تحدثت دراسة إسرائيلية عن خطة إعادة بناء جيش النظام السوري، والتنافس الروسي والإيراني للتأثير على إعادة هيكلته العسكرية وسلاحه وعقيدته القتالية، وتداعيات هذه الخطة على إسرائيل التي لم تعد البوصلة التي أسس عليها الجيش في سوريا خلال العقود الماضية.
ونشر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، التابع لجامعة تل أبيب، دراسة بعنوان "ترميم الجيش السوري.. والتداعيات الإسرائيلية"، موضحة زوال خطر جيش النظام بالنسبة لإسرائيل.
وذكرت الدراسة، التي ترجمها "تلفزيون سوريا"، أن العقيدة القتالية لجيش النظام تغيرت، من جيش عقائدي يحمي الحدود ومصمم لمواجهة إسرائيل إلى أداة بيد النظام لتثبيت الحكم في إخماد مناطق الاحتجاج.
وتصف الدراسة الجيش في سوريا بأنه "صورة طبق الأصل عن النظام، الذي تقوضت صلاحياته وسلطته نتيجة الحرب، ويعتمد على روسيا وإيران".
ويعتبر معهد دراسات الأمن القومي، من أشهر مراكز الدراسات في إسرائيل، مقره في تل أبيب، يرسم السياسات والاستراتيجيات التي تعبر عن الرواية المركزية للسلطة السياسية والعسكرية في إسرائيل، ويضم بين طواقمه وباحثيه شخصيات عسكرية بارزة، أشهرها مدير المعهد السابق عاموس يادلين (رئيس جهاز المخابرات العسكرية السابق "آمان").
وبالرغم من أن الدراسة تثبت حدوث تحول في استراتيجية تركيبة الجيش وعقيدته القتالية، وبأنه ليس مصمم لخوض حروب خارجية ضد جيوش نظامية، إلا أنها تحذر من تأسيس إيران وميليشياتها لموضع قدم بالقرب من الحدود الإسرائيلية.
سلاح المشاة.. وحدات تدخل سريع
في أواخر عام 2017، ومع تضاؤل الأعمال الحربية في سوريا واستقرار ميزان القوى نوعاً ما، بدأت جهود بناء القوة العسكرية برعاية روسية، وتسارعت وتيرتها في آذار/ مارس 2020 بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع فصائل المعارضة في إدلب، الأمر الذي حوّل الاهتمام من القتال إلى إعادة ترميم الجيش.
وتركز جهود بناء القوة العسكرية، في الوقت الراهن، على إنشاء وتدريب وحدات قتالية للسيطرة على البلاد والحفاظ عليها، وحدات لديها قدرة عالية في الحركة والتنقل لقمع أي احتجاج وإعادة السيطرة على الأراضي، إضافة لاستيعاب ودمج الميليشيات وفصائل المعارضة في صفوفه.
وتشمل خطة الترميم جوانب، الهيكل والتنظيم حيث يعمل الروس على توسيع نطاق القيادة والسيطرة لوحدات جيش النظام ومختلف الأجهزة الأمنية، من أجل إعادة حصر استخدام القوة بمؤسسة الجيش.
إضافة لزيادة عمليات التجنيد بعد انخفاض معدلاتها، والتدريب لزيادة الكفاءة القتالية، وبناء قدرات الدفاع الجوي، والقدرات الهجومية، وصياغة عقيدة قتالية جديدة قائمة على بناء جيش مهمته السيطرة على البلاد وإخماد مناطق الاحتجاج مع تخفيض أولوية خوض الحروب الخارجية.
الدفاع الجوي
تذهب الدراسة الإسرائيلية إلى أن أهم الجوانب في عمليات الترميم للقوة العسكرية نبعت من ضرورة عملياتية لتعزيز قدرات الدفاع الجوي للتصدي للغارات التي تشنها إسرائيل.
يساعد الروس نظام الأسد في إعادة تأهيل منظومات الدفاع الجوي، من خلال دمج وتشغيل أسلحة متطورة ومنظومات صواريخ أرض جو قادرة على اعتراض القنابل الموجهة التي تُطلق من مسافة بعيدة.
وأشارت الدراسة إلى أن موسكو ترفض تسليم منظومة "إس 300" و"إس 400" الروسية للنظام، لأنها تشكل تهديداً لطائرات سلاح الجو الإسرائيلي.
بدورها إيران، نقلت بشكل معلن منظومات دفاع جوي متطورة إلى سوريا، شملت صواريخ أرض جو من طراز "بافار 373" بعيدة المدى (250 كم)؛ وهي تحديث إيراني لمنظومة الـ "إس 300" الروسية، ومنظومة صواريخ "خورداد 3" (Khordad-3)؛ أرض جو متوسطة المدى (50-75 كم).
التنافس الروسي الإيراني
بحسب الدراسة، كان لروسيا تأثير أكبر من إيران في عمليات بناء القوة العسكرية لجيش النظام وتشغيله على المستوى الاستراتيجي والعملياتي، ومنذ بداية تدخلها العسكري في سوريا في عام 2015، أنشأت روسيا قاعدة "حميميم" في ريف اللاذقية التي حلت محل "هيئة الأركان" التابعة للنظام.
وفرضت روسيا بنية تحكم متجذرة في سوريا، تضمن مشاركة ضباطها ومستشاريها في كل جانب من جوانب القتال في البلاد تقريباً، حتى في طريقة استخدام منظومات الأسلحة في ساحة المعركة.
في المقابل، تعمل إيران إضافة لـ "حزب الله" اللبناني على كسب نفوذ في عملية بناء الجيش في سوريا أيضاً، عبر نشر وتعزيز قدراتهما الهجومية في سوريا، من صواريخ أرض - أرض والطائرات من دون طيار، ومن خلال مشاركة الميليشيات الشيعية التابعة لها في القتال إلى جانب وحدات جيش النظام في المعارك.
وتركز إيران وحزب الله في الدرجة الأولى على الفيلق الأول في جيش النظام، المسؤول عن المنطقة الجنوبية الغربية والجبهة ضد إسرائيل، إضافة لاستغلال الظروف المعيشية الصعبة في الجنوب لتجنيد مقاتلين جدد.
وأشارت الدراسة الى التعيينات العسكرية الأخيرة التي نفذها بشار الأسد بعد الانتخابات الرئاسية، بطلب من روسيا، وشملت نحو 20 منصباً رفيعاً.
وأوردت الدراسة أن موسكو تسعى لتعزيز وترقية الضباط العلويين لأنهم يدينون لها بالولاء وليس لإيران، موضحة ان نسبة الضباط العلويين في المناصب الرفيعة بالجيش تصل إلى 82 بالمئة مقابل 14 بالمئة للضباط السنة.
ولفت الدراسة إلى أن النفوذ الإيراني يتقلص بشكل أساسي في مناطق الجبهة مع إسرائيل، بسبب نقص الموارد والمنع الروسي.
التوصيات
أوصت الدراسة بأن على إسرائيل أن تكون يقظة فيما يتعلق بالقدرات الكيماوية التي يعمل نظام الأسد على تجديد ترسانته بمساعدة إيرانية، إضافة للاستمرار في ممارسة الضغط السياسي على موسكو لمنع تسليم بطاريات صواريخ أرض - جو متطورة لقوات النظام، وعلى الأقل الاشتراط على النظام بعدم استخدامها في مهاجمة سلاح الجو الإسرائيلي.
وبالتوازي مع محاربة الوجود الإيراني، يجب على إسرائيل تعزيز التعاون مع السكان المحليين الذين يعارضون الوجود الشيعي في هذه المنطقة وقد يكونون قوة موازنًا لجهود التموضع الإيراني.
لقراءة الدراسة الأصلية كاملة، مترجمة إلى اللغة العربية: