يشهد سوق العقارات في دمشق عرضاً كثيفاً مقابل طلب ضعيف وفقاً لسماسرة يعملون في القطاع تحدثوا لموقع تلفزيون سوريا، مشيرين إلى أن استمرار موجة العرض الأخيرة أسهمت أيضاً في توقف حركة البناء خوفاً من عدم الحصول على زبائن، بعد أن تراجعت حركة الإعمار بشكل ملحوظ مؤخراً بسبب ارتفاع قيمة رخص البناء مئة ضعف بحسب حديث نقيب المهندسين بطرطوس حكمت إسماعيل لصحيفة "الوطن".
أسباب زيادة عرض العقارات بدمشق
عدة أسباب أسهمت في زيادة العرض أمام انخفاض الطلب، أهمها وجود موجة هجرة ولجوء جديدة إلى أوروبا نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي في سوريا وخاصةً دمشق، حيث لم تعد كثير من الأسر قادرة على مواجهة غلاء المعيشة المتصاعد الذي لا يتوقف، مع انعدام وجود أفق لأي حل اقتصادي مُجد، وفقاً لمعين (س) وهو أحد سماسرة العقارات بدمشق.
ويقول لموقع تلفزيون سوريا: إن كثيرا من الأسر تعرض منازلها لتؤمن كلفة سفر العائلة، إضافة إلى وجود شريحة أخرى تبيع منزلها لتشتري منزلاً أرخص بمساحة أقل أو في منطقة عشوائية، للاستفادة من فارق السعر بمواجهة التضخم الحاصل.
وأضاف أن "الشريحة الثانية غالباً ما تنصدم بعدم قدرتها على الحصول على منزل بسعر رخيص كما يتوقعون، ويضطرون في النهاية للاستئجار أو دفع أغلب ثمن المنزل المباع لقاء الحصول على شقة في العشوائيات، خاصةً إن تأخروا أشهراً في الشراء بعد البيع".
ومن الذين زادوا نسبة العرض، بعض الأسر الذين قاموا باقتطاع جزء من منازلهم، لبيعه والانتفاع بثمنه، ومنهم من يقومون بتأجيره، وفقاً لمعين.
لماذا تواصل أسعار العقارات ارتفاعها؟
رغم قلة الطلب، فإن أسعار العقارات لا تزال ترتفع كلما ارتفع سعر صرف الدولار الذي ترتفع معه باقي الأسعار، فأصحاب العقارات حتى المضطرون للبيع السريع، يقومون بتعديل سعر المتر المربع تبعاً لارتفاع أسعار مواد البناء للمحافظة على قيمة العقار والقيمة الشرائية للأموال التي سيتقاضونها مقابل المنزل كي تبقى تساوي ما تساويه أمام الدولار، بحسب عدة مكاتب عقارية بدمشق.
يتوجه عصام (اسم مستعار) وهو صاحب مكتب عقاري في مساكن برزة باللوم إلى سماسرة العقارات، ويتهمهم بأنهم أهم سبب برفع الأسعار، مبرراً ذلك بأن "كل الناس تريد أن تتاجر بالعقارات لتحقيق مرابح ضخمة لا يمكن مقارنتها بأي مهنة أخرى خاصة وسط ركود البيع والشراء في كل المهن، فبائع الموبايلات والخضرجي والخياط، وصاحب السوبرماركت وغيرهم، جميعهم اليوم تحولوا لسماسرة عقارات سواء في البيع والشراء أو الإيجارات".
يرى عصام وغيره من أصحاب المكاتب العقارية القديمة في المهنة، أن دخول أشخاص غير مهنيين ولا يفقهون الكثير بالقطاع العقاري، ويضعون نصب أعينهم الربح فقط (تصل نسبتهم من بيع المنازل في العشوائيات إلى أكثر من 15%، أي كل 150 مليون ليرة لهم 15 مليون)، ساهم بركود السوق ورفع من الأسعار، حيث يقوم هؤلاء برفع سعر المنزل لرفع نسبتهم، وغيرهم يقومون بتقييم المنزل لصاحبه بسعر ويضاعفونه للزبون، وكل هذه الممارسات أضرت بالسوق.
أسعار العقارات في دمشق قياساً بالدولار
باستثناء السماسرة، أسعار العقارات لو قورنت بالدولار، تعتبر هي ذاتها أو انخفضت بنسب متفاوتة في بعض المناطق بدمشق، عن ما كانت عليه قبل الحرب، وفقاً لخبير عقاري مقيم بدمشق فضل عدم ذكر اسمه، مشيراً إلى أن المنزل في العشوائيات الذي كان يباع بمليون ليرة قبل الحرب، يباع اليوم بـ100 مليون وقياساً بسعر الصرف الذي كان 50 ليرة وحالياً 4450 ليرة تقريباً، يكون السعر ذاته نوعاً ما، لكن قياساً بقيمة الليرة السورية الشرائية المتدهورة، السعر تضاعف 100 مرة.
يتابع الخبير "لو حذفنا حصة السماسرة والمكاتب العقارية الضخمة اليوم، وأجور التخمين والرسوم الجديدة، ربما يكون سعر العقارات في 2022 أقل من 2009".
وعن تصنيف دمشق أغلى مدينة بأسعار عقاراتها، يؤكد الخبير بأن التصنيف يعتمد على قياس دخل المواطن الذي لا يتجاوز المئة ألف ليرة، مع أسعار العقارات الرائجة في دمشق ولا يقارن سعر المنزل بدمشق بسعر آخر في أميركا مثلاً، على حد تعبيره.
ووضع موقع “Numbeo“ الخاص بعرض البيانات الخاصة بكلفة المعيشة والإسكان والصحة والجريمة وغيرها في العالم، محافظة دمشق على رأس قائمة أغلى مدن العالم في 2022 من حيث متوسط أسعار الشقق إلى متوسط الدخل السنوي.
أسعار الإكساء
ووفقاً لمتعهدي إكساء في دمشق، فقد يتراوح سعر المتر المربع مكسي بين مليون ومليون ونصف في عشوائيات العاصمة، و2.5 مليون و5 ملايين في قلب العاصمة، وفوق الـ7 ملايين للمتر المربع في المناطق الشهيرة وسط العاصمة.
وفي سرد للأسعار، وصل سعر كيس الإسمنت في السوق السوداء إلى 30 ألف ليرة، ومتر المطابخ تراوح ما بين 220 -350 ألف ليرة، ومتر السيراميك النخب الخامس بـ 22 – 23 ألف ليرة، والنخب الثالث بـ29 ألفا والأول بـ35 ألف ليرة، والبلاط العادي (بلاط أسطح) المتر بـ12 – 13 ألف ليرة.
وارتفعت أجرة المعلم بأي مهنة إلى 30 – 35 ألف ليرة في اليوم الواحد، وأجرة الشغيل الصغير إلى ما بين 10 – 15 ألف ليرة، وسط قلة شديدة بالأيدي العاملة.