قال "لويس ميغيل بوينو" المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، إن بروكسل ترى أن ظروف العودة الآمنة للاجئين السوريين لم تتحقق حتى الآن، مؤكداً أن الاتحاد ما زال محافظاً على سياسته تجاه اللاجئين، ضامناً حمايتهم على أراضيه.
وأضاف "لويس بوينو" في حديث خاص مع موقع "تلفزيون سوريا" أن العقوبات الأوروبية ضد النظام السوري عزلته دولياً، وقائمة العقوبات تحدث دورياً بما يتوافق مع تطورات الأوضاع على الأرض".
وأشار الدبلوماسي الأوروبي إلى أن روسيا استخدمت في أوكرانيا التكتيكات ذاتها العسكرية التي استخدمتها في سوريا لتحقيق مصالحها من دون أيّ اعتبار للمدنيين والبنى التحتية المدنية.
وبخصوص العملية العسكرية التركية المرتقبة في شمال سوريا، أكّد بوينو أن "الاتحاد الأوروبي يحث على ضبط النفس. إذ ينبغي معالجة مخاوف تركيا الأمنية عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية، وليس بالعمل العسكري".
حوار موقع "تلفزيون سوريا" كاملاً مع "لويس ميغيل بوينو":
1- هل استغلت روسيا نفوذها العسكري والسياسي بالملف السوري لتعويض فشلها في غزو أوكرانيا؟
على الرغم من اختلاف النزاع في سوريا عن ذلك الدائر في أوكرانيا، ثمة أوجه تشابه بينهما. ما نراه هو أن روسيا تستخدم التكتيكات عينها في كل من البلدين لتحقيق أهدافها العسكرية.
في سوريا، كانت روسيا إحدى القوى الخارجية المتعددة التي تدخلت في النزاع. وقد دعمت النظام السوري عبر استخدام الأسلحة المدفعية بلا رحمة ومن دون أيّ اعتبار للمدنيين والبنى التحتية المدنية، وهذا أيضاً ما فعلته روسيا في أوكرانيا. لكنّ روسيا هي المعتدية الوحيدة في ذلك البلد. وهي تحارب حكومة منتخبة ديمقراطياً وترتكب جرائم مماثلة لتلك التي ارتكبها النظام في سوريا.
وفي سوريا، حاول الاتحاد الأوروبي الضغط على النظام -عن طريق العقوبات والعزلة الدبلوماسية- بغية وضع حد للعنف والقمع. أما بالنسبة لأوكرانيا، فنرى أن روسيا قد أعادت الحرب إلى القارة الأوروبية، مما يشكل تهديداً لمشروع الاتحاد الأوروبي. لكنّ رد فعلنا كان أيضاً غير مسبوق. وقد استخدمنا الأدوات عينها – أيّ العقوبات والعزلة الدبلوماسية – وسوف نستمر في الضغط على الكرملين لإيقاف عدوانه.
2- ما الذي خسرته الدول الأوروبية من عدم كبح جماح روسيا في سوريا والذي انتقل إلى أوكرانيا خلال الأشهر الماضية؟
لا أعتقد أن روسيا غزت أوكرانيا لأنّها شعرت بالقوة في سوريا. في الواقع، لا أحد يعلم فعلاً الأسباب الحقيقية لهذا الغزو. فقد قدّم الروس أعذاراً مختلفة، قائلين إن الأوكرانيين نازيون جدد أو أنهم يرتكبون إبادة جماعية ضدّ مواطنين روس أو أنهم على وشك استخدام أسلحة بيولوجية.
لقد زعمت روسيا كل تلك الأسباب لإخفاء هدف احتلال الأراضي بالقوة. وهذا ما رأيناه في الأشهر الماضية. فروسيا تقوم فعلياً بالاستيلاء على أراضي جارتها بالقوة العسكرية. ويمثل ذلك تحدياً كبيراً للأمن العالمي،
وأيضا تحدياً كبيراً للأمن الأوروبي. دعونا لا ننسى من أين بدأت الحربان العالميتان الأكثر تدميراً. هل بدأتا في العالم العربي؟ كلا، لقد بدأتا في أوروبا، بين القوى الأوروبية.
3- ما موقف الاتحاد الأوروبي من العملية العسكرية التركية في شمال سوريا؟
تُعد تركيا شريكاً رئيسياً للاتحاد الأوروبي ولاعباً بالغ الأهمية في الأزمة السورية والمنطقة. وفي هذا الصدد، يثني الاتحاد الأوروبي على تركيا لدورها الهام كبلد مضيف للاجئين السوريين ولتأييد وقف إطلاق النار في إدلب.
ويحث الاتحاد الأوروبي على ضبط النفس. ينبغي معالجة مخاوف تركيا الأمنية عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية، وليس بالعمل العسكري، وفقاً للقانون الدولي الإنساني.
ولا يمكن ضمان حل مستدام للأزمة في سوريا إلا من خلال انتقال سياسي حقيقي بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 وبيان جنيف للعام 2012 الذي تفاوضت عليه الأطراف السورية في إطار عملية جنيف التي تيسرها الأمم المتحدة. ويبقى الاتحاد الأوروبي ملتزماً بوحدة الدولة السورية وسيادتها وسلامة أراضيها.
4- تحاول تركيا إنشاء منطقة آمنة وإرسال مليون لاجئ طوعياً إليها، ما موقف الاتحاد الأوروبي من ذلك، وهل تدعم بروكسل مالياً أو سياسياً الخطوة التركية؟
لم يتغير موقف الاتحاد الأوروبي من ملف عودة اللاجئين إلى سوريا. ويدعم الاتحاد الأوروبي عمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وتقييمها الحاليين، فلديها ولاية واضحة لحماية اللاجئين ودعم الحلول المستدامة لقضيتهم، بما في ذلك العودة الطوعية إلى الوطن، عند الاقتضاء.
ويحق لجميع السوريين العودة إلى ديارهم، لكننا نعتبر، بناءً على تقييم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بأن هذه الظروف لم تتحقق بعد. فالمطلوب أولًا هو تهيئة الظروف لعودة آمنة وطوعية وكريمة للاجئين والنازحين داخلياً، وذلك وفقاً للقانون الدولي ومبدأ عدم الإعادة القسرية. وسوف يقوم الاتحاد الأوروبي بدعم عمليات العودة التي تيسرها الأمم المتحدة في الوقت المناسب، متى توفر الظروف لذلك.
5- هل ما زال هناك تنسيق بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بما يخص الملف السوري وأزمة اللاجئين؟
منذ بداية النزاع، يعمل الاتحاد الأوروبي عن كثب مع الدول الأعضاء فيه والأمم المتحدة والدول الأخرى المتفقة في الرأي معنا، ولا سيما المملكة المتحدة، من أجل التوصل إلى حل سياسي للنزاع في سوريا ومسألة اللاجئين. ولا يزال هذا هو الحال.
6- كيف يقيم الاتحاد الأوروبي قانون الهجرة الذي أقرته بريطانيا مؤخراً، والذي يشمل إرسال طالبي اللجوء إلى راوندا في شهر حزيران الجاري؟
لا يمكننا التحدث نيابة عن المملكة المتحدة فهي ليست دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي. ولكنّني أضمن لكم أن سياسة الاتحاد الأوروبي المتعلقة باللجوء لم تتغير. فالاتحاد الأوروبي منطقة تحمي الأشخاص الهاربين من الاضطهاد أو من الأذى الجسيم في بلدانهم الأصلية.
واللجوء حق أساسي والتزام دولي للبلدان، كما هو معترف به في اتفاقية جنيف للعام 1951 الخاصة بحماية اللاجئين.
في الاتحاد الأوروبي الذي يشكل منطقة ذات حدود مفتوحة وحرية التنقل، تتشارك الدول الأعضاء القيم الأساسية عينها ونهجاً مشتركاً لضمان معايير عالية من الحماية للاجئين.
وتتحمل دول الاتحاد الأوروبي مسؤولية مشتركة لاستقبال طالبي اللجوء بطريقة كريمة، مع ضمان معاملتهم بإنصاف والنظر في قضيتهم وفقاً لمعايير موحدة. وهذا يكفل الحصول على نتيجة مماثلة، أيّاً كان مكان تقديم الطلب. فعلى الإجراءات أن تكون عادلة وفعالة في جميع أرجاء الاتحاد الأوروبي وغير قابلة للإساءة.
7- الدنمارك عضو في الاتحاد الأوروبي، ولكنها أبطلت ملفات لاجئين سوريين يقيمون على أراضيها بحجة أن مناطق النظام السوري آمنة، وهي ليست كذلك بالنسبة لمئات آلاف السوريين، ما موقف بروكسل من ذلك؟
الاتحاد الأوروبي لم يغير سياسته تجاه اللاجئين كما ذكرت آنفاً. كل دولة عضو في الاتحاد لديها حق معالجة طلبات اللجوء التي تتلقاها. وهذا يشمل قرار منح اللجوء أو إبطاله. ويمكن لطالب (أو طالبي) اللجوء الطعن بالقرارات المتعلقة بوضعهم لدى السلطات الوطنية المختصة، وكملاذ أخير لدى محكمة الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان.
وعلى الرغم من وجود حالات محتملة للاجئين سوريين نُزعت هذه الصفة عنهم من جانب بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فإن الاتحاد الأوروبي بمجمله ما زال يرحب باللاجئين السوريين، بحيث إنّه استقبل أكثر من مليون سوري منذ بداية النزاع.
8- ما التأثير الذي شكلته عقوبات الاتحاد الأوروبي على سلوك نظام الأسد خلال السنوات الماضية، وما الهدف من تمديدها لعام آخر؟
نعتقد أنّ العقوبات قد ساهمت في عزل النظام السوري دولياً، وحملته الكثير من التكاليف، لقد فرض الاتحاد الأوروبي منذ العام 2011 عقوبات على نظام بشار الأسد رداً على القمع العنيف الذي مارسه ضد السكان المدنيين. كما أنّها تستهدف الشركات ورجال الأعمال البارزين الذين يستفيدون من علاقاتهم مع النظام واقتصاد الحرب.
وشملت هذه الإجراءات التقييدية أيضاً حظراً على استيراد النفط، والقيود التي تمّ فرضها على بعض الاستثمارات، وتجميد أصول مصرف سوريا المركزي المحتفظ بها في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى القيود المفروضة على تصدير المعدات والتكنولوجيا التي قد تُستخدم في القمع الداخلي، فضلاً عن المعدات والتكنولوجيا الخاصة برصد أو اعتراض الاتصالات عبر الإنترنت أو الهاتف.
إنّ عقوبات الاتحاد الأوروبي في سوريا معدة لتفادي أيّ تأثير على المساعدة الإنسانية، وهي بالتالي تهدف إلى عدم التأثير على إيصال المواد الغذائية والأدوية والمعدات الطبّية. ويقوم الإتحاد الأوروبي بإبقاء تطورات النزاع السوري قيد استعراض مستمر، وبإمكانه اتخاذ القرار بتجديد العقوبات وتعديل قائمة الكيانات أو الأشخاص المستهدفين استناداً إلى ما يطرأ من تطورات على أرض الواقع.
9 - هل ضمت العقوبات الأوروبية الجديدة شخصيات أخرى في نظام الأسد؟
باتت قائمة الكيانات والأشخاص الخاضعين للعقوبات على ضوء الوضع في سوريا تضم الآن 292 شخصاً معرضين لتجميد أصولهم وحظر سفرهم، و70 كياناً خاضعاً لتجميد الأصول. أضيف إليهم مؤخراً 4 وزراء في حكومة نظام الأسد.
بالإضافة إلى ذلك، يُحظر على الأشخاص والكيانات في الاتحاد الأوروبي توفير الأموال للكيانات والأفراد المدرجين في القائمة.