ملخص:
- ارتفاع رسوم الإقامة "الدراسية" في مصر للسوريين إلى أكثر من 200% من دون إعلان رسمي.
- السوريون الذين توجهوا إلى تجديد إقاماتهم فوجئوا بالزيادة، إذ بلغت الرسوم 7000 جنيه بدلاً من 2100.
- تعاني العديد من العائلات من عدم القدرة على دفع الرسوم الجديدة، ما دفع بعضهم إلى التفكير في العودة إلى سوريا أو التسجيل لدى مفوضية اللاجئين.
- سبق لمصر أن شددت إجراءات الإقامة الدراسية، مع فرض حضور جميع أفراد العائلة عند استلام الإقامة.
- قرارات إلغاء الإقامة السياحية وزيادة الرسوم تسببت في قلق كبير بين السوريين، إذ لجأ كثير منهم إلى مفوضية اللاجئين لاستخراج إقامة لاجئ.
تتوالى القرارات في مصر، والتي تضيق الخناق تدريجياً على اللاجئين السوريين. اليوم السبت، فوجئ السوريون بارتفاع رسوم الإقامة "الدراسية" بشكل غير مسبوق، إذ تجاوزت نسبة الزيادة 200% من دون أي سابق إنذار.
وبالرغم من عدم صدور قرار رسمي حول هذا الموضوع، أكد المحامي المصري المختص في الشأن القانوني للاجئين السوريين بمصر، عصام حامد، لموقع تلفزيون سوريا، ارتفاع رسوم الإقامة.
كذلك أكد عدد من السوريين الذين زاروا صباح اليوم مقر الهجرة والجوازات في العباسية بالقاهرة لتجديد إقاماتهم الدراسية، أن الرسوم ارتفعت بشكل ملحوظ.
وقال أحدهم، مفضلاً عدم ذكر اسمه، لموقع تلفزيون سوريا، إنه عند وصوله إلى المبنى وتوجهه إلى المكان المخصص لاستخراج وتجديد الإقامات، تفاجأ بأن الموظف طلب منه دفع الرسوم الجديدة التي بلغت حوالي 7000 جنيه مصري (نحو 140 دولاراً أمريكياً) بدلاً من 2100 جنيه.
وأضاف أن السوريين المتواجدين في المكان صُدموا بهذا القرار، إذ لم يكن معظمهم يحمل المبلغ المطلوب. وأشار إلى أن العائلة المكونة من أربعة أفراد تحتاج الآن إلى 28 ألف جنيه لتغطية رسوم الإقامة.
وأكد شخص آخر أنه دفع 7095 جنيهاً لكل فرد من أفراد عائلته كرسوم لتجديد الإقامة "الدراسية"، مشيراً إلى أنه لم يكن أمامه خيار سوى الدفع، خاصة وأنه كان يحمل معه مبلغاً إضافياً مكّنه من سداد الرسوم الجديدة. وأوضح أنه تقدم بطلب للحصول على "الإقامة المستعجلة"، التي تصدر في وقت أسرع وكلفتها تزيد بمقدار 220 جنيهاً عن الإقامة العادية.
إعادة التفكير في الإقامة الدراسية
أحد الأشخاص الذين زاروا العباسية اليوم قال إن القرار كان صادماً بالنسبة له، موضحاً أنه لا يملك المبلغ اللازم لتجديد إقامته الدراسية هو وعائلته، وأنه سيتوقف عن تجديدها بشكل نهائي.
وعن الحلول البديلة، أضاف أنه لا يملك خيارات أخرى وقرر العودة إلى سوريا. وأشار إلى أنه لن يلجأ إلى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة للتسجيل والحصول على إقامة اللاجئ، نظراً لأن المواعيد التي تمنحها المفوضية مؤجلة لمدة طويلة وقد يتأخر دوره حتى العام 2026.
من جانبه، قال محمد الشامي، من ريف دمشق والذي يعمل في أحد المطاعم السورية، إن راتبه يبلغ 8000 جنيه مصري، ويحتاج سنوياً إلى استخراج إقامة له ولزوجته وطفليه. ومع رفع الرسوم، أصبح الأمر مستحيلاً.
وأوضح محمد أنه بحاجة إلى توفير راتب أربعة أشهر لتجديد الإقامة "الدراسية"، مما يعني البقاء خلال هذه المدة من دون طعام أو شراب أو حتى دفع إيجار المنزل.
ولفت إلى أنه سيتجه إلى التسجيل لدى مفوضية اللاجئين، حتى وإن كانت المواعيد مؤجلة، لأن العودة إلى سوريا غير ممكنة حالياً، إذ دُمّر منزله في قصف سابق على الغوطة الشرقية ولا يوجد لديه عمل في سوريا، إضافة إلى أن جميع أفراد عائلته غادروا البلاد.
وأضاف: "سأستفيد حالياً من القرار الجديد بتمديد المهلة التي منحتها الحكومة المصرية للأجانب لتسوية أوضاعهم، وسأتقدم بطلب لمفوضية اللاجئين على أمل أن يكون الموعد قريباً، فلا خيارات أخرى أمامنا".
أما ميساء، وهي شابة ثلاثينية مقيمة في العبور، فأوضحت أن عدد أفراد عائلتها خمسة، ومع القرار الجديد يحتاجون إلى مبلغ 35 ألف جنيه مصري لتجديد الإقامة "الدراسية"، مشيرة إلى أن راتب زوجها الذي يعمل سائقاً لا يكفي لتوفير هذا المبلغ. لذلك، بدأت تفكر جدياً في البحث عن فرصة عمل لمساعدته، وفي الوقت نفسه سيتقدمون للتسجيل لدى مفوضية اللاجئين، وعند اقتراب موعدهم سيقومون بإلغاء الإقامة الدراسية.
شروط سابقة على الإقامة "الدراسية"
سبق أن شددت مصر إجراءات استخراج الإقامة الدراسية للطلاب السوريين، إذ فرضت شروطاً ورسوماً جديدة عليهم من دون الإعلان الرسمي عن ذلك.
في ذلك الوقت، رفعت الحكومة المصرية رسوم الإقامة من 800 جنيه مصري إلى 2100 جنيه عن كل شخص، ولا يشمل هذا المبلغ المخالفات، وإنما رسوم الإقامة فقط. ويُلزم السوريون بسداد قيمة الرسوم بالدولار الأميركي في البنوك، ثم دفعها في إدارة الهجرة والجوازات بالعباسية أو المراكز الأخرى المنتشرة في مصر.
وأشار السوريون الذين تحدثوا إلى موقع تلفزيون سوريا إلى أن الحكومة المصرية فرضت شرطاً جديداً على استخراج الإقامة الدراسية، يتمثل بمطالبة كافة أفراد العائلة بالوجود عند استلام الإقامة، بما فيهم الأطفال، وبات وجود رب الأسرة فقط لا يفي بالغرض.
إقامة "الكارت الأصفر"
إقامة اللجوء للسوريين في مصر هي نوع من الإقامة التي تمنحها الحكومة المصرية للاجئين السوريين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR).
يجب على السوريين التقدم بطلب لجوء لدى المفوضية، وبعد تقديم الطلب، يحصلون على بطاقة تعريفية صادرة عن المفوضية (الكرت الأصفر).
بعد الحصول على البطاقة التعريفية من المفوضية، يمكن للسوريين التقدم للحصول على إقامة بناءً على وضعهم كلاجئين في مصر. تكون الإقامة عادة لمدة ستة أشهر أو سنة، وتجدد بحسب الظروف.
يُسمح لحاملي إقامة اللجوء بالعيش في مصر بصورة قانونية، كما يحصلون على بعض الحماية والخدمات التي تقدمها المفوضية بالتعاون مع الحكومة المصرية، مثل الرعاية الصحية والتعليم.
إلا أن اللاجئين السوريين لا يُسمح لهم بالعمل بشكل رسمي في مصر إلا إذا حصلوا على تصاريح عمل خاصة، وهو إجراء قد يكون معقداً في بعض الأحيان.
وتبلغ رسوم استخراج بطاقة تصريح الإقامة 100 جنيه مصري، تُضاف إليها الرسوم الإدارية للبنك لكل فرد من أفراد الأسرة البالغ من العمر ۱۲ عاماً أو أكثر، ويتم تسديدها في البنك الموجود في المبنى في أثناء تقديم الطلب إلى وحدة الإقامة، بحسب موقع المفوضية.
قلق في أوساط السوريين
على مدار الشهرين الماضيين، عاش السوريون حالة من القلق بسبب القرارات التي أعقبت انتهاء مهلة 30 يونيو، وأبرزها إلغاء الإقامة السياحية واشتراط استبدالها بإقامة استثمارية، وهو أمر يتجاوز القدرات المالية لمعظم السوريين.
مع إلغاء الإقامة السياحية، لجأ العديد من السوريين إلى مفوضية اللاجئين في القاهرة لاستخراج "إقامة لاجئ"، لكن معظمهم حصلوا على مواعيد بعد أشهر طويلة، ما منع العديد من الأطفال من الالتحاق بالمدارس التي تشترط الإقامة لقبولهم، مما شكّل صدمة كبيرة للسوريين.
يعيش في مصر نحو مليون ونصف المليون سوري، منهم 150 ألفاً فقط مسجلون في المفوضية العليا للاجئين، في حين يعتبر الباقون "مقيمين" اندمجوا داخل المجتمع المصري.