icon
التغطية الحية

زيارات سوريا بعد اللجوء.. تصرفات فردية تُهدد أوضاع اللاجئين في أوروبا

2024.09.19 | 06:26 دمشق

مطار دمشق الدولي (انترنت)
مطار دمشق الدولي (انترنت)
+A
حجم الخط
-A

"بعد 9 سنوات من الغياب عن أهلي قررت أن أزورهم في مناطق سيطرة النظام السوري، ولم أفكر مرتين في وضعي القانوني في ألمانيا، كبر أبي وكبرت أمّي وأريد أن أراهم"هذا ما تقوله إحدى السوريات اللاجئات في أوروبا لموقع "تلفزيون سوريا".
حديثٌ طويل مستمر بين اللاجئين السوريين في أوروبا، كثيرون منهم قضوا ما لايقل عن عشر سنوات في أوروبا.

منهم من خرج من سوريا خوفاً على حياته وتحت تهديدات مباشرة من النظام السوري، وآخرون خرجوا لأسباب تتنوّع بين الوضع الاقتصادي المأساوي الذي تسبب به النظام، أو للإيجاد فرصة تعليم أو بحثاً عن حياة أفضل.

وتسبب من يستطيع زيارة مناطق سيطرة النظام السوري بجدل واسع وكبير بين السوريين، كما طرح تساؤلات بين الحكومة الأوروبية التي بدأت تغير قوانين اللجوء أو تضع قوانين جديدة تحد من هذه المخالفات الصريحة لقانون اللجوء.

تقول ناديا (اسم مستعار) لموقع "تلفزيون سوريا"، " ذهبت إلى سوريا مع أبنائي هذا الصيف بعد 9 أعوام لم أرَ فيها أي أحد من عائلتي، ولم أفكر كثيراً في وضع الإقامة الدائمة التي منحتني إياها ألمانيا، حجزت تذكرة طيران إلى الأردن ودخلت الحدود السورية بجواز سفري السوري، استخرجته في دمشق منذ فترة قريبة".  
وبخصوص تجربة زيارة سوريا بعد كل هذه السنوات قالت ناديا إن "الوضع في سوريا صادم، شاهدت مقاطع فيديو شعرت بسببها بالحنين إلى دمشق والبزورية والحميدية، ولكن لم تكن واقعية أبداً" وبالنسبة لتأثير زيارتها لسوريا على وضع بقية اللاجئين في ألمانيا لا ترى ناديا أن لذهابها أي تأثير يذكر، فهي واحدة من عشرات بعضهم يزورون سوريا بشكل سنوي، حسب تعبيرها.
الأمر الذي يوافق عليه كلياً ناصر والحاصل على الجنسية الفرنسية بداية عام 2024، والذي قال " لموقع تلفزيون سوريا" "زيارتي مستمرة إلى سوريا، واستطعت أن أزور أهلي جميعهم، ولا أجد أنني أضر أحداً بزيارتي، بجميع الأحوال السياسة الأوروبية ستتغير تجاه اللاجئين، وتحميل المسؤولية لمن يزور بلده غير عادل برأيي"، وهو ما يبدو أن كثير من اللاجئين يختلفون معه.

حنين فردي وتبعات جماعية على اللاجئين
في المقابل، تسبب زيارة سوريا بعد الحصول على "وثيقة السفر" الخاصة باللاجئين السوريين في أوروبا، أو الحاصلين على جنسية إحدى الدول الأوربية، شرخاً واضحاً بين اللاجئين السوريين في أوروبا، بين من يجد أن من حقّ السوري زيارة بلده، ورؤية أهله، وآخر يجد في هذا التصرّف "قلّة أخلاق".
تقول سلام عيروطة والحاصلة على الجنسية الألمانية "لموقع تلفزيون سوريا" إنّها ورغم حصولها على هذه الوثيقة "لم تفكر في زيارة سوريا".
وتضيف سلام " الغياب عن سوريا هو ضريبة الموقف الإنساني تجاه الثورة السورية، والتي ما أزال أدفعها إلى اليوم، ولا أرى في زيارة سوريا أو (مناطق سيطرة النظام بشكل أصح) اليوم فعلاً أخلاقياً إلا لمن لديه أسباب قاهرة، أما "جماعة السياحة" والفيديوهات هؤلاء يضرون جميع اللاجئين في أوروبا وأرى تأثير ما يفعلون في الشارع الألماني".

مخالفات قانونية

في ظل تنامي الخطاب العنصري في أوروبا، والذي أثبتته انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة، حيث حققت الأحزاب ذات الأيديولوجيات العنصرية نجاحاً ملحوظاً، لا يمكن اعتبار الرجوع إلى "الوطن" عملاً يندرج تحت حريّة الحركة والتنقّل.
ورغم تعقيدات الأمر، وحول هذا الموضوع يقول إياد مصطفى محام ومستشار قانوني في مجال الهجرة واللجوء في فرنسا ، إن "اللاجئين الذي يستعرضون سوريا من خلال مقاطع مصورة، يؤثرون بشكل مباشر على القرارات والإجراءات تجاه اللاجئين الآخرين، الأمر الذي يدفع بفرنسا وغيرها لاعتبار مناطق سوريّة عديدة آمنة" والأخطر حسب مصطفى أن هذه التصرفات فتحت باباً على الصعيد السياسي لإعادة العلاقات مع النظام السوري لترحيل اللاجئين.
كما يؤكد المحامي السوري أن الذهاب إلى سوريا يؤدي إلى تهديد إقامة اللاجئ في فرنسا، فـعندما يطلب اللاجئ السوري، حقّ  اللجوء من مكتب اللجوء والحماية وعديمي الجنسية (ofpra) في فرنسا، يقدّم إثباتاتٍ تؤكّد تعرضه لانتهاكات أو خطر جسيم في حال عودته إلى بلده الأم، وعند زيارة سوريا، يتعبر مكتب اللجوء والحماية وعديمي الجنسية أن اللاجئ إما قدّم وثائق مزوّرة أو احتال على السلطات الفرنسية.
وحسب مصطفى "في هذه الحالة ومن خلال المادة 511/8 من القانون الفرنسي الخاص باللجوء تستطيع السلطات الفرنسية  سحب حق  اللجوء بشكل قانونيّ، أو التنبيه في حال عدم قدرتها على إثبات دخوله إلى سوريا واستخراجه جواز سفر سوري". 

أما عن حامل الجنسية الفرنسية من السوريين فيقول مصطفى "لا يمكن سحب الجنسية الفرنسية من المواطن الفرنسي /السوري حين زيارة بلده"، لكن هذا الفعل يصعّد من خطاب اليمين المتطرف في فرنسا والذي يدعو لسحب الجنسية الفرنسية من أولئك الذين استطاعوا زيارة سوريا على مبدأ ما بني على باطل فهـو باطل". 

ألمانيا وزيارة "حضن الوطن" 

يقول إسماعيل أبو مغيضب حقوقي ومستشار في قضايا اللجوء في ألمانيا "لموقع تلفزيون سوريا" إن "ألمانيا تعمل حالياً على مشروع قانون تم تقديمة للبرلمان الألماني مؤخراً، وينص بشكل صريح على سحب الإقامة من كل من يزور بلده سواء كانت لديه إقامة لجوء أو حماية ثانوية أو منع ترحيل".
وتفضي زيارة حاملي إقامة اللجوء في ألمانيا "بأنواعها" إلى بلدهم الأم إلى تجييش في الشارع الألماني يقوده اليمين المتطرف أو حتى المواطن العادي الذي يشاهد لاجئاً من المفترض أنّه هارب من بلده و مع ذلك يقضي إجازته هناك، بحسب أبو مغيضب.
ويضيف "لموقع تلفزيون سوريا" هذا الفعل غالباً ما يؤدي إلى حرمان أشخاص يستحقون اللجوء فعلاً و يقطنون في مخيمات لبنان وتركيا و لكنهم بسبب استغلال بعض الاشخاص الذين لا يحتاجون أو لا يستحقون اللجوء يحرمون من هذه الفرصة" بحسب تعبيره.
قانونياً لا يمكن لألمانيا سحب جنسية السوريّ الحامل لجواز سفرها، لكنّها وحسب المادة 73 فقرة 1 من قانون اللجوء الألماني بإمكانها إلغاء إقامة اللاجئ على أراضيها في حال زيارته لبلده الأم.

ويرى العديد من استطلعنا آراؤهم أن ملايين السوريين اللاجئين في أوروبا أو غيرها هم أمام موقف أخلاقي وآخر عاطفي، بين لوعة الشوق للأهل والبلد والحنين، وبين أمانتهم في حماية أولئك الذين لا يستطيعون تخطّي "حاجزٍ" واحد إلا وقد يكونون في عداد القتل تحت التعذيب أو في أحسن أحوالهم مغيبين أو أخذوا ليخدموا في جيش النظام السوري لقتال إخوتهم السوريين.