رغم مرور أكثر من سبعة أشهر على كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا، في 6 شباط الماضي، ما تزال معظم مدارس اللاذقية خارج الخدمة، رغم بدء العام الدراسي، قبل أيام.
وبحسب مدير التربية في اللاذقية عمران أبو خليل في تصريحات لـ وسائل إعلام مقرّبة من النظام السوري، يوجد في المحافظة 1200 مدرسة، 22 منها تحوّلت إلى مراكز إيواء مؤقتة، في حين تعرّضت 250 مدرسة لضرر جزئي بسبب الزلزال، و100 مدرسة لضرر كلّي، وهي قيد الهدم.
وتضم مدارس محافظة اللاذقية هذا العام أكثر من 268 ألف تلميذ، ونتيجة للازدحام في المدارس؛ تعتمد نحو 75% من المدارس دوامين للدراسة، صباحاً ومساء.
من جانبه قال رئيس دائرة الأبنية المدرسية في مديرية التربية باللاذقية" شيراز القصعلي، إنّ المديرية عمِلت مع المنظمات الدولية على صيانة 150 مدرسة من المدارس ذات الأضرار البسيطة، كما أمّنت بالتعاون مع المنظمات بعض الغرف مسبقة الصنع للمدارس المستأجرة المتضررة، في حين أشرف الهلال الأحمر الإماراتي على صيانة شاملة لنحو 36 مدرسة وروضة وثلاثة ملاحق، وما تزال 108 مدارس مغلقة بشكل كامل.
وأضاف "القصعلي" أن منظمة "يونيسيف" تولّت مع منظمة الإسعاف الأولي ومنظمة "آدرا" ترميم 11 مدرسة لحقت بها أضرار متوسطة.
مدارس بديلة بعيدة
مع بداية العام الدراسي الجديد، أكّد الناشط الإعلامي أحمد اللاذقاني في حديث لموقع تلفزيون سوريا، أنّ عدة مدارس بينها ابتدائية وإعدادية وثانوية لم تفتح هذا العام، ونُقل طلابها إلى مدارس أُخرى، مشيراً إلى عدم صيانة المدارس التي بحاجة إلى ترميم.
وأضاف أن بعض العائلات اضطرت لنقل أطفالها إلى مدارس تبعد 10 أو 15كم عن مركز المدينة، وفي بعض القرى إلى مسافات أبعد من أجل تدريس الأطفال، وهو ما زاد الأعباء المادية، وأدى إلى تكدس المدارس المزدحمة أصلاً قبل كارثة الزلزال.
يتحدث عبد الله السعيد وهو والد لطفلين يقيم قرب المدينة الرياضية في اللاذقية، عن معاناته اليومية في إيصال ولديه إلى المدرسة بعد خروج مدرستهم القديمة عن الخدمة وحاجتها للترميم.
يضطر "السعيد" إلى قطع مسافة 12كم على دراجة هوائية لإيصال أولاده صباحاً، بينما تقطع زوجته المسافة ذاتها مشياً على الأقدام لإحضار الأطفال، لأنّ زوجها يكون في وظيفته.
ويؤكد الشاب الثلاثيني في حديث لموقع تلفزيون سوريا أنّ هذه المعاناة اليومية لا يمكن تحملها، وحاله مثل المئات من أبناء المنطقة الذين يضطرون لنقل أطفالهم وفق هذه الطريقة أو استئجار سيارة خاصة أو باص تكاليفه قد لا يحتملها الكثير.
"ازدحام كبير"
تعاني مدارس اللاذقية، منذ 11 عاماً تقريباً، من ازدحام كبير في الصفوف الدراسية، مع تجاهل حكومة النظام السوري حاجة المحافظة إلى مدارس جديدة.
وعقب الزلزال المدمّر وخروج العديد من المدارس عن الخدمة، تفاقمت الأوضاع بشكل كبير، وباتت معظم الصفوف لا تقل عن 40 إلى 50 طالباً.
ويوضّح المدرس أحمد صالح - الموظف في مدرسة ابتدائية بريف جبلة - أن عدد طلاب صفه 56 طالباً، مضيفاً في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا أنّ هذا الوضع عام وليس خاصاً بالمدرسة التي يعمل فيها.
تتكرّر شكاوى زيادة أعداد الطلاب في الصفوف كثيراً، مع بداية العام الدراسي، وقالت دعاء وهي والدة لطفل في الصف الرابع بمدرسة جنوبي جبلة، إنّ ابنها في صف يضم أكثر من 50 طالباً رغم أن المدرسة بنظام دوامين، وتساءلت:" كيف يمكن أن يتلقى طفلي درسه وسط هذه الفوضى، الطلاب يجلسون ثلاثة في المقعد وبعضهم على كراسي، لو أراد المعلم تخصيص دقيقة فقط لتصحيح الوظائف لن يلحق خلال حصته الدراسية".
وأكّدت والدة الطالب أن التعليم الحكومي منذ سنوات بات سيئاً جداً مع كثرة غياب المعلمين وضعف جودة التعليم، والفوضى والازدحام، والكتب القديمة، مردفةً: "لا مفر من التعليم الحكومي ليس بإمكاننا وضعهم في مدارس خاصة أو دروس خصوصية آمل أن يتغير هذا الوضع".
"القرطاسية ميزانية خاصة"
من جانب آخر، ارتفعت أسعار القرطاسية هذا العام إلى أكثر من 200% عن الفترة نفسها من العام الفائت، مع استمرار تراجع الليرة السورية.
وبلغت أسعار الدفاتر العادية نحو 3500 ليرة للواحد منها، أما أسعار أقلام الحبر والرصاص، فتراوحت أسعارها ما بين 2000 و3000 للقلم، عدا الملابس والكتب للمراحل فوق التعليم الأساسي، والزي لمرحلة التعليم الأساسي.
ويؤكد الناشط الإعلامي في جبلة "أبو يوسف جبلاوي" لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّ كل طفل في مرحلة التعليم الأساسي يحتاج إلى مبلغ يزيد على 400 ألف ليرة سورية، بينما كل طالب في مرحلتي الإعدادي والثانوي يحتاج إلى نحو 500 ألف ليبدأ عامه الدراسي.
إسحق غزال - والد لثلاثة أطفال اثنان منهم في المدارس الثانوية والتعليم الأساسي وآخر في المرحلة الابتدائية - قال لموقع تلفزيون سوريا إنه حاول تخفيف المشتريات للحد الأدنى واعتمد على لباس العام الماضي ومع ذلك دفع 600 ألف ليرة ثمن كتب وقرطاسية وحقائب.
وأضاف: "سمعنا كثيراً عن مساعدات سيتم توزيعها على الطلاب لكن بدأ العام الدراسي ولم نرَ أي شيء واضطررت أخيراً للاستجابة إلى ضغوط الأولاد والمدرسة، واشتريت ما يلزم رغم الضائقة المادية".
ووسط كل هذا الغلاء والواقع التعليمي المتدهور تسود مخاوف من أن تؤدي هذه الأوضاع إلى زيادة التسرّب المدرسي، وعزوف العائلات عن إرسال أولادها إلى المدارس.
وسبق أن كشف رئيس دائرة التعليم الأساسي في وزارة التربية التابعة لـ"حكومة النظام" رامي ضللي، أن نسب التسرب المدرسي في بعض المحافظات يصل إلى 12% من مجمل الطلاب، في حين تقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، إنّ أكثر من 2.4 مليون طفل سوري غير ملتحقين بالمدرسة، منهم 40% تقريباً من الفتيات.