ملخص:
- "هيئة تحرير الشام" تواصل انتشارها في مدينة بنش ومحيطها شرقي إدلب وتعتقل عدة أشخاص.
- استقالة مشايخ وخطباء احتجاجاً على انتهاكات الهيئة.
- الهيئة تعيد تموضع قواتها في بنش وتغير توزع حواجزها الأمنية.
- حملة اعتقالات جديدة رغم مبادرة وجهاء المدينة للتفاوض وتعليق المظاهرات.
- وجهاء المدينة يطالبون بالإفراج عن معتقلين ويهددون بالمشاركة في الحراك بأنفسهم.
تواصل "هيئة تحرير الشام" انتشارها في مدينة بنش ومحيطها شرقي إدلب، بالتزامن مع اعتقال عدة أشخاص أمس السبت، ما أدى إلى إعلان مشايخ وخطباء استقالاتهم احتجاجاً على انتهاكات الهيئة واستمرار عمليات الاعتقال التعسفي.
وأفاد مصدر محلي لموقع تلفزيون سوريا، بأن عناصر هيئة تحرير الشام ما زالوا منتشرين داخل أحياء مدينة بنش، وفي محيطها من كل الاتجاهات، بعد تخفيف بسيط طرأ على عدد العناصر يوم الجمعة الماضي.
وذكر المصدر أن الهيئة أعادت تموضع قواتها داخل مدينة بنش وعلى أطرافها، مع تغيير في توزيع حواجزها الأمنية المنتشرة في حارات المدينة وعلى مفارقها الرئيسية.
اعتقالات جديدة
نفذت الهيئة اعتقالات جديدة في بنش، بالرغم من إطلاق مبادرة من وجهاء المدينة للتوصل إلى حلول، تنصّ على تعليق المظاهرات بشكل مؤقت وتشكيل لجنة للتفاوض، مقابل انسحاب القوى الأمنية التابعة للهيئة من المدينة.
وعلى إثر ذلك، أوقف الحراك في بنش المظاهرات بشكل مؤقت، وألغى مظاهرته يوم الجمعة بالرغم من التنسيق لها، مع تشكيل لجنة للتفاوض، قابل ذلك انسحاب شكلي للهيئة من المدينة، واستقدام تعزيزات إضافية إلى محيطها.
وبعد ذلك، عقد وجهاء المدينة لقاء مع مسؤولي الحراك، الذين أشاروا إلى إخلال "هيئة تحرير الشام" بالاتفاق، وبعد انتهاء الاجتماع وخروج أطرافه، فوجئ الحضور بكمين نفذته الهيئة، واعتقلت من خلاله شخصاً من مسؤولي الحراك بعد تطويق سيارته.
وتوجه وجهاء المدينة إلى إدارة المنطقة للمطالبة بالإفراج عن الشخص المعتقل، إلا أن الهيئة رفضت، ما دفع الوجهاء لتحديد مهلة تنتهي ظهر اليوم لإطلاق سراحه، مهددين بالمشاركة في الحراك بأنفسهم.
استقالات وتهديد بالانسحاب من المبادرة
على خلفية الاعتقالات واستمرار الانتشار الأمني للهيئة في المدينة، قدّم عدد من المشايخ الاستقالة من الخطابة، كما هدد بعضهم بالانسحاب من اللجنة أو المبادرة المكلفة بالحل في المدينة.
ومن ضمن المستقيلين، إمام وخطيب المسجد الكبير في بنش، الشيخ ساري السيد، وهو من وجهاء وأعيان المدينة، وأحد أعضاء اللجنة المكلفة بالحل.
وكذلك استقال عدة مشايخ من مدينة بنش من الخطابة على خلفية الأوضاع التي تشهدها المدينة، ومنهم الشيخ معن دياب، والشيخ عبد الكريم علي باشا، والشيخ عبد القادر حمودي، والشيخ أحمد زين العابدين سماق، والشيخ أحمد جحجاح.
وقبل نحو أسبوعين أقام عدد من سكان مدينة بنش شرقي إدلب صلاة الجمعة في إحدى الساحات العامة، بعدما أصدرت "الأوقاف" التابعة لـ "حكومة الإنقاذ" قراراً بعزل خطيب مسجد الحسين، حذيفة علي باشا، بسبب دعمه للحراك المناهض للجولاني.
وقال علي باشا في منشور: "أخبرني مسؤول الأوقاف في بنش منذ قليل بإقالتي من الخطابة في جامع الحسين في بنش بناء على قرار من وزارة أوقاف الجولاني، سعياً منهم لثنيي عن الاستمرار في تأييد مطالب أهلي في الحراك الثوري".
وأضاف: "ما دروا أن مثل هذه القرارات تكشف حقيقتهم، وتفضح سريرتهم أكثر وأكثر، وستزيد عزيمتنا، وتُعلي همتنا، وتزيد إصرارنا على إسقاط الجولاني وجهازه القمعي"، بحسب وصفه.
من جهتها، تحدثت حسابات مقربة من الهيئة، عن القيام ببادرة حسن نية تمثلت في الإفراج عن كل من، باسل صبحي شعيب، محمد سلات، أسعد عبد الحكيم الأسعد، عبد القادر عبيد.
ومما أثار الجدل، هو تصوير الأشخاص الأربعة بطريقة تظهرهم وكأنهم "مجرمون" وتعمد نشر الصور على الحسابات غير الرسمية، رغم أن تهمتهم هي التظاهر ضد "الجولاني".
وتواصل الهيئة اعتقال نحو 10 أشخاص بسبب المشاركة في المظاهرات المناهضة لزعيمها "الجولاني" في مدينة بنش، منهم المنشد "أبو رعد الحمصي".
ونشرت "إدارة المنطقة الوسطى" التابعة للهيئة بياناً، قالت فيه إنه "لا صحة للأنباء التي تتحدث عن العفو أو إعطاء الأمان للمتورطين في محاولة اغتيال مسؤول كتلة بنش، والمعتدين على مخفر المدينة".
وأضافت: "كبادرة حسن نية قامت الجهات المختصة بتخفيف الانتشار الأمني ضمن المدينة وفتح باب الحوار".
مبادرة إنهاء التوترات في بنش
عقد وجهاء بنش يوم الأربعاء الماضي، اجتماعاً لبحث الأوضاع والتطورات الأخيرة في المدينة، وخرجوا بمبادرة موجهة إلى الحراك الشعبي و"هيئة تحرير الشام"، بهدف إنهاء التوترات.
وتنص المبادرة على تشكيل الحراك الشعبي لجنة تفاوض على وجه السرعة، وسحب "هيئة تحرير الشام" لكل وحداتها المنتشرة في المدينة، ومن ثم يجلس ممثلون عن الحراك و"الهيئة" على طاولة المفاوضات للوصول إلى اتفاق مرضٍ للطرفين.
وتطالب المبادرة الحراك الشعبي بتعليق المظاهرات في مدينة بنش طوال فترة التفاوض ولحين التوصل إلى اتفاق، وتشدد على أن تبدأ المفاوضات بالحديث عن إخراج جميع المعتقلين، والعمل على حل كل الإشكالات الأخرى.
واقتحمت "هيئة تحرير الشام" مدينة بنش يوم الجمعة 5 تموز الحالي، بذريعة قيام المتظاهرين بحرق المخفر، وعلى الرغم من نفي الحراك ومثقفي وناشطي المدينة مسؤولية المتظاهرين عن ذلك فإن "الهيئة" استمرت بالتصعيد.
التصعيد في بنش
وبدأت التوترات في مدينة بنش قبل أكثر من أسبوع، بعد خروج مظاهرة عقب صلاة الجمعة تطالب بإسقاط زعيم "تحرير الشام" أبو محمد الجولاني، وإطلاق سراح المعتقلين في سجون "الهيئة"، وذلك في إطار الحراك المستمر منذ عدة أشهر.
وبعد انتهاء المظاهرة، لاحقت دورية من "تحرير الشام" عدداً من منظميها واعتقلت المنشد حسام متعب حمادة الملقب "أبو رعد الحمصي"، رغم محاولة حمايته من قبل المدنيين.
وعقب اعتقال حمادة، توجه المحتجون نحو مخفر المدينة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، تزامن ذلك مع اتهام "تحرير الشام" للحراك بمحاولة اغتيال مسؤول كتلة بنش الملقب "أبو فاضل".
وعلى ضوء هذه التوترات، دفعت هيئة تحرير الشام بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى مدينة بنش، ضمت عشرات السيارات والآليات المصفحة، حيث انتشرت في أحياء المدينة بعد تطويقها، وأطلقت في وقت لاحق حملة اعتقالات أسفرت عن اعتقال 8 مدنيين.
مثقفو وناشطو بنش يطالبون بوقف انتهاكات تحرير الشام
أصدر مثقفو وناشطو مدينة بنش بياناً، الأحد الماضي، بخصوص الأحداث الأخيرة، انتقدوا فيه الانتشار الأمني والعسكري الكبير لـ"تحرير الشام" في المدينة، وتجوال السيارات الأمنية من دون لوحات، واستمرار حملة الاعتقالات ومداهمة البيوت في ساعات الفجر.
ودان البيان حادثة إطلاق النار على سيارة مدير المنطقة الوسطى من قبل أحد المتظاهرين، معتبراً أن اعتقال رفاقه بعد المظاهرة من قبل جهاز الأمن العام لا يبرر له استخدام العنف والسلاح.
كما دان البيان حادثة الاعتداء على المخفر "من قبل طرف ما زال مجهولاً وغير معلوم لأهالي المدينة حتى اللحظة"، مطالباً مخفر المدينة وجهاز الأمن العام بنشر الأدلة التي تثبت الاتهامات لأبناء بنش بالحادثة، بما في ذلك تسجيلات كاميرات المراقبة.