حدد القائمون على "اعتصام الكرامة" بريف حلب الشمالي جملة من المطالب في شهر تموز الماضي، من ضمنها تشكيل هيئة عليا لقيادة الثورة ينبثق عنها "مجالس تتناسب مع متطلبات الثورة"، مع العمل على "إلغاء الائتلاف الوطني وجميع الهيئات والمؤسسات المنبثقة عنه من حكومة مؤقتة ولجنة دستورية وهيئة التفاوض".
وانطلق "اعتصام الكرامة" من قبل عدد من الناشطين والأكاديميين والمدنيين، في الأول من شهر تموز الماضي، بالتزامن مع الاحتجاجات التي شهدتها منطقة شمال غربي سوريا بسبب الأحداث العنصرية التي وقعت في ولاية قيصري وسط تركيا ضد اللاجئين السوريين، ويعتقد مراقبون أن تلك الأحداث في قيصري كانت مجرد شرارة أشعلت فتيل الغضب بين السكان، انعكاساً لعدد من المشكلات المتراكمة والفشل الإداري وعدم إيجاد حلول منطقية للارتقاء بواقع المنطقة، رغم المناشدات المتكررة.
وسبق أن قال المحامي محمد سليمان دحلا - الناطق الرسمي لاعتصام الكرامة - إنّ "اعتصام الكرامة هو امتداد للانتفاضة الشعبية في الأول من تموز الماضي، وهي بدورها امتداد لثورة الحرية والكرامة عام 2011، بمعنى أنه حراك ثوري شعبي، ومن البديهي أن يكون سقف مطالب الشارع مرتفعاً".
وذكر مسؤولو الاعتصام أن "الدعوة إلى إلغاء الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة وملحقاته من حكومة مؤقتة وهيئة تفاوض ولجنة دستورية، سيتزامن مع تشكيل الهيئة العليا التي ندعو إليها كمرجعية لقيادة الثورة في غضون ثلاثة أشهر، وتكون الهيئة ذات صفة تشريعية مستندة إلى المشروعية الثورية الشعبية التي جدّدتها انتفاضة الأول من تموز عام 2024".
تشكيل لجنة تحضيرية
أعلنت إدارة "اعتصام الكرامة" عن تشكيل لجنة تحضيرية مهمتها تجهيز كل الأدوات والوسائل واحتياجات الهيئة العليا لقيادة الثورة، وضمت نحو 7 أشخاص، مع منح اللجنة الحق للاستعانة بمن تراه مناسباً لإتمام المهام الموكلة لها.
وتضم اللجنة (المحامي فهد الموسى - المحامي يوسف حسين - صالح الفاضل - المحامي صلاح سليمان - الدكتور عثمان حجاوي - أنور العيسى - زياد جاموس).
وتوافق الحضور على تسمية المحامي فهد الموسى رئيساً للجنة، وتسمية يوسف الحسين أميناً للسر، واعتماد باقي الأسماء أعضاءً للجنة.
وبحسب بيان صادر عن إدارة الاعتصام فإنه "بناءً على أهداف الثورة السورية الرامية إلى إسقاط نظام الأسد، وفي ضوء الفشل المتلاحق الذي رافق عمل ما عرف بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة منذ تشكيله في نهاية عام 2012 وحتى اليوم في إنجاز مهمته وتحقيق أهداف الثورة ومطلب الشعب السوري الحر في نيل الحرية والكرامة، وتلبية لتكليف إدارة اعتصام الكرامة في الشمال السوري المحرر، الذي انطلق كنتيجة طبيعية لانتفاضة الأول من تموز، اجتمعت اللجنة التحضيرية يوم الأحد 21 تموز في مدينة اعزاز بهدف تأسيس هيئة عليا لإعادة الثورة إلى مسارها الصحيح على كامل الجغرافيا السورية".
ووفق البيان "تتولى الهيئة قيادة الثورة في مختلف الصعد السياسية والمدنية والخدمية، من أجل استعادة القرار الثوري وتعزيز التفاف الحاضنة الشعبية حول القيادة المنتخبة وفق آليات تنظيمية شفافة".
وأوضح أن "الدعوة إلى إلغاء الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة وملحقاته من حكومة مؤقتة وهيئة تفاوض ولجنة دستورية، سيتزامن مع تشكيل الهيئة العليا التي ندعو إليها كمرجعية لقيادة الثورة في غضون ثلاثة أشهر، وتكون الهيئة ذات صفة تشريعية مستندة إلى المشروعية الثورية الشعبية التي جدّدتها انتفاضة الأول من تموز".
أجسام تنبثق عن الهيئة العليا
قال رئيس اللجنة التحضيرية لانتخاب الهيئة العليا لقيادة الثورة، المحامي فهد الموسى، في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إنّ عدة أجسام من المقرر أن تنبثق عن الهيئة وتخضع لرقابتها وتوجيهاتها، وهي:
-
جسم سياسي يعيد البوصلة الثورية في الاتجاه الصحيح، ويباشر التواصل مع دول مركز القرار الدولي لنيل الاعتراف القانوني والسياسي، بغية البدء بعملية الانتقال السياسي بموجب المرجعيات الدولية ذات الصلة ووفقاً للتراتبية الواردة في بيان جنيف 1 لعام 2012، مروراً بجميع القرارات الدولية ذات الصلة ووصولاً إلى اللجوء لجميع الخيارات الأممية بما في ذلك الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، مع أولوية إنهاء ملف المعتقلين كملف فوق تفاوضي.
-
جسم إداري تنفيذي يباشر إدارة المناطق المحررة وفق المحددات الوطنية والمعايير الثورية.
-
مجلس أعلى للقضاء بما يضمن استقلالية السلطة القضائية.
وأضاف الموسى: "في إطار ما تقدم، نؤكد على حق شعبنا الحر في استخدام جميع الخيارات المتاحة لنيل حريته واستقلاله، وفق ما نصت عليه جميع القوانين والأعراف الدولية في حق الشعوب في تقرير مصيرها، ومن هنا وبالتشاور وبالتشارك مع إدارة اعتصام الكرامة، تدعو اللجنة التحضيرية المكلفة جميع الأحرار على امتداد ساحة الوطن أينما كانوا لاختيار ممثليهم وفق القواعد التنظيمية المرعية من أبناء الثورة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة للهيئة العليا لقيادة الثورة، بما يشمل كافة فئات الشعب السوري ومكوناته داخل سوريا وخارجها دونما تمييز أو إقصاء".
كما شددت اللجنة على أن "الانتخابات الحرة والنزيهة هي النافذة القانونية والثورية الوحيدة كي يختار الشعب الحر ممثليه في السلطات والمؤسسات، بعيداً عن المحاصصات والتدخلات الدولية، لاختيار شخصيات تكون بمقدورها تمثيل الثورة السورية في المحافل الإقليمية والدولية ومتابعة آليات تطبيق القرارات الدولية لتحقيق انتقال سياسي، لا وجود فيه لبشار الأسد ونظامه، وكل من تلطخت يداه بدم الشعب السوري، والعمل على إحالتهم جميعاً للمحاكم الوطنية والدولية".
ما مهام الهيئة العليا لقيادة الثورة؟
اعتمد القائمون على المشروع تعريفاً محدداً لـ "الهيئة العليا لقيادة الثورة"، لتكون على الشكل الآتي: "سلطة شعبية ثورية تشريعية منتخبة من القواعد الشعبية لقيادة وتمثيل الثورة السورية محلياً ودولياً".
مهام الهيئة العليا لقيادة الثورة:
- سلطة تشريعية تمتلك صلاحيات الرقابة والتوجيه والتشريع.
- خلق جو من الديمقراطية في جميع المناطق المحررة، لانتخاب شخصيات بشكل حر وبصورة نزيهة من ذوي الاختصاص والكفاءة والخبرة في كل المجالات، يعبرون بصدق عن مصالح الثورة ومطالب الشعب السوري، ويعملون على تطبيق قواعد الحكم الرشيد، وتمثيل الثورة في المحافل الإقليمية والدولية.
- تحقيق أهداف الثورة السورية في الحرية والكرامة، وإنهاء وجود نظام الأسد في الحياة السياسية السورية، وإحالة بشار الأسد وكل من تلطخت يداه بدم الشعب السوري ومرتكبي الانتهاكات إلى المحاكم الوطنية والدولية.
- العمل على إنهاء دور الائتلاف والحكومة المؤقتة وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية، وتصفية الحقوق المالية، ونقلها إلى المؤسسات المنبثقة عن الهيئة العليا للثورة السورية بموجب قوانين تصدرها الهيئة العليا للثورة بصفتها سلطة تشريعية منتخبة.
- تشكيل لجنة اتصال دولية تضم شخصيات من ذوي الخبرة والكفاءة السياسية والدبلوماسية، بهدف التواصل مع الدول المؤثرة في صنع القرار الدولي، وكذلك الدول العربية والإقليمية، لتوضيح أبعاد وأهداف تشكيل هذه القيادة العليا للثورة، ونيل الاعتراف بها كممثل لثورة الشعب السوري، بعد أن أثبت الائتلاف وملحقاته فشلهم الذريع منذ التشكيل وحتى اليوم.
- إعادة الثورة لحاضنتها الشعبية.
- العمل على مكافحة الإرهاب بكل أشكاله ومحاربة تجارة المخدرات بمختلف أنواعها بما يتناسب مع القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية لمكافحة الجريمة المنظمة.
- تشكيل شبكة منظمات المجتمع المدني وانتخاب ممثلين عنها في غرفة المجتمع المدني في جنيف بديلاً عن المنظمات التي تدعي تمثيل الثورة والمعارضة في غرفة المجتمع المدني، بالإضافة إلى مراعاة تمثيل المرأة ليكون بديلاً عن ربع النساء اللاتي اختارهن ديمستورا زوراً وبهتاناً لتمثيل المرأة السورية.
- تطبيق قواعد الحكم الرشيد لانتخاب أعضاء المجالس المحلية من ذوي الاختصاص والكفاءة والخبرة عبر انتخابات حرة ونزيهة.
- انتخاب رئيس إدارة عليا للمناطق المحررة، ليكلف باختيار أعضاء إدارته خلال مدة معينة، ليتم التصديق عليها من قبل السلطة التشريعية لتحل محل الحكومة المؤقتة.
- الإشراف على تشكيل مجلس قضاء أعلى من القضاة الأحرار العاملين في المناطق المحررة والمشهود لهم بالخبرة والكفاءة والنزاهة، يوكل للمجلس مهمة الحفاظ على استقلال وحصانة السلطة القضائية بمرجعية وطنية.
- وضع رؤية سياسية وخريطة طريق واضحة المعالم لتحقيق الانتقال السياسي في سوريا وفق القرارات والمرجعيات الأممية، بما في ذلك اللجوء إلى تطبيق العقوبات المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، من خلال التنسيق مع المنظمة الدولية، والعمل على كل الخيارات المتاحة وفق القوانين الدولية التي تحفظ حق الشعب السوري في الدفاع المشروع عن سيادته وتحرير أرضه.
قواعد الترشح والانتخاب
بحسب القائمين على المشروع:
- يتم تشكيل مجمع انتخابي من كل المحافظات بنسبة (1 لكل ألف شخص).
- تعتبر كل محافظة دائرة انتخابية تقوم باختيار الأشخاص الممثلين للمحافظة في المجمع الانتخابي سواء بالتوافق أو بالانتخاب بحسب نسبة سكان كل محافظة وفق إحصائية 2011، على أن يكونوا من المقيمين في المناطق المحررة والمشهود لهم بالثورية.
- مهمة المجمع الانتخابي: انتخاب الهيئة العليا لقيادة الثورة.
- تعتبر سوريا دائرة انتخابية واحدة لاختيار الهيئة العليا للقيادة السورية، لانتخاب 125 شخصاً من كل سوريا كدائرة واحدة.
- يتم تشكيل لجان انتخابية، ويكون الانتخاب فيزيائياً وتُفتح عدة مراكز انتخابية بإشراف لجان حقوقية مختصة.
- مدة ولاية المجمع الانتخابي أربع سنوات.
- مدة ولاية الهيئة العليا سنتان.
- مدة ولاية الإدارة العليا للمناطق المحررة سنتان.
- الطعون: يتم تشكيل لجنة الطعون من محامين أو قضاة مختصين للبت في طلبات الترشح وموافقتها للشروط، ويحق للجنة الطعون الاستئناس بالشهود والقواعد المتاحة على المواقع الحقوقية والإعلامية المعتبرة، ويكون قرارها مبرماً.
شروط عضوية المجمع الانتخابي:
- أن يكون العضو كامل الأهلية القانونية والشرعية.
- أن يكون العضو ملتزماً بأهداف الثورة ومبادئها، وله نشاط ثوري.
- أن يكون العضو مقيماً مع أفراد أسرته في المناطقِ المحرّرة.
- أن يكون العضو غير مُدانِ بارتكاب أي جرائم أو انتهاكات.
شروط الترشح للهيئة العليا لقيادة الثورة:
- أن يكون المرشح كامل الأهلية القانونية والشرعية.
- أن يكون العضو ملتزماً بأهداف الثورة ومبادئها، وله نشاط ثوري.
- أن يكون المرشح غير مُدانِ بارتكاب أي جرائم أو انتهاكات.
- يجب أن يكون رئيس الهيئة العليا مقيماً في المناطق المحررة مع أفراد أسرته.
الخطة الزمنية لتنفيذ المخرجات:
تستغرق من ثلاثة إلى أربعة أشهر، وتشمل:
- إجراء ورشات عمل موسعة وندوات تعريفية مع كافة الفعاليات لبلورة هذه الرؤية بشكل نهائي خلال أسبوع بعد طرحها للنقاش العام.
- الإعلان عن تشكيل لجان فرعية للمحافظات للتواصل مع الفعاليات الثورية في محافظاتهم لاختيار ممثليهم في المجمع الانتخابي.
- بعد التصديق على المجمع الانتخابي من قبل لجنة الطعون خلال مدة ثلاثة أيام، يتم فتح باب الترشح للهيئة العليا لقيادة الثورة في سوريا خلال مدة نصف شهر من التصديق عليها.
- يُعطى المرشحون مهلة نصف شهر للتعريف عن أنفسهم، وتقوم السكرتارية بتزويد الناخبين وجمهور الثورة بنبذة مختصرة عن كل مرشح.
- يتم تحديد موعد للانتخابات وأماكن توزيع اللجان والصناديق الانتخابية ليقوم أعضاء المجمع الانتخابي بانتخاب الهيئة العليا لقيادة الثورة في سوريا، وإعلان النتائج (خلال يوم واحد) بمراقبة إعلامية وحقوقية محلية ودولية.
- يتم إعلان النتائج من لجنة الانتخابات، ويُعطى المرشح مهلة ثمانٍ وأربعين ساعة لتقديم الطعون بالانتخابات إلى لجنة الطعون.
- يتم تصديق النتائج النهائية من قبل اللجنة التحضيرية ولجنة الانتخابات وتوثيقها في السجلات الخاصة بها.
- تقوم الهيئة العليا لقيادة الثورة بانتخاب الإدارة العليا للمناطق المحررة ومنح الثقة لها.
- يجتمع القضاة العاملون في المناطق المحررة بإشراف الهيئة العليا لقيادة الثورة، وينتخبون مجلس قضاء أعلى.
- يجتمع رؤساء السلطات الثلاث والهيئات المنبثقة عنها لوضع قواعد عمل ناظمة لعمل هذه السلطات، تحقق قاعدة فصل السلطات وفق الأعراف والمبادئ الدستورية المنبثقة من مبادئ الثورة ومبادئ حقوق الإنسان، ويُصدر بها قانون عن الهيئة العليا لقيادة الثورة كسلطة تشريعية منتخبة.
يُشار إلى أن الانتخابات المفترضة ستتم بشكل فيزيائي مع بث مباشر على وسائل التواصل الاجتماعي، ووفقاً لما ذكر المحامي فهد الموسى، سيتم تحديد موعد الانتخابات بعد اكتمال تشكيل المجمع الانتخابي والتوافق على أعضائه، كما سيتم نشر السير الذاتية لكل مرشح قبل إجراء عملية الانتخاب.