ملخص:
- ارتفاع رسوم جواز السفر: السوريون في مصر يواجهون زيادة في رسوم جواز السفر، التي تجاوزت 400 دولار أميركي.
- تعقيدات التقديم: السفارة السورية في القاهرة حصرت التقديم عبر رابط إلكتروني، مما زاد من تعقيدات الإجراءات.
- صعوبة الدفع الإلكتروني: يتطلب الدفع الإلكتروني حسابات بنكية وبطاقات ائتمان، وهو ما لا يتوفر لدى معظم السوريين.
- انتقادات واسعة: السوريون ينتقدون الآلية الجديدة ويعتبرونها عبئًا ماديًا إضافيًا.
- البحث عن حلول بديلة: البعض يتجه إلى مفوضية اللاجئين أو إلى استخراج الجواز من سوريا لتقليل التكاليف.
لم يكن السوريون المقيمون في مصر يتوقعون أن يحمل إعلان سفارة النظام السوري في القاهرة -بشأن حصر التقديم على جواز السفر عبر رابط إلكتروني خاص بها-، زيادة في الرسوم التي تجاوزت 400 دولار أميركي.
ومنذ إعلان سفارة النظام عن إيقاف طلبات الحصول على جوازات السفر العادية، وحصر التقديم عبر الرابط الإلكتروني الخاص بها، وقع السوريون المقيمون في مصر في حيرة بشأن آلية التقديم التي لم تشرحها السفارة بشكل كافٍ، حيث أغلقت التعليقات على المنشور الذي نشرته على منصة التواصل الاجتماعي "فيس بوك" حينها.
وبدأت خطوات التقديم على استخراج جواز السفر تتوضح تدريجياً، وهو جواز لا يستطيع عدد كبير من السوريين في مصر الاستغناء عنه، نظراً لأن تجديد الإقامة الدراسية والاستثمارية وغيرها (باستثناء اللجوء) مرتبط به، وكذلك تسجيل الأطفال في المدارس.
وقال براء الشامي، وهو شاب سوري مقيم في مصر قدم طلب لاستخراج جواز سفره مؤخراً عبر الرابط، في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا"، إن العملية معقدة نوعاً ما، وارتفعت التكلفة بشكل كبير، حيث دفع رسوماً وصلت إلى 414 دولاراً، بالإضافة إلى 3200 جنيه مصري (نحو 66 دولار) لإرسال الجواز القديم وصور شخصية له وبعض الأوراق.
وأضاف أن العملية تبدأ بتسجيل البيانات والمعلومات المطلوبة للشخص الذي يريد استخراج جواز السفر، ثم إنشاء حساب عبر البريد الإلكتروني وإرسال البيانات. يلي ذلك إرسال السفارة لاستمارة يجب طباعتها والتوقيع عليها وإعادتها مع مقطع فيديو يثبت هوية المتقدم.
وتابع أن العقبة الأكبر التي تواجه السوريين هي كيفية دفع التكلفة إلكترونياً، حيث يتطلب الأمر وجود حساب بنكي بشروط معينة وبطاقة ائتمان، وهو أمر لا يتوفر إلا لدى فئة قليلة من السوريين، ما دفعه لطلب المساعدة من أحد أقربائه المقيم خارج مصر والذي يمتلك حساباً بنكياً يمكنه من دفع المصاريف.
وتُمنح بطاقة الائتمان بشروط وضمانات إضافية مثل ملكية منزل أو عقار يمكن رهنه كضمان للبنك، لأن البنك يسمح لك بالاقتراض، بينما تعتمد بطاقة المدين فقط على ما لديك من مال في حسابك.
وقد فتح هذا الوضع الباب أمام بعض الأشخاص الذين يمتلكون حسابات تخولهم الدفع، لطلب مبالغ مالية مقابل قيامهم بهذه الخطوة لمن يرغب في استخراج جواز السفر.
وعن هذه التكلفة الكبيرة، لفت"الشامي" إلى أن السبب يعود إلى أن تنفيذ جواز السفر يتم من مكتب تابع للنظام في الجزائر، حيث كان رد السفارة عند سؤاله عن الأمر بأن التنفيذ يتم فقط من الجزائر في حين أنه متوقف في سلطنة عمان.
انتقادات واسعة تطال هذه الآلية
رأى سوريون مقيمون في مصر أن الآلية الجديدة تزيد العبء عليهم وهدفها مادي "بحت" لأخذ المزيد من الأموال، حيث بات يكلف جواز السفر أكثر من 450 دولاراً مع تكاليف التوصيل.
وقال رجل من ريف دمشق مقيم في مصر لموقع "تلفزيون سوريا"، فضل عدم الكشف عن هويته، إن المبلغ بات كبيراً جداً ولا قدرة للسوريين، خصوصاً أصحاب الدخل المحدود، على تحمله، فرواتب العمال السوريين تتراوح بين 6 آلاف و14 ألف جنيه مصري في أحسن الأحوال، ما يعني أن تجديد الجواز يتطلب رواتب خمسة أو ستة أشهر للعامل العادي.
في حين وصف أحد الأشخاص على منصة التواصل الاجتماعي "فيس بوك" الوضع بالقول: "جمهورية السرقة والتعفيش، اتركوا الشعب وشأنه، أينما ذهب تلاحقه قوانينكم، كل يوم باب جديد لسرقة الأموال".
وعلق آخر ساخراً: "أريد أن أستخرج 3 جوازات سفر، ألا يوجد دفتر دين لدى السفارة السورية، أو تقسيط لمدة خمس سنوات مثلاً؟".
وكتب أحدهم: "المقطع المصور على منصة التقديم يقول إن الهدف هو تخفيف المصاريف على المواطن... كيف ذلك؟ سابقاً كان استخراجه في القاهرة بتكلفة 300 دولار، وحالياً وصل المبلغ المبدئي إلى 414 دولاراً، دون حساب تكلفة إرسال الجواز القديم والصور والأوراق، وبالتالي يصل المبلغ إلى 525 دولاراً".
واختصر أحدهم الوضع بالقول: "أضعف جواز سفر في العالم، والأكثر تكلفة، والأقل في المدة... ما يحصل غير محتمل".
وزاد آخر: "27 دولاراً كرسوم خدمة النظام الإلكتروني، و43 كعمولة الخدمة، ليصل المجموع إلى 70 دولارًا كرسوم تحت نفس البند مع تغيير التسمية. والسؤال هنا: لماذا تُفرض رسوم خدمة بقيمة 70 دولاراً، في حين أن جميع سفارات العالم تجدد جوازات سفر مواطنيها دون هذا التعقيد؟".
وزاد:" أعطوني مثالاً لسفارة واحدة في العالم تفرض رسوماً على تقديم جواز سفر. وعلاوة على ذلك، فإن جواز السفر لمدة سنتين هو وثيقة شخصية، لا فضل لأحد فيها، وهو حق لكل مواطن أن يستخرجها. يجب إلغاء هذه الرسوم غير المنطقية وتخفيض تكلفة إصدار جواز السفر وزيادة مدة صلاحيته إلى 10 سنوات على الأقل".
السفارة تؤكد العمل بالآلية الجديدة
وأكدت سفارة النظام في القاهرة، أمس الأحد، عبر حسابها في "فيس بوك"، أنها ستستمر في العمل وفق الآلية الجديدة، قائلة: "تذكر سفارة الجمهورية العربية السورية في القاهرة السيدات والسادة من أبناء الجالية السورية بأنها توقفت اعتباراً من تاريخ الأحد 2024/9/1 عن تلقي طلبات جوازات السفر بالدور العادي، حيث سيتم تقديمها حصرياً عبر بوابة المكاتب القنصلية الإلكترونية من خلال الرابط المرفق".
وأضافت: "وتؤكد السفارة هنا على ضرورة الانتباه إلى البريد الإلكتروني الذي سيتم إرساله من قبل البوابة الإلكترونية إلى صاحب الطلب والذي سيحتوي على العنوان البريدي الذي يجب إرسال الوثائق المطلوبة إليه. علمًا بأن السفارة في القاهرة ستستمر في استلام طلبات جوازات السفر المستعجلة وإنجازها للإخوة المواطنين".
ولم توضّح السفارة مصير الأشخاص الذين كان لديهم حجز مسبق قبل هذا القرار، ولكن موعده بعد تاريخ بدء العمل بالآلية الجديدة.
بدورهم، أشار البعض ممن لديهم موعد لتجديد جواز سفرهم، أنهم توجهوا إلى السفارة بالقاهرة وأخبروهم بضرورة التقديم مجددًا عبر الآلية الجديدة من أجل استخراج جوازات سفر لهم.
سوريون يتجهون لحلول بديلة
وفي ظل ما يجري، يبحث السوريون في مصر عن حلول بديلة لاستخراج جواز السفر دون دفع هذه التكاليف، حيث دعا البعض إلى التسجيل في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، والتي تمنح "الكارت الأصفر" الذي يخوّل حامله الحصول على "إقامة لاجئ"، وبالتالي لن يحتاج لحمل جواز السفر خلال إقامته في مصر.
أما الخيار الثاني، فنصح البعض بإرسال الجواز القديم إلى سوريا، وطلب المساعدة من أحد الأقرباء من الدرجة الأولى (في حال وجوده) لاستخراج جواز السفر من مراكز النظام هناك، ما يجعل التكلفة أقل وتنحصر في دفع الأموال للأشخاص الذين سيحملون جواز السفر من سوريا إلى مصر بعد إصداره. حيث تتراوح المبالغ التي يتلقونها بين 500 و1000 جنيه مصري وربما أكثر.
ولفت"عبد الهادي" من الزبداني، لموقع "تلفزيون سوريا"، إلى أنه طلب من والدته استخراج جواز سفر له، لكونها قريبة من الدرجة الأولى، وعند الانتهاء منه أرسلته من سوريا مع إحدى السيدات التي أخذت مبلغ 500 جنيه مصري لقاء ذلك.
وأضاف: "دائماً نجدد جوازات سفري أنا وأبنائي بهذه الطريقة. التكاليف تكون أقل بكثير من مصر ولا تحتاج لحجز دور في السفارة والانتظار لوقت طويل".
ويأتي ذلك في وقت يعيش فيه السوريون في مصر حالة من القلق بعد صدور عدة قرارات ليست بصالحهم، مثل إلغاء العمل بالإقامة السياحية، والتي يحملها نسبة كبيرة منهم، ما دفع البعض لمغادة مصر خوفاً من الإقامة على أراضيها بشكل غير قانوني وتعرضهم للمساءلة، فيما لجأ آحرون لاستخراج إقامة "لاجئ"، بيما يعمل أصحاب الدخل الجيد على استخراج إقامة استثمار أو غيرها.
وتستقبل مصر بحسب الإحصائيات نحو مليون ونصف المليون سوري، توافدوا إليها على مدارس السنوات الـ 13 الأخيرة هرباً من تضييق النظام السوري عليهم، ولكن خلال السنوات الأخيرة أصدرت الحكومة العديد من القرارات التي أدت للتضييق عليهم.