يعاني مزارعو الفواكه الصيفية في ريف العاصمة دمشق من كساد منتجاتهم وانخفاض سعر تصريفها بالجملة، فضلاً عن الكلفة العالية لأجور عمال القِطاف والنقل إلى سوق الهال، ما دفع بأكثر من 70 في المئة من هؤلاء المزارعين إلى ترك محصولهم "يهر تحت أمو"، بحسب تعبيرهم.
ويقول خالد سلامي، 49 عاماً، وهو مزارع من ريف دمشق في جبل الشيخ لموقع تلفزيون سوريا: "موسم التفاح هذا العام جيد، لكن سعره بالأرض".
وأضاف أنَّ الكيلو الواحد من التفاح يُباع في سوق الهال بين 500 و600 ليرة، في حين تبلغ أجور الكيلو من نقل وقطاف ما يقارب الـ 400 ليرة، فضلاً عن شراء خالد للأسمدة والمبيدات الحشرية بسعر غال وبالدين على أمل السداد بعد بيع الموسم.
ويوضح المزارع الأربعيني في حديثه، أنَّ بيع موسمه بهذا السعر يزيد من خسارته المادية من جراء ارتفاع أجور النقل وعدم توفر مادة المازوت وتحكم أصحاب سيارات النقل بالمزارعين.
ويقول: "فضلت تركه يهر تحت أمو، بدلاً من عناء قطافه ونقله وبيعه بسعر لا يعادل ربع كلفة مستلزمات ما صرفت على الموسم".
ويشرح المزارع خالد، بأنّ هذا النوع من التفاح (التفاح السكري) لا يمكن تخزينه للشتاء في برادات التخزين، ويباع في موسمه، لكن هذا العام سعره متدنٍ مقارنةً بالعام الفائت 2021، حينئذ كان يُباع الكيلو الواحد منه بين الـ 1000 و1200 ليرة، وهو سعر جيد، إذ كان سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي نحو 3000 ليرة، وأما اليوم فيباع الكيلو منه بـ 500 ليرة والدولار الأميركي بـ 4400 ليرة.
ويواجه مئات مزارعي التفاح والخوخ وغيرهما من الفواكه الصيفية مصيراً مشابهاً لخالد، إذ تركوا مواسمهم من دون قطاف بسبب انخفاض سعر بيعها بالجملة في سوق الهال، ما كبدهم خسائر مالية كبيرة من جراء شراء قسم كبير منهم أسمدة ومبيدات حشرية ومازوت السقاية بالدين.
مزارعو التفاح يشتكون سياسة النظام السوري
ويقول أحد ضامني موسم التفاح في السنوات السابقة، ويدعى عبد الله لموقع تلفزيون سوريا، "إنَّ توقف معامل الكونسروة التي تنتج مربيات التفاح وغيره عن العمل بسبب ارتفاع سعر السكر واختفائه من الأسواق أنتج فائضاً كبيراً في موسم التفاح لا يمكن تصريفه اليوم".
وأشار إلى أن تجاراً كثراً توقفوا عن التصدير بسبب سياسة النظام الاقتصادية والنقدية التي تُجبر التاجر على تسليم نصف حوالته المالية لقاء تجارته بالدولار والنصف الثاني يتسلمها على دفعات بالليرة السورية على سعر البنك المركزي فضلاً عن معاناة التجار من سحب أموالهم من البنك المركزي والمحددة بـ 5 ملايين ليرة يومياً.
ويرى سائر بيضون، وهو مهندس زراعي، يعمل في صيدليته الزراعية بريف دمشق، أنَّ مشكلة الزراعات الموسمية مستعصية على الحل منذ سنوات، وليست وليدة اليوم.
ويقول سائر لموقع تلفزيون سوريا: "لا يختلف ما يحدث في موسم التفاح السكري بريف دمشق عما يحدث في موسم الحمضيات في الساحل السوري، إذ يضطر المزارع إلى عدم قطاف محصوله بسبب الفجوة الكبيرة بين تكاليف الإنتاج، وبين أسعار البيع".
وأكد أنَّه يجب على حكومة النظام تسهيل عمليات تصدير هذه الفواكه وتسويقها وتنظيمها بما يحقق الفائدة للمزارع.
ويخبر المهندس الزراعي موقع تلفزيون سوريا، "أنَّ هناك مزارعين كثراً اشتروا مبيدات حشرية وأسمدة من صيدليته بالدين على أن يكون السداد بعد بيع الموسم"، مشيراً إلى أن معظمهم اضطر إلى تقسيط دينه على أشهر طويلة كي يتمكنوا من السداد.
اقرأ أيضا: مزارعو التفاح في السويداء: حكومة النظام مسؤولة عن خسائرنا
التفاح في سوريا
وبحسب إحصائيات وزارة الزراعة لدى النظام، تقدر المساحة المزروعة بالتفاح في سوريا بـ52 ألف هكتار تتركز في محافظات السويداء وحمص وحماة وريف دمشق، ويبلغ عدد الأشجار 15 مليوناً و700 ألف شجرة، المثمر منها 12 مليون شجرة.
وتنتج سوريا نحو 300 ألف طن من التفاح سنوياً، إذ يحتل التفاح السوري المرتبة الثالثة على المستوى العربي والـ 32 على المستوى العالمي، بحسب دراسة لوزارة الزراعة في حكومة النظام.