قال المجلس الإسلامي السوري إن إلغاء بشار الأسد لمنصب المفتي العام في سوريا هو عدوان على السوريين وهويتهم، من أجل إدخال عناصر أجنبية موالية لإيران، في إطار مشروع ولي الفقيه في المنطقة، داعياً السوريين إلى عدم الاهتمام بقضية شخص المفتي، إنما النية التخريبية لنظام الأسد من إنهاء منصب المفتي العام وما سيترتب عنه.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم المجلس الإسلامي السوري الشيخ مطيع البطين في تصريحات خاصة لموقع "تلفزيون سوريا": إن "إقالة أو إبعاد المفتي العام أحمد بدر الدين حسون الذي كان في خدمة سيده بشار الأسد وأساء لكل السوريين، وساهم من خلال تصريحاته وفتاواه في قتل وتهجير السوريين، تحمل خفايا خطيرة".
وأردف أن "حسون أوراقه مكشوفة لكل السوريين، وهو مستعد أن يحرف القرآن وأن يزور القرآن من أجل أهدافه الشخصية وعلاقته مع السلطة".
اعتداء على هوية السوريين
وأكّد البطين على أن "إلغاء منصب المفتي العام في سوريا هو اعتداء على حقوق السوريين وهويتهم الإسلامية، وهذا المنصب سابق لنظام الأسد، وكان ينتخب انتخاباً من قبل العلماء بناءً على الكفاءة والأهلية، مثل أيام الشيخ الطبيب أبو اليسر عابدين، والشيخ عبد المحسن الأسطواني وحسن حبنكة وغيرهم".
وأضاف أن "المفتي كان له دور هام في الشأن العام، ويفتي وفقاً لما يرتضيه دينه وضميره لا وفق أهواء السلطان، وكانت له كلمة مسموعة لدى الشعب، ورمزية كبيرة لمكانته وطنياً".
وشدد المتحدث باسم المجلس الإسلامي السوري على أن "الهدف الأساس من إلغاء المنصب هو من أجل إدخال عناصر أجنبية موالية لإيران تتبع مشروع الولي الفقيه، وهذه خطوة تسير بسوريا نحو الطائفية والتمزيق والانفصال عن الماضي".
دعم للمشروع الطائفي
ولفت إلى أن المرسوم السابق القاضي بتشكيل المجلس الفقهي التابع لوزارة الأوقاف ينص على أن للوزير الحق في إدخال عناصر سورية أو من جنسيات أخرى للمجلس وهذا يسمح للإيرانيين بدخول المؤسسة، وهذا استهداف للمكون السني في سوريا، خاصة أن عدد الشيعة في سوريا نسبتهم قليلة جداً".
وبيّن أن "إلغاء المنصب له بعد رمزي، ومرتبط بخطة سابقة عملت على تغيير التركيبة السكانية، وتهجير المسلمين على أساس طائفي، وبناء سوريا المتجانسة التي تحدث عنها بشار الأسد".
كما تكمن الخطورة بحسب "البطين" في أن "المرسوم يشمل الحديث عن إدخال القاضي الشرعي إلى المجلس، وهذا له اتصال بقانون الأحوال الشخصية".
ما هو المجس الإسلامي السوري؟
والمجلس الإسلامي السوري، تأسس عام 2014 بديلاً عن المؤسسة الدينية لنظام الأسد، والتي كان لها دور في دعم نظام الأسد بمواقف وفتاوى مستغلة الدين لصالحه.
ويتكون المجلس من 252 عالم دين وداعية إسلامياً يدعمون "الثورة السورية ويسعون لتوحيد الموقف الصادر عن العلماء في الفتاوى والقضايا ذات الشأن السوري العام وأمام الدول والمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية".
وللمجلس مؤسسات ومكاتب تتبع له في المناطق المحررة الخارجة عن سيطرة نظام الأسد، وكان له دور في تشكيل الهيئات والمحاكم في مناطق الشمال السوري.
انقلاب على المفتي
ويوم الإثنين، أصدر رئيس النظام بشار الأسد مرسوماً تشريعياً (رقم 28 لعام 2021) يقضي بـ "تعزيز دور المجلس العلمي الفقهي وتوسيع صلاحياته".
ونصّ المرسوم الجديد على إجراء تعديلات تتعلّق بفقرات ومواد المرسوم 31 لعام 2018 "الناظم لعمل وزارة الأوقاف"، والذي أُعلن فيه عن استحداث "المجلس العلمي الفقهي"، وحدّد القائمين عليه، ودوره وصلاحياته.
ومن أبرز التعديلات التي طرأت على المرسوم السابق، بحسب ما ورد في المادة الأولى من المرسوم الحالي، هو إزالة عضوية "مفتي الجمهورية" من المجلس، وتوكيل المجلس بإدارة المهام التي كانت موكلة للمفتي سابقاً.
كما تم إلغاء (الفصل التاسع) من المرسوم السابق، الذي نصَّ على: "تسمية مفتي الجمهورية وتحديد مهامه واختصاصاته بمرسوم بناء على اقتراح الوزير لمدة ثلاث سنوات قابلة للتمديد".
ومن خلال التعديلات الواردة في المرسوم الجديد، لم يعد لـ "مفتي الجمهورية" أحمد حسون أي دور في المؤسسة الدينية التابعة للنظام في سوريا، بالإضافة إلى أن المرسوم لم يوضّح بصورة مباشرة إن كان منصب "المفتي" سيتم إلغاؤه بالكامل ونقْلُ صلاحياته لـ "المجلس العلمي الفقهي".
ولم يكن هذا المرسوم الذي يجري فيه الأسد تعديلاً في تنظيم عمل وزارة الأوقاف، إذ إنه أصدر في العام 2018 قانوناً منح بموجبه صلاحيات واسعة لوزير الأوقاف، وحدد فيه ولاية مفتي الجمهورية بثلاث سنوات قابلة للتمديد، على أن تتم تسميته بموجب مرسوم بناء على اقتراح الوزير، فيما كان رئيس الجمهورية سابقاً هو من يعين المفتي من دون تحديد مدة ولايته.
وأثار القانون جدلاً عند صدوره ورأى البعض أنه بمنحه صلاحيات واسعة لوزارة الأوقاف فإنه يرسخ سلطة المؤسسات الدينية، فيما يعتقد آخرون أنه يعزز قبضة نظام الأسد على المؤسسة الدينية في سوريا بشكل كامل كما كان منذ عقود.
من هو أحمد حسون؟
أحمد حسون، ثاني مفتي لسوريا في ظل نظام الأسد، حيث سبقه الشيخ أحمد كفتارو في المنصب من الستيينيات حتى وفاته عام 2004، وحسون من مواليد حلب عام 1949، يحمل إجازة في الأدب العربي، ودكتوراه في الفقه الشافعي من جامعة الأزهر.
عين مفتياً لحلب عام 2002، وهو عضو مجلس الافتاء الأعلى في سوريا، وعضو مجلس الشعب للدورتين التشريعيتين السابعة والثامنة، وخطيب في جامع الروضة بحلب.
والمفتي حسون من أبرز المدافعين عن نظام الأسد، ومهاجمي الثورة السورية، له تصريحات كثيرة مثيرة للجدل، منها تهديده أوروبا بإرسال آلاف الانتحاريين لتفجير أنفسهم في مدنها، إضافة إلى اتهامه بتحريف آيات القرآن الكريم وتفسيرها بهدف مدح نظام الأسد.