icon
التغطية الحية

صدام يلوح في الأفق.. ماذا يجري بين فصائل الجيش الوطني شمالي حلب؟

2024.09.18 | 10:44 دمشق

43
صورة أرشيفية - AFP
حلب - خاص
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • يشهد شمالي حلب توترات بعد قرار وزارة الدفاع بحلّ "لواء صقور الشمال".
  • رفض اللواء القرار وأعلن انضمامه إلى "الجبهة الشامية".
  • استنفرت "الجبهة الشامية" و"القوة المشتركة" في المنطقة.
  • التدخل التركي ظهر عبر نشر قوات في منطقة كفرجنة.

يشهد الشمال السوري تطورات متسارعة تنذر باحتمالية اندلاع صدام بين فصائل الجيش الوطني السوري، وذلك عقب قرار وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة بحلّ "لواء صقور الشمال" العامل ضمن الفيلق الثاني، وتوزيع عناصره على عدد من الفصائل الأخرى.

الخطوة التي كانت تبدو محاولة لإعادة ترتيب الصفوف لم تلقَ استحساناً لدى اللواء، الذي سرعان ما اتخذ قراراً مفاجئاً بالانضمام إلى "الجبهة الشامية" في الفيلق الثالث، والتي رحّبت بهذه الخطوة وسارعت إلى تعزيز مواقعها العسكرية وتسيير الأرتال تحسباً لأي تصعيد.

بالتزامن مع ذلك، تحركت "القوة المشتركة" المتمثلة بـ"فرقة السلطان سليمان شاه" (العمشات) و"فرقة الحمزة" (الحمزات)، لتعزيز حضورها في المنطقة، محاولة استغلال الحدث لإظهار نفوذها كأبرز الفاعلين العسكريين في ريف حلب الشمالي، خاصة أن "المشتركة" تُعتبر من أبرز خصوم "الجبهة الشامية".

على الجانب الآخر، لم يقف الجيش التركي مكتوف الأيدي إزاء هذه التطورات، إذ رُصدت تحركات عسكرية تركية شملت نشر دبابات في كفرجنة بمنطقة عفرين، وسط ضبابية في المشهد الميداني وتعدد القوى الفاعلة في ريف حلب، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات مختلفة خلال الفترة القادمة.

بيانات وخطوات متسارعة

أصدرت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة بياناً قالت فيه: إن عملية إعادة هيكلة الجيش الوطني السوري مستمرة ضمن خطة إصلاحية شاملة منذ عامين، وفي هذا السياق، تم حل فصيل "صقور الشمال" وإعادة توزيع مهامه ومعداته العسكرية واللوجستية بين المؤسسات والفصائل المختلفة في الجيش الوطني السوري.

6

وأوضحت الوزارة أن العميد عدنان الدياب، نائب وزير الدفاع، كُلّف مؤقتاً بقيادة فصيل "صقور الشمال" بسبب وعكة صحية تعرض لها قائد الفصيل حسن خيرية، مضيفة أن إدارة هذه المرحلة ستكون تحت إشراف وزارة الدفاع.

من جهته، التف لواء "صقور الشمال" على قرار الوزارة، حيث أصدر بياناً أعلن فيه اندماجه الكامل ضمن مرتبات "الجبهة الشامية"، موضحاً أن هذا القرار جاء استجابة لمقتضيات المصلحة العامة، وانسجاماً مع رغبة الجانب التركي في اختصار الفصائل الثورية.

6

وكذلك أعلنت "الجبهة الشامية" ترحيبها بانضمام "لواء صقور الشمال" إليها، كما انتشرت صورة تجمع بين قائد "الشامية" عزام غريب وقائد "صقور الشمال" حسن خيرية، في حدث وُصف بأنه تحدٍّ واضح لقرار وزارة الدفاع.

9

عقب ذلك، شهدت المنطقة استنفارات عسكرية، حيث أرسلت "الجبهة الشامية" أرتالاً عسكرية وصلت إلى منطقتي قطمة وكفرجنة الواقعتين بين مدينتي اعزاز وعفرين، في حين استنفرت "القوة المشتركة" (حلف منافس للشامية) قواتها، ونشرت مقاطع مصورة تستعرض من خلالها الحشود العسكرية من آليات وعناصر.

5

وقال الباحث المتابع لتطورات الشمال السوري، بسام السليمان، إنّ "السكوت على انضمام صقور الشمال للجبهة الشامية سيشجع باقي الفصائل المهددة بالحل على الاندماج مع الشامية، وهذا يهدد خطة إعادة هيكلة الجيش الوطني التي يُراد تنفيذها".

وأضاف: "سيناريو محاولة فرض إعادة الهيكلة ولو بالقوة هو سيناريو وارد، لكن بنسب ضئيلة، ولا أرجّحه شخصياً بسبب دعم فصائل الفتح المبين في إدلب للجبهة الشامية، أما السيناريو الأرجح الذي يمكن أن يتم من وجهة نظري فهو الاحتواء ومحاولة تمرير إعادة الهيكلة بشكل تدريجي وبطيء، فهل ينجح هذا السيناريو أم سيكون للشامية وحلفائها رأيٌ آخر؟".

خطة قديمة - جديدة لهيكلة الجيش الوطني

كشف مصدر خاص لـ موقع تلفزيون سوريا عن وجود مساعٍ تركية لإعادة هيكلة فصائل الجيش الوطني السوري، وذلك بهدف تقليص عددها وتوزيعها على أربعة أو خمسة تشكيلات رئيسية تُعتبر الأكبر في المنطقة، مثل: "الجبهة الشامية"، و"القوة المشتركة"، و"فرقة السلطان مراد"، و"حركة التحرير والبناء" التي تضم فصائل الشرقية.

وأشار المصدر إلى أن الخطوة الأولى لهذه الجهود بدأت بشكل مفاجئ مع "لواء صقور الشمال"، حيث لم يُدمج مع أي من التشكيلات الكبرى كما كان متوقعاً، بل صدر قرار بحل اللواء وتوزيع عناصره على بقية الفصائل الأخرى.

هذا القرار قوبل بالرفض من "صقور الشمال" نفسه، والذي قرّر الالتفاف على القرار والانضمام إلى "الجبهة الشامية"، التي رحبت بهذه الخطوة في إشارة واضحة لرفضها للتوجيهات الصادرة عن وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة.

وترى بعض الجهات أن هذا القرار جاء في إطار مساعٍ تركية لتقليص عدد الفصائل، ووفقاً للمصدر، فإن هذا التوجه التركي يتماشى مع المناخ السياسي الحالي.

من جهة أخرى، أوضح المصدر أن هناك فصائل مثل "الجبهة الشامية" و"حركة التحرير والبناء" تشعر بأنها معنية بشكل مباشر بهذه التطورات، لذلك بدأت تتحرك لعرقلة أي خطوات تهدف إلى تمرير أجندة سياسية قد تؤدي في نهاية المطاف إلى التطبيع مع النظام السوري.

في هذا السياق، اتخذت "الجبهة الشامية" موقفاً واضحاً برفض تنفيذ قرار حل "صقور الشمال"، حيث رأت أنه من الأنسب أن تستفيد من ضم اللواء لصفوفها لتعزيز موقفها ونفوذها.

وتسعى "الجبهة الشامية" من خلال هذا الاندماج إلى تعزيز حضورها العسكري في مناطق شمالي حلب، خاصة في عفرين، حيث يمتلك "لواء صقور الشمال" مقار في منطقة حور كلس وعدد من القرى في ريف عفرين، وبالتالي، قد يُعتبر هذا الاندماج ذريعة لـ"الشامية" للعودة إلى مناطق جديدة كانت قد خسرتها في عفرين وتوسعة رقعة انتشارها بشكل أكبر.

على الجانب الآخر، تتخوف فصائل أخرى مثل "القوة المشتركة" من هذا التحرك، إذ ترى أن أي خطوة تُعزز من قوة "الجبهة الشامية" تمثل تهديداً مباشراً لنفوذها، خصوصاً إذا أسفرت عن توسع "الشامية" في مناطق عفرين.

وتعزّز هذه المخاوف من احتمالية تصاعد التوتر بين الفصائل، حيث يرى المصدر أن الاصطفاف بين التحالفات يزداد يوماً بعد يوم، مما يشير إلى إمكانية وقوع صدامات بين الجانبين إذا لم يتم التوصل إلى حلول وسطية ترضي كلّ الأطراف.

  • "هيئة تحرير الشام" في المشهد

أشار المصدر إلى أن "هيئة تحرير الشام" تبدو حاضرة أيضاً في هذا المشهد لصالح "الجبهة الشامية"، ولكن من الخلف، بشكل غير مباشر.

ويأتي ذلك في ظل التنسيق المتزايد بين الطرفين، مؤخراً، حيث شهدت الفترة الماضية ضم "الجبهة الشامية" لعدة تشكيلات تربطها علاقات وطيدة مع "هيئة تحرير الشام"، مثل "تجمع الشهباء" الذي يضم "الفرقة 50"، و"حركة أحرار الشام - القطاع الشرقي".

في ظل هذه المعطيات، تتجه الأنظار إلى ما ستسفر عنه التطورات القادمة، حيث يبدو أن المشهد الميداني في الشمال السوري مفتوح على عدة سيناريوهات، لعل أبرزها: تصعيد عسكري بين التحالفين المتنافسين، وهو ما قد يغير من خريطة السيطرة في المنطقة بشكل جذري.

تحالفان عسكريان

سبق أن كشف موقع تلفزيون سوريا نقلاً عن مصادر خاصة أن منطقة شمال وشرقي حلب شهدت، خلال الأشهر الماضية، اصطفافات عسكرية جديدة لا ترقى إلى حد الاندماج الكامل بين أطرافها، مضيفة أن انسجام الأفكار بين بعض التشكيلات العسكرية وتخوفها من تحديات مشتركة أسهم في تعزيز التواصل فيما بينها سعياً لخلق أرضية مشتركة للعمل معاً.

وتشير المصادر إلى أن التحالف الأول يتمثل بـ"القوة المشتركة" التي تضم "فرقة السلطان سليمان شاه" و"فرقة الحمزة"، والتي تتبع ظاهراً للفيلق الثاني في الجيش الوطني السوري، وتنتشر في العديد من المناطق الرئيسية أبرزها: منطقة عمليات "غصن الزيتون" (عفرين) شمال غربي حلب.

سعى هذا التحالف الذي يقوده محمد الجاسم (أبو عمشة) وسيف بولاد (أبو بكر) إلى تعزيز نطاق سيطرته بشكل أكبر على منطقة "غصن الزيتون"، بعد أن تخلص من "العدو الأول" من وجهة نظره المتمثل بـ"الجبهة الشامية"، وذلك بعد إجبارها على إخلاء كل مقارّها ومواقعها في المنطقة خلال المعارك التي اندلعت بين الطرفين قبل نحو عامين.

ويعمل هذا التحالف على تعزيز قواته والتطوير من القدرات القتالية لأفراده، كما يحاول أن يظهر للعلن أنه غيّر من سلوكه، إذ تُتهم الفرقتان المشكّلتان له بارتكاب انتهاكات واسعة بحق السكان، ووفق المصادر، فإن "القوة المشتركة" تعتبر السيطرة على كامل "غصن الزيتون" من أبرز أولوياتها على حساب إضعاف أو إنهاء وجود بعض الأطراف الأخرى في المنطقة.

ويرى مراقبون أن سيطرة "القوة المشتركة" على كامل "غصن الزيتون" نابع عن رغبة تركية، حيث عملت هذه القوة على إدارة معظم الحواجز في المنطقة، وفرز عناصر محددين للانتشار ضمن هذه الحواجز، مع إعطاء تعليمات بضرورة التعامل بشكل لائق مع المارة لعكس "صورة جديدة" عن "القوة المشتركة".

هذا التحالف يثير قلق أطراف أخرى بالضرورة، في مقدمها "الجبهة الشامية"، ثم "حركة التحرير والبناء" بدرجة أقل، حيث تعتبر "الشامية" أن من حقها العودة إلى بعض المناطق في عفرين واستعادة السيطرة على مقارّها التي استولت عليها "القوة المشتركة" وتحديداً "العمشات"، ولا سيما في ناحية معبطلي.

الجدير بالذكر أن هذه الأحداث تأتي بعد أيام من اجتماع موسع للمعارضة السورية في غازي عنتاب جنوبي تركيا، حيث ظهرت خلافات حادة بين التحالفات المتنافسة، لا سيما "الجبهة الشامية" و"حركة التحرير والبناء" من جهة، و"القوة المشتركة" ورئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى من جهة أخرى، والذي لم يتردد في توجيه اتهامات مختلفة إلى خصومه، وتبع ذلك إعلان "الشامية" تجميد تعاونها مع الحكومة المؤقتة ومطالبتها للائتلاف بحجب الثقة عن "مصطفى" وإحالته للقضاء.