يتخوف المدنيون في مناطق سيطرة النظام من أي احتفالات يمكن أن تشارك فيها ميليشيات النظام (الشبيحة)، لما تخلفه تلك الاحتفالات من أضرار بالأرواح والممتلكات، بسبب الاستخدام العشوائي للسلاح، واستعاضة "شبيحة" النظام بالرصاص عن الألعاب النارية، لا سيما أنه لا يوجد أي رقيب يضبط تصرفاتهم، وسط تجاهل تام من قبل سلطات نظام الأسد وأجهزته الأمنية.
وأعلنت قناة "الإخبارية" التابعة للنظام عن مقتل رجل وجرح اثنين آخرين في اللاذقية، "نتيجة إطلاق الرصاص الطائش في الهواء".
ودخلت دمشق العام الجديد على أصوات الرصاص الكثيف من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، حيث أطلقت قوات النظام وشبيحته وابلاً من الرصاص في معظم مناطق المدينة، الأمر الذي عكّر صفو الاحتفالات الخجولة، ودبّ الرعب في قلوب الأطفال والحاضرين.
والتقط موقع تلفزيون سوريا تسجيلات مصورة للحظات الأولى من العام الجديد في دمشق، يمكن سماع أصوات الرصاص الكثيف فيها.
وفسّر أحد الناشطين السياسيين في العاصمة دمشق هذه الظاهرة التي تتكرر كل مناسبة وكل عام، أنها "محاولة لتذكير الشعب السوري بجاهزية الرصاص ووفرته في حال أراد التغريد بالحرية مجدداً".
وأضاف الناشط في حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "لاحظنا خلال الأعوام الثلاثة الماضية تخفيف الحضور الأمني والعسكري في مختلف المدن والبلدات، لكن العاصمة دمشق رغم أنها شهدت انسحاب بعض الحواجز، إلا أنها ما زالت تختنق بقبضة أمنية شديدة".
رصاصة طائشة ترافق طفلة منذ 7 أعوام
وعانى السوريون خلال السنوات الماضية من حوادث القتل والإصابة، تأثرا برصاص مجهول المصدر، وهو ما حدث في أكثر من مناسبة خلال احتفالات رأس السنة، أو خلال الاحتفالات التي أقامها "شبيحة" النظام بعد فوز بشار الأسد بالانتخابات، في عامي 2014 و2021.
التقى "تلفزيون سوريا" مع عائلة الطفلة "ح.ع" من مدينة حمص وسط سوريا، والتي تحدثت عن تفاصيل إصابة ابنتهم برصاصة طائشة، في أثناء احتفالات "شبيحة" وقوات النظام بفوز بشار الأسد، بانتخابات العام 2014.
وقالت عائلة الطفلة إنها عاشت ما تعرضت له حمص من قصف جوي ومدفعي، وعمليات عسكرية شنتها قوات النظام على مختلف أحياء المدينة، إلا أن ليلة إعلان فوز بشار الأسد في الانتخابات الصورية مطلع حزيران من عام 2014 كانت مختلفة، خاصة أن جميع عناصر قوات النظام، إضافة إلى عناصر الشرطة والأجهزة الأمنية و"الشبيحة"، قد شاركت في إطلاق النار بشكل عشوائي، حتى أن الأمر وصل مع بعضهم لاستخدام قذائف الهاون والآر بي جي، في أثناء الاحتفال.
وأضافت العائلة أن طفلتها، ذات السبعة أعوام، أصيبت بعد اختراق رصاصة شباك غرفتها واستقرت في رأسها، حيث سارع والدها لإسعافها إلى "مشفى الباسل" في المدينة، إلا أن الأطباء لم يتمكنوا من إخراج الرصاصة.
وأوضحت أن الأطباء أخبروهم بأن استخراج الرصاصة يحتاج إلى تقنيات متطورة جداً، غير متوافرة داخل المشفى، كما أن الإبقاء على الرصاصة داخل الجمجمة أفضل من انتزاعها، لما سيشكله الأمر من خطورة على حياة الطفلة.
وأشارت العائلة إلى أن عمر ابنتها أصبح 15 عاماً، وما تزال حتى الآن تعاني من اختلال في النمو والنطق والتفكير واختلاجات عصبية ونوبات صرع حتى اليوم.
وأكدت أنها أنفقت جميع مدخراتها في رحلة علاج ما تزال مستمرة حتى اليوم، لمساعدة ابنتها، إلا أنها لم تنجح في ذلك، مشددة على أنه "لم يبق مشفى في سوريا سواء بالقطاع العام أو الخاص إلا وزارته، لكنها لم تحصل على نتيجة تخلص ابنتها من العذاب".
احتفالات وأعياد الموت
تفسد مظاهر إطلاق الرصاص العشوائي في المناسبات خلال احتفالات رأس السنة فرحة الأهالي في مناطق سيطرة النظام، إذ لم تخل سنة من سقوط قتلى وجرحى في مختلف المحافظات السورية، بسبب رعونة "شبيحة" النظام في استخدام الأسلحة.
وخلال احتفالات العام الماضي 2021، أصيب نحو 30 شخصاً بينهم نساء وأطفال، من جراء إطلاق عيارات نارية عشوائية ومفرقعات خلال احتفالات رأس السنة العام 2021، وتركزت معظم الإصابات في محافظتي دمشق واللاذقية، وفق وكالة أنباء النظام "سانا".
وارتفع معدل الجريمة وتصاعد الانفلات الأمني في مناطق سيطرة النظام، خلال السنوات الماضية، بسبب انتشار السلاح بشكل عشوائي، وعدم وجود ضوابط تخفف من حمل الأسلحة في الشوارع وضمن الأحياء السكنية.
وظهرت في مناطق سيطرة النظام خلال السنة الماضية 2021، ظاهرة استخدام القنابل في أكثر من مناسبة، حيث تخطت أساليب ارتكاب جرائم القتل، استخدام رصاص الأسلحة الفردية أو أدوات حادة، ووصلت إلى تفجير قنابل يدوية بالآخرين بسبب خلافات عائلية أو شخصية، وسط عجز نظام الأسد عن إنهاء ظاهرة انتشار السلاح.
يشار إلى أن سوريا تصدرت قائمة الدول العربية بارتفاع معدل الجريمة، لتحتل المرتبة الأولى عربياً والتاسعة عالمياً، للعام 2021، وذلك بحسب موقع "Numbeo Crime Index" المتخصص بمؤشرات الجريمة حول العالم.
واحتلت مدينة دمشق المرتبة الثانية بارتفاع معدل الجريمة في الدول الآسيوية، بعد مدينة كابل في أفغانستان وأتت بغداد في المرتبة التاسعة.
ووفق الموقع، تعد سوريا من الدول التي يسجل فيها مؤشر الجريمة مستوى عالياً، إذ سجلت 68.09 نقطة من أصل 120 نقطة، في حين انخفض مؤشر الأمان إلى 31.91 في المئة.