تسيطر الأحاديث عن الزلازل على جلسات الدمشقيين منذ بداية الأسبوع الماضي، عقب الزلزال الكارثي الذي ضرب جنوبي تركيا وشمال غربي سوريا وخلّف وراءه عشرات آلاف الضحايا، ورغم أن التفكير بالقضية يبدو مرعباً للجميع، إلا أن سكان المناطق العشوائية في دمشق يعيشون في رعب مضاعف وفق ما أكده بعض السكان من عش الورور وركن الدين والمزة شيخ سعد.
قلق في عشوائيات دمشق
يقول حسان (ر) من سكان عش الورور، لموقع تلفزيون سوريا إن الأبنية في المنطقة متراصة جداً ومبنية على انحدار شديد، وبعضها يحمل طوابق فوق طاقة الأعمدة، والسكان بالآلاف، بينما لا توجد أي أماكن للهرب إليها أو الاحتماء فيها إذا وقع زلزال، لذلك يبدو التفكير بالزلزال مرعباً.
لا يملك حسان الذي يستأجر منزلاً من غرفة وصالة في المنطقة أي خيار آخر لنقل سكنه، مضيفاً أن الخيارات كلها محصورة في عشوائيات العاصمة التي تعاني ذات المشكلات.
في المزة 86 يتذكر عصام مأساة حدثت عام 2020 بسبب السيول التي أدت لانهيارات في بعض جدران الأبنية، ويذكر أيضاً ما حدث عام 2010 عندما اعتقد السكان أنه زلزال ضرب المنطقة نتيجة ابتلاع حفرة مجهولة لمنزل بشكل مفاجئ. ويقول "تسيطر على أحاديث السكان المآسي السابقة وكلها حدثت دون زلزال لكنها تثبت هشاشة المنطقة وعدم قدرتها على تحمل أي اهتزاز.
أزقة المزة 86 ضيقة جداً والأبنية متلاصقة وتحمل الكثير من الطوابق على أساسات مرتكية على تراب أو صخور. في 2017 حدث انهيار ضخم مجهول في المنطقة مخلفاً حفرة كبيرة، ولو كانت فوقها أبنية لابتلعتها لكنها كانت في مكان فارغ ليس عليه أي حمل، وقبلها أنذرت عدة منازل بالإخلاء نتيجة ظهور تشققات بالجدران. بحسب عصام.
الكثير من الحوادث المشابهة في المزة 86 وقعت، وتحدث كل فترة دون أي هزات أرضية، وسكان المنطقة القدامى يعرفونها كلها. في 2019 نشرت صحيفة الوطن المقربة من النظام تقريراً تحدثت فيه عن الخطر الذي يحيط بسكان المنطقة نتيجة "تكهفات غير معروفة الحجم والمسار" وتشققات في بعض الأبنية، كاشفةً عن وجود نسبة كبيرة من الجبس في التربة التي تتكون منها تلك الطبقات من الأرض، حيث ينحل الجبس بوصول الماء إليه ما يؤدي إلى الانهدامات.
الحال في المزة 86 ليس بأفضل منه في ركن الدين، فالجغرافيا هي ذاتها تقريباً ووضع الأبنية هو ذاتها، وقد تحدث السكان عن انهيارات للمنازل في منطقة وادي سفيرة إثر السيول، وظهور حفر بين الحين والآخر في منطقة الوادي تسبب الأضرار للمباني.
في دمشق.. أرض "هشة" مكتظة بالسكان
نهاية الشهر الماضي من هذا العام، تعرض بناء عربي من ثلاث طبقات، لانهيار جزئي في منطقة الشيخ محيي الدين، وتم إخلاء قاطنيه، وفي منتصف العام الماضي، أخلت محافظة دمشق 18 منزلاً في منطقة وادي السفيرة في حي ركن بعد ظهور تصدعات في الأرض على خط فالق انهدامي، وحدوث انهيار لبعض الكتل صخرية.
الانهيار حصل في شهر أيار، وأشارت المحافظة إلى أن الانهيار سببه دخول الأمطار للفالق وعند فصل الصيف حدث جفاف في التربة ما أدى إلى ذلك الانهيار، وقال مدير دوائر الخدمات في محافظة دمشق، نضال حافظ حينها إن "تلك منطقة معرضة بشكل كبير لحدوث مثل تلك الانهيارات بسبب الفالق الموجود بها".
اقرأ أيضا: موسم العواصف في سوريا يهزّ بيوت المساكن الشعبية
الكثير من الحوادث تشهدها ركن الدين كما غيرها من مناطق العشوائيات بسبب طبيعة الأرض التي بنيت عليه، دون أي اكتراث من القائمين على البناء المخالف أو رقابة من المحافظة. يقول أحد المتعهدين في المنطقة "يوضع في البناء مواد بيتونية وحديد أقل من نصف ما يتم وضعه في الأبنية بالمناطق الأخرى، ولا يتم الأخذ بعين الاعتبار عند البناء شروط زلزالية وما شابه، حتى من يقوم بالبناء هم أشخاص غير مؤهلين وغير دارسين للهندسة وعلومها".
وأضاف "ذلك سببه السرعة في الإنجاز للهرب من أعين البلديات أو لأنه تم الاتفاق مع الدوريات على الانتهاء بموعد معين، إضافة لخفض التكاليف، وأنا شهدت شخصياً عدة حوادث لانهيارات أسقف نتيجة فك الملازم قبل جفاف البيتون"، مشيراً إلى أن منازل كاملة بنيت ودهنت وسكنت خلال أسبوع.
لا توجد إحصائية رسمية لعدد سكان المناطق العشوائية بدمشق التي تضم الكثير من المناطق غير التي ذكرت في التقرير مثل جبل الرز، و"قد ازداد الإقبال عليها خلال الحرب نتيجة النزوح من الأرياف إليها بحثاً عن سكن رخيص، ما جعلها خزاناً بشرياً مكتظاً بكل معنى الكلمة" وفق لأحد السكان في المزة 86.
بالتأكيد هناك الملايين من السوريين يعيشون بتلك المناطق الخطرة عديمة الأمان، وجميعهم مقتنعون أن إهمال تنظيم مناطقهم وعدم تسهيل البناء تحت الرقابة، يزيد من المشكلة وقد يتسبب بكارثة بشرية على مستوى العالم لو حدث زلزال ما، وكلما زاد الضغط الاقتصادي توجهت شرائح أخرى إلى العشوائيات بحثاً عن حياة أرخص.
طالب جميع من التقاهم الموقع بالنظر إلى مناطقهم بجدية مطالبين حكومة النظام السوري بطلب خبراء أجانب لتقييم الوضع الخطر وإيجاد حلول للمناطق المذكورة قبل وقوع أي كارثة.