تشهد منطقة شمال غربي سوريا تسارعاً ملحوظاً في الأحداث والتطورات السياسية، والتي أثارت كثيرا من التساؤلات والجدل بين سكان المنطقة، إذ بدأت هذه التطورات بافتتاح معبر أبو الزندين الفاصل بين مناطق سيطرة المعارضة السورية والنظام شرقي حلب بشكل تجريبي، على وقع تصريحات تركية حول ضرورة التعاون بين الطرفين لمواجهة الإرهاب المتمثل بـ"قسد".
بعض الأحداث التي تبدو مفاجئة أثارت حالة من الارتباك والقلق لدى كثير من السكان في المنطقة، فما هي الأسباب والدوافع وراء هذه التطورات؟ وما موقف الحكومة السورية المؤقتة بصفتها جزءا من إدارة المنطقة وتحديداً في ريف حلب الشمالي والشرقي من المصالحة مع النظام؟ وما الأسباب التي تكمن وراء افتتاح معبر أبو الزندين؟
موقع تلفزيون سوريا أجرى حواراً خاصاً مع رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، أضاء على نقاط ومحاور مختلفة، ومنها:
- الموقف من إجراء حوار مع النظام السوري.
- حقيقة وجود خطط للاندماج مع حكومة الإنقاذ في إدلب.
- موقف الحكومة من افتتاح معبر أبو الزندين.
- التطورات في العلاقة بين تركيا والنظام السوري.
- أولويات الحكومة السورية المؤقتة في الوقت الراهن.
- صلاحيات ومهام المجالس المحلية في مناطق سيطرة الحكومة.
- مصير القياديين في الجيش الوطني مصطفى سيجري والفاروق أبو بكر.
- الموقف من تنفيذ أحكام الإعدام في مناطق سيطرة الحكومة المؤقتة.
وفي الآتي النص الكامل للحوار مع رئيس الحكومة السورية المؤقتة:
1- ما هي أولويات الحكومة السورية المؤقتة في الوقت الراهن؟ وما هي أبرز المشاريع الخدمية التي تنفذونها حالياً على مختلف المستويات؟
حقيقة تتعدد المهام والمسؤوليات المترتبة على الحكومة السورية المؤقتة في ظل الظروف الراهنة، وبشكل عام يمكن الحديث على ثلاث أوليات رئيسية لدى الحكومة السورية المؤقتة تتفرع منها بالطبع العديد من المهام الأخرى، وهذه الأولويات هي:
• تطوير بنية الجيش الوطني السوري ومواجهة المخاطر الأمنية والعسكرية والدفاع عن المناطق المحررة.
• الاستمرار في المعركة السياسية والحقوقية الدولية ضد نظام الأسد وميليشياته والتنظيمات الإرهابية "قسد".
• تطوير القدرات الحوكمية والخدمية في مناطق الحكومة السورية المؤقتة في جميع الملفات الاقتصادية والخدمية.
أما حالياً، تستمر الخدمات المقدمة من الحكومة السورية المؤقتة في الصحة والتعليم والبنى التحتية وغيرها، على سبيل المثال نعمل على مشروع المشفى الجامعي، والمشاريع الزراعية ومنظومة الإسعاف والطوارئ وتستمر المخابز التي تلبي احتياجات أكثر من 130 ألف نسمة في الشمال السوري المحرر، ومشاريع الطاقة الشمسية كمشروع الطاقة الشمسية في رأس العين، ومشروع الطاقة الشمسية لضخ المياه إلى مدينة الباب، والكثير من المشاريع الخدمية والتنموية، فضلاً عن تنظيم الفعاليات الاقتصادية والرياضية وغيرها.
2- ما هي خطط الحكومة لتطوير البنية الاقتصادية والصناعية في المناطق الخاضعة لسيطرتكم؟ وما مدى الفرص المتاحة للاستثمار في تلك المناطق؟
نسعى إلى الاستمرار في إقامة الفعاليات التي تؤدي إلى إيجاد بيئة تشجع على الاستثمار حيث عقدت الحكومة مؤتمر الاستثمار الأول في المنطقة الصناعية في مدينة الراعي بهدف جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية. وتعمل على إقامة المعارض ومن ذلك إقامة معرض في مدينة الباب خلال الأيام المقبلة، ونركز على تعزيز دور المدن الصناعية وتمكينها من جذب الصناعيين للاستثمار بها عبر توفير العوامل التي تشجعهم على افتتاح المنشآت في الداخل مما يؤدي لخلق فرص عمل وتعزيز دور الصناعة المحلية.
كذلك نعمل على رفع المستوى التنظيمي لتنشيط كافة أشكال الاستثمار وإن كان عبر المشاريع الصغيرة أو متناهية الصغر، فعلى سبيل المثال نطبق آليات حماية العلامات التجارية والصناعية، وتعزيز دور الغرف الصناعية والتجارية، وإدارة المعابر ورسم السياسات بشكل ينعكس على تنشيط الحركة الاقتصادية.
3- هناك العديد من التصريحات التي نُسبت إليكم حول إمكانية إجراء حوار مع النظام السوري، ما تعليقكم على ذلك؟ وهل تؤيدون هذا التوجه؟
ننفي نفياً قاطعاً صدور أي تصريح حول الحوار مع نظام الأسد المجرم ونذكر بأننا أصدرنا تصريحاً حكومياً في حينها ينفي هذه الإشاعات، وفي هذا السياق نؤكد مجدداً تمسك الحكومة السورية المؤقتة بمبادئ الثورية السورية وأنها لم ولن تقبل بوجود نظام مجرم دمّر سوريا على رؤوس أبنائها وكان سبباً في تشريد السوريين.
ونشير إلى أننا نعلن باستمرار عن تمسكنا بمقررات الشرعية الدولية، ودعم تحقيق الانتقال السياسي وفق القرار 2254 ومساءلة مجرمي الحرب وهو ما نسعى إليه عبر كافة الجهود المتاحة بما فيها الدبلوماسية والجهود الموازية.
وفي هذا السياق ننبه إلى أن الحكومة هي سلطة تنفيذية منتخبة من الائتلاف الوطني الذي يمثل السلطة السياسية إضافة إلى هيئة التفاوض .
4- ما هي أبرز التحديات التي تواجه الحكومة في الوقت الراهن؟ وما الخطط المستقبلية لمواجهة تلك التحديات؟
ثمة مجموعة واسعة من التحديات لعل أبرزها المخاطر الأمنية من قبل تنظيم قسد – pkk، والذي يسعى باستمرار لاستهداف المنطقة عبر التفجيرات والقصف لقتل الحياة العامة والانتقام من الأبرياء، من جانب آخر فإن الوضع العام في سوريا وبفعل جرائم نظام الأسد بالدرجة الأولى جعل الحالة الإنسانية للشعب السوري في مستوى الكارثة، من حيث الفقر والبطالة بعد جرائم التهجير وتدمير البنى التحتية، وعليه تحتاج الحكومة السورية المؤقتة لتلبية احتياجات واسعة وسط إمكانات محدودة جداً.
وعليه نسعى باستمرار للموازنة بين تلبية أقصى قدر ممكن من الخدمات وبين المتطلبات العسكرية والأمنية لمواجهة المخاطر الحالية والمستقبلية.
وفي هذا الصدد ومع إشادتنا بالمساعدة المستمرة التي تقدمها الدولة التركية الشقيقة للشعب السوري في شتى المجالات والقطاعات، نشكر جميع المؤسسات الدولية والدول المانحة التي تسهم في تخفيف المعاناة، إلا أننا نطالب بدعم أكبر بما يستجيب لمعاناة الشعب السوري، والتي نؤكد بأن الحل الوحيد لها هو تحقيق أهداف الثورة السورية التي ضحى أبناء الشعب السوري وتحملوا في سبيل تحقيقها كل أشكال الظلم والقهر وقدموا تضحيات عظيمة في الدماء والأموال من أجلها.
5- ما قيمة الميزانيات المخصصة للمشاريع؟ كيف تضمنون الشفافية والمساءلة في إنفاق هذه الأموال؟
بشكل عام في كل مشروع تديره الحكومة السورية المؤقتة يكون هنالك موازنة وبعد اعتمادها يتم اعتماد التوثيقات المطلوبة وتنفيذ مراقبة مستمرة من داخل المشروع وخارجه، ويتم تدقيق كل المصروفات بما في ذلك إجراء عمليات تفتيش وتحقيق ميداني،
إضافة لذلك لدينا جهاز رقابة داخلية ومالية وهو نشط وفعال ويطبق كل معاير المحاسبة والمساءلة، لذلك فإن الرقابة المالية تعمل بشكل كامل وفق المعايير المعتمدة.
6- ما هي صلاحيات ومهام المجالس المحلية العاملة في مناطق سيطرة الحكومة وكيف تتم عملية التنسيق معها، خاصة أن البعض يعتبرها متضادة مع عمل الحكومة وليس مكملاً لها؟
لا نعتقد بأنه ثمة تعارض بين عمل المجالس المحلية وعمل الحكومة، ومع ذلك نستمر في تطوير عملية الحوكمة مع المجالس المحلية، مع تأكيدنا على أهمية ترسيخ تجربة لامركزية إدارية منظمة وفعالة كما هو الحال في العديد من الدول المتقدمة كتركيا وفرنسا، وعدم العودة إلى مستوى المركزية الشديدة التي كانت تعاني منها سوريا.
7- هناك الكثير يدعون إلى تنفيذ أحكام الإعدام بحق المجرمين.. ما الموانع؟
نعم الدعوات مستمرة في هذا الخصوص ونتفهم مشاعر الرأي العام باعتبار ان بعض الجرائم الخطيرة تمس المواطنين بشكل كبير كالخلايا الإرهابية التي تقوم بالتفجيرات وتؤدي لضحايا وأبرياء، لكن هنالك عوائق قانونية عديدة، حيث تتطلب عمليات الإعدام في القانون السوري أن يتم توقيعها من رئيس الجمهورية، وبغض النظر عن ذلك وفي الحالة الراهنة فإن الموضوع من اختصاص الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بوصفه أعلى سلطة سياسية.
8- هل من خطط لدمج الحكومة المؤقتة مع حكومة الإنقاذ في إدلب؟
إطلاقاً، لا يوجد أي شيء عملياً من هذا القبيل، مع الإشارة إلى أن الحكومة المؤقتة تستمر في تقدم الخدمات، كالتعليم والصحة في مناطق إدلب وذلك إيماناً منها بأن السوريين في كل المناطق مواطنون ويستحقون كافة أشكال الدعم والخدمات.
9- ما هي خطط الحكومة لهيكلة وتأهيل الجيش الوطني؟ وما هي المساعدات التي تتلقونها من الدول الداعمة بهذا الخصوص؟
يمكن للجميع أن يلاحظ مدى التقدم الحاصل في تنظيم الجيش الوطني السوري والخروج من الحالة السابقة مع تأكيدنا أن الجهود مستمرة ولم نصل إلى المستوى المأمول حتى الآن، ولذلك نستمر في العمليات التنظيمية وفي تأهيل المقاتلين وافتتاح الكليات العسكرية، فضلاً عن الجوانب المعنوية والحقوقية ومن هذه الجهود ما أعلناه مؤخراً من توقيع خطة عمل مشتركة مع الأمم المتحدة لحماية الأطفال من مخاطر النزاعات المسلحة وفقاً للقانون الدولي.
لذلك فالخطوات مستمرة، ولا بد من الإشارة إلى الدعم الكبير من الأشقاء الأتراك في هذا الجانب وأهمية استمراره للوصول لجيش وطني سوري يلبي توقعات وطموحات الشعب السوري الثائر.
10- ما موقف الحكومة من التطورات الأخيرة في ملف معبر أبو الزندين؟ وما هي رؤيتكم لإمكانية افتتاح المعبر وتعزيز التبادل التجاري؟
مع تقديرنا بالطبع لكل المخاوف المشروعة عند السوريين، نؤكد للشعب السوري أن جميع الشائعات التي يروج لها من النظام بمصالحة أو نفوذ روسي أو لميليشيات الأسد في مناطقنا عار عن الصحة.
وبناء على ما سبق وبعد عزل هذه الأوهام والإشاعات التي يروج لها نظام الأسد وخلاياه والتنظيمات الإرهابية لضرب الثقة بين مؤسسات الثورة وبين الحاضنة الشعبية، نؤكد على ضروة تقييم الخطوات من هذا القبيل من منظور المصالح الاقتصادية للمنطقة، إذ تعد قضية تنشيط الحركة التجارية والاقتصادية وتخفيف المعاناة الإنسانية واحدة من القضايا المهمة، وكذلك مواجهة شبكات التهريب والتي تتضرر من أي معبر رسمي، ومن هنا فإن موقفنا يتجدد بناء على معطيات وأرقام وانطلاقاً من مصلحة المنطقة والسوريين عموماً.
11- في شهر آذار الماضي، ذكرت وزارة الدفاع أن الغارات الجوية الروسية على منطقة الباب منافية لأجواء المفاوضات التي تجري في نطاق عملية الانتقال السياسي.. ما تفاصيل هذه المفاوضات ومن هم أطرافها؟
نعتقد أنه تم تفسير البيان بشكل يخالف السياق العام، لا توجد أية مفاوضات بين الجيش الوطني والنظام، ولكن اتفاقات خفض التصعيد التي تقتضي وقف الأعمال العسكرية تتطلب من الضامنين إلزام نظام الأسد بعدم استهداف المنطقة وعلى الرغم من الخروقات فإن الطابع العام هو عدم وجود استهدافات جوية، ولذلك فإن التحذير الواضح كان موجهاً للأطراف الأخرى بأن استهداف مناطق الحكومة السورية المؤقتة يهدد بإشعال معارك وزيادة المعاناة، وعلى كل حال فإن استراتيجية الرد ضمن قواعد الاشتباك الحالية ما تزال سارية ولن يمر أي استهداف على المناطق المحررة دون رد عسكري مناسب.
12- هناك الكثير من التساؤلات عن مصير القياديين في الجيش الوطني السوري مصطفى سيجري والفاروق أبو بكر بعد الإشكال الأخير في فرقة المعتصم.. كيف يتعامل القضاء مع الملف وما مستجداته؟
هذه القضية منظورة أمام القضاء والذي يصدر أحكامه بمعزل عن السلطة التنفيذية.
13- كيف تنظرون إلى التطورات الأخيرة في العلاقات بين تركيا والنظام السوري؟ وما مدى توافق الحكومة مع الطروحات التركية في هذا الشأن؟
بداية نؤكد أن تركيا قدمت الكثير للثورة السورية وهي ما تزال متمسكة بدعم الشعب السوري عموماً وتحقيق أهدافه، وبحماية المنطقة من المخاطر، ومع تفهمنا للمصالح التركية الإقليمية والدولية ولتعقّد المشهد عموماً، فإننا نطمئن الشعب السوري وأهلنا الأحرار داخل وخارج سوريا، بأن تركيا متمسكة بذلك وأنه لا تراجع عن دعم المنطقة وتحقيق الحل السياسي وفقاً للقرار 2254 ولتطلعات الشعب السوري.