ملخص:
- صعد اليمين الهولندي المتطرف من تحريضه ضد اللاجئين السوريين بعد حادثة طعن في ألمانيا.
- أحزاب الائتلاف اليميني الهولندي تسعى لتصنيف بعض مناطق سوريا كـ"مناطق آمنة" لإعادة اللاجئين.
- حزب "الحرية" المتطرف يطالب بوقف منح تصاريح الإقامة للسوريين وإعادتهم إلى سوريا.
- أحزاب يمينية أخرى تدعم إعادة اللاجئين إلى سوريا إذا تبين أن أجزاء منها آمنة.
- هناك انتظار لتقييم حكومي جديد حول الوضع الأمني في سوريا، وقد يتم الإعلان عنه في نهاية العام.
- إعلان "أزمة لجوء" في هولندا بهدف تمرير قوانين جديدة للحد من تدفق اللاجئين.
- مظاهرة نظمت في أوتريخت من قبل اللاجئين السوريين رفضاً لتصنيف سوريا كـ"مناطق آمنة".
صعّد اليمين الهولندي المتطرف مؤخراً من تحريضه ضد اللاجئين السوريين مستغلاً حادثة طعن لاجئ سوري لثلاثة مواطنين ألمان في زولينغن شرقي ألمانيا وسط مساع لتصنيف "مناطق آمنة" في سوريا والإعلان عن "أزمة لجوء" بهولندا بهدف الحد من تدفق اللاجئين الأمر الذي أثار مخاوف وقلق السوريين الذين هربوا من الحرب بحثاً عن الأمان.
وفي التفاصيل، تسعى أحزاب الائتلاف اليميني الحاكم للتحقُق فيما إذا كان من الممكن إعلان أجزاء من سوريا "آمنة" لإعادة اللاجئين السوريين وذلك بعد مطالبة رئيس حزب الحرية اليميني المتطرف خيرت فيلدرز بذلك، وفق ما ذكرت وسائل إعلام هولندية.
ويشكل السوريون النسبة الأكبر من عدد طالبي اللجوء في هولندا ومعظمهم يحصلون على الإقامة لأن بلدهم "غير آمن" بناء على تقييم وزارة الخارجية الهولندية الأخير.
ويقول النائب البرلماني عن حزب "عقد اجتماعي جديد"، ديدريك بومسما، إن "هناك إشارات إلى وجود أجزاء آمنة في سوريا بدرجة كافية"، مضيفاً أنه "سنرفع ذلك بالتأكيد إلى الحكومة".
وجاء رد بومسما على تصريح زعيم حزب "الحرية" المتطرف، خيرت فيلدرز، الذي يريد إجراء نقاش حول عودة السوريين خلال اجتماعات البرلمان الشهر المقبل، ويريد من هولندا أن تعلن أن سوريا "جزئياً" آمنة وأن هولندا لن تمنح السوريين، من حيث المبدأ، تصريح إقامة بعد الآن.
وأما بومسما، الذي يعتبر أقل تشدداً من فيلدرز، لكن مجموعته في البرلمان تشير إلى أنه إذا كانت أجزاء من البلاد آمنة، فيمكن لبعض اللاجئين العودة "إذا كانت هناك علامات تشير إلى أن الناس يمكنهم العيش هناك بأمان مرة أخرى، فلن يعودوا مؤهلين للحماية (..) علينا أن نكون صارمين بشأن من نسمح له باللجوء في بلادنا".
بدوره، يعتقد حزب "الفلاحين"، شريك الائتلاف الحاكم، أنه من المنطقي ألا يحصل طالبو اللجوء القادمون من البلدان أو المناطق الآمنة على تصريح إقامة، وفق صحيفة "تراو" الهولندية.
وتقول كلوديا فان زانتن، عضو البرلمان عن حزب "الفلاحين" إن "المعاهدات الدولية تنص على إمكانية إعادة اللاجئين إلى مناطق آمنة، لذلك نحن ننظر أيضاً إلى ما تفعله الدول الأوروبية الأخرى".
وتشير فان زانتن بذلك إلى حكم أصدرته محكمة مونستر الشهر الماضي بأن أجزاء من سوريا "آمنة" بما يكفي لعودة طالبي اللجوء، وتقول فان زانتن "نحن مهتمون بما ستقوله حكومتنا حول هذا الأمر".
من جانبه، يريد حزب "الشعب" المشارك بـ"الائتلاف الحاكم" انتظار التقييم الحكومي حول الأمن في سوريا قبل الإدلاء بأي تصريحات حول ما إذا كان سيتم إعادة اللاجئين السوريين أم لا.
ويشير الحزب إلى أنه كان هناك نقاش في مجلس النواب لبعض الوقت حول إعلان "مناطق آمنة" بدلاً من دول بأكملها وهو أيضاً جزء من الاتفاقية الرئيسية للائتلاف المكون من حزب "الحرية" وحزب "عقد اجتماعي جديد"، وحزب "الفلاحين"، وحزب "الشعب"، والتي تنص على أن مفهوم البلد الآمن سيتم توسيعه ليشمل "الأجزاء الآمنة من البلدان".
"التقييم الجديد يستغرق وقتاً"
ويتوقع حزب "الشعب" صدور التقرير الرسمي الجديد عن الوضع في سوريا هذا الخريف، لكن مصادر في لاهاي تقول إن "الأمر سيستغرق وقتاً أطول. إنها عملية دقيقة، وتستند إلى معلومات من سفارتنا والمصادر المحلية"، وفق صحيفة "تراو" الهولندية.
ويقول وزير الخارجية الهولندية كاسبار فيلدكامب إن التقييم الجديد لسوريا لن يكون متاحاً في يوم الميزانية ويتحدث عن نهاية هذا العام أو بداية العام المقبل "هذه الأنواع من الأشياء تتم دائماً بعناية كبيرة".
وفي "يوم الميزانية"، في 17 أيلول الجاري، ستطرح الحكومة الجديدة خططها وسياساتها المالية والضريبية إضافة إلى خطط أخرى للعام القادم، كما يتضمن يوم الميزانية الذي يقام في الثلاثاء الثالث من شهر أيلول كل عام أحداثاً بارزة مثل الموكب الملكي وخطاب العرش الذي يقرؤه الملك ويليم ألكسندر ويتضمن خطط الحكومة ونقاط السياسة المهمة.
لا تعديل بسياسة اللجوء قبل "التقييم السنوي"
بدوره، يقول متحدث باسم وزارة الهجرة واللجوء إنه من الصعب التحقيق في سوريا لأن هولندا ليس لديها موظفون هناك.
وتعتقد وزيرة الهجرة واللجوء مارولين فابر، من حزب "الحرية"، أن فكرة زميلها في الحزب فيلدرز "تستحق التحقيق"، لكنها تقول أيضاً إن عليها انتظار تقرير الخارجية الهولندية قبل أن تتمكن من تعديل السياسة الخاصة بطالبي اللجوء من سوريا "مجلس النواب لا يستطيع أن يعلن أن سوريا آمنة".
ويعود آخر تقرير حكومي هولندي عن الوضع في سوريا إلى آب أغسطس 2023 وذكر أن الوضع الأمني في مدينة دمشق وأجزاء من محافظة اللاذقية "قد تحسن"، لكن الحكومة الهولندية السابقة لم تر أي سبب لتعديل السياسة وما يزال السوريون الذين فروا من البلاد بسبب نظام الأسد يواجهون الخطر عند عودتهم.
ويعتمد السماح لطالبي اللجوء بالبقاء جزئياً على تقييم وزارة الخارجية لمعرفة ما إذا كان بلدهم الأصلي "آمناً" أم لا.
وفي حال قامت الحكومة الهولندية بتصنيف مناطق بسوريا على أنها "آمنة" سيكون على طالب اللجوء "إثبات" أن حياته ستكون معرضة للخطر بحال عودته إلى وطنه الأم، أما فيما يخص اللاجئين السوريين الحاصلين على تصاريح إقامة مؤقتة التي تكون عادة 5 سنوات ويريدون الحصول على الإقامة الدائمة قبيل تقديمهم طلب الحصول على الجنسية فستعود حينها دائرة الهجرة والتجنيس لما قالوه في التحقيق الأول قبيل حصولهم على الإقامة والنظر فيما إذا حصل تغير بالظروف الأمنية في المناطق التي كان يقيمون فيها وعدم وجود خطر على حياتهم في حال عادوا إليها.
فيلدرز "سعيد" بدعم شركائه!
بدوره، علق فيلدرز على تصريحات شركائه في الائتلاف قائلاً: أخبار عظيمة. اقتراحي لإعادة السوريين يحصل على الدعم".
وقبل أيام أعلن رئيس حزب "الحرية" اليميني المتطرف خيرت فيلدرز أنه سيقترح على البرلمان الهولندي إعلان مناطق سورية "آمنة" لإعادة اللاجئين إليها على غرار الدنمارك والسويد.
وكتب فيلدرز على صفحته في موقع فيسبوك إن "أوروبا بأكملها تعج باللاجئين، والعديد منهم من سوريا.. كما تم اعتقال سوريين مشتبه بهم بالإرهاب في مراكز اللجوء في هولندا".
وقال السياسي اليميني المتطرف إنه خلال الاجتماعات المقبلة في مجلس النواب "سأقترح أن تعلن هولندا الآن أيضاً أن سوريا (جزئياً) آمنة وأن تتوقف من حيث المبدأ عن منح السوريين تصريح إقامة وإعادة السوريين الموجودين بالفعل في هولندا ولم يعودوا بعد".
وأضاف "ستكون هذه خطوة مهمة لأن السوريين هم أكبر مجموعة من جميع طالبي اللجوء واللاجئين الذين يتبعونهم إلى هنا.. فهو من شأنه أن يخفف إلى حد كبير من أزمة اللجوء ــ والنقص الكبير في سوق الإسكان وأماكن أخرى!".
ويأتي كلام السياسي المتطرف في ظل تصاعد خطاب وزير الهجرة واللجوء ضد اللاجئين خصوصاً بعد أن قالت إنها ستعلن عن "أزمة لجوء" في البلاد.
ولكن بحسب تقارير صحفية هولندية هذا لا يعني أن الأمور ستتغير بشكل جذري بين يوم وآخر لكن سبب إعلان الأزمة هو الضغط من أجل قانون جديد لأزمات اللجوء.
ماذا يعني الإعلان عن "أزمة لجوء"؟
وقانون أزمة اللجوء يجب أن تتم الموافقة عليه من قبل مجلسي الشيوخ والنواب، ولكن هذا القانون المثير للجدل تم الإعلان عنه بالفعل في اتفاقية الخطوط العريضة بين أحزاب الائتلاف اليميني الحاكم.
ويضمن هذا القانون أن تتمكن وزيرة الهجرة واللجوء من الحد من تدفق طالبي اللجوء وتشديد الرقابة على الحدود وإلغاء قانون توزيع اللاجئين على البلديات. وسيكون هناك أيضاً "تجميد اللجوء" لمدة عامين، كما سيكون حق طالبي اللجوء في طالبي اللجوء بالحصول على الإيواء "محدوداً" و"منخفضاً إلى حد كبير"، كما سيتم طرد الأشخاص "المرفوضين" الذين ليس لديهم تصريح إقامة ساري المفعول من هولندا "قدر الإمكان وبالقوة أيضاً".
وقد يتم تطبيق مثل هذا القانون لفترة من الوقت، ولكن في نهاية المطاف سيتعين على المفوضية الأوروبية ومحكمة العدل الأوروبية أيضاً النظر فيه لأن بروكسل لا توافق على نهج كنهج وزيرة الهجرة واللجوء.
ووفقاً للاتحاد الأوروبي، لا يمكن الحديث عن أزمة لجوء إلا إذا تم بذل جميع المحاولات لحل الأزمة ويجب على هولندا أن تلتزم بالقواعد الأوروبية، ووفقاً لهذه القواعد، فإن بعض خطط فابر "غير ممكنة"، على سبيل المثال، لا يمكنها منع لم شمل الأسرة ولا يمكنها رفض طلبات اللجوء.
وقال مارك كلاسن، الأستاذ المساعد في معهد أوروبا بجامعة ليدن، للصحيفة: "من المؤكد سيتم الطعن في هذا بنجاح أمام المحكمة الأوروبية".
مخاوف وقلق.. ومظاهرة
وفي المقابل، أثارت مساعي "اليمين" لتصنيف "مناطق أمنة" في سوريا والإعلان عن "أزمة لجوء" مخاوف آلاف السوريين الحاصلين على إقامة والذين ينتظرون تصاريح الإقامة في مراكز اللجوء من تشديد سياسة اللجوء في هولندا مشيرين إلى أنهم يخشون إجبارهم على العودة إلى سوريا في حال تم اعتبار مناطق بسوريا "آمنة" الأمر الذي يهدد حياتهم بحسب ما قال الكثيرون منهم لموقع تلفزيون سوريا.
وعلى المستوى الحراك السوري المناهض لتحركات "اليمين" الهولندي، خرجت يوم الأحد مظاهرة حاشدة من طالبي اللجوء واللاجئين السوريين من أمام محطة أوتريخت وسط البلاد للتنديد بتصريحات بعض الأحزاب الهولندية اليمينية التي طالب بتصنيف مناطق سورية "آمنة".
وردد المتظاهرون شعارات تطالب بإسقاط نظام الأسد رافعين أعلام الثورة السورية، كما أكد المتظاهرون على أنه لا أمان في سوريا طالما بقي بشار الأسد على كرسي الحكم.
وألقى العديد من الناشطين السوريين كلمات رافضة لمزاعم الأحزاب الهولندية اليمنية بوجود "مناطق آمنة" في سوريا، مؤكدين أن الحكومة الهولندية نفسها تعتبر أن سوريا "غير آمنة" وأن بشار الأسد ديكتاتور ارتكب انتهاكات بحق الإنسان في سوريا.
وبحسب تقارير صحفية هولندية ما زال 39280 لاجئاً ينتظر لم شمله بعائلته ويشكل السوريون نسبة 71 % منهم إضافة إلى طلبات لم شمل من حملة الجنسيات الأخرى كاليمنية أو التركية أو العراقية.
كما ينتظر عشرات الآلاف من طالبي اللجوء معظمهم سوريون الحصول على تصاريح الإقامة في مراكز الإيواء وسط معاناة من فترات انتظار طويلة جداً.
ومنذ عام 2011، وصل عشرات آلاف السوريين إلى هولندا بحثاً عن مستقبل لهم ولأطفالهم بعد أن هربوا من الحرب التي شنها بشار الأسد على المدن التي ثارت ضد نظامه.
ويقدّر عدد اللاجئين السوريين في هولندا بنحو مئة وخمسين ألفاً، حصل عدد كبير منهم على الجنسية الهولندية، في حين ينتظر البقية الحصول عليها بعد استيفاء الشروط اللازمة وأبرزها: تعلّم اللغة الهولندية وإقامتهم لمدة خمسة أعوام.