قالت منظمة "العفو الدولية" إن نظام الأسد "جعل الحصول على معلومات عن المعتقلين في سجونه أمراً مستحيلاً، ما خلق سوقاً سوداء للسماسرة، تضم رجال شرطة وأمنيين ومحامين ورجال أعمال وحتى نواباً في مجلس الشعب".
وأضافت المنظمة أن هؤلاء "يطلبون أموالاً باهظة للبحث عن معلومات عن ابنٍ أو أخٍ معتقل، أو السماح بزيارته، أو تخفيف العقوبة، أو إطلاق سراحه"، مشيرة إلى أن "بعض الجهود ناجحة، لكن في أغلب الأحيان يضع المحتالون الأموال في جيوبهم ويتوقفون عن الرد على المكالمات الهاتفية"، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت الباحثة في الشأن السوري في "العفو الدولية"، ديانا سمعان، إن الأمر ينتهي "بالعائلات المستميتة للحصول على معلومة، بدفع أموال طائلة، وأحياناً كامل مدخراتهم لوسطاء وسماسرة مقربين من الحكومة"، مشيرة إلى أن "سياسة الصمت التي تتبعها حكومة النظام بشأن مصير المعتقلين خلقت سوقاً سوداء للمعلومات".
وأفاد ثلاثة أشخاص تحدّثت إليهم وكالة الصحافة الفرنسية، أنهم أنقذوا معتقليهم بعدما دفعوا مبالغ طائلة، بينهم من دفع 40 ألف دولار لمجرد ضمان نقل المعتقل من سجن صيدنايا.
ووفق تقرير الوكالة، يتعرض العديد من العائلات للخداع من قبل السماسرة، حيث "تتلقى العائلات اتصالات من مجهولين يعدونها بصورة أو تسجيل صوتي لفرد منها معتقل، أو بمساعدته، لكنهم سرعان ما يتوارون عن الأنظار بعد حصولهم على المال، ويقدّم أحياناً المتصلون معلومات عن الشخص المعتقل لإقناع العائلة بالتعامل معهم".
واستعرضت الوكالة شهادات ثمانية أفراد من أهالي المعتقلين الذين اضطروا لبيع ممتلكاتهم ومقتنياتهم لتقديم المال للسماسرة، بهدف الحصول على موعد زيارة لأبنائهم في سجون ومعتقلات نظام الأسد، موضحة أن العديد من العائلات لم تفقد الأمل بالوصول إلى أبنائها رغم دفعها تكاليف باهظة الثمن.
وأوضحت أن الكثير من الأهالي يرغبون في نقل أبنائهم من سجن صيدنايا، الذي تصفه منظمة "العفو الدولية" بأنه "مسلخ بشري"، أو من الأفرع الأمنية، بهدف "تجنبيهم التعذيب والظروف الصحية السيئة أو حتى الموت".
وقالت مديرة جمعية "نوفوت زون"، المعنية بمتابعة قضايا المعتقلين، الناشطة نورا غازي، إن "العديد من المحامين استثمروا في محاكم أمن الدولة"، موضحة أن "معظم هؤلاء المحامين يخدعون الأهالي، لكن بعضهم يدفع رشاوي للقضاة والأجهزة الأمنية وينجحون في الإفراج عن المعتقل".
وكانت "رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا" اتهمت، في تقرير لها في كانون الثاني الماضي، نظام الأسد باستخدام الاعتقال كوسيلة لابتزاز الأموال وزيادة نفوذ الأجهزة الأمنية وقادتها والمتنفذين في حكومته وبعض القضاة والمحامين.
وتقدر الرابطة أن تكون عمليات الابتزاز المالي منذ عام 2011 قد أدخلت للنظام، أو مقربين منه، ما يقارب 900 مليون دولار، من خلال عمليات الابتزاز.