائلته بمبلغ 50 ألف ليرة، قرر صالح العودة إلى منزله المدمر في حرستا والعيش به.

اقرأ أيضا: مبالغ صادمة.. إيجارات البيوت في دمشق وريفها تثقل كاهل السوريين    

وكان الرجل الخمسيني يسكن في قبو أحد الأبنية في جديدة عرطوز بريف دمشق مقابل 50 ألف ليرة إيجارها الشهري لكنه مع ارتفاع أسعار الإيجارات ومطالبة صاحب القبو لصالح بـ 150 ألف ليرة إيجاراً شهرياً ورفضه الدفع طرده من القبو مع أغراضه.

ويقول صالح لموقع تلفزيون سوريا "قررت العودة لمنزلي المدمر على العضم وتسكير النوافذ بالكرتون والأغطية"، وذلك بعد تعفيش منزله وسرقته بشكل كامل خلال الحرب. مضيفاً أن البناء الذي يوجد به منزله عاد إليه معظم سكانه وهم يعيشون اليوم في منازل من دون خدمات كالماء والكهرباء.

وتشهد أسعار العقارات وكذلك الإيجارات ارتفاعاً مستمراً من دون ضوابط، لكن يربطها مراقبون بارتفاع أسعار مواد البناء وتدهور قيمة الليرة مقابل الدولار، فضلاً عن ركود أسواق العقارات بفعل التضخم الاقتصادي الحاصل.

وتوقعت صحيفة "البعث" التابعة للنظام بحسب خبراء لم تسمهم أن ترتفع أسعار الإيجارات في الأيام المقبلة ارتفاعاً كبيراً لارتباطها الوثيق مع الواقع المعيشي والغلاء وارتفاع الأسعار ومحاولة المالكين  تعويض الفجوة المعيشية عبر رفع متواتر للإيجارات.

وأمام هذا الواقع يفضل أبو محمد كما صالح الانتقال والعيش في محال تجارية ومنازل على العضم بدلاً من الدخول في متاهات البحث عن منازل تناسب دخلهم الشهري، وهو ما يعتبره أبو محمد "ضرباً من الجنون"، فضلاً عن اضطرار المستأجر الجديد لدفع مبلغ تأميني لصاحب الشقة إضافة إلى إيجار شهر لصاحب المكتب العقاري، بحسب ما قال أبو محمد.