وائل السوّاح

أما الخبز فكان له حكاية أخرى. كان مخبز السلام يقع في الطرف الشرقي من شارع باب هود، متوسطا ما بين بائع الحليب واللحام.

كان من بين مهام الصبي اليومية أعمال لم يكن يحبها، منها شراء البقالة والخضرة والخبز. وكان أشدّ ما يكره شراءَ الحليب وإخراج القمامة ليلا.

انتهى عام 1963 بشروره التي شهدت انقلاب حزب البعث في آذار وخسارة الأب جريدته وانهيار مصروف الصغير اليومي من ثلاثة فرنكات إلى فرنكين.

حين أتى الصغير على الروايات البوليسية والتاريخية التي في مكتبة خالته وجدته، كان عليه أن يجد مصدرا آخر.  في عصر لم يكن فيه التلفزيون أمرا شائعا

إلى جانب المقاهي الشعبية، بدأت تتسلّل إلى المدينة أوائل الستينيات مقاه مختلفة، أصغر حجما، وأقل عددا، وأخفت إضاءة.

من بين ندماء الأب في مقهى الفريال أيضا كان رفيق فاخوري ومحي الدين درويش، الذَين يجمعهما الشعر وحب النحو واللغة ويفرّق بينهما كلّ ما عدا ذلك.

أواخر الخريف في عام 1963، عاد الأب إلى البيت بعد قرابة العشرة أشهر أمضاها في بيروت.  أصدر المسؤولون الجدد في دمشق عفوا خاصّا عن بعض المطلوبين...

كان ثمّة في حياة الصبي نساء أخريات لوّن حياته الطرية بألوان قوس قزح، فباكرا جدّا أحبّ الصبي. في البداية اخترع في خياله بنتا وأحبّها. وسمّاها ليلى...

المرأة الرابعة التي حدّدت مسار الصبي في طفولته وشبابه كانت جدّته أم يوسف. كلّ الجدّات فاتنات، ولكن لكلّ جدّة طريقتها الخاصّة في الفتنة.