يسعى رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لتحقيق مكاسب سياسية من كارثة الزلزال الذي دمر أجزاء واسعة من البلاد، ويضغط من أجل إرسال المساعدات الإنسانية عبر مناطقه للتحرر تدريجياً من العزلة الدولية المفروضة عليه.
وقالت وكالة "رويترز" إنه "وسط فيض التعاطف مع الشعب السوري بعد الزلزال المدمر، انتهز النظام السوري الفرصة لتكرير مطالبه بضرورة التنسيق معه بشأن المساعدات، في حين لم تظهر الدول الغربية ما يفيد باستعدادها لتلبية هذا المطلب أو التعامل مع الأسد مرة أخرى، إلا أن ما يخدم النظام هو صعوبة إرسال مساعدات من تركيا إلى شمال غربي سوريا".
ونقلت الوكالة عن الخبير في الشأن السوري لدى مركز "كارنيغي"، آرون لوند، قوله إنه "من الواضح أن هناك نوعاً من الفرص يسعى الأسد لاستغلالها من هذه الأزمة، وهي إما أن تعملوا معي أو من خلالي"، مضيفاً أنه "إذا كان الأسد ذكياً، فإنه سيسهل إيصال المساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرته، وسيحصل على فرصة ليبدو كما لو كان شخصاً مسؤولاً، لكن النظام عنيد جداً".
من جانبه، قال رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، جوشوا لانديس، إن النظام السوري "كان يحاول الاستفادة من المساعدات لإضفاء الشرعية على النظام"، مضيفاً أن "جميع العرب، والعالم بأسره، أظهروا فيضاً من التعاطف تجاه السوريين الذين عانوا الكثير، وسيحاول الأسد استغلال ذلك".
النظام السوري يسعى للسيطرة على المساعدات وتوزيعها
وانتهز النظام السوري وحليفته روسيا كارثة الزلزال لتجديد مساعيه للسيطرة على المساعدات الأممية إلى سوريا، والتحكم بوصولها عبر الخطوط إلى شمالي سوريا، في حين لا يثق المجتمع الدولي في أن حكومة النظام ستقدم مساعدات فعالة إلى مناطق سيطرة المعارضة، وتخشى أن يحولها لصالح الأشخاص والمؤسسات المرتبطة به.
ويحاول النظام السوري وروسيا التحكم بالمساعدات وتوزيعها والسيطرة على اقتصاد العمليات الإنسانية في شمال غربي سوريا، ووقف دخولها عبر الحدود مع تركيا، وحصر دخولها بحكومة النظام السوري، في حين يحاول موالو الأسد ومناصروه تشويه سمعة المنظمات المدنية والمتطوعين شمالي سوريا، واتهامهم بالإرهاب والاحتيال.
وعلى الرغم من العقوبات الغربية المفروضة عليه، أعلن النظام السوري وصول عدة طائرات محملة بأطنان من المساعدات الإنسانية لمتضرري الزلزال في سوريا، بما في ذلك من مصر والإمارات والهند والعراق والجزائر ولبنان وإيران والصين، إضافة إلى فرق الإنقاذ والفرق الطبية والمشافي المتنقلة.
وفي وقت سابق، أكدت الولايات المتحدة الأميركية رفضها انتهاز فرصة وقوع الزلزال للتواصل مع النظام، مشيرة إلى أنها ستقدم المساعدات للسوريين في مناطق سيطرة النظام السوري عبر المنظمات غير الحكومية على الأرض، وليس عبر حكومة النظام.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، إنه "سيكون من المفارقات، إن لم يأتِ بنتائج عكسية، أن نتواصل مع نظام مارس معاملة وحشية لشعبه على مدار 10 سنوات حتى الآن، قتلهم بالغاز، وذبحهم، وكان مسؤولاً عن كثير من المعاناة التي تحملوها".
وأضاف برايس أنه "بدلاً من ذلك، لدينا شركاء في المجال الإنساني على الأرض، يمكنهم تقديم نوع من المساعدة في أعقاب هذه الزلازل المأساوية"، مؤكداً على أن "هؤلاء الشركاء، على عكس النظام السوري، موجودون هناك لمساعدة الناس بدلاً من تعنيفهم".
حصيلة ضحايا الزلزال في سوريا
وفي حصيلة غير نهائية، ارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال في سوريا إلى 2992 شخصاً، بينهم 1262 في مناطق سيطرة النظام في حلب وحماة واللاذقية وطرطوس، و1730 في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، فيما العدد مرشح للارتفاع بشكل كبير بسبب وجود مئات العوائل تحت الأنقاض.
وفي شمال غربي سوريا، تواصل فرق الدفاع المدني السوري عمليات البحث والإنقاذ، التي تواجه عقبات وصعوبات بالغة، تزامناً مع شح الإمكانيات وعدم توافر الآليات والمعدات اللازمة للإنقاذ، وسط سوء الأحوال الجوية وتساقط الثلوج.