كشفت رئيسة "محكمة صلح الأحداث المنفردة" في دمشق، رانية الزوكاني، أن هناك زيادة في عدد الدعاوى الخاصة بمحاكمة الأحداث الذين يقومون بجرم التسول والتشرد، مشيرة إلى أن المتسول تصل يوميته إلى نحو 50 ألف ليرة.
وقالت الزوكاني لصحيفة الوطن المقربة من النظام السوري، إن عدد الدعاوى المسجلة في محكمة الأحداث بدمشق بلغ خلال العام الحالي 100 دعوى حتى الآن، بينما سجل العام الماضي 68 دعوى وفي عام 2020 سجلت 62 دعوى.
وأضافت الزوكاني أن الدعوى من الممكن أن تتضمن أكثر من اسم فهناك دعاوى تحتوي على اسمين وأخرى على ثلاثة أسماء أو أربعة أسماء أو خمسة وأحياناً أكثر من ذلك وبالتالي فإن عدد الأحداث المتسولين أكثر من عدد الدعاوى بحكم أن هناك العديد من الدعاوى تتضمن أكثر من اسم.
أعمار المتسولين بين 12 إلى 15 سنة
وأكدت أن نحو 20 في المئة من الأحداث المتسولين هم إناث، مشيرة إلى أن معظم المتسولين الأحداث تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 15 سنة، مع العلم أن هناك أحداثاً تحت سن عشر سنوات إلا أن هؤلاء الأطفال الذين تحت العاشرة لا تجري ملاحقتهم بل يوضعون في مركز الإيداع حتى يتم تسليمهم لذويهم.
وأوضحت أن معظم الأحداث الذين تم استجوابهم في المحكمة هم مكتومو القيد ولا يحملون إلا بطاقة تعريف بهم فقط أي إن ذويهم لم يسجلوهم في الأحوال المدنية.
يومية المتسول تصل إلى 50 ألف ليرة
وأشارت إلى أنه خلال استجوابها للأحداث فإن كثيرا منهم يحصل على ما بين 30 إلى 50 ألفاً يومياً لذلك فإنهم يجدونها الطريق الأسهل للحصول على المال.
وأضافت أن هناك أحداثاً فقدوا والديهم ما دفعهم ذلك إلى التسول وأن آخرين هربوا من منزل والديهم إلى الشوارع من أجل التسول، مشيرة إلى أن معظم الحالات هي لأحداث امتهنوا هذه المهنة بدافع من أهلهم.
انتشار ظاهرة تعاطي "الشعلة" بين الأطفال المتسولين
أكدت أن معظم المتسولين والمتشردين يرد في ضبطهم أنهم يتعاطون مادة الشعلة إلا أن هذه المادة غير معاقب عليها في القانون باعتبار أنها مادة غير مجرمة على الرغم من أنها مادة خطيرة على جهازهم التنفسي، كما أن معظم الأحداث المتسولين غير ملتحقين بالمدارس لأن هؤلاء بالأساس هم مكتومو القيد وبالتالي هذا يحتاج إلى جهد كبير في معالجة هذه الظاهرة.
قصص مؤلمة من عالم التسول
وذكرت الزوكاني حالتين من الحالات الغريبة التي وردت إلى المحكمة الأولى أنه ورد إلى المحكمة طفلان شقيقان أحدهما أتم العاشرة والثاني ما دون ذلك في أثناء الحديث معهما تبين أنهما كانا يعيشان مع والدتهما في لبنان إلا أن والدتهما جلبتهما إلى كراج السومرية وتركتهما في الكراج ليواجها مصيرهما وحدهما ما دفعهما إلى التسول، مؤكدة أنها أودعتهما في دار الرعاية.
والحالة الغريبة الثانية أنه كان هناك شقيقان دائماً تكرر ارتكابهما لجرم التسول وكل فترة يتم إحضارهما إلى المحكمة إلا أنه مؤخراً تم جلب أحدهما من دون الآخر وعند سؤاله عن شقيقه الثاني أخبرها أنه توفي بحادث سير، مشيرة إلى أن الموقف كان مؤثراً.
وتعد ظاهرة التسول، التي ساعد النظام السوري في انتشارها نتيجة تهجير مئات الآلاف عن مدنهم وقراهم، إحدى "أعقد" المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها الشارع السوري، كما يعد الفقر والعوز خاصة مع فقدان السلع الأساسية وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وندرة فرص العمل وانخفاض الرواتب عاملاً أساسياً في ازدياد هذه الظاهرة.