icon
التغطية الحية

احتفالات رأس السنة في سوريا.. غناء ورقص فوق الأنقاض

2022.12.31 | 14:03 دمشق

دوما بريف دمشق بعد سيطرة نظام الأسد
بيوت مدمرة في دوما بريف دمشق بعد سيطرة نظام الأسد ـ رويترز
اللاذقية ـ علي أحمد
+A
حجم الخط
-A

"غناء ورقص فوق الأنقاض"، وصف ينطبق على ما يجري في سوريا من تحضيرات لاستقبال العام الجديد، وسط أزمات اقتصادية ومعيشية متكررة تعصف بالبلاد، التي تضم أكبر عدد للنازحين والمهجرين قسرا في العالم "6.9 ملايين نازح"، من دون نسيان اللاجئين والمشردين والمعتقلين في سجون النظام السوري.

يقبل فنانون سوريون ولبنانيون إلى دمشق واللاذقية لإحياء حفلات رأس السنة، لطبقة الأثرياء وأمراء الحرب والسلطة، حيث إن 90 في المئة من السوريين يرزحون تحت خط الفقر وبحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

من سيحتفل برأس السنة في سوريا؟

اللافت هذا العام هو الإقبال الشديد من الطبقات الميسورة على حضور هذه الحفلات حيث يبدأ سعر البطاقة من 400 ألف ليرة، وأفاد مصدر بأن "معظم حجوزات حفلات الفنانين اللبنانين كاملة"، ويرى المصدر أن "تحدّي إقامة حفلة رأس السنة والميلاد في ظلّ الأوضاع الراهنة هو تحدٍّ كبير وأشبه بمعركة وجود".

وبحسب أحد منظمي حفل في فندق الشيراتون بدمشق فإن "الإقبال جيّد هذا العام نسبةً لأوضاع البلد، غير أنّه لا يمكننا تحديد العدد النهائي إذ ما زلنا نتلقّى الحجوزات حتّى الساعة".

في وقت سابق كشف مدير الجودة في وزارة السياحة التابعة للنظام زياد البلخي لـ إذاعة أرابيسك أن أسعار حفلات رأس السنة تبدأ من 27 ألف ليرة ، مشيراً إلى أنه لايمكن تحديد تسعيرة واحدة للحفلات فالأسعار تتفاوت تبعاً للتكاليف المرتبطة بشكل أساسي بالفنان ودرجة نجوميته فذلك يتحكم بارتفاع السعر وانخفاضه. موضحاً أن كل صاحب منشأة مُلزم بالإعلان الواضح عن أسعاره والحصول على موافقة من وزارة السياحة قبل أن يرفع أي سعر ، علماً أنه يتم التصديق على الأسعار من الوزارة بناء على كلف التشغيل المباشرة وغير المباشرة.

وأكد البلخي أنه لدينا منشآت سياحية جميلة وتقدِّم حفلات بأسعار تبدأ من مبالغ مقبولة وتتصاعد حسب الخدمات والتكاليف قائلاً "بلدنا بلد جميل ولا نتمنى أن يذهب المواطن السوري لحضور حفلة رأس السنة في الخارج ".

ميلاد سوري حزين هذا العام

رغم أن عيد الميلاد يفترض أن يحمل في ثناياه فرحاً للجميع وخصوصاً للفقراء وكان السوريون من أتباع الديانة المسيحية ينتظرون هذا الوقت من العام ليحتفلوا ابتهاجاً بميلاد المسيح. ولكن هذا العام كان صعبا على المسيحيين الذين يعملون في قطاعات الدولة أن يحتفلوا بعيد الميلاد.

"جورج" موظف أربعيني، أكد لموقع تلفزيون سوريا أن الميلاد هذا العام كان مثله مثل أي يوم من العام، فارتفاع الأسعار الكبير وعدم كفاية الراتب الشهري وصعوبة إيجاد عمل في قطاع خاص أجبره على التخلي عن مظاهر الاحتفال، فلا تزيين للمنزل ولا تحضير لعشاء العيد.

ويضيف "أعلم أن أولادي الثلاثة لن يستوعبوا ألا يلبسوا ثياباً جديدة هذا العام ولا عشاء ولا حلويات، ولكن ماذا أفعل هل أسرق لأطعمهم؟!".

مشكلة جورج هي مشكلة كل السوريين ولكن ما يميزها هو أنها تتزامن مع العيد، ويعلم جورج أن معاناته هي معاناة جموع السوريين ممن يقتاتون على الفتات أو من لديه مغترب يرسل له الأموال شهرياً.

فكل يوم تختلف أسعار المواد الغذائية والمحروقات وأجور الطرقات، إضافة إلى الحاجيات الأساسية من مواد تنظيف المنزل ومواد غذائية أساسية وأشياء تعتبر أساسية ولكن لم يعد بإمكان المواطن اقتناؤها.

وبينما ينازع السوريون اليوم لتأمين قوت يومهم يعيش آخرون حياة مختلفة، ومع نهاية العام الحالي وتزامنا مع موسم الأعياد ظهرت  على السطح الفوارق الطبقية بين السوريين بشكل حاد، فالإعلانات الطرقية عن حفلات الميلاد وسهرة رأس السنة تملأ الشوارع وصفحات التواصل الاجتماعي في وقت يتسابق فيه المواطنون ليحجزوا مقعداً فارغاً في وسيلة نقل تقلهم لمنازلهم وأعمالهم.

مكاسب لعمال المطاعم وصالونات التجميل

مع الأسعار المخيفة التي أعلنت عنها معظم فنادق وصالات الحفلات في سوريا لحفلات الميلاد ورأس السنة وامتلاء الحجوزات يظهر تساؤل عمن يستطيع دفع هذه التكاليف المخيفة لمثل هذه الحفلات خصوصاً أن ثمن البطاقة ليس وحده ما يدفعه هؤلاء، فهنالك الملابس وحجوزات مزيني الشعر للفتيات وووقود للسيارات وما إلى ذلك. وهذا ما أكد حقيقة وجود طبقة من الناس في سوريا لم تتأثر حتى اللحظة بالأزمة المعيشية الأخيرة من ارتفاع أسعار صرف الدولار وارتفاع سعر المحروقات. وهؤلاء ليسوا بالقليلين وليسوا فقط من المغتربين الذين يقدمون لسوريا لقضاء فترة الأعياد مع ذويهم.

اقرأ أيضا: الأسوأ لم يأت بعد.. سوريا تودع 2022 بأزمات غير مسبوقة وانهيار تاريخي لليرة

بحسب "ماريا" وهي شابة تعمل في مركز للتجميل والعناية بالبشرة، فشهر كانون الأول هو أحد أشهر المواسم بالنسبة للمركز، تكثر فيه الحجوزات من أجل التحضير لهذه الحفلات وأكدت أن الأسعار ترتفع في هذه الفترة من السنة وتبدأ كلفة تزيين الفتاة من 100 ألف ليرة سورية في أرخص المراكز وهو ما يعادل راتب موظف لشهر كامل.

بالنسبة لماريا لا تهتم بهذا الموضوع لأنه مصدر دخلها، ولكنها تعلم وتؤكد أن هذه الأفعال تؤجج الشارع السوري وتخلق شرخاً كبيراً بين طبقات المجتمع السوري، بين من يجاهد ليعيش على راتبه إن استطاع ومن يصرف راتب موظف في جلسة واحدة لدى صالونات التجميل أو يدفع أضعاف راتب ليحضر حفلة في رأس السنة.

في السياق ذاته يجد "منير" مثل هذه الحفلات فرصة للحصول على نقود إضافية من "البخشيش" الذي يتركه الزبائن "لا أدفع من مالي الخاص شيئاً وأنا مستفيد وهم سعيدون فلا علاقة لي بهم، في النهاية الدنيا مقسومة بهذا الشكل غني وفقير".

أما "سهير" مصممة أزياء وخياطة، فهي تسعد بمثل هذه الحفلات، فمن جهة يزداد عملها وتطلب أسعاراً أعلى لضيق الوقت وفي الوقت ذاته تكسب دعاية مجانية خصوصاً عندما تنشر زبوناتها صور فساتينهن التي صممتها في الحفلات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي ويذكرون اسمها.