لا تنتهي قصة تشابه الأسماء في سوريا عند الاعتقال الأمني من قبل أجهزة النظام، إنما تتعداها إلى الحرمان من الدعم الحكومي، عبر ما بات يعرف بـ "الاستبعاد من الدعم" والذي بدأته حكومة النظام منذ قرابة السنة وعبر مراحل متعددة استبعدت خلالها فئات عدة من منظومة الدعم.
وتخبر هالة 36 عاماً وهي موظفة حكومية موقع تلفزيون سوريا، أنها استبعدت من الدعم لتشابه اسمها مع اسم عائلة أخرى زوجها مسافر خارج البلاد منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
وتعيش هالة اليوم محرومة من "الرز والسكر والخبز والغاز" وتلك هي المواد التي يحصل عليها من لم يرفع عنه الدعم بسعر منخفض عن سعرها في السوق.
هالة من سكان اللاذقية ولا تستطيع شراء تلك المواد بسعر السوق، خصوصاً الغاز والخبز "لقمة العيش اليومية" كما قالت.
وتضيف: "رغم اعتراضي على منصة الاعتراض المخصصة من قبل وزارة الاتصالات لم أستفد شيئاً"، مشيرةً إلى أن مسؤولي شركة تكامل أخبروها بأن سبب رفع الدعم عنها "تشابه أسماء".
وعليه، اضطرت هالة للسفر إلى دمشق ومراجعة فرع الهجرة والجوازات على أمل حل مشكلتها بعد استكمالها كل الإجراءات المطلوبة، لكنها حتى اليوم ما زالت خارج منظومة الدعم الحكومي لبطاقتها الذكية، وتبدو قصتها شبيهة بقصص كثير من السوريين الذين رفع النظام الدعم عنهم نتيجة أخطاء تقنية لا علاقة لهم بها، وليس نتيجة ثرائهم أو امتلاكهم العقارات والسيارات، ويتقاضى أغلب موظفي القطاع الحكومي رواتب زهيدة لا تتجاوز الـ 100 ألف ليرة.
سياسة تقليص الدعم في سوريا
في بداية العام الجاري 2022، بدأت حكومة النظام سياسة تقليص الدعم الحكومي عبر ما سمته "إعادة هيكلة الدعم" وبلغ حينئذ "عدد البطاقات المستبعدة من منظومة الدعم نحو 598 ألف بطاقة، وعدد الاعتراضات عبر منظومة الاعتراض نحو 370 ألف اعتراض".
وتقوم حكومة النظام حاليا بدراسة استبعاد العائلات التي يدرس أبناؤها في الجامعات الخاصة، نظراً لتمكّنهم من دفع المبالغ الباهظة لتلك الجامعات، والتي تتجاوز الـ10 ملايين ليرة سنوياً في بعض الاختصاصات.
وبدأ مسلسل رفع الدعم عن الأسر التي تملك أكثر من سيارة، "مالكو السيارات السياحية التي سعة محركها فوق 1500cc طراز 2008 وما فوق، مالكو أكثر من منزل في نفس المحافظة، مالكو العقارات في المناطق الأغلى سعراً" إضافة إلى المغتربين الذين مضى على مغادرتهم البلد أكثر من عام.
اقرأ أيضا: استبعاد أطباء الأسنان عن "الدعم الحكومي" في سوريا
وفي حزيران الفائت، استثني من الدعم أيضا كل من الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان ممن مارسوا المهنة لمدة تتجاوز 10 سنوات. وقبلهم، استُثني المحامون من أصحاب مكاتب وشركات المحاماة، وكذلك المهندسون من أصحاب المكاتب الهندسية التي تجاوزت مدة افتتاحها 10 سنوات.
وفي آب الفائت استبعد أصحاب المهن البحرية من الدعم بعد أن تم استبعاد فئات أخرى في الشهر ذاته، شملت المستفيدين من الخادمة المنزلية الأجنبية وأصحاب مكاتب استقدام الخادمات، والمخلصين الجمركيين وعاملي "وزارة الخارجية" في البعثات الدبلوماسية التابعة للنظام.
رفع الدعم لتخفيف العجز المالي
ويرى خبير اقتصادي مقيم في دمشق، أن سياسة رفع الدعم تهدف إلى تخفيف العجز المالي والنقدي الذي يعاني منه النظام بسبب العقوبات وصعوبة استيراد المشتقات النفطية. مضيفاً، أن النظام سيستمر في تقليص الدعم عن فئات جديدة مستقبلاً.
ويقول الخبير الاقتصادي "طلب عدم ذكر هويته" لموقع تلفزيون سوريا، "إنّ تلك السياسة تلحق الضرر بالفئات الهشة وغير القادرة على شراء السلع الغذائية الرئيسية بسعر السوق". وهو ما انعكس سلباً على الكثير من الأسر التي فقدت أمنها الغذائي ولجأت إلى تغيير نمط استهلاكها".
ويؤكد الخبير أن كثير من الأسر المستبعدة من الدعم من جراء أخطاء تقنية وتشابه أسمائها مع أسماء عوائل أخرى تملك سيارات أو عقارات، ما تزال مستبعدة من الدعم ولم يصحح وضعها، وهؤلاء سيضطرون إلى شراء الخبز والغاز المنزلي ومازوت التدفئة من السوق السوداء بسعر غير مدعوم.
وعليه، لجأت هالة إلى الاستعانة بجيرانها وبعض أقاربها من أجل الحصول على "الخبز والغاز"، لأنها غير قادرة على شرائهما من السوق السوداء، "أشتري خبز على بطاقة أختي التي لا تحتاج لشراء الخبز يوميا" كما تقول، وكذلك الحال مع الغاز الذي لا توفق بشرائه على بطاقة أقربائها لطول مدة تسليم أسطوانات الغاز والتي تتجاوز الـ 100 يوم.