رفع لاجئ سوري مقيم في شمالي العراق بمساعدة محامين هولنديين، دعوى قضائية ضد الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل المعروفة باسم "فرونتكس"، أملا بـ"وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب من قبلها".
ويعيش اللاجئ السوري فاروق وزوجته وأطفالهما الأربعة حالياً في شمالي العراق بعد أن عاش قصة مؤلمة.
بدأت القصة عام 2016 حيث كان فاروق في جزيرة ليروس اليونانية حيث تقدم وعائلته بطلب اللجوء بعد أسبوع من رحلة الموت بالقارب إلى اليونان.
موظف في فرونتكس يخدع عائلة سورية
ويروي فاروق لـتلفزيون "أر تي ال نيوز" الهولندي عبر الهاتف بأنه جاء موظف في مخيم اللاجئين إليه حين "كنا نتناول العشاء عندما أخذني جانباً وطلب منا أن نحزم أمتعتنا.. وأشار إلى أننا ذاهبون إلى أثينا من أجل إجراءات اللجوء"، وطلب الموظف من فاروق عدم إخبار اللاجئين الآخرين.
وفر فاروق مع عائلته من مسقط رأسه في حلب، ومقابل آلاف اليوروهات استقلوا قارباً للاجئين من مدينة إزمير الساحلية التركية إلى إيطاليا، للسفر من هناك إلى ألمانيا والتقدم بطلب للحصول على اللجوء ويقول "لم أكن أريد أن يكبر أطفالي في الحرب.. أردت أن يكون لهم مستقبل أفضل مني".
وكان فاروق قد وصل إلى اليونان بعد يومين من الإبحار في البحر الأبيض المتوسط، حيث تعطل القارب وظل في المياه اليونانية إلى أن سحب خفر السواحل القارب إلى أقرب جزيرة هناك، وتم وضع فاروق وعائلته في مخيم للاجئين وتقدموا بطلبات لجوء "لم تكن خطتنا أن نقدم طلب لجوء في اليونان، لكننا شعرنا بالصدمة لأن القارب امتلأ بالماء.. وكنا سعداء بإنقاذنا".
وبعد أن اضطروا لحزم أمتعتهم في المخيم، تم تسليم فاروق وعائلته إلى الشرطة التي نقلتهم إلى المطار ويقول "كنا نظن أننا سنستقل طائرة إلى أثينا".
كان العشرات من موظفي "فرونتكس" يقفون في المطار وكان لدى فاروق شعور بالخوف ويقول: "كان لدي شعور بأن شيئاً ما ليس على ما يرام، لكن قبل أن أعرف ذلك، صعدت على متن طائرة"، ويضيف "أمسك أحد موظفي فرونتكس بذراعي وجلس بجواري".
لم يكن فاروق يعلم في ذلك الوقت أن زوجته وأطفاله الأربعة كانوا على متن الطائرة نفسها وأراد أن ينظر حوله للبحث عنهم، لكن لم يُسمح له بذلك ويقول "كنت قلقاً جداً على أسرتي، لكن لم يُسمح لي بطرح الأسئلة.. وعوملنا مثل السجناء".
وعند هبوط الطائرة استطاع فاروق رؤية زوجته وأطفاله مرة أخرى، أصيبوا بالصدمة عندما رأوا العلم التركي يرفرف من على متن الطائرة ويقول "لم أصدق أنهم أعادونا إلى تركيا بدون أي إجراءات لجوء (..) استغرق الأمر مني أياماً لفهم الأمر!".
نقلت الشرطة التركية العائلة إلى مخيم للاجئين في أضنة وهناك أتيحت الفرصة الأولى لفاروق لمناقشة ما حصل معهم وتقول زوجته وأطفاله إنهم ظلوا منفصلين عن بعضهم البعض "لقد كنا منهكين ولم تكن لدينا طاقة للتحدث عن ذلك.. لقد تم الكذب علينا وخُطفنا، لكننا لم نكن نعرف ماذا نفعل".
الدعوى القضائية ضد فرونتكس
وبمساعدة فريق من محامي حقوق الإنسان الهولنديين، رفعت الأسرة دعوى قضائية ضد "فرونتكس" بحسب ما ذكر التلفزيون الهولندي.
وتتهم الأسرة حرس الحدود في الاتحاد الأوروبي بما يسمى "الصد" أو "الدفع إلى الخلف" حيث يتم إعادة طالبي اللجوء عبر الحدود دون أي إجراءات لجوء.
وطلبت "أر تي ال نيوز" من "فرونتكس" الرد على الاتهام لكن المنظمة لا تريد التعليق على الدعاوى القضائية المعلقة.
وعقدت جلسة في لوكسمبورغ في 9 من آذار لا يستطيع أن يكون فاروق وعائلته هناك، لكنه كتب خطاباً للمحكمة يشرح فيه ما حدث، وتمت قراءة الرسالة من قبل محاميه. ستصدر المحكمة حكمها في غضون أشهر قليلة ويقول فاروق "أنا واثق من أن المحكمة ستحقق العدالة".
اقترض مالاً ليهرب من الحرب
وكان فاروق قد اقترض المال من أصدقائه ومعارفه لكي يهرب من الحرب وبحثاً عن مستقبل أفضل لأطفاله ويقول إنه كان من أجل لا شيء، لكن هذا ليس أكثر ما يؤلمه حيث لا يزال يرى آثار ما حصل معهم على أطفاله ويقول "ابنتي الكبرى ما زالت تعاني من ذلك، ما زالت تعاني من القلق والخوف.. هذا يؤلمني كثيراً".
وكان الوضع في مخيم اللاجئين في تركيا صعباً جداً ويعيش فاروق وزوجته وأولاده حالياً في شمالي العراق.
ويقول فاروق إنه يبحث باستمرار عن عمل لخلق الأمان لعائلته: "ليس الأمر سهلاً" مشيراً إلى هناك القليل من الخدمات الاجتماعية للاجئين في شمالي العراق.
ويعرف اللاجئ السوري أن ما حدث معه لا يمكن تصحيحه ويقول "لا شيء يعوض الضرر الذي تعرضت له لكنني لا أريد أن يحدث لأشخاص آخرين.. يجب أن تنتهي انتهاكات فرونتكس لحقوق الإنسان".
والوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل التي تعرف اختصارا باسم فرونتكس هي وكالة تابعة لـ الاتحاد الأوروبي ومقرها في وارسو وهي مكلفة بمراقبة الحدود في منطقة شنغن الأوروبية بالتنسيق مع حرس الحدود وحرس السواحل في الدول الأعضاء في منطقة شنغن.
وكالة "فرونتكس" الأوروبية على علم بالانتهاكات ضد طالبي اللجوء
في نهاية تموز 2020 كشف تقرير سري للمكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال عن علم وكالة "فرونتكس" التابعة للاتحاد الأوروبي بالانتهاكات التي كانت تطول طالبي اللجوء على الحدود اليونانية التركية.
وأضاف التقرير الذي اطلعت عليه مجلة "دير شبيغل" الألمانية أن "تحقيقات جديدة تكشف بأن الإدارة السابقة لوكالة مراقبة الحدود "فرونتكس" كانت على علم بعمليات الصد غير القانونية والتعامل بوحشية في بعض الأحيان بحق المهاجرين على الحدود اليونانية التركية".
كما كشفت المعلومات الجديدة أن "فرونتكس" خالفت القوانين الدولية واتفاقية جنيف التي تُلزم الدول الأوروبية بمنح طالبي اللجوء فرصة لدراسة ملفاتهم.
وجاء في التقرير الذي ترجمه موقع "مهاجر نيوز" أن وكالة "حرس الحدود الأوروبية" متهمة أيضاً من قبل المنظمات الإنسانية، بمشاركة خفر السواحل الليبي بارتكاب انتهاكات ضد المهاجرين في وسط البحر المتوسط، حيث جاء في تقرير المجلة الألمانية أنه "بدلا من منع عمليات الترحيل، قام الرئيس السابق فابريس ليجيري ومعاونوه بالتستّر عليها. لقد كذبوا على البرلمان الأوروبي وأخفوا حقيقة أن الوكالة دعمت بعض عمليات الترحيل بأموال دافعي الضرائب الأوروبيين".