icon
التغطية الحية

تحت ضغط الواقع.. التشجير بديلاً عن الزراعات الحولية في حمص

2022.08.22 | 15:35 دمشق

أرض زراعية في ريف حمص (خاص)
أرض زراعية في ريف حمص (خاص)
ريف حمص - خالد الحمصي
+A
حجم الخط
-A

يستمر القطاع الزراعي على غرار بقية القطاعات الاقتصادية في الداخل السوري بمواجهة التحديات والتراجع الملحوظ منذ سنوات، لكن الفترة الأخيرة كانت أثقل من قدرة المزارعين على التحمّل مما أجبرهم على تغيير أساليبهم المعتادة وتبديل محاصيلهم المنتجة، بأخرى تناسب ارتفاع أسعار المحروقات وانقطاع الري وفقدان الأسمدة.

استثمار خاسر

في حمص على سبيل المثال، كانت الزراعات الحولية في السابق مثل: القمح والشعير والذرة الصفراء والحمّص وعبّاد الشمس واليانسون هي زراعات رئيسية يعتمد المزارعون على محاصيلها للعيش وإعادة استثمار أراضيهم بشكل دوري، لكن لأسباب عديدة بدأ المزارعون بفقدان قدرتهم على الاستمرار بإنتاج هذه المحاصيل، وأخذوا بالبحث عن زراعات أفضل.

علي عيد، مهندس زراعي من مدينة الرستن أوضح لموقع تلفزيون سوريا، أن انقطاع مياه الري وارتفاع أسعار المحروقات وفقدان الأسمدة وتوقف عمل مراكز تحسين البذار إضافة إلى المضايقات التي يحاصر بها نظام الأسد الأهالي، من الأسباب التي أجبرتهم على الامتناع عن زراعة محاصيلهم المعتادة مشبهاً ما يحصل لهذه المحاصيل بما حصل مع الشوندر السكري الذي توقفت زراعته تماماً بعد أن كانت المنطقة منتجة نشطة له.

بدائل وحلول لمزارعي شمالي حمص: 

مع تنامي الخسائر وتعدد الصعوبات لجأ المزارعون إلى التشجير في محاولة للحفاظ على إنتاجية أراضيهم، مما ضاعف في فترة قصيرة المساحات المشجّرة بالزيتون والفستق الحلبي والعنب على وجه الخصوص.

وقال عبد القادر عزوز، صاحب مزرعة زيتون غربي حمص: "في السابق كان أغلبية المزارعين يمتنعون عن التشجير نظراً لارتفاع أرباح الزراعات الحولية وتوفّر الظروف المناسبة، أما الآن فهناك توجه للتشجير، خاصة للأشجار المقاومة للجفاف، بينما يتم زراعة الأشجار غير المقاومة كالجوز والرمان بمساحات قليلة".

التشجير في ريف حمص (خاص)
التشجير في ريف حمص (خاص)

وبلغت المساحات المزروعة بالزيتون نحو 960 ألف دونم، أما العنب فوصل إلى 190 ألف دونم، بينما تجاوزت مساحة الأراضي المشجرة بالفستق الحلبي 8500 دونم، (بحسب مدير زراعة حمص - نزيه رفاعي)، إذ يعتبر الفستق الحلبي زراعة جديدة في ريف حمص ويشهد إقبالاً كبيراً، خاصةً في أراضي الريف الشرقي كالمخرم والحراكي وأبوحكفا بعد أن نجحت تجارب زراعته في السنوات السابقة.

محمد الزياد، مزارع من بلدة فيروزة شرقي حمص قال: "لم تكن المنطقة تشهد هذه الكمية الضخمة من التشجير، بينما حالياً يُطلب منا بما أن بلدتنا مشهورة بزراعة العنب في ريف حمص، كميات كبيرة من غرسات العنب، كما ازداد الطلب خاصة في مناطق ريف حمص الشمالي التي كانت تركز على المحاصيل الحولية".

صعوبات جديدة تواجه المزارعين:

الأسلوب الزراعي الجديد غير محصن من مواجهة المصاعب، حيث يجد العديد من المزارعين أنفسهم أمام مشكلات جديدة تعوقهم عن الاستثمار في هذا المجال، بدءاً من التكلفة الأولية الضخمة التي يتطلبها هذا النوع من المشاريع وليس انتهاءً باحتياجات التنمية والعناية.

أبو أحمد السايح، مهندس زراعي من مدينة حمص وصاحب مشتل، تحدث عن الأمر موضحاً: "لم يكن هذا النوع من المشاريع غائباً عن بال المزارعين في السابق، لكن منع تشجير الأراضي المصنفة كأراضٍ زراعية الذي كانت تفرضه حكومة النظام في سوريا وانتفاء الحاجة جعله محدوداً.

وتابع: "أما اليوم فثمة تغاض كبير عن التشجير، لكن هذه المشاريع تتطلب مبالغ مالية ضخمة، وتكلفة تشغيلية أضخم، فمثلا يبلغ سعر غرسة الفستق الحلبي الجيدة مايعادل 6 دولارات أميركية، أي إن ثمن غرسات تكفي لتشجير دونم واحد يحتاج أكثر من نصف مليون ليرة سورية".

ويعد تعطل إنتاج الأراضي بينما تنمو الأشجار وتبدأ بتقديم الثمار واحداً من الصعوبات التي يواجهها المزارعون، لذلك اضطر العديد منهم إلى التشجير بالتدريج، حيث يقومون بتشجير ثلث ممتلكاتهم بدايةً، ثم تشجير ثلث آخر بعد ثلاث سنوات، إذ تحتاج الأشجار ما بين 4 إلى 7 سنوات لتعطي الإنتاج تبعاً للنوع والصنف، الأمر الذي لا يستطيع المزراع تحمل تكاليفه.

سياسات النظام السوري تعيق نهوض الزراعة في حمص:

رغم محاولات المزارعين للنهوض بحالتهم الاقتصادية وإصلاح ما يمكن إصلاحه يجد هؤلاء أنفسهم مرة جديدة في مواجهة نتائج غير مرضية، حيث بدأت الأصوات تتعالى ضد سياسات النظام التي تزيد الحالة تعقيداً.

فبينما لا يقدم النظام أي حلول أو دعم لللزراعة، نراه يشارك في التضييق والإعاقة، حيث يبيع الأسمدة والعدد الزراعية المستوردة بما يتناسب مع حالة الاستيراد وأسعار صرف العملة السورية أمام الدولار، ويفرض بيع المنتجات بما يتناسب مع تقديراته للرواتب والمعاشات التي يتلقاها موظفوه.

علي عمران من تيرمعلة في ريف حمص الشمالي وصف الوضع قائلاً: "سياسات النظام تهدف إلى تدمير الناس لا الزراعة، وقلع الناس لا الأشجار"، مضيفاً: "يمنع النظام توريد منتجاتنا، ويفرض الضرائب على المستورد، تخيل أن سعر لتر زيت الدوار أقل من سعر زيت الزيتون، هذا أمر لم نسمع عنه من قبل أبداً".