icon
التغطية الحية

"وكأنك في وطنك الأم".. كيف تبدو تحضيرات السوريين لعيد الأضحى في مصر؟

2024.06.15 | 05:55 دمشق

السوريون في مصر
محل للمنتجات السورية في القاهرة، مصر، حزيران/يونيو 2024 (تلفزيون سوريا)
القاهرة - آمنة رياض
+A
حجم الخط
-A

"وكأن الأرض أرضك ولك جذور في المكان"، بهذه الكلمات وصفت "أسماء" الشابة العشرينية واللاجئة السورية بمصر، شعورها وهي تتجول في السوق الرئيسي لمدينة العبور قرب القاهرة، التي تعج بالحياة مع قدوم عيد الأضحى، فلا تكاد تجد موطئ قدم لك بالمكان، وأصوات السوريين تمتزج مع المصريين، ولربما نزلت إلى السوق لتشعر بأجواء العيد فقط، دون شراء أي شيء.

يعد سوق مدينة العبور الواقع في الحي الأول واحداً من أبرز الأسواق، والذي يزدحم بشكل لا يوصف مع اقتراب الأعياد والمناسبات، وبات من المعتاد أن ترى محلاً لمصري وآخر لسوري على التناوب، وكأنك في مدينة سورية على أرض مصرية أو العكس.

تمشي في السوق فيأخذك سحر الفاكهة والخضراوات المعروضة في ذاك المحل، وتشتم رائحة القهوة السورية عند المرور من أمام المحمصة، لتخلط مع رائحة "الشاورما" والأكل السوري، وتقف مذهولاً أمام أصناف الحلويات التي لا تعد ولا تحصى ليقاطعك صوت الحلاق السوري وهو يقول "عندي ضغط شوف غيري"، وتسترق السمع إلى بائع الألبسة الذي يؤكد للزبونة أن القماش جيد والسعر ممتاز، ووسط كل ذلك تدخل في حيرة على أي من تلك "البسطات" تقف فكلما مشيت خطوة كدت أن تسقط من التدافع وانتشار العربات الجوّالة بشكل كبير.

هكذا تبدو "العبور" قبل الأيام القليلة للعيد، فالمشي في السوق يخفف عليك أعباء الغربة ومشاعر الحنين للوطن، فالتناغم بين السوري والمصر يشعرك وكأنك في بلدك.

"البسطات" باب رزق لسوريين

يتحضّر السوريون للعيد، بشراء الحلويات والألبسة للأطفال والقهوة والمكسرات، ومن غير الضروري دفع مبالغ كبيرة لذلك، فالبعض ينتقي ما يلزمه من "البسطات" التي تنتشر بشكل كبير.

يقول "أحمد خالد" شاب سوري، إنه اعتاد الوقوف في كل عيد بالمكان نفسه في السوق إلى جانب شريكه المصري، لبيع الألبسة الرجّالية، ففي ظل هذا الغلاء من الممكن أن تجد قميصاً لديه بسعر يترواح بين 250 و 350 جنيهاً مصرياً وخامة جيدة نوعاً ما.

يقول لموقع تلفزيون سوريا، إنه وعلى مدار خمس سنوات اعتاد الوقوف في هذا المكان وينتظر العيد لأنه يعتبر موسماً له، وبات له زبائن يقصدونه من كل مكان، فأسعاره قليلة مقارنةً بالمحال.

يعرض "خالد" ملابسه على شبك معدني اشتراه خصيصاً للوقوف بهذا المكان، سانداً إياه على حائط وواضعاً عليه "التيشرتات" بكل ألوانها، ويقف خلف طاولة صنعها من بعض الحجارة ووضع عليها بضاعته المتبقية.

وإلى جانبه تجد الطفل السوري "وائل" وشقيقه "أمجد" يبيعان "المقرمشات" ولكن ضمن أكياس يعبئونها بأيديهم، فقد اعتادا مساعدة والدهما في العيد، الذي يأتي من خارج العبور باحثاً عن رزقه.

وعلى الجانب الآخر وضع "ماهر" الثلاثيني طاولة صغيرة وعرض عليها أحذية بأسعار أقل من المحال التجارية، لتجد الزبائن يقفون أمامه في طابور طويل، فقد اعتادوا جودة بضاعته منذ سنوات.
 

تقول "هناء سعيد" امرأة سورية ثلاثينية، إنها تشتري كل ما يلزمها للعيد من الباعة الجوالين لأن أسعارهم أقل، ودخل زوجها محدود جداً مقارنةً مع الأسعار في المحال التجارية.

تشتري "هناء" الألبسة والأحذية والمكسرات والحلويات من الباعة الجوالين، وتقول إنها تعلم تماماً أن الأصناف التي تشتريها "بيتفور، وبسكويت، وسكاكر" ليست كما تشتهي النفس، ولكن بالنسبة لأوضاعهم المادية تعتبر ممتازة.

سوق ألبسة السباحة ينشط أيضاً

وفي زحمة التحضير لشراء مستلزمات العيد، تجد البعض يذهب إلى المحال التي تبيع أغراض السباحة، فبعض السوريين اعتادوا الذهاب إلى البحر لقضاء إجازة العيد كما المصريين.

تذهب "هدير الحلبي" في كل عيد مع زوجها وأطفالها إما إلى "العين السخنة" أو "الغردقة" لقضاء إجازة العيد، فلا يوجد أحد من أقربائها في مصر وعائلتها بقيت في سوريا، فتجد الحل الوحيد الذهاب في إجازة لأيام مع أطفالها ليشعروا أن أيام العيد مختلفة عن غيرها.

و"هدير" واحدة من السوريين الذين يخرجون إلى الفنادق أو الشاليهات، خلال أيام العيد، على أمل خلق جو من الفرح للأطفال وربط أجواء العيد بشيء يحبونه.

محال "الفول" و"الفلافل" تستنفر!

وفي مساء يوم وقفة العيد تجد المحال السورية التي تبيع "الفول" و"الفلافل" تعمل بكامل طاقتها، من أجل تحضير الكميات المناسبة من هذه الأصناف لبيعها أول أيام العيد.

واعتادت الكثير من العائلات السورية قضاء صلاة العيد ومن ثم التوجه فوراً إلى تلك المحال لشراء الفتة والفول والفلافل للإفطار، وغالباً ما يجتمع كل أفراد العائلة على المائدة فتلك عادة مورثة لا يمكن للسوري الاستغناء عنها.

وهذه التحضرات والأجواء ليس فقط في منطقة العبور، فهناك العديد من المناطق التي تضم أعداداً كبيرةً من السوريين، واستطاعوا إثبات أنفسهم فيها وباتت محالهم وجهة المصريين أيضاً، وأضحى العيد مناسبة ليس فقط دينية وإنما لتبادل الثقافات.

ويعيش في مصر نحو مليون ونصف مليون سوري، بحسب إحصائيات مصرية رسميّة، ينتشرون في مناطق كثيرة، من أبرزها: الإسكندرية وبرج العرب القريبة منها، والعبور وستة أكتوبر ومدينتا والرحاب والعاشر من رمضان والشروق في محيط العاصمة القاهرة، وفي مدينة المنصورة ودمياط الساحلية، وغيرها.