أغلقت المدارس التعليمية في القطاعين العام والخاص أبوابها، عقب كارثة الزلزال التي حلّت على مناطق شمال غربي سوريا في السادس من شباط الجاري حتى إشعار آخر، بسبب الظروف الاستثنائية التي تعيشها المنطقة وسط استمرار الهزات الارتدادية، فضلاً عن تكرار حادثة الزلزال في 20 من شباط.
وخلفت كارثة الزلزال التي ضربت شمال غربي سوريا أضررا وتصدعا في مئات الأبنية المدرسية الأرضية والطابقية، التي يقيم ضررها بين (خفيف ومتوسط وشديد)، ما انعكس سلباً على القطاع التعليمي المتهاوي أساساً في المنطقة في ظل بنية تحتية ضعيفة.
القطاع التعليمي في ريفي حلب الشمالي والشرقي
تدهور القطاع التعليمي في ريفي حلب الشمالي والشرقي من جراء الزلزال بعدما تضررت المدارس والمراكز التعليمية، بالإضافة إلى تضرر آلاف العائلات التي نزحت إلى مخيمات ومراكز إيواء، وأخرى نحو القرى والبلدات المجاورة لمركز الدمار لا سيما في ناحية جنديرس وضواحيها.
رئيس المكتب التعليمي في المجلس المحلي لمدينة جنديرس رياض الجاسم، قال لموقع تلفزيون سوريا "تسبب الزلزال في تضرر نحو 16 ألف و500 طالب وطالبة في جنديرس وريفها، وهم اليوم خارج مقاعد الدراسة ومعظمهم نازحين في المخيمات والقرى في ضواحي جنديرس".
وأضاف أن "عدد التلاميذ الذين توفوا من جراء الزلزال في المراحل التعليمية الابتدائية والإعدادية والثانوية نحو 200 طالب وطالبة، في حين توفي 25 معلما ومعلمة من الكوادر التعليمية والتدريسية من جراء الزلزال المدمر، وتضررت 24 مدرسة في جنديرس وريفها".
وشكلت المجالس المحلية بالتعاون مع نقابة المهندسين لجانا للكشف عن المدارس والمباني المتضررة، وبدورها وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة قامت بتشكيل فريق مسح ميداني عمل على مسح أولي للأضرار وتبين هناك وجود مئات المدارس المتضررة وأخرى حولت إلى مراكز إيواء.
وقال وزير التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة جهاد حجازي لموقع تلفزيون سوريا "بلغ عدد المدارس التي تصدعت جدرانها 395 مدرسة، بينما خرجت عن الخدمة نحو 11 مدرسة وتحتاج إلى ترميم، في حين تحولت نحو 450 مدرسة تقريباً إلى مراكز إيواء للمواطنين المتضررين من الزلزال".
وأضاف "بلغ عدد الوفيات من الكوادر التعليمية 44 شخصاً، و60 آخرين تعرضوا للإصابة، أما عدد الوفيات من الطلاب فقد بلغ 626 شخصا، و1041 آخرين أصيبوا من جراء الزلزال، أما عدد الطلاب من دون مأوى يبلغ أكثر من 5 آلاف طالب وطالبة من أصل 265 ألف طالب لا يستطيعون العودة إلى مدارسهم في الوقت الحالي".
وأوضح أنه بسبب خطورة الفترة حالياً سيستمر إغلاق المدارس حتى بداية الأسبوع الأول آذار، حيث تسعى الوزارة في التواصل مع المنظمات لترميم المدارس والتخفيف عن معاناة الطلاب كما تعمل إقامة دورات تدريبية للمعلمين حول التعامل مع الطالب عند عودته إلى المدرسة بعد الزلزال دورة بالتعاون مع المنظمة السورية للصحة النفسية وجامعة المعالي الخاصة، وأشار إلى أن الوزارة تدرس تمديد الدوام في الفصل الثاني لتغطية المنهاج والدعم النفسي للطلاب.
وكانت المدارس ستباشر الدوام في الفصل الثاني من العام الدراسي 2022/ 2023، في الخامس من شباط، عقب انتهاء العطلة الفصلية، إلا أن الأحوال الجوية الباردة حالت دون ذلك، في ظل غياب وسائل التدفئة، ما دفع مديريات التربية في ريفي حلب الشمالي والشرقي إلى تعليق الدوام لمدة أسبوع، لكن مع وقوع كارثة الزلزال علقت العملية التعليمية في مختلف المؤسسات حتى إشعار آخر.
القطاع التعليمي في إدلب وريفها
تضررت البنية التحتية للقطاع التعليمي في محافظة إدلب وريفها من جراء الزلزال المدمر، وطال الضرر 250 مدرسة بينها مدرسة واحدة دمرت بالكامل، و203 مدارس تهدمت بشكل جزئي، و46 مدرسة تعرضت لتشققات بسيطة في جدرانها، حسب إحصاء وزارة التربية والتعليم في حكومة الإنقاذ السورية.
وتصدر مجمع حارم التربوي في عدد المدارس المتضررة بفعل الزلزال الأول، والتي بلغت نحو 49 مدرسة، بينها 40 مدرسة فيها تهدم جزئي، و9 مدارس تعرضت لتصدعات في الجدران، ويليها مجمع سرمدا التربوي، حيث بلغ عدد المدارس نحو 49 مدرسة من بينها واحدة تهدمت بشكل كامل، و22 مدرسة تهدم جزئي، و6 مدارس فيها تشققات بسيطة بجدرانها.
أما المدارس المتضررة في مجمع جسر الشغور التربوي فقد بلغ عددها 26 مدرسة، من بينها 25 مدرسة تهدم جزئي، ومدرسة واحدة تشققات بسيطة، بينما بلغ عدد المدارس المتضررة في مجمع ترمانين التربوي 31 مدرسة، من بينها 25 مدرسة تهدم جزئي، وستة مدارس تشققات بسيطة، كما بلغ عدد مدارس مجمع إدلب التربوي المتضررة 39 مدرسة، من بينها 34 مدرسة تهدم جزئي، وخمسة مدارس تشققات بسيطة.
في حين بلغ عدد المدارس المتضررة في مجمع معرة مصرين التربوي 14 مدرسة، 12 منها تهدم جزئي ومدرستان تشققات بسيطة، بينما بلغ عدد المدارس المتضررة في مجمع المخيمات التربوي 42 مدرسة، من بينها 27 مدرسة تهدم جزئي، و15 مدرسة تشققات بسيطة.
ويشار إلى أن البنية التحتية للقطاع التعليمي في محافظة إدلب متضررة أساساً نتيجة تعرضها للقصف من قبل النظام خلال السنوات السابقة، فضلاً عن ارتفاع أعداد الطلاب وغياب عمليات الترميم المتواصلة من الجهات الرسمية، في ظل انخفاض مستوى دعم المنظمات للقطاع التعليمي.
وأغلقت المدارس بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة في السادس من شباط، وواصلت بعض المجمعات التربوية الدوام وفقاً للتقييم الأولي للضرر الحاصل، التي تقيم من إدارة المجمعات، وبعد أسبوعين تقريباً اضطرت المجمعات التربوية إلى تعليق الدوام مجدداً عقب زلزال 20 شباط، من جراء حدوث زلزال ثان حتى يوم 25 شباط .
المكلف بتسيير أعمال وزارة التربية والتعليم في حكومة الإنقاذ السورية زياد العمر، قال خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: إن "عدد المراكز التعليمية المتضررة من الزلزال ما بين تهدم وتهدم كلي وجزئي 250 مدرسة، وبلغ عدد الطلبة الذين توفوا بسبب الزلزال 421".
وأضاف أن "إغلاق المدارس ينعكس على ضعف السوية التعليمية للتلاميذ، من خلال الابتعاد عن مواصلة التعلم والانقطاع المتكرر، ويخلق فجوة تعليمية عند الطالب في ظل انعدام الاستقرار التعليمي".
وأشار إلى أن "كارثة الزلزال لها تأثير نفسي إن كان على المدرس أو على الطلبة، حيث ستتابع الوزارة التعليم ودروس الدعم النفسي وطرق الإخلاء للكوادر والطلاب"، ولفت إلى أن المجمعات التربوية تقدر الظروف الاستثنائية التي تعيشها ووفقاً لذلك تتابع العملية التعليمية.
كيف انعكست كارثة الزلزال على القطاع التعليمي؟
يعتبر انقطاع الطلبة عن متابعة التحصيل العلمي من أبرز التحديات التي تعيشها مناطق شمال غربي سوريا، كونها نادراً ما تحصل على استقرار ويتابع الطلبة تعليمهم لمدة عام دراسي واحد على الأقل من دون انقطاع.
وتوقفت العملية التعليمية في ريف حلب الشمالي والشرقي نحو شهر ونصف تقريباً بداية العام الدراسي 2022/ 2023، بسبب احتجاجات وإضراب المعلمين عن الدوام، وفي إدلب أيضاً لا يخلو الأمر من احتجاجات للمعلمين، مع وجود مناطق مهددة بالقصف المدفعي والجوي من قبل النظام، ما يعني أنها لم تشهد استقرارا حقيقيا.
المدرس التربوي عبد الرحمن حاج عمر، قال لموقع تلفزيون سوريا: "إن التحديات التي تمر بها العملية التعليمية في مناطق شمال غربي سوريا صعبة للغاية، فآلاف الطلاب والمعلمين تضرروا من جراء الزلزال، منهم من فقد عائلته بكاملها ومنهم من أصيب ومنهم من نجا لكنه أصبح نازحاً في مخيمات عشوائية تفتقر لأدنى مقومات الحياة".
وأضاف: "أن الظروف النفسية التي يعيشها الطلاب بالدرجة الأولى والمعلمون وقعها كبير على نجاح العملية التعليمية، لذلك نحتاج إلى تكثيف جهود الدعم النفسي والمعنوي لكل من المعلم والطالب حتى يتسنى له التعافي ومتابعة التحصيل العلمي".
وأوضح أن تضرر البنية التحتية يعرقل تقدم العملية التعليمية، ولا تبدو خطط الاستجابة واضحة في هذا الصدد، لأنه حتى خلال الأزمات السابقة التي عاشتها العملية التعليمية كالقصف والاحتجاجات وغيرها كانت الاستجابة ضعيفة، ما ساهم في تهاوي القطاع التعليمي إلى مستويات قياسية.
ويرى الدكتور جهاد حجازي، أن إغلاق المدارس له أثر سلبي كبير على العملية التعليمية لأن استئناف الدوام في المدارس المتضررة يحتاج إلى وقت من أجل ترميمها، وبالتالي سيتأخر إنهاء الفصل الثاني وسيتأثر موعد الامتحانات للشهادتين ناهيك عن الأثر السلبي الذي انعكس على الجانب النفسي للطلاب بسبب فقد الأهل أو الأقارب وسط استمرار الهزات الأرضية.