السمنة والصحة النفسية قد ترتبطان معاً، بما في ذلك الاكتئاب وضعف الشعور بالسعادة والارتياح، وفقاً لدراسة نشرت في مجلة "PLOS ONE".
وفي الدراسة، فحص الباحثون السجلات الطبية لـ 1821 رجلاً وامرأة تتراوح أعمارهم بين 46 و73 عاماً تم اختيارهم عشوائياً من مركز رعاية أولية كبير، وقد نظروا في العلاقة بين درجات الصحة العقلية والسمنة باستخدام مؤشر كتلة الجسم (BMI) ونسب الخصر إلى الطول، مع تعديل عوامل نمط الحياة والظروف المَرَضية.
وقبل بدء الدراسة، أكمل المشاركون صياماً طوال الليل وقدّموا عينات دم لقياس السكر الصباحي والهيموجلوبين السكري (السكر التراكمي)، كما قام الباحثون بقياس الطول والوزن ومحيط الخصر، وكذلك حساب مؤشر كتلة الجسم.
وأكمل المشاركون استبياناً عاماً للصحة ونمط الحياة، واستخدم العلماء هذه المعلومات لتقييم التركيبة السكانية وسلوكيات نمط الحياة ووجود أمراض أخرى.
هل تؤثر السمنة على الصحة النفسية؟
في النتائج التي توصلوا إليها، أفاد الباحثون أن مؤشر كتلة الجسم ونسبة محيط الخصر إلى الطول التي تشير إلى السمنة ارتبطت بزيادة الاكتئاب وانخفاض الرفاهية، فوجدت هذه الدراسة علاقة بين السمنة والصحة النفسية.
وأضاف الباحثون أن العلاقة بين السمنة والاكتئاب كانت أعلى بكثير لدى النساء عنها لدى الرجال، وقالوا إن السمنة ترتبط أيضاً بالعوامل الاجتماعية والجسدية، على سبيل المثال، لاحَظوا أن الوزن الزائد يمكن أن يثير مشاعر التحيز والتمييز والوصمة الاجتماعية، ويمكن أن يؤدي أيضاً إلى أعراض جسدية، مثل آلام المفاصل وآلام الظهر والألم العضلي الليفي.
ويقول الخبراء إن هذه الآثار الاجتماعية والجسدية للسمنة يمكن أن تؤدي إلى أعراض الاكتئاب، كما اقترح الباحثون أن التدخلات المستهدفة للحد من الاكتئاب يجب أن تشمل الضبط الأفضل للوزن.
الآثار الصحية الجسدية والعقلية الناجمة عن السمنة
لقد ربط المجتمع الطبي بين السمنة والصحة النفسية لفترة طويلة، وفقاً للدكتور مير علي، جراح السمنة والمدير الطبي لمركز ميموريال كير الجراحي لتخفيف الوزن في مركز أورانج كوست الطبي في كاليفورنيا.
وقال: "على الرغم من أن هذا ليس مفاجئاً، فإن السمنة تؤثر على كل عضو، والدماغ هو عضو في الجسم، والاكتئاب له أسباب عديدة، والبيولوجيا هي أحد أسبابه".
وأضاف: "من الصعب القول ما إذا كانت السمنة تسبب الاكتئاب أم أن الاكتئاب يساهم في السمنة، ولكن يخبرني مرضاي أنهم يتعرضون للتمييز ضدهم باستمرار بسبب أوزانهم، وعلى الرغم من المعرفة والوعي الذي اكتسبناه حول السمنة، ما تزال هناك وصمة عار اجتماعية تحيط بها".
ومن أمثلة التمييز والتحيز ضد الأشخاص الذين يعانون من السمنة، ما يلي:
- الأشخاص الذين يعانون من السمنة كسالى وغير مسؤولين، ويفتقرون إلى قوة الإرادة والانضباط الذاتي.
- الأشخاص الذين يعانون من السمنة لا يلومون إلا أنفسهم.
- حجم الجسم الأكبر غير مرغوب فيه.
- الأشخاص الذين يعانون من السمنة ليسوا أذكياء جداً، وهم أقل قدرة على النجاح.
- الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد لديهم مستوى نظافة سيئ.
وبناء على ذلك، يمكن أن تؤدي الوصمات الاجتماعية إلى آثار اجتماعية ونفسية وجسدية خطيرة، بما في ذلك الاكتئاب.
ما تأثير السمنة على الصحة النفسية؟
بيّنت الدراسات أن هناك علاقة بين السمنة والصحة النفسية، وهناك مجموعة متنوعة من العوامل العملية والمجتمعية التي يمكن أن تؤدي إلى مشكلات الصحة العقلية للمرضى الذين يعانون من السمنة، وتشمل هذه:
- 1- جودة الحياة: غالباً ما يواجه الرجال والنساء الذين يعانون من السمنة، وخاصة السمنة المفرطة، مشكلات تتعلق بالأداء البدني والمهني، بسبب حجمهم الزائد والأمراض المزمنة التي يعانون منها بسبب السمنة. لذا؛ فإن عدم القدرة جسدياً على القيام بالأشياء التي يحبونها، مثل حضور المناسبات الممتعة أو السفر أو زيارة الأصدقاء والعائلة، يمكن أن يؤدي إلى العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة، والمزيد من الصعوبة في التعامل مع مصاعب الحياة.
- 2- التحيز والتمييز في الوزن: أحد أكبر التحديات التي يواجهها أولئك الذين يعانون من مشكلات الوزن هي وجهات نظر المجتمع السلبية بشأن السمنة. ويشير تحيز الوزن إلى الصور النمطية والمواقف التي تحدد الأشخاص الذين يعانون من السمنة على أنهم غير جذابين، وكسالى، وغير منضبطين.
- 3- صورة الجسم السيئة: قد يشعر الأشخاص الذين يعانون من السمنة بوصمة المجتمع ضد السمنة، مما يجعلهم يشعرون بالحرج من وزنهم وعدم الرضا عن مظهرهم، وقد يعاني الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد أيضاً من القلق بشأن الحكم المتسرع عليهم بسبب مظهرهم.
- 4- المشكلات الفسيولوجية: هناك أيضاً عوامل صحية مرتبطة بالسمنة والتي يمكن أن تؤثر سلباً على الصحة العقلية، والتي تربط بين السمنة والصحة النفسية. وتشير الأبحاث إلى أن الدهون الزائدة في الجسم وعادات الأكل السيئة تزيد من ظهور علامات الالتهاب، ويمكن أن يؤدي هذا الالتهاب المتزايد إلى زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، ويلعب أيضاً دوراً في صحة الجهاز المناعي.
ختاماً، فإن الدراسات التي تبحث في العلاقة بين السمنة والصحة النفسية والاكتئاب تحديداً تدور في حلقة مفرغة حول ما اذا كانت السمنة هي التي تسبب الاكتئاب أم أن الاكتئاب هو ما يسبب السمنة، وشجعت الأبحاث استخدام العلاج السلوكي المعرفي للتخلص من الاكتئاب المرتبط بالسمنة، وتجنب أدوية الاكتئاب التي قد يسبب بعضها السمنة كأثر جانبي.