لم يستغرق الإعلان عن تعرّض لونا الشبل مستشارة رئيس النظام السوري بشار الأسد لحادث سير ثم وفاتها ودفنها سوى أيام قليلة، في حدث مفاجئ يكتنفه الغموض، خاصة أن الشبل ذات نفوذ كبير ضمن شبكات النظام الاقتصادية والسياسية، مما جعل الحدث نفسه مثيراً للجدل والتكهنات.
ومما لفت الأنظار سرعة إعلان النظام عن وفاة الشبل والإسراع في تنظيم جنازتها ودفنها، حيث لم تستغرق هذه العملية سوى أيام قليلة، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان الحادث مقصوداً ومدبراً، في ظل غياب أي تفاصيل رسمية حول ملابسات الحادث.
كما لوحظ عدم اهتمام النظام بتنظيم مراسم عزاء لائقة للشبل باعتبارها مستشارة لرئيسه، فقد بدت المراسم خجولة وغير مألوفة لشخصية بارزة كهذه، ما عزّزَ الشكوك حول طبيعة الحادث الذي أودى بحياتها، وما إذا كان مجرد حادث عرضي أم تصفية حسابات داخل أروقة القصر الجمهوري.
في ظل هذه التكهنات، بدأ الحديث عن أن وفاة الشبل قد تكون جزءاً من إعادة هندسة للشبكات الاقتصادية والسياسية للنظام، فالشبل كانت تمثل واحدة من أبرز واجهات النظام، وإزاحتها من المشهد قد يكون مؤشراً على تغييرات أوسع في البنية الداخلية للسلطة، لا سيما ضمن الملف الاقتصادي.
وفاة لونا الشبل كانت دافعاً لدى البعض لربطها بعدد من الأحداث الأخرى المحيطة بالنظام السوري، كإقصاء أبو علي خضر أحد الوجوه البارزة في النظام، ثم إعلان مرض أسماء الأسد، وتسمم يسار إبراهيم، ويعتقد مراقبون أن تزامن هذه الأحداث أو تتابعها قد يشير إلى أن النظام يسعى لإعادة هيكلة الشبكة الاقتصادية تحت سيطرته المباشرة وإعادة توزيع المصالح والامتيازات على وجوه أكثر ولاءً له.
مراحل تطور الصراع.. المكتب السري لأسماء الأسد
في عام 2023، نشرت صحيفة "فاينينشال تايمز" تقريراً مفصلاً عن مكتب سري تقوده أسماء الأسد من داخل القصر الرئاسي، يتولى مهمة الهيمنة والتحكم باقتصاد سوريا، لإثراء عائلة الأسد وتمكين نفوذها إلى جانب تأمين التمويل لعمليات النظام السوري.
واعتمد تقرير الصحيفة على مقابلات مع 18 شخصية على دراية بآليات عمل النظام، بينهم رجال أعمال ومديرو شركات وموظفون في المنظمات الإغاثية ومسؤولون سابقون في مؤسسات النظام.
وبحسب الشهادات، فإن أسماء الأسد عملت على مدار سنوات طويلة لبناء شبكة محسوبيات واسعة بالاعتماد على المنظمات الخيرية وغير الحكومية التابعة لها، مثل "الأمانة السورية للتنمية"، بينما تحكمت هي شخصياً بتدفق أموال المساعدات الإنسانية الدولية إلى سوريا، من أجل تمكين عائلة الأسد من إحكام قبضتها على البلاد.
ويُعتبر رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد، والذي كان يسيطر وحده على أكثر من نصف الاقتصاد السوري، أبرز من استهدفتهم خطّة أسماء الأسد، وأجبرته على تسليم أصوله داخل البلاد، بما في ذلك شركتي "شام القابضة" (أكبر شركة سورية) و"سيرياتيل" (أكبر شركة للهاتف المحول في سوريا).
أطاحت أسماء الأسد بأحد أبرز المنافسين الاقتصاديين لزوجها (مخلوف)، وسيطرت على مؤسساته الخيرية، وورثت شبكة محسوبياته بين الموالين للنظام، ما سمح لها بتوسيع سيطرتها على قطاع المساعدات الإنسانية في البلاد، وأوصلت عبر إذلاله العلني رسالة إلى جميع السوريين، بأن النظام لا يتورع عن المساس بأي أحد مهما بلغت قوته.
ووفق الصحيفة، فإن أعضاء المكتب السري لأسماء، هم فراس كلاس، ولينا الكناية، ودانا بشكور، ولونا الشبل، وخضر علي طاهر (أبو علي خضر)، ويسار إبراهيم.
حادث غامض يودي بحياة الشبل
ويوم أمس، أكدت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا وفاة لونا الشبل، مستشارة رئيس النظام السوري، نتيجة إصابتها في حادث مدبر ونقلها إلى مشفى الشامي في دمشق.
وكشفت المصادر أن الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري أوقفت عمل جميع كاميرات المراقبة في مشفى الشامي بدمشق، وأفادت المصادر ذاتها بفرض حظر دخول وخروج على كافة أفراد الكادر الطبي في المشفى.
وذكرت المصادر في وقت سابق تفاصيل جديدة عن الحادثة وقالت إنه بعد وصول الشبل إلى مشفى الشامي، تم سحب المرافقين والسائقين إلى جهة مجهولة، ومنعت مجموعة مسلحة ملثمة، يُعتقد أنها تنتمي لـ"الحرس الجمهوري"، أي شخص من الدخول، بما في ذلك عمار ساعاتي زوج لونا.
ويأتي الحادث بعد أن استبعد رئيس النظام السوري، بشار الأسد، اسم لونا الشبل من قائمة "اللجنة المركزية" لـ "حزب البعث"، مع آخرين من بينهم مستشارته بثينة شعبان ونائبه للشؤون الأمنية علي مملوك، خلال الاجتماع الموسع للجنة المركزية الذي حضره الأسد وعين الأعضاء بنفسه، في أيار الماضي.
وبحسب المصادر، فإن عمار ساعاتي، الذي يملك مع لونا الشبل منتجعاً في مدينة سوتشي الروسية، كان يستعد للسفر إلى روسيا على أن تتبعه زوجته، إلا أن معاملة سفره تم إيقافها، وأُبلغ بأنه ممنوع من السفر خلال هذه الفترة.
وساعاتي من مواليد دمشق 1967، ويحمل دكتوراه في هندسة الطاقة الكهربائية، عمل كمدرس في كلية الهندسة الكهربائية، وعضواً في "مجلس الشعب" بين عامي 2003 و2015، وشغل منصب رئيس مكتب الشباب في "القيادة المركزية" لحزب "البعث" قبل أن يستبعد منه في أيار الماضي.
كواليس حادثة الوفاة الغامضة
كشفت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا أن سيارة مصفحة صدمت السيارة التي كانت فيها الشبل على أوتوستراد دمشق يعفور، مما دفع سيارتها باتجاه منصف الطريق، موضحة أن السيارة التي صدمتها كانت مجهزة بدعامة حديدية في المقدمة، مما أدى إلى تعرض الشبل لنزيف دماغي حاد.
وأسعفت الشبل إلى مستوصف الصبورة في يعفور، مع أن هذا الإجراء غير طبيعي، خاصة أن المرافق والسائق كانا في وعي كامل، ومع ذلك جرى نقلها إلى مكان غير مجهز طبياً بالدرجة التي تراعي حالتها الحرجة، وسرعان ما تم سحب لونا إلى مكان مجهول من قبل المرافقين والسائق بعد الوصول إلى مشفى الشامي.
بعد ذلك، وصلت مجموعة مسلحة ملثمة إلى المشفى، الذي يقع ضمن الطوق الرئاسي، ومنعت أي شخص من الدخول وعندما حاول زوج لونا عمار ساعاتي الوصول إلى زوجته لونا، تم منعه بطريقة مسيئة، ولم يتمكن من التواصل مع مكتب ماهر الأسد، الذي يفترض أنه صديق له.
بعد ساعات من الإذلال، سُمح لعمار بالتواصل مع الأطباء، ووصل بعد ذلك طبيب أو أكثر من لبنان لترتيب نقل لونا إلى بيروت، لكن تم إلغاء هذه الخطة في وقت لاحق، بعد اتصال تلقاه ساعاتي يفيد بأن عملية النقل متعذرة بحجة أن الوضع الصحي الخطير للشبل لا يسمح.
في سياق منفصل، سبق هذا الحدث توقيف شقيق المستشارة الخاصة للأسد، العميد ملهم الشبل وزوجته، وهما في طريقهما للمطار، قبل أسبوع من انعقاد مؤتمر "حزب البعث" في أيار الماضي، وشاع أن السبب هو التخابر مع جهات أجنبية، والمقصود هو التخابر مع إسرائيل والمساهمة في تسريب إحداثيات أشخاص جرى اغتيالهم بعمليات قصف إسرائيلية في سوريا.
جوهر الخلاف اقتصادي؟
رجحت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا، أن تكون قصة التخابر لصالح إسرائيل هي مجرد حجة، ما يشير إلى أن الجوهر يتعلق بأمور اقتصادية، ففي وقت سابق، تم إبعاد أبو علي خضر عن الدائرة وسحب المعابر منه، وتحويلها إلى رئيف القوتلي، وقد تبين أن أبو علي خضر وشركاءه عمار ساعاتي ولونا حولوا مبالغ مالية كبيرة إلى الخارج، وكانوا يمارسون أنشطة اقتصادية من دون علم الأسد.
كما أن لونا كانت تسجل ممتلكات باسم زوجة أخيها في روسيا ودبي، وكانت صفقات البيع تُسجل بمبالغ أكبر من قيمة العقارات لإخراج الأموال من سوريا، كذلك أثارت لونا استياء الدائرة المقربة من الأسد بعلاقتها الخاصة مع مسؤولين روس، منهم الناطق باسم الكرملين وزوجته.
إقصاء أبو علي خضر
خلال الأشهر الماضية، ظهرت مؤشرات على توسع الصراع بين الأقطاب الاقتصادية داخل نظام الأسد، مع تغير دائرة التحالفات وإقصاء بعض الشخصيات البارزة اقتصادياً، لإضعاف مراكز القوى الاقتصادية المستقلة نسبياً عن النظام، ولإعادة هيكلة هذه العلاقات وتعزيز السيطرة المباشرة للنظام عليها، مع الإشارة إلى تداخل مصالح حلفاء النظام (روسيا - إيران) في هذا الملف.
في مطلع العام الجاري، دهمت أجهزة النظام السوري الأمنية، أحد مستودعات المدعو "أبو علي خضر" في مدينة اللاذقية، واشتبكت مع مجموعة الحراسة المكلفة بحماية المبنى، وذلك بعد أيام من ظهور خلافات كبيرة بين "خضر" و"الفرقة الرابعة" التي عمل لصالحها خلال السنوات الماضية.
وكانت قد تعرضت مكاتب ومنازل تعود ملكيتها لخضر طاهر المعروف بـ"أبو علي خضر"وشركاه وأشخاص يعملون لصالحه، لعمليات دهم مشابهة نفذتها دوريات تعمل لصالح "القصر الجمهوري" أي بتوجيه مباشر من رئيس النظام بشار الأسد، وذلك بعد انتشار أنباء عن رفع حصانة "عائلة الأسد" عن خضر وملاحقته ومصادرة أمواله.
وبدأت الخلافات بين خضر والنظام السوري تظهر للعلن في تشرين الأول من العام الفائت، بعد أن شنت مجموعات تتبع لمكتب "أمن الفرقة الرابعة" بالتنسيق مع إدارة الجمارك حملات استهدفت خلالها البضائع المهربة التي تحمل شعار "شركة الميرا" التجارية المملوكة لخضر، ليتبعها إغلاق لبعض ممرات التهريب بين سوريا ولبنان والتي تستخدمها شركات خضر لاستقدام بضائعها الأجنبية، وبيعها في الأسواق بعد إضافة شعارها عليه.
وينحدر خضر من مدينة صافيتا بمحافظة طرطوس، وفي تشرين الأول من العام 2020، تم إدراج طاهر ضمن قائمة العقوبات الأميركية (قانون قيصر)، لتوجيهه عناصر ميليشياته لتحصيل الرسوم على الحواجز والمعابر الداخلية التي تسيطر عليها "الفرقة الرابعة"، وتربط بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة المعارضة، بالإضافة إلى المعابر مع لبنان، فضلاً عن إدراج شركاته كلها ضمن قائمة العقوبات.
اعتقال رجال أعمال
وسبق أن أفادت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا بأن شعبة المخابرات الجوية التابعة للنظام، نفّذت الخميس 27 حزيران الماضي حملة أمنية في بلدة كناكر بريف دمشق اعتقلت خلالها رجال أعمال موالين لروسيا على خلفية التحقيقات بأنشطة أبو علي خضر التجارية.
واعتقل خلال الحملة كل من سامر الخطيب الشريك في مؤسسة الخطيب التجارية وسعيد ضاهر وعلاء الرفاعي وسامر خميس من أبناء البلدة والعاملين في مجال تجارة المواد الزراعية، بالإضافة إلى رجل الأعمال جلال الدين الحلقي المنحدر من محافظة درعا ومالك شركة التفوق للاستيراد والتصدير والذي تربطه علاقة تجارية مع أشخاص من عائلة الخطيب في كناكر.
وأكدت المصادر اعتقال رجل الأعمال الموالي لروسيا والمقرب من فرع الأمن العسكري والعضو السابق في لجنة المصالحة في البلدة محمد تيسير الخطيب عند مراجعته شعبة المخابرات الجوية للاستفسار عن أسباب اعتقال شركائه.
وعقب اعتقال محمد تيسير دهمت دوريات تابعة لشعبة المخابرات الجوية منازل كافة الموقوفين ومنشأة الخطيب التجارية لغربلة وفرز وتخزين الحبوب الزراعية الواقعة على الأطراف الشرقية لبلدة كناكر.
مرض أسماء الأسد
قبل أسبوع من تحطم مروحية الرئيس الإيراني "إبراهيم رئيسي" وزيارة بشار الأسد لتقديم العزاء، أعلن النظام السوري إصابة أسماء الأسد بمرض اللوكيميا (سرطان بالدم)، وذلك بعد بضعة أعوام من شفائها من سرطان الثدي، وأنها "ستبتعد عن العمل المباشر والمشاركة بالفعاليات والأنشطة كجزء من خطة العلاج"، ليترك هذا الإعلان المفاجئ سؤالاً من دون جواب: مَن سيرث إمبراطورية الاقتصاد التي كلف بشار زوجته في قيادتها وتكوينها؟، وذلك بعد أن أنهت أسماء صراع النزاع الاقتصادي مع رامي مخلوف عام 2020، وهو ما كوّن قناعة لدى الطائفة العلوية بأنهم مستهدفون لأن مخلوف كان له جانب تبرعي وتشغيلي للطائفة.
وفي ظل هذه المعلومات والتقارير التي تحدثت عن المكتب الاقتصادي السرّي لأسماء الأسد المرتبط بالقصر الرئاسي، ثم إعلان مرضها، يبدو أنّ الغموض سيبقى يلفّ جدران القصر، التي تُخفي وراءها تكهّنات وشائعات لا حصر لها، تروي قصصاً عن صراعات خفيّة وتحالفات مضطربة ومتغيّرة بين كبار المسؤولين، تارةً تؤكّد هيمنة بشار المطلقة على كلّ شيء، وتارةً أُخرى تشكّك وتشير إلى تخبّطه وسط أجنحةٍ وتيارات متناحرة، إمبراطورية زوجته الاقتصادية، والجيش (حيث يقبض شقيقه ماهر على أقوى فرقه)، الأجهزة الأمنية، الميليشيات، وانقسام ولاء جميع هؤلاء بين حليفيه الرئيسيين: روسيا وإيران.
تسميم يسار إبراهيم
كشفت مصادر إعلامية في وقت سابق، عن تعرض رجل الأعمال المقرب من النظام السوري، وأحد أعضاء مكتب أسماء الأسد السري، يسار إبراهيم، إلى تسمم حاد عبر مادة كيميائية تسببت بتلف معظم أعضاء جسده الداخلية.
وذكرت أن يسار إبراهيم، المعروف بأنه مقرب من بشار الأسد وزوجته أسماء، ويشغل منصب مستشارها الاقتصادي، والمدرج على قوائم العقوبات الأميركية منذ العام 2021، تعرض لحالة تسمم حاد من أحد المرافقين له، الذي وضع له السم في الطعام خلال وجوده في أحد المطاعم التي يتردد إليها بشكل دائم.
وقالت إن إبراهيم "دخل منذ أواخر العام الماضي في رحلة علاج طويلة الأمد، تطلبت عناية خاصة من قبل أطباء القصر الجمهوري، مع استدعاء أطباء أجانب لدراسة حالته، فضلاً عن حاجته لتغيير دمه كل فترة زمنية".
وأضافت أن السم، الذي لم يقتل إبراهيم، تسبب بتلف أجزاء من المعدة والأمعاء جرى استئصالها عبر عدة عمليات جراحية أدخلته في شبه فقدان للوعي وعدم القدرة على الحركة أو ممارسة أعماله، وبحسب المصادر فإن المادة الكيميائية التي وضعت لرجل الأعمال في طعامه جرى استقدامها من خارج سوريا، وتسببت بتلف في أعضاء داخل الجسم وتلوث في الدم ظهر على مراحل.
هل احتدم صراع الأجنحة؟
يعتقد المستشار الاقتصادي أسامة قاضي، أن "اغتيال" لونا الشبل يأتي ضمن سلسلة لتصفية كل من له ولاء لروسيا، وقد كانت تخطط للانتقال رفقة زوجها إلى روسيا بعد أن شعرت بالخطر الإيراني المحدق بها، متوقعاً اعتقال ساعاتي قريباً.
ورأى قاضي في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن هناك خطة للتخلص من الأشخاص المحيطين ببشار الأسد ممن لا يدينون بالولاء الكامل لإيران، ويبدو أن بشار الأسد سيبقى وحيداً، باستثناء من يعيّنه له شقيقه ماهر الأسد الذي يدين بالولاء لإيران.
وعن واقع المشهد الاقتصادي بعد هذه التطورات، أوضح قاضي أنه لم يخرج اسم بديل عن أسماء الأسد ليتبنى الإمبراطورية الاقتصادية الهشة التابعة للقصر الجمهوري، متوقعاً أن يكون هناك جهود لتجهيز اسم قريب من القصر ليتولى هذه المهمة، بمعنى أن السيناريو لم يكتمل بعد وما زال في "المطبخ" الذي يشرف عليه ماهر الأسد والمجموعة المقربة منه.
من جهته، استبعد باحث اقتصادي - فضّل عدم الكشف عن اسمه - وجود صراع أجنحة اقتصادية في النظام، معتقداً أن هناك جناحاً اقتصادياً واحداً في القصر الجمهوري يعبّر عنه بشار الأسد بطرق مختلفة، وكانت أسماء تدير جزءاً من هذا الملف مستعينة بأعضاء مكتبها السري.
وأضاف الباحث في حديث مع موقع تلفزيون سوريا: "مهما ابتعدت الشبكات الاقتصادية عن القصر الجمهوري، ستصب في صالحه بالنهاية، مع وجود حالات تشمل تقليم الأظافر وأدوات المكتب السري لأسماء، ويحدث ذلك، عندما يتجاوز شخص ما حدود الأدوار التي رُسمت له".
مخطط بعيد عن الاقتصاد
بدوره، استبعد رئيس "مؤسسة مدى للرؤية الاستراتيجية"، أحمد رمضان، أن يكون الأمر له علاقة بالصراعات الاقتصادية، قائلاً إنّ القضية تتلخص في أن إيران وضعت يدها على شبكة تجسس تعمل في القصر الجمهوري بدمشق، وأعضاؤها ضباط كبار ومسؤولون مقربون من الأسد، وترأسها مستشارته لونا الشبل.
من ناحية أخرى، قال رمضان في حديث مع موقع تلفزيون سوريا: "هناك صراع داخل القصر بين دول النفوذ في سوريا، دول عربية دعمت أسماء الأسد، وكانت تريد إحداث نوع من التزاوج بين "السنية الاقتصادية" و"العلوية الأمنية" لإعادة إنتاج النظام ومحاولة إدماجه، وكانت العملية تهدف إلى تحجيم الحضور الإيراني داخل مفاصل الدولة، ولكن العملية ضُربت بدفع أسماء إلى الخلف وتفكيك المؤسسات الخاضعة لها وتصفية لونا واعتقال عدد من الضباط وإقالة آخرين".
ومن الواضح - حسب رمضان - أن إيران حسمت الموقف لصالحها حتى إشعار آخر، والطرف العربي يواجه مشكلة بسبب اعتماده على أشخاص من السهل استهدافهم، من دون أن يملك خيارات بديلة.