يواجه السوريون في أوروبا أزمات من نوعٍ آخر، فبعد حصولهم على حقّ الإقامة، تبدأ حياتهم بالاستقرار نوعاً ما، ولكن في هذه المرحلة تتملّك الوحدة والعزلة كثيرين منهم.
في فرنسا لا يتجاوز عدد اللاجئين السوريين 45 ألفاً بحسب الإحصائيات الأخيرة، لذا نادراً ما يستطيعون تكوين مجتمعات كبيرة، أو الالتقاء في مدن وشوارع محددة كما في دول الجوار كـ (تركيا ولبنان والأردن) وحتى مصر.
شركات سياحية تعتمد شكل "السيران" لجذب السوريين
وكنوع من التحايل على الغربة، لجأ عديدون منهم مؤخراً إلى شركات سياحية سوريّة، تأسست بفضل شباب سوريين يسعون للعمل بالدرجة الأولى، وللم شمل السوريين وكسر عزلتهم من جهة أخرى.
يزن توركو شاب سوري وصل إلى فرنسا عام 2022 قادماً من الأردن، استغلّ خبرته في المجال السياحي ليفتتح شركة صغيرة في فرنسا، تغطي شركته مع صديقه رحلات داخلية وخارجية، ويقول يزن لموقع "تلفزيون سوريا": "تغطي الرحلات ألمانيا، وسويسرا، إضافة إلى داخل فرنسا، وعن الرحلات بالطائرة فالوجهة الأولى لنا حالياً إلى جورجيا، واليونان، وإسبانيا" وغيرها
تؤمن الرحلات السياحية "السوريّة" في فرنسا أجواءً تقليدية يعرفها السوريون ويحبونها، فيقول يزن: "نحن نحاول أن تكون الرحلة السياحية تشبه "السيران" وهذا غالباً ما يجذب الناس، حيث يتعارف الناس على بعضهم ويغنون، ويأكلون الطعام السوري، ونتعامل مع مشاريع سورية أخرى من خلال عملنا ندعمهم ويدعموننا".
الأمر الذي يؤكده ثائر مقيم في فرنسا وشارك في رحلتين من هذه الرحلات، حيث قال لموقع "تلفزيون سوريا": "جربت مع هذه الشركة رحلتين، الأولى كانت إلى سويسرا، مدينة لوتزيرن، والثانية إلى بحيرة "كغوت" في منطقة الألزاس، هم يسعون كما اتضح لي أن يعيدوا لنا أجواء الرحلات في سوريا"
ويضيف ثائر "يسعني القول بأن هذه الفعالية وغيرها من الفعاليات التي تقوم على اجتماع السوريين سواء في الأعياد والمناسبات أو الرحلات، هي الحالة التي يمكن أن نعتبرها المهرب من برود أوروبا وحالة الفردانية التي نعيشها هنا".
أوروبا جميلة وموحشة في آن معاً
تشتهر أوروبا بجمال طبيعتها، والأماكن التاريخية والأثرية المميزة، لكن غالباً ما تحتاج الرحلات السياحية إلى ميزانية ربما لا يكون السوريّ قادراً على دفعها، خاصة أولئك الذين يصلون حديثاً، وحول هذا الموضوع يقول ثائر إن "أسعار الرحلات مقارنة بأسعار المكاتب السياحية الفرنسية يمكنني القول بأنها لا تعادل واحداً على خمسة، كما أنها أقل من السعر إذا ما حاولت الوصول إلى الوجهة ذاتها بالمواصلات وتناول الطعام ذاته".
وأكدت ذلك رائدة سيدة سورية تعيش في فرنسا، التي قالت لموقع "تلفزيون سوريا": "المبالغ التي ندفعها لا تساوي ثمن "الجمعة" والتواصل، وعيش الأجواء السورية التي أفتقدها". وتضيف رائدة "توفر هذه الرحلات شعوراً بالأمان والراحة خاصة إذا كانت الناس راقية".
ويشير "ثائر" إلى أهمية هذه الرحلات للأطفال السوريين الذين يستطيعون التعرف إلى ثقافة بلدهم أكثر، والاجتماع بعدد أكبر من السوريين، ويضيف: "وفرت لي هذه الرحلات الترفيه والاستجمام لي ولأطفالي بالمقام الأول، وميزة التعرف إلى أشخاص جدد، كوني أسافر بشكل دوري ولكن وحدي أو مع عدد محدود من الأشخاص لا يتجاوز الشخصين، فقد لمست في هذه التجربة نكهة مختلفة، ويمكنني القول بأنني أحببتها".
وبخصوص تصاريح السفر يقول يزن: "إن الرحلات تعتمد حالياً على الدول التي يستطيع السوري المقيم في أوروبا السفر إليها بيسر وسهولة، ويتم العمل حالياً على توسيع مدى الرحلات، لمساعدة السوريين على السفر والاجتماع بأهلهم خارج أوروبا".
ويستفيد السوريون المقيمون في أوروبا من اتفاقية شنغن، والتي ترتكز على مبدأ حرية الحركة، وتخفيف قيود السفر على الأوروبيين (والمقيمين في أوروبا) الذين يسعون للعيش والعمل والترحال في جميع أرجاء القارة وكذلك في بلدانها الجُزرية، الأمر الذي يجعل أوروبا بجميع دولها متاحة للسوريين اللاجئين هناك.