تشهد قرى وبلدات ريف دير الزور الغربي وريف الرقة الشرقي، الخاضعة لسيطرة قوات النظام، عودة البناء بالطين من جديد، نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء والإكساء التقليدية في مناطق غربي الفرات.
ولجأ عدد كبير من الأهالي إلى بناء الغرف والمنازل من الطين (اللبن)، في الآونة الأخيرة، نتيجة تردي الوضع المعيشي والاقتصادي للأهالي وعدم قدرتهم على البناء بالإسمنت والحديد.
الطين واللبن بديل عن الإسمنت والحديد
ويقول أحد أهالي بلدة التبني غربي دير الزور، إنه بنى منزلاً مكوناً من غرفتين ومطبخ من الطين بكلفة نهائية بلغت 550 ألف ليرة سورية قبل شهرين من الآن، وذلك بهدف منح هذه الغرف والمطبخ لأحد أولاده للسكن بها عند الزواج، وقام بتوفير مبلغ مالي قدره مليون و150 ألف ليرة سورية نتيجة استخدام الطين في عملية البناء، كبديل عن الإسمنت والحديد والطوب التقليدي.
وقال أحد تجار مواد البناء في بلدة التبني غربي دير الزور، في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا، إن كلفة بناء الغرفة الواحدة الجاهزة من إسمنت وطوب وإكساء تتراوح بين 750 ألف ليرة سورية إلى حدود المليون ليرة، بينما تبلغ كلفة الغرفة ذاتها باستخدام البناء الطيني بين 150 إلى 200 ألف ليرة.
ارتفاع أسعار نقل مواد البناء
وبدأت أسعار الإسمنت، بالارتفاع بشكل تدريجي خلال الشهر الجاري والمنصرم من 400 ألف ليرة إلى أن وصل سعر الطن الواحد في الوقت الراهن إلى 620 ألف ليرة في ريف الرقة الشرقي وريف دير الزور الغربي، الخاضع لسيطرة قوات النظام السوري.
وتحدث التاجر عن سبب ارتفاع مواد البناء وأسبابه، وأعادها إلى ارتفاع أجور النقل من حلب ودمشق للمنطقة، وأيضاً الإتاوات التي تدفع للحواجز لعدم عرقلة السيارات تضاف لقيمة البضائع، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها بشكل مباشر على الأهالي.
وأكد أحد عمال البناء في مدينة معدان شرق الرقة، أنه في الآونة الأخيرة توقف البناء التقليدي باستخدام الإسمنت بشكل شبه كامل، مما أدى إلى انتشار البطالة لدى عمال البناء، ووجدوا في البناء الطيني والعمل مع الورش المخصصة له فرصة جديدة لتأمين قوت يومهم.
وأضاف بأن البناء باللبن (الطين) اندثر لسنوات، وكان يقتصر لبناء الغرف المخصصة للأغنام والمواشي، ويجري الآن بناء المنازل في القرى والبلدات باستخدام الطين من جديد إلى جانب بناء الغرف داخل المزارع أيضاً بتلك الطريقة.
وأقدم معظم أصحاب المنازل والمزارع المدمرة نتيجة الحرب بين قوات النظام وتنظيم داعش في مناطق غربي الفرات لإعادة إعمار بيوتهم ومزارعهم بالطين، نتيجة انخفاض التكاليف للبناء فيه، وتوفر الورش المختصة بهذا البناء في الوقت الراهن.
وتحدث أحد عمال البناء بالطين من بلدة المسرب في ريف دير الزور الغربي، أن هذه المهنة أصبحت تؤمن فرص عمل جديدة لمعظم عمال اليوميات والشبان العاطلين عن العمل، وذلك بيومية تتراوح بين 10 إلى 15 ألف ليرة إذا توفر عمل بشكل مستمر، وبين 7 إلى 9 آلاف ليرة للورش الصغيرة التي تقوم بعملية البناء لغرف صغيرة.
مهنة البناء بالطين متوارثة عن الأجداد
وأضاف أن هذه المهنة لدى أصحاب الورش المختصة بها بريف دير الزور الغربي متوارثة عن الآباء والأجداد الذين كانوا يعتمدون على البناء الطيني كأساس لمنازلهم، واندثرت طوال السنوات الماضية وعادات للواجهة مجدداً، نتيجة توفر مقوماتها في المنطقة والخبرات التي تحتاجها للعمل والتنفيذ.
وعن طريقة التحضير للطوب الطيني، يقول العامل إنهم يقومون بقياس الأراضي التي يتم العمل على إنشاء الغرفة بها ويقومون بعجن الطين بمادة التبن والماء وصبه على شكل قوالب في أرض العمل، ومن ثم يتم تركه لمدة يوم واحد ليجف بشكل كامل ويجري البناء بعد العملية بشكل مباشر.
وتنقسم الورشة إلى ثلاثة أقسام؛ الأول يقوم بعملية التجهيز والإعداد، والثاني يقوم بعملية البناء، والثالث يقوم بعملية الطليس وتسوية الجدران والسقف بعد الانتهاء من العمل وهو التشطيب للبناء.
ويتراوح عدد الورشة الكبيرة من 25 إلى 30 عاملاً، والورش الصغيرة تتألف من 10 عمال، وتنتشر الورش في جميع قرى وبلدات ريف دير الزور الغربي وريف الرقة الشرقي الخاضعات لسيطرة قوات النظام، وأعدادها في تزايد نتيجة الطلب على هذا النوع من البناء يوماً بعد يوم.
ويرى هؤلاء العمال بمنطقة غرب الفرات، أن البناء التقليدي للبيوت المؤلفة من غرف متناثرة والمزارع سوف يندثر خلال بضعة أشهر في قرى وبلدات ريف دير الزور والرقة الخاضعة لسيطرة قوات النظام، نتيجة الارتفاع المتواصل لأسعار مواد البناء بشكل كبير وملحوظ ومستمر دون توقف مما يؤدي إلى التوجه نحو البيوت التقليدية المبنية من الطين.