icon
التغطية الحية

مخالفات بالملايين.. بلدية جبلة تلاحق بسطات الفقراء وتترك "المدعومين"

2023.01.24 | 06:28 دمشق

موقف سرافيس في اللاذقية - جبلة (فيس بوك)
اللاذقية ـ حسام جبلاوي
+A
حجم الخط
-A

على طول شارع الملعب البلدي في مدينة جبلة جنوب اللاذقية وصولا إلى شارع المركز الثقافي والكراجات الجديدة وحتى السوق المقبي في المدينة، تنتشر بسطات صغيرة قوام بعضها بطانيات قديمة وبعض البضائع الرخيصة الثمن، التي يعتاش عليها رجال تبدو على وجوههم معالم الفقر، وبضائعهم بسيطة بعضها لا يتجاوز ملابس داخلية وجوارب.

ورغم مخالفتها للقوانين وإعاقة بعضها لطرق المشاة إلا أن هذه البسطات غزت شوارع المدينة خلال الأعوام الأخيرة حيث تتنوع بضائعها بين مواد الإغاثة والملابس البالية وألعاب الأطفال في حين يبيع بعضها الخضار والفاكهة.

في حين شكلت سيارات "السوزوكي" طريقة أخرى لعرض منتجات البائعين في شوارع المدينة وباتت بالإضافة إلى العربات الجوالة مصدر رزق لعشرات العائلات.

حملة أمنية ضد بسطات اللاذقية

لكن ومنذ بداية العام الحالي بدأ مجلس بلدية جبلة حملة أمنية واسعة ضد هذه البسطات والسيارات وصودر العشرات منها وفرض غرامات باهظة على أصحابها، فيما اتهمت مصادر أهلية في المدينة مجلس البلدية باتباع سياسة الجباية وجمع الأموال فقط من أصحاب هؤلاء البسطات من دون تقديم أي حلول لهم أو مساعدتهم بتخصيص أماكن عمل بديلة تعينهم على تحصيل رزقهم.

اقرأ أيضا: مداهمات وإتاوات تفاقم خسائر محال وبسطات البالة في دمشق    

أبو خالد وهو صاحب بسطة (سوزوكي) يعرض بضائعه في زاوية عند مدخل كراجات جبلة الجديد قال لموقع تلفزيون سوريا: "لقد قطعوا رزقي وأوقفوني عن العمل، ماذا فعلت لهم، وأي جريمة اقترفت، كل مافعلته هو أنني أقف في زاوية لا أضايق أحدا لكي أبيع مثلي مثل كثيرين هنا، هل هي جريمة أن أقف وأبيع بسيارتي!؟".

وأضاف: "حجزوا سيارتي وحررت مخالفة لي بمبلغ خمسة ملايين ليرة.. هل هذا منطقي؟ لو كنت أملك هذا المبلغ لاستأجرت دكانا وارتحت من البرد.. لا هم لهم إلا جمع الأموال من الفقراء بينما تترك المخالفات الكبيرة من دون أي مخالفة".

النظام يخالف الفقراء

بدوره أكد الناشط الإعلامي في مدينة جبلة أبو يوسف جبلاوي لموقع تلفزيون سوريا أن بلدية جبلة شنت حملة أمنية واسعة ضد البسطات وتراوحت قيمة المخالفات بين 5 و 10 ملايين ليرة على كل بائع، هذا عدا مصادرة البضائع وحجز السيارات الأمر الذي أثار ضجة كبيرة في المدينة بسبب ارتفاع قيمة المخالفات وعدم وجود إنذارات سابقة للمخالفين.

وأردف أنه على بعد أمتار من الملعب البلدي حيث صودرت عشرات البسطات للفقراء توجد أبنية ومنازل في حي النقعة تم بناؤها بشكل مخالف من دون ترخيص، وتساءل: "لماذا لم يتجرأ موظفو البلدية على الاقتراب منها؟ هل لأن أصحابها من أصحاب النفوذ، أو من الذين يدفعون الرشى؟".

ورأى جبلاوي أن البلدية عندما تقمع المخالفات عليها أن لا تستقوي فقط على هؤلاء الفقراء من ذوي الدخل المحدود في مثل هذه الظروف لأنه في الوقت ذاته الأمر لايقتصر على هذه المخالفات، فلم يبق رصيف ولاحديقة باللاذقية إلا وتم استثمارها ووضع فيها أكشاك وكراس وطاولات وكلها مخالفة ويراها الأعمى لكن لا أحد يحرك ساكنا".

وختم بالقول: "لو كان همهم بالفعل المنظر العام لما منحوا عشرات التراخيص على الكورنيش البحري وتقاضوا الآلاف حيث لم يعد يرى البحر من كثرتها وهي مرخصة من قبلهم. كما منحت البلدية عشرات المقاهي تراخيص بعضها مخالف وعلى مواقع آثرية وأخرى شيدت على البحر مباشرة أين كانت البلدية من كل ما يحصل؟".

ما علاقة تجار في اللاذقية بإزالة البسطات؟

من جانب آخر كشف موظف في مجلس بلدية جبلة (اشترط عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية) أن سبب الحملة الأخيرة يعود لشكاوى قدمها عدد من تجار المدينة بسبب إعاقة هذه البسطات لعملهم وكثرتها.

وأضاف أن هناك مشروعا لتخصيص ساحة عامة لإقامة سوق شعبي تمنح فيه الأولوية لأصحاب هذه البسطات، ونفى في الوقت ذاته ازدواجية تعامل البلدية مع المخالفات.

وحول أسباب ارتفاع قيمة المخالفات بهذا الشكل أجاب المصدر أن قيمة المخالفة تحدد قانونا بحسب مساحة الإشغال على أساس رسم الاشغال المحدد ولمدة سنة مالية يوميا وفق المساحة الفعلية المشغلة إضافة لغرامة مالية للمخالفة الواحدة.

وأوضح أن أصحاب المخالفات مضطرون لدفع المخالفة المالية لأنه ستتم إحالة جميع الضبوط التي تعذر تحصيلها من قبل دائرة الخدمات المختصة إلى مديرية الشؤون المالية لتقوم بالتحصيل وفق قانون جباية الأموال حسب الأصول وعن طريق جابي الدائرة.

الوقت غير مناسب:

بدوره قال أيمن (45 عاما) وهو صاحب سوزوكي لبيع الخضار من سكان المدينة لموقع تلفزيون سوريا إن المشكلة ليست بالقانون بل بطريقة تنفيذه.

وأوضح: "الناس ينازعون لتأمين لقمة عيشهم هل انتهت مشكلات البلد وبقي الأمر فقط لجمال المنظر وإشغال الشارع؟ هل حلت مشكلات المحروقات والنظافة والكهرباء والماء والشوارع حتى باتت لقمة الفقير هي ما تنغص الحال؟". 

وأضاف الرجل الأربعيني:"ابني في الخدمة العسكرية منذ 5 أعوام لا معين لي.. توقفت عن العمل منذ بدء هذه الحملة خوفا من المخالفة ماذا سأعمل بعد الآن؟".

يشار إلى أن مخالفات البناء والمحلات التجارية لم تشملها الحملة الأخيرة واقتصرت فقط على البسطات رغم أن مدينة جبلة تمتلئ بهذه المخالفات بحسب ما أكدت مصادر محلية في المدينة لموقع تلفزيون سوريا.