بعد مرور أكثر من ستة أشهر على كارثة الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا وخلف عشرات آلاف القتلى في البلدين، لا تزال آثار الزلزال واضحة المعالم في محافظة اللاذقية مع انتشار المخيمات العشوائية، وبقاء ركام بعض الأبنية المدمرة، في حين غابت حكومة النظام عن المشهد وبرزت المساعدات الإماراتية.
وفي مدينة جبلة وريفها التي كانت الأكثر تضررا بالزلزال تواصل الإمارات جهود إعمار ألف وحدة سكنية مسبقة الصنع في عدد من المواقع أبرزها أحياء النقعة والفيض والفوار بالإضافة إلى وحدات أخرى في مدينة اللاذقية.
والوحدات هي عبارة عن قواعد بيتونية وهيكل معدني وجدران وأسقف مصنوعة من "الساندويتش بانل" ويتكون كل مسكن من غرفتي نوم وصالون ومطبخ ودورة مياه.
وبحسب المعلن ستؤوي هذه الوحدات نحو 6 آلاف شخص متضرر من الزلزال في المحافظة.
وأعلنت وسائل إعلام النظام الرسمية، السبت، إنهاء تجهير 47 وحدة سكنية فقط في النقعة ضمن مشروع الـ 1000 وحدة سكنية، بعد أربعة أشهر على انطلاقه.
أيمن (46 عاما) وهو أحد المتضررين من الزلزال ويقيم حاليا في مخيم على أطراف جبلة ينتظر استلام البيت مسبق الصنع ومغادرة المخيم.
يصف الرجل الأربعيني "الكرفانة" بأنها حل مؤقت أفضل من المخيم، لكنه بقي أمام المجهول فيما يخص منزله وكيفية إعادة إعماره في ظل ضيق الحال. مضيفا في حديث خاص لموقع تلفزيون سوريا أن الكرفانة لايمكن لها أن تسع سبعة أفراد وهي مجرد مكان للنوم.
ركام الزلزال لا يزال حاضرا
وبانتظار تسليم هذه الوحدات الإماراتية تباعا، لا تزال ركام أبنية منهارة عقب الزلزال جاثمة حتى اليوم في ذات الأماكن، بمدينة جبلة وريفها من دون أن تزيل البلديات آثارها رغم مرور أكثر من 6 أشهر.
وقال الناشط الإعلامي أبو يوسف الجبلاوي لموقع تلفزيون سوريا، إن عددا من الأبنية المهدمة منذ تاريخ 6 شباط وحتى اليوم لا يزال ركامها في مكانه ولاسيما في حي الفيض جنوب جبلة، مضيفا أن البلدية لم تقم بأي عمليات ترحيل منذ ثلاثة أشهر لأسباب غير معلومة.
وأكد جبلاوي أن عدد الأبنية المنهارة قليل في مدينة جبلة ورغم ذلك فإن جهود التعافي من الزلزال لم تكن حاضرة سوى عبر الجهود الإماراتية من خلال افتتاح مخيمات ومراكز إيواء.
{"preview_thumbnail":"/sites/default/files/styles/video_embed_wysiwyg_preview/public/video_thumbnails/lBeoTkuevE0.jpg?itok=0ikBVvrU","video_url":"https://www.youtube.com/watch?v=lBeoTkuevE0&ab_channel=SyriaTV%D8%AA%D9%84%D9%81%D8%B2%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A","settings":{"responsive":1,"width":"854","height":"480","autoplay":1},"settings_summary":["Embedded Video (Responsive, autoplaying)."]}
من جانبها تساءلت شبكة أخبار جبلة المحلية الموالية عن سبب عدم إزالة الركام حتى اليوم من مدينة جبلة بعد الزلزال وقالت في منشور:"سؤال برسم المعنيين.. أنقاض الأبنية التي انهارت بسبب الزلزال إيمت ناوين ترحلوها؟ مثلا بخطة 2025؟!!".
اقرأ أيضا: انتشار أمني مكثف في جبلة ليلاً.. هل يخشى النظام من احتجاجات شعبية؟
وبحسب ما نقلت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام، عن مصدر في محافظة اللاذقية في أيار الماضي يبلغ عدد الأبنية التي بحاجة للهدم 1571، هدم منها فقط 15 (11 في جبلة، و4في اللاذقية).
الحاج أبو هاشم (47 عاما) من سكان حي الفيض قال لموقع "تلفزيون سوريا" إنه راجع بلدية جبلة عدة مرات للاستفسار عن توقيت إزالة أنقاض منزله ليبدأ بإعادة تشييده على حسابه لكنه فوجئ بالرد "ليس لدينا آليات حاليا للقيام بهذه المهمة".
متضررو الزلزال بانتظار القروض
وعدا عن مشروع الإسكان الإماراتي الذي تتواصل أعمال تشييده لم تبدأ حكومة النظام حتى اليوم بأي أعمال إنشاءات أو منح قروض للمتضررين للبدء بإعادة الإعمار.
وقال مدير الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال فارس كلاس في مؤتمر صحفي مؤخرا إن "الصندوق له أولويات وهذا سبب تأخير بدء تقديم الطلبات له ونحن نقوم بالتشبيك مع الجميع ولن نستطيع تقديم الدعم إلا إذا تعاونت مختلف المؤسسات".
وحمل مسؤول النظام العقوبات الاقتصادية سبب التأخر وقال إنها أثرت على الاستجابة لتداعيات الزلزال موضحا أن بعض الدول ترغب بالتبرع ولكن العقوبات حالت دون ذلك بحسب قوله.
من جانبه أعلن وزير الإدارة المحلية والبيئة في حكومة النظام، حسين مخلوف أن المنازل المرخصة سيتم منح أصحابها مبلغاً وقدره 160 مليون ليرة يعطى على دفعتين الأولى عند تقديم الرخصة، والثانية عند تصديق عقد المقاولة أي أن المتضرر سيحصل على كامل الدعم قبل بدء العمل بحسب قوله.
وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد أصدر في آذار الفائت مرسوماً تشريعياً يقضي بمنح المتضررين من الزلزال قروضاً تصل قيمتها إلى 200 مليون ليرة سورية، من أجل ترميم وإعادة إعمار بيوتهم المتصدعة والمهدومة تسدد على مدى عشر سنوات، ولا يكون التسديد فورياً بل يبدأ استحقاق التسديد بعد ثلاث سنوات من تاريخ منح القرض.
منازل تنتظر الترميم
وفق إحصاءات مجلس محافظة اللاذقية وصل العدد الإجمالي للمتضررين من الزلزال بناء على عدد العائلات إلى أكثر من 828 ألف شخص.
ووصل عدد الأبنية التي بحاجة للترميم إلى 25 ألفا و413 بناء، فضلا عن 17 ألفا و936 بناء بحاجة إلى عمليات تدعيم.
اقرأ أيضا: 4 أشهر على الزلزال ومتضررو "اسطامو" باللاذقية من دون مسكن ومساعدات
وعلى صعيد عمليات الترميم والتدعيم أكد محام (طلب عدم ذكر هويته) أن الأمور تركت للأهالي، من دون أي تدخل أو إقرار قروض أو تقديم مساعدات، مضيفا أن الكثير من هذه الأبنية عاد إليها ساكنوها من دون ترميم أو تدعيم في ظل غلاء إيجارات المنازل وصعوبة البقاء في الخيم.
وأضاف المحامي لموقع تلفزيون سوريا أن العشوائية والإهمال لا تزال هي السمة البارزة في تعامل حكومة النظام والبلديات مع تبعات الزلزال من جوانب كثيرة أبرزها الأنقاض، وكيفية التعامل مع الأبنية المتصدعة.
وبحسب المحامي يكاد لا يخلو حي من أحياء اللاذقية من أبنية متصدعة وأخرى متهالكة يتجمع ركام بعض أجزائها تحت شرفاتها حتى اليوم في مشهد يذكر دائما بالزلزال الكارثي.