icon
التغطية الحية

معهد إسرائيلي: يجب دعم الأسد بعد انتصاره "الفارغ" لإبعاد إيران والتعامل مع سوريا

2022.04.17 | 06:00 دمشق

ab26f20_101753454-ap-18202488318395.jpg
جانب من الدمار في سوريا ولافتة تمجد الأسد (AP)
ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

تحدث تقرير لـ "معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي" (INSS) عن أهمية الوضع الحالي "المأزوم" في سوريا بالنسبة لإسرائيل، الذي يشكل فرصة لإسرائيل للتأثير على تشكيلها واستقرارها.

وجاء في التقرير الذي نشره المعهد، الخميس 13 نيسان 2022، انتهت "الحرب الأهلية" في سوريا بعد 11 عاماً بخسارة فادحة للمعارضة السورية و"نصر أجوف" لبشار الأسد، من دون سيطرة فعلية على جميع أنحاء سوريا.

وأشار التقرير إلى أن سوريا أصبحت منقسمة وتخضع تحت سيطرة قوى أجنبية، وتعاني من أزمة اقتصادية وإنسانية حادة، تشكل هذه الفترة الانتقالية فرصة سانحة لتل أبيب للعب دور في تشكيلها واستقرارها.

وأوصى التقرير بوجوب استمرار الضربات الجوية داخل سوريا لمنع التموضع الإيراني، لأنها تعطي ذريعة للأسد لإخراج الإيرانيين من سوريا مع الحفاظ على آلية التنسيق مع الروس.

وأشار التقرير إلى أن إيران تستغل الحرب في أوكرانيا لتوسيع نفوذها على حساب النفوذ الروسي.

كما أوصى التقرير بالتعامل مع سوريا المنقسمة وإقامة علاقات خاصة مع الحلفاء المحليين المحتملين، لا سيما "الأكراد في شمال شرقي البلاد والدروز في الجنوب".

وأشاد التقرير بالتجربة "الكردية" في شمالي غربي سوريا في إنشاء منطقة حكم ذاتي وإدارة ناجحة لا تخلو من الفساد.

التقرير كتبه جوني عيسى (باحث) وعيدان كدوري (مساعدة باحث)، وترجمه موقع "تلفزيون سوريا" كاملاً:

 

11 عاما من الحرب في سوريا - ماذا تتوقع؟

في آذار الماضي صادف مرور 11 عاماً من "الحرب الأهلية"، انتهت بخسارة فادحة للمعارضة السورية و"نصر أجوف" لبشار الأسد، من دون سيطرة فعلية على جميع أنحاء سوريا.

مع ذلك هناك عوامل وأزمات ستؤثر على استقرار الدولة، فالحرب غيرت وجه سوريا، البلاد مقسمة إلى أربع مناطق وكل منطقة تخضع لسيطرة القوات الأجنبية، وهناك أزمة اقتصادية ولا حل يلوح في الأفق، والوضع الإنساني فيها خطير، اللاجئون الذين فروا منها أعدادهم كبيرة وكذلك النازحون داخلها، اللاعبون الأجانب أسسوا لوجود طويل الأمد، والبلاد في حالة توتر بين مساعي نظام الأسد لتطبيع العلاقات مع الدول العربية والعلاقات مع إيران.

ويركز هذا التقرير على أهمية الوضع الحالي في سوريا بالنسبة لإسرائيل، وأهم نقطة هي استمرار الضربات الجوية، مع الحفاظ على آلية التنسيق مع روسيا، إضافة إلى بذل جهود لإقامة خاصة مع الحلفاء المحليين المحتملين في سوريا.

سوريا كدولة مقسمة

انتهت الحرب ببقاء نظام الأسد وانتصار التحالف الموالي للأسد بمساعدة روسيا وإيران، واستعاد الأسد السيطرة على نحو 60٪ فقط من سوريا ونحو نصف سكانها. أما في المناطق الخارجة عن سيطرته تم إنشاء كيانات سياسية شبه مستقلة.

وبقيت سوريا بحكم الأمر الواقع مقسمة إلى أربع مناطق: أراضي النظام، جيب "الحكم الذاتي الكردي"، والأراضي التي تسيطر عليها تركيا في الشمال، ومنطقة إدلب التي يسيطر عليها المتمردون.

ويبدو أن الانقسام سيستمر طالما لا توجد قوة وحل سياسي يعيد توحيد البلاد، وسيادة الأسد على كل الأراضي السورية ستبقى "فارغة"، من دون حكم كاسح فعلي.

من الحرب إلى الأزمة الاجتماعية والاقتصادية

أدى عقد وأكثر من الحرب إلى أزمة اقتصادية حادة وغير مسبوقة. ويقدر الانكماش الاقتصادي بنحو 300 مليار دولار، مع انخفاض بنسبة 40% في الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع كبير في التضخم، مما أدى إلى تآكل القوة الشرائية للمواطنين.

وركزت السياسة الاقتصادية، خلال الحرب، على حماية النظام والحفاظ على القدرة القتالية لقواته.

وأصبحت عائدات النفط والضرائب هامشية، كما تسببت الإدارة الاقتصادية الفاشلة في انهيار شبه كامل للاقتصاد.

كما تشكل عوامل، عدم وجود حل سياسي واتفاق بين الجماعات العرقية المختلفة فيما يتعلق بمستقبل سوريا، و"قانون عقوبات قيصر" الذي سنته الإدارة الأميركية، عائقاً كبيراً للتجارة والاستثمار وإعادة الإعمار.

أزمة إنسانية

أدت الحرب إلى أزمة إنسانية خطيرة للغاية، حيث يعيش 90% من السكان تحت خط الفقر؛ 11 مليون سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية بسبب النقص الحاد في الغذاء والمياه، فضلاً عن انهيار النظام الصحي.

لا يلبي برنامج المساعدة التابع للأمم المتحدة سوى 46% من الاحتياجات الإنسانية، وتشكل الأزمة الإنسانية المتفاقمة معضلة للدول والحلفاء والدول الغربية التي تعارض النظام، أولاً من ناحية، التطلع إلى تحسين أوضاع المواطنين السوريين، ومن ناحية أخرى للإطاحة بالنظام عبر استمرار العقوبات الاقتصادية.

اللاجئون

لجأ 8 ملايين سوري إلى الأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر وأوروبا، دليل على تأثير الأزمة في سوريا خارج حدود البلاد، بينما عاد نحو 300 ألف لاجئ فقط إلى سوريا، تأثر استيعاب اللاجئين السوريين في البلدان المضيفة، خاصة في الأردن وتركيا ولبنان، والتوازن الديموغرافي، فضلاً عن الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأمني.

واليوم، مع توقف الأعمال القتالية، هناك تحول ملحوظ من اللجوء إلى الهجرة السلبية - يقف السوريون في طوابير طويلة لإصدار جواز سفر يسمح لهم بمغادرة البلاد.

تجدد الاحتجاجات العامة

على الرغم من أن الحرب قد حُسمت بانتصار الأسد، إلا أن الاحتجاجات لا تزال تُسمع في جميع أنحاء البلاد وخاصة في الجنوب، نظراً للظروف المعيشية الصعبة.

في شباط الماضي، اندلعت احتجاجات من جديد في محافظة درعا بسبب الفقر المدقع الذي تفاقم على مدى سنوات، وللتخفيف من غلاء المعيشة. كان من بين المشاركين في المظاهرات أعضاء من الطائفة الدرزية، الذين يشعرون بالقلق، من بين أمور أخرى، رغبة أهالي الجنوب الذي يرون كيف إيران تسيطر علة منطقتهم ويدعون إسرائيل للمساعدة في طردها. يبدو أن الاحتجاجات، التي غالباً ما تندلع تعطي إحياء على المستوى المحلي بعدم الاستقرار والإحباط العام.

إعادة تأهيل الجيش السوري والأسلحة الكيماوية

قبل الحرب كانت إسرائيل تشكل التهديد الرئيسي لقوات النظام، الذي بنى عقيدته القتالية وفق ذلك، بما في ذلك بناء القدرات الكيماوية، ولكن مع اندلاع "الحرب"، أصبح الصراع الداخلي وخطر استقرار النظام تهديداً مرجعياً لعقيدة الجيش الذي تحولت مهمة لحماية النظام.

واستخدم السلاح الكيماوي في شن هجمات على المدنيين في الغوطة الشرقية بأطراف دمشق عام 2013.

وبدأت في السنوات الأخيرة عملية إعادة بناء القوة العسكرية لجيش النظام بدعم من روسيا وإيران، مع تسليح رئيسي ضد إسرائيل عبر تعزيز الدفاعات الجوية من روسيا وإيران، للحد من ضرباتها الجوية.

كما تشير تقارير، مؤخراً، عن تجديد بناء القدرات الكيميائية، ويمكن الافتراض أن الجيش السوري سيستمر في تحسين قدراته العسكرية لخلق معادلة ردع جديدة ضد إسرائيل.

الوضع الإقليمي لسوريا

مع اندلاع الحرب، قطعت معظم دول العالم، بما في ذلك العالم العربي، العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، لكن هناك رياح التغيير تهب في الآونة الأخيرة.

كانت الإمارات العربية المتحدة رائدة من بين الدول العربية، وفي عام 2018 تم تجديد علاقاتها مع دمشق، وبعد ذلك تجددت العلاقات بين دمشق ومصر. وفي حزيران 2021، زار العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني دمشق، وبعد ذلك افتتحت البحرين سفارتها بدمشق وزار الأسد دولة الإمارات العربية المتحدة. وتطمح هذه الجهود في إعادة سوريا إلى حضن الوطن العربي، لتقليص نفوذ طهران على الأسد وتعويضه، وإنشاء محور ضد إيران وكذلك ضد تركيا.

التموضع الإيراني في سوريا

من ناحية أخرى، يقوض الوجود الإيراني رغبة نظام الأسد في استعادة سيادته الكاملة على البلاد، ويعطي إسرائيل ذريعة الاستمرار في تنفيذ الضربات الجوية ويمنع الحصول على دعم دول الخليج. من ناحية أخرى، يدين الأسد للعديد من الإيرانيين بالدعم والمساعدات التي قدموها له خلال سنوات الحرب، وهو غير قادر على سداد الدين المالي لإيران، والذي يبلغ 17 مليار دولار. على الرغم من أن الإيرانيين قلصوا في السنوات الأخيرة من حجم الوجود العسكري، إلا أنهم ما زالوا يعتمدون على الميليشيات السورية المحلية الخاضعة لسيطرتهم ويوسعون عملياتهم في محافظة حلب وشرقي دمشق وفي الحدود الشرقية مع العراق.

الحكم الذاتي "الكردي"

على مر السنين، عمل "الأكراد" في بيئة معقدة – المواجهات الدامية مع داعش والتعامل مع الهجمات من الجانب التركي، إلى جانب محاولات الحصول على اعتراف دولي. ومنطقة الحكم الذاتي الكردي مستقرة نسبياً وتتلقى الدعم والمساعدة من الولايات المتحدة. في تلك السنوات، تحسنت مكانة "الأكراد"، وتحولوا من فئة تعاني من التمييز في المجتمع السوري والاضطهاد في ظل النظام، إلى مجموعة مسيطرة تدير نظام حكم ذاتياً مستقلاً، يضم نحو 3 ملايين سوري. ومع ذلك، فإن الحكم الذاتي ليس بمنأى عن الأزمة الاقتصادية الحادة، إلى جانب النقد العام للفساد وسوء الإدارة.

تنافس النفوذ بين إيران وروسيا

على الرغم من أنه لا يزال من السابق لأوانه إجراء تقييم كامل لعواقب الحرب في أوكرانيا على سوريا، يبدو أنها ستشمل تقليص الموارد التي تستثمرها روسيا في الحفاظ على الاستقرار في سوريا. علاوة على ذلك، فإن طرد روسيا من الساحة الدولية وحتى عزلها من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد يقوض شرعيتها في تعزيز التسوية السياسية والإصلاحات في سوريا، لكن مكانة إيران الدولية والإقليمية تتعزز، والاتفاق النووي سيعززها اقتصادياً ودبلوماسياً، الأمر الذي قد يوسع نفوذها في سوريا على حساب النفوذ الروسي.

السياسة الأميركية

ركزت الولايات المتحدة لعد سنوات على محاربة "داعش" وقيادة تحالف دولي لهزيمة تنظيم "الدولة"، وبدرجة أقل في "الحرب الأهلية"، مع فرض عقوبات على نظام الأسد مع عدم الاعتراف به.

وإدارة بايدن تدين عمليات التطبيع بين الدول العربية والنظام في دمشق، لكنها لا تعمل على منعها، وذلك استمراراً للضعف الذي اتسمت به استجابة الولايات المتحدة والغرب للحرب في سوريا، وتراخي الجهود لإنهائها، وهو ما يعزوه البعض إلى تغيير الأولويات الأميركية.