يشهد سوق العقارات في اللاذقية جمودا كبيرا وضعفا في البيع وحركة الإنشاءات الحديثة وذلك مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية وضعف الطلب.
وعلى عكس القاعدة الاقتصادية التي تنخفض فيها الأسعار مع تراجع الطلب ارتفعت أسعار المنازل والأراضي الزراعية بشكل جنوني في اللاذقية ووصلت في مناطق عشوائية إلى 60 مليونا لأقل منزل، في حين أكدت مصادر محلية في اللاذقية لموقع تلفزيون سوريا أن أحياء أخرى مثل سكنتوري والكورنيش الجنوبي والزراعة تخطت الأسعار فيها 300 مليون ليرة سورية وببعض المناطق قاربت المليار إن كانت الإطلالة مميزة.
وفي هذا الصدد قال أبو موسى وهو تاجر عقارات في اللاذقية لموقع تلفزيون سوريا إن جمودا كبيرا يشهده سوق العقارات لم يحدث منذ عام 2011 لأن البائعين باتوا يطلبون أرقاما خيالية لا طاقة للمشترين بها" مردفا أنه منذ قرابة الشهرين لم يبع أي منزل في حين كان المعدل الوسطي لا يقل عن 3 إلى 4 شهريا".
ويعزو أبو موسى سبب هذا الجمود الكبير إلى عدة أسباب مشتركة بينها "غلاء سعر الأراضي وعدم تحرك المحافظة لفرز أراض جديدة للسكن ومنح تراخيص فضلا عن الارتفاع الكبير بأسعار المواد الأساسية للبناء كالحديد والإسمنت وبالمقابل ضعف القدرة الشرائية للمواطنين".
حكومة النظام سبب في المشكلة
من جانبه اعتبر أبو يحيى وهو صاحب مكتب عقاري في مدينة جبلة جنوبي اللاذقية أن السوق لم يستوعب بعد هذا الارتفاع الكبير في الأسعار والذي حدث نتيجة ارتفاع سعر الصرف وموجة الغلاء وضعف الاستيراد للمواد الداخلة في عمليات البناء.
ويرى أبو يحيى في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" أن هذا الجمود قد يستمر لعدة أشهر واستدرك بالقول: "لكن هذا مشروط بثبات الأسعار وعدم ارتفاعها بهذا الشكل الكبير مجددا".
ويتراوح سعر المنازل في مدينة جبلة بحسب أبو يحيى بين 50 مليون ليرة سورية و 400 مليون بشكل وسطي بحسب الحي ونوع الطابو والمساحة".
من جانبه عزا الناشط الإعلامي أحمد اللاذقاني سبب وضع سوق العقارات في اللاذقية إلى تحكم فئة قليلة من التجار بهذا السوق وجشعهم.
وأضاف في حديث لموقع تلفزيون سوريا أن أسعار المنازل الجديدة في المدينة باتت لا تقل عن 500 مليون ليرة وصولا إلى نحو مليار ليرة ببعض المناطق وهذا ما أدى إلى رفع المنازل القديمة بهذا النحو أيضا.
واتهم اللاذقاني حكومة النظام بالتواطؤ وعدم التحرك تجاه هذا الأمر موضحا: "سابقا كانت تلعب الجمعيات التعاونية والسكن الشبابي دورا في تخفيض الأسعار لكن هذه المشاريع مجمدة منذ سنوات لأسباب غير مفهومة، في حين ترفض المحافظة تنظيم مناطق جديدة تزيد في المعروض".
الأزمة ليست محلية فقط
ويرى الباحث الاقتصادي محمود مكية أن أزمة العقارات ليست محلية فقط بل عالمية حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير مع التضخم الحالي واستدرك بالقول: "لكن في سوريا يضاف إلى مسألة التضخم ضعف القوة الشرائية وتدني الأجور بشكل كبير وهذا الأمر كفيل بأن يضع سوق العقارات في وضع جمود كبير وارتفاع الفجوة بين الأسعار وقدرة المشترين".
ويضيف: "لا يمكن أيضا تجاهل دور حكومة النظام في هذه الأزمة من خلال فرض قانون البيوع العقارية ورفع الفوائد وحجز الأموال لأشهر وعدم مرونة البنوك في إعطاء قروض للمشترين".
وحول الأسعار المتداولة قال مكية في حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "حقيقة مبلغ مليار ليرة أي قرابة 250 ألف دولار أميركي أمر مبالغ فيه كثيرا لسعر منزل في سوريا لأنك بهذا المبلغ قادر على شراء عقار جيد في مدن عالمية مثل إسطنبول ولندن وباريس بينما في سوريا لا يوجد أي دافع اقتصادي لاستثمار مبلغ كهذا في عقار مع الأزمات الكبيرة".
وختم بالقول: "الأسعار أوروبية والدخل أقل من الصومال كيف يمكن حل مثل هذه المعادلة؟".
صدمة للمشترين
هذا الواقع الجديد لأسواق سوق العقارات والأسعار المتداولة سببت صدمة لبعض المشترين ومنهم عبد الرحمن (29 عاما) شاب من مدينة جبلة تزوج قبل نحو شهرين وكان يأمل أن ينتقل إلى بيته الجديد ويؤسس حياته الجديدة بعيدا عن معاناة الإيجارات.
يقول عبد الرحمن في حديث لموقع "تلفزيون سوريا": "لدي اثنان من إخوتي في أوروبا ساعداني لأتزوج وأرسلوا إلي الأموال لأشتري منزلا متواضعا أبدأ به حياتي. استمر بحثي لأشهر وكلما كنت أتأخر كانت الأسعار ترتفع أكثر. لم يكن لدي الكثير من الأحلام فقط غرفتان لكن للأسف لم أجد بأقل من 70 مليونا وهذا مبلغ لا يتلاءم أبدا مع إمكانياتنا رغم المساعدة التي ساهم بها إخوتي".