دخل فصل الشتاء وبات البرد القارس يضرب الأهالي في محافظة اللاذقية، خاصّةً في المناطق الجبلية الباردة جداً، وسط انعدام تام لوسائل التدفئة هذا العام، نتيجة لارتفاع أسعار الغاز والحطب، مع فقدان المازوت وانقطاع الكهرباء.
وقال أحمد -يسكن في منطقة جبلة- لـ موقع تلفزيون سوريا: إنّ "هذا العام لا وجود لوسائل التدفئة، فالمازوت المدعوم (50 لتراً)، الذي لا يكفي لأكثر من شهر واحد، لم يُوزّع بعد، وإذا فكّرنا بشراء المازوت الحر فالمادة قليلة واللتر يترواح بين 20 و25 ألف ليرة سورية، أي أن سعر البيدون (20 لتراً) بـ500 ألف ليرة، وهو لا يكفي خلال أيام البرد لأسبوع واحد".
وتابع: "نحتاج لأكثر من مليوني ليرة للتدفئة فقط خلال شهري كانون الأوّل والثاني، في حال قرّرنا التدفئة على المازوت بشكل مقنن، وهذا لا يتناسب أبداً مع الظروف المعيشية الحالية"، متسائلاً: "ما الجدوى من حكومة النظام السوري، التي لا تستطيع تدفئة المواطنين؟".
وسبق أن أفاد مدير شركة محروقات فرع اللاذقية التابعة للنظام، بأنّ "توزيع مازوت التدفئة هذا العام قد يستغرق 27 شهراً"، وذلك بسبب نقص في المادة وزيادة عدد السكّان بالمحافظة بعد نزوح اللبنانيين، نتيجة للحرب.
"طن الحطب بـ10 ملايين"
"أبو سالم" أكّد لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّه يجمع منذ شهرين الكرتون ويشتري النشارة من منشار الخشب بهدف التدفئة خلال أيام البرد القارس، قائلاً: "هذا العام من أكثر الأعوام بؤساً، معظم وسائل التدفئة متوفرة لكن بأسعار خيالية".
وأضاف "أبو سالم" -يسكن في صلنفة، التي تعد من أكثر مناطق اللاذقية برودة- أنّهم معتادون على التدفئة بمدافئ الحطب، لكن باتت أسعار الحطب مرتفعة جداً، فضلاً عن الخطورة في عملية نقلها والتي أصبحت شبه مستحيلة.
وأشار إلى أنّ طن حطب السنديان والصنوبر بـ5 ملايين و500 ألف ليرة سوريّة، وحطب الليمون بـ4 ملايين و300 ألف، وحطب اللوز بمليوني ليرة و700 ألف، لافتاً إلى أنّ هذه الأسعار ما عدا أجور النقل، إذ يصل طن الحطب إلى 10 ملايين ليرة تقريباً.
وبحسب "أبو سالم" فإنّهم يحتاجون إلى أربعة أطنان من الحطب في هذه المناطق الباردة، أي إلى نحو 40 مليون ليرة، في حال أرادوا التدفئة بشكل معقول، متسائلاً: "من أين يستطيع المواطن العادي في هذه المحافظة الفقيرة حرق 40 مليون للتدفئة"، مردفاً: "لو معي 40 مليون ما بقيت بهل البلد لحظة".
وتأمين الحطب وقطعه من دون رخص نظامية يؤدّي إلى السجن مع غرامة مالية، وفق "جعفر" أحد سكّان ريف اللاذقية، قائلأً: "كنّا في الأعوام السابقة نقطع الأشجار من سواقي الأنهار ونجففها في الصيف ونتدفأ عليها في فصل الشتاء، أمّا الآن بعد احتكار التحطيب ونقله وبيعه لصالح يسار الأسد، أخشى قطع الأشجار حتى من أمام منزلي".
وكان سكّان اللاذقية يعتمدون على مدافئ الغاز، ومن خلال حديث لـ"سلمى"، قالت عن مخصّصات الغاز المدعوم: "كل ثلاثة أشهر حتّى نستطيع الحصول على أسطوانة غاز وهي بالكاد تكفي للطبخ"، أمّا الحر فالكيلو بـ65 ألف ليرة سوريّة، أي الأسطوانة الكاملة تتراوح في فصل الشتاء ما بين 400 و500 ألف ليرة، وهي لا تكفي للتدفئة لأسبوع واحد.
وأضافت "سلمى" لـ موقع تلفزيون سوريا أنّه حتى التدفئة على الكهرباء لا يمكن الاعتماد عليها، لأنّ الكهرباء ساعة واحدة وصل في فصل الصيف، أمّا في الشتاء لا تصل إلى نصف ساعة، وأحياناً تستمر بالانقطاع لأيام"، مشيرةً إلى أنّه "لا يوجد وسائل تدفئة هذا العام إلا البطانيات والجواكيت، وعند شدة البرد تشغيل منقل فحم للتدفئة بواسطته لبعض الوقت".
وسبق أن أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام السوري، شهر تشرين الأول الفائت، قراراً يقضي برفع سعر المازوت المدعوم للتدفئة من 2000 ليرة إلى 5000 ليرة.
يشار إلى أن وزارة النفط في حكومة النظام أعلنت عن بدء التسجيل على مازوت التدفئة عن موسم 2024-2025، منذ 25 أيلول الماضي، والكميات التي تحصل عليها العائلات هي 50 لتراً فقط لكل فصل الشتاء.