يعاني قطاع التعليم بشكل عام في محافظة درعا من تدهور ومعوقات عديدة، في ظل نقص الكوادر وخروج معظم المدارس عن الخدمة نتيجة تعرّضها للدمار إثر قصفٍ لـ قوات النظام السوري وحلفائه، خلال سيطرته على المحافظة، منتصف العام 2018.
ومنذ أكثر من شهر على بدء العام الدراسي، تعاني مدارس مدينة نوى غربي درعا مشكلات عديدة أبرزها: قلة الكوادر التدريسية بعد هجرة العديد من المدرّسين بقصد السفر إلى دول عربيّة، أو بقصد اللجوء إلى دول أوروبية.
محمد سعيد - مدرّس مادة الرياضيات في إحدى مدارس نوى - قال لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ السبب الرئيسي وراء توقّفه عن التدريس والسفر إلى الإمارات العربية المتحدة هو ضعف الراتب وعدم قدرته على تأمين مستلزمات منزله في ظل الارتفاع الكبير للأسعار.
وأوضح أنّ "راتبه 200 ألف ليرة سوريّة (15 دولاراً أميركياً تقريباً)، وهو ما أجبره على ترك التدريس وتقديم استقالته التي كرّرها أكثر من مرّة واستغرقت وقتاً طويلاً حتى وافقت عليها مديرية التربية في درعا.
في المقابل، نجحت سعاد بعد تركها التدريس في فتح محل لبيع الألبسة في إحدى أحياء نوى (كبرى مدن درعا)، وباتت تعيل أسرتها بشكل جيد، وقبل ذلك، كانت تعمل مدرّسة لمادة العربي براتب 170 ألف ليرة سوريّة (لا يتجاوز 12 دولاراً أميركياً في الشهر).
نقص في الكوادر التدريسية بمدارس نوى
عيّنت مديرية التربية في محافظة درعا، العشرات من طلاب الجامعات في السنة الثالثة والرابعة بمدارس مدينة نوى، بعد النقص الكبير في الكوادر نتيجة تقديم العديد من المدرسين والمدرسات استقالاتهم وسفرهم خارج البلاد، بسبب تدنّي الرواتب في المدارس العامة والأجور في المدارس الخاصّة، ما أدّى إلى تردّي العملية التعلمية بشكل كبير في نوى، نتيجة وقف الدوام في معظم المدراس.
وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المدارس العامة، يلجأ الأهالي إلى المدارس الخاصة، التي تستقطب أبرز المعلمين والمعلمات، ما يجبر الأهالي على تسجيل أولادهم فيها، رغم زيادة معاناتهم بارتفاع الرسوم السنوية، حيث تتراوح بين ثلاثة ملايين ليرة سورية لطلاب الصفوف الثامن والعاشر، وتصل إلى أكثر من أربعة ملايين ونصف المليون ليرة سنوياً للشهادتين الإعدادية والثانوية.
مدارس خارج الخدمة وتحويل أُخرى إلى مقار للنظام
خرجت الكثير من المدارس في مدينة نوى عن الخدمة، بعد تعرّضها للتدمير بصواريخ وقذائف قوات النظام، حاولت فعاليات مدنيّة إطلاق حملات وجمع تبرّعات ماليّة من الأهالي لترميم بعضها، في ظل تجاهل حكومة النظام، الذي حوّلت قواته وميليشياته - عقب سيطرتها على المدينة - الكثير من المدارس أيضاً إلى مقار عسكرية، ولم تخرج منها إلى الآن.
الواقع التعليمي في مدينة نوى وعموم محافظة درعا، يكشف عن أزمة تنذر بعواقب خطيرة على مستقبل الأجيال، في ظل الدمار الذي خلّفته الحرب والقصف بالبنية التحتية التعليمية، التي تحتاج إلى دعم وجهود لإعادة تهيئتها من جديد، في ظل التجاهل المتعمّد من "مؤسسات النظام".