مع اندلاع الثورة السورية في آذار 2011، عملت "جمعية البستان الخيرية" المملوكة لرامي مخلوف على تجنيد الشبان من الطائفة العلوية ونقلهم من الساحل السوري وتوطينهم في دمشق وتحديدا في منطقة المزة 86 من خلال إنشاء وحدات سكنية مخالفة.
هذا ما أكده المواطن محمد لـ موقع تلفزيون سوريا بعد أن تلقى إنذارا من محافظة دمشق، لإخلاء منزله خلال فترة أقصاها 90 يوماً من تاريخ استلامه القرار الصادر عن المحافظة.
محمد كان طالباً بكلية التربية في جامعة تشرين في العام 2011، ولكن العرض المغري الذي تلقاه من أحد أقاربه العاملين في جمعية البستان جعله "يختصر الطريق على نفسه" وينتقل للعيش في دمشق مع سكن يقارب الثمانين ألف ليرة وغرفتين في وحدة سكنية قيد الإنشاء يتم تسليم السكن فيها خلال ثلاثة أشهر.
الهدم يستهدف أبنية جمعية البستان فقط
عمل محمد كموظف إداري في أحد مستودعات الجمعية في المزة، يقول محمد: "سكنت بشكل مؤقت عند أحد أقاربي حتى شهر أيلول من العام 2011، وبعدها استلمت شقة في وحدة سكنية في المزة جبل 86 خزان وتحديدا في ساحة الضباط بالقرب من جمعية البستان الخيرية خلف أبنية الضباط".
حاول محمد مراجعة المحافظة للحصول على سكن بديل أسوة بمناطق أخرى تعرضت للهدم كما في المزة خلف الرازي، لكن كان جواب المحافظة بأن الوضع مختلف تماما بين الحالتين فالمزة خلف الرازي مخالفات قديمة بينما في المزة 86 فالبناء جديد ويعود لسنوات قليلة فقط.
وتمكن موقع تلفزيون سوريا من التواصل مع مصدر من داخل "محافظة دمشق"، حيث أكد بأن المحافظة تعتزم على هدم وإزالة كل الأبنية والوحدات السكنية التي أسهمت جمعية البستان بإنشائها خلال العقد الأخير، لأن "لدى الفريق الأمني للنظام مخاوف من ولاء مطلق لقاطني هذه الأبنية لرامي مخلوف وأن الأخير لا يزال يحاول أن يخلق بلبلة داخل النظام".
وأضاف المصدر بأن جمعية البستان عندما اختارت الأشخاص للاستفادة من هذه الأبنية "كانت الأولوية تعطى لأبناء عشيرة الحدادين التي ينتمي إليها آل مخلوف وفي درجة ثانية للكلبيين العشيرة الأقل حجماً ونفوذاً بين عشائر العلويين والتي ينتمي إليها الأسد (أو يدعي أسلافه ذلك)".
أبنية جديدة لجمعية البستان
وبحسب محمد فقد أنشأت جمعية البستان أبنية طابقية وبنايات جديدة بدأت بالظهور بعد 2011، في مختلف مناطق المزة 86 وقد شُيّدت هذه الأبنية بطريقة مخالفة وعشوائية في الأحياء الشعبية والتوسعات التنظيمية، وعلى أطراف المخططات التنظيمية، وحتى ضمنها ومتجاوزة عليها.
ومطلع الأسبوع الماضي صرّح محافظ دمشق الجديد بأنه سيتم هدم أي نوع من المخالفات حتى ولو كانت مرصعة بالألماس، ما أثار حالةً من الانزعاج لدى سكان المناطق العشوائية في المزة 86، الذين تقاطعت آراؤهم على صفحات "فيسبوك" الخاصة بالمزة 86 "أنّ يداً تمتد على أبنية أفنوا حياتهم لإنشائها سوف تقطع، وأن الهدم سيكون جائراً بحقهم وهو ليس عادلاً ضمن الظروف الصعبة اقتصادياً ومعيشياً، فالقاطنون في العشوائيات لا يملكون مئات الملايين كما تجار الحرب الكبار لشراء بيوتٍ في المشاريع التي تنجز أو في أي مناطق أخرى".
المزة 86 أكبر تجمع سكاني عشوائي
من جهته أكد عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق المحامي فيصل سرور، أن منطقة المزة 86 تعد أكبر تجمع سكاني مخالف في العاصمة، وأن أي بناء بعد 2012 في 86 أو غيرها من مناطق سيتم هدمه مباشرة.
وأضاف: " تجري معالجة موضوع مخالفات البناء في المحافظة وفق الأصول القانونية، وهناك تعاون من جميع الجهات التي تقدم المؤازرة عند عمليات إزالة أي مخالفة"، مؤكداً أنه تمت المباشرة في ذلك وقد تم هدم بعض المنازل في 86 بعدما تبين مدى خطورتها على قاطنيها بعد تشقق الجدران في تلك المنازل.
محمد بعد أن فقد فرصته في إكمال تعليمه الجامعي، لم يعد أمامه سوى العودة إلى قريته سلورين خلال أقل من 90 يوما والبدء برسم مستقبله من جديد، والبحث عن فرصة جديدة مع أحد أمراء الحرب الجدد لأن أوراقه هو ومن معه باتت محروقة لدى نظام الأسد.