يعاني أكثر من 200 ألف شخص في الأحياء الغربية بمدينة القامشلي من مشكلة انقطاع المياه للأسبوع الثالث على التوالي، بسبب منح "الإدارة الذاتية" أفضلية تغذية الكهرباء والمياه لمقارها ومزارع قيادييها، وفق ما أكده مصدر مطلع.
وكشف مهندس في مديرية المياه في القامشلي، لموقع "تلفزيون سوريا" أن عشرات المزارع التي تعود ملكيتها لمسؤولين في "الإدارة الذاتية" و"قوات سوريا الديمقراطية" في قرية هيمو ومناطق ريفية غربي المدينة، حصلوا بشكل مخالف على تغذية كهربائية من الخط الرئيسي المغذي لمحطة الهلالية.
وأوضح المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن "تغذية هذه المزارع ومؤسسات تابعة للإدارة الذاتية ومقار لقسد بالكهرباء في المنطقة الغربية ساهمت في إضعاف قوة التيار الكهربائي الواصل للمحطة، ما يحول دون عملها بكامل طاقتها".
وإلى جانب الكهرباء تم إيصال المياه الصالحة للشرب إلى جميع المزارع والمقار من المحطة، حيث يقوم أصحابها بسقاية الأشجار أو حتى توفير المياه لحيواناتهم من المحطة المخصص لتغذية سكان المدينة بمياه صالحة للشرب، الأمر الذي تسبب في ضعف ضخ المياه لأحياء المدينة، وفق المصدر.
وأشار المهندس في مديرية المياه بالقامشلي إلى أن "العديد من هذه المزارع والمقار يوجد فيها أعضاء ومسؤولون من حزب العمال الكردستاني"، مضيفاً أن "الإدارة الذاتية غير قادرة على قطع الكهرباء والمياه عنهم وحل المشكلة المستمرة للأسبوع الثالث على التوالي".
لا كهرباء في محطات المياه
وذكر مسؤولون في "الإدارة الذاتية" لوسائل إعلام محلية أن سبب انقطاع المياه يعود إلى انقطاع الكهرباء عن خطوط الآبار في جميع المناطق، نتيجة عطل في خط "الطبقة - البواب 230 ك.ف".
وقال موظف في مديرية الكهرباء في الحسكة، لموقع "تلفزيون سوريا"، إن "خط الطبقة - البواب تعرض لعطلين خلال الأسبوع الماضي، بسبب عاصفة هوائية وعطل طارئ، وتم إصلاح المشكلتين وإعادة الخط للعمل خلال ساعات، إلا أن مشكلة المياه مستمرة منذ 20 يوماً".
وأشار المصدر إلى أن "الكهرباء تصل القامشلي من الحسكة، وأيضاً من محطة توليد السويدية في المالكية، والكهرباء متوفرة على مدار 24 ساعة في مطار القامشلي والمربع الأمني في المدينة، وكذلك في المشافي العسكرية والمؤسسات الأمنية التابعة للنظام والإدارة الذاتية في المدينة".
وتوفر "قسد" الكهرباء المتواصلة لمناطق سيطرة النظام السوري، أو ما يعرف بالمربع الأمني في مدينتي الحسكة والقامشلي، فيما توفرها في أفضل الأحوال لساعة أو ساعتين يومياً لأهالي المنطقة.
الأهالي يحتجون: المحطة والآبار في حينا ونحن بلا مياه
في مقابل ذلك، خرج العشرات من أهالي حي الهلالية في وقفة احتجاجية، هددوا خلالها باللجوء إلى قطع الطرق الرئيسية في المدينة تنديداً بقطع المياه عن الحي الذي توجد فيه محطة الضخ الرئيسية.
ونشر الأكاديمي فريد سعدون مقطع فيديو قال إنه لوقفة احتجاجية لأهالي الهلالية، للمطالبة بمعالجة انقطاع المياه عن الحي، مشيراً إلى أن الحي فيه 52 بئراً للمياه، تمد القامشلي بمياه الشرب، بينما أهالي الحي يعانون شح المياه.
وذكر أن "الأزمات المتتالية باتت شبحاً يهدد استقرار المنطقة، ويبدو أنه ليست هناك آذان صاغية لإيجاد حلول لها".
أزمة مفتعلة
من جانبه، اتهم الناشط الإعلامي سليمان موسى "الإدارة الذاتية" بافتعال أزمة المياه، "في سياسة ممنهجة تهدف إلى إلهاء سكان المنطقة بأزمات متتالية تمس حياتهم اليومية، لإبعادهم عن الحديث والتفاعل مع التطورات السياسية والأمنية والظروف الاقتصادية السيئة التي تشهدها المنطقة".
وقال الموسى إنه "وسط تزايد موجة الغضب والمعارضة الشعبية لسياسات وقرارات قادة قسد ومؤسساتها تلجأ الأخيرة إلى إشغال الناس بالحصول على الخبز والمياه والكهرباء والمحروقات، وخلق أزمات متعاقبة في المنطقة تحت حجج وذرائع مختلفة".
وأكد الناشط الإعلامي أن "هناك حالة سخط كبيرة بين سكان المنطقة، بسبب سوء الخدمات وارتفاع الأسعار وانتشار البطالة وتجارة وتعاطي المخدرات وزيادة نسبة الجرائم وتدني قيمة الرواتب، ولمواجهة ردود الأفعال المتوقعة من أهالي المنطقة تخلق قسد أزمات ومشاكل متتالية في مناطق سيطرتها".
انتشار للأمراض المعوية بسبب مياه الصهاريج
وكشف طبيب مختص بالأمراض الداخلية، لموقع "تلفزيون سوريا"، قبل أيام، عن ارتفاع حالات الإصابة بالأمراض المعوية بين سكان مدينة القامشلي، وبشكل خاص الأطفال، من جراء اعتماد الأهالي على مياه الصهاريج.
وأوضح الطبيب أن "مستشفيات القامشلي وعيادات الأطباء تستقبل يومياً عشرات حالات الإصابة بالإسهالات والأمراض المعوية مثل التهاب الأمعاء وحالات الغثيان، خاصة بين الأطفال، بسبب مياه الصهاريج غير المعقّمة".
وشدّد الطبيب على ضرورة "شرب المياه بعد غليها بهدف القضاء على الجراثيم والبكتيريا، كون عملية النقل وتعبئة المياه غير معروفة المصدر، لا تخضع للتعقيم".
مشكلة المياه في القامشلي
يشار إلى أنّ أزمة المياه في القامشلي ترتبط بشكل رئيسي بسوء حالة شبكة المياه، وعدم إجراء "الإدارة الذاتية" صيانة دورية وتطويرا لمحطات المياه إلى جانب ضعف الضخ وزيادة ساعات تقنين الكهرباء، حيث إن السكان يعجزون عن سحب المياه الضعيفة أساساً من الشبكة، لعدم توفّر الكهرباء في ساعات الضخ القليلة.
ومنذ مطلع العام الجاري، تشهد مدينة القامشلي انقطاعاً كاملاً للكهرباء، بعد القصف التركي لمحطة كهرباء السويدية ومحطات تحويل في المدينة، في حين توفّر "الإدارة الذاتية" الكهرباء لمناطق سيطرة النظام في المربع الأمني، والمؤسسات والدوائر الخدمية التابعة لها.