أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، منذ مطلع هذا العام وصولاً إلى منتصف شهر نيسان الجاري 38 مرسوماً وقانوناً، أي بمعدل 3 "إصدارات" في الأسبوع الواحد تقريباً، مسجلاً بذلك رقماً قياسياً جديداً، في الحجم والمضمون، مقارنة بالمراسيم والقوانين الصادرة في الفترة نفسها من السنوات السابقة.
كما بلغت إصدارات هذه الفترة من السنة الحالية، ثلاثة أضعاف ما أصدره النظام في الشهور الـ4 الأولى من السنة المنصرمة، والتي شهدت إصدار 5 مراسيم و7 قوانين فقط من إجمالي مراسيم وقوانين عام 2023 التي بلغ عددها 82 مرسوماً وقانوناً.
القاسم المشترك بين غالبية "الإصدارات الرئاسية"، سواء في العام الحالي أو الأعوام الـسابقة، يتمثل في ظاهرها الإصلاحي المخالف تماماً لمضمونها وللأهداف القريبة والبعيدة التي وُضِعت على أساسها، لتثير الكثير من الجدل والتساؤلات والاستغراب، بل والسخرية أيضاً داخل الأوساط السورية، سواء في مناطق سيطرة النظام أو خارجها.
أحدث "إصدارات" هذا العام، كان القانون رقم 18 الذي أعفى فيه رئيس النظام السوري مصارف "التمويل الأصغر" من الضريبة على الدخل عن كامل أعمالها، وكذلك من الرسوم المترتبة على أي عقود أو عمليات تجريها مع العملاء.
كما منح التعديل عملاء المصارف من الضريبة على الدخل عن ريع رؤوس الأموال المتداولة من عوائد الودائع لدى هذه المصارف، وعن الرسوم المترتبة على كل العقود والعمليات التي يجرونها مع مصارف التمويل الأصغر.
للوهلة الأولى، يشعر قارئ نصّ القانون أنه يهدف إلى التخفيف عن المواطن السوري المتعامل مع مصارف "التمويل الأصغر" التي أسست بموجب القانون رقم 8 "الرئاسي" أيضاً، والذي صدر في عام 2021. الهدف من ذلك القانون -وفق ما ورد في نصه: "تحقيق الاستفادة المالية لأكبر شريحة ممكنة من صغار المُنتجين وأصحاب الأعمال الصغيرة...".
لكن، من خلال التدقيق في مواد قانون تأسيس تلك المصارف، وخاصة المادة الثالثة منه، سنجد أنه اشترط وجود "شريك استراتيجي" كأحد المؤسسين. وجاء في تعريف "الشريك الاستراتيجي" أنه: "الشخص الاعتباري الذي يمتلك الخبرة والكفاءة الفنية والملاءة المالية والقدرة الإدارية والتنظيمية في مجال التمويل الأصغر واللازمة لتأسيس المصرف، ويتمتع بسمعة مهنية جيدة".
وجاء في المادة الـ4 من القانون: "يمكن أن تؤسس المصارف من قبل جمعيات أو مؤسسات خاصة سورية أو مؤسسات غير سورية تمتلك الخبرة والكفاءة بهذا النوع من النشاط، ويشترط في الجمعيات والمؤسسات الخاصة السورية أن تكون حاصلة على صفة النفع العام وفق القوانين النافذة".
بالنسبة للحالة التي تعيشها "مؤسسات" النظام السوري في مناطق سيطرته، فإن حلفاءه الإيرانيين يعدون الشريك الاستراتيجي الرئيس في تأسيس وتمويل تلك المصارف، إلى جانب "الأمانة السورية للتنمية" العائدة لعقيلة رئيس النظام أسماء الأسد، والتي تتحكم بتلك التمويلات عبر "مصرف الوطنية للتمويل الأصغر"، وفق ما أشارت إليه عدة تقارير.
ويرى الاستشاري الاقتصادي السوري يونس الكريم في حديث لـ تلفزيون سوريا، أن النظام "يحاول من خلال مصارف التمويل الأصغر الاستيلاء على أموال (التعافي المبكر) قبيل عقد مؤتمر بروكسل القادم الخاص بالتمويل المقدّم لسوريا من الدول المانحة".
الاستشاري الاقتصادي يونس الكريم: هدف النظام من القانون رقم 18 هو تقديم حلول للأطراف الدولية من خلال إظهاره الاهتمام بتمويل المشاريع ذات التمويل الأصغر، كتجربة نفذتها العديد من دول جنوب شرقي آسيا
وأضاف الكريم : "هدف النظام من القانون رقم 18 هو تقديم حلول للأطراف الدولية من خلال إظهاره الاهتمام بتمويل المشاريع ذات التمويل الأصغر، كتجربة نفذتها العديد من دول جنوب شرقي آسيا كالهند وبنغلادش وغيرها، في محاولة للحصول على الدعم والتمويل المالي".
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن القانون الأخير "لم يشمل بقية المصارف العاملة في مناطقه، واقتصر فقط على مصارف التمويل الأصغر التي تندرج ضمن المصارف المشاركة للمنظمات الإنسانية التي تدعم المشاريع الصغيرة، وبالتالي الاستيلاء على أموال تلك المنظمات واستثمارها من خلال القروض وتنفيذ المشاريع التي تشرف عليها الأمانة السورية للتنمية".
"إعفاء من العقوبة مقابل الدفع"!
ولعل من أبرز القوانين والمراسيم ذات الظاهر "النفعي" المناقض لباطنها، والتي شدّد رئيس النظام على تنفيذ مضامينها، تتمثل –بالدرجة الأولى- في تلك المتعلقة بتحصيل الأموال وجبايتها من المواطنين، بأي شكل من الأشكال.
ففي شباط الفائت، أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد القانون رقم (4) لعام 2024 الذي يقضي بإعفاء شاغلي أراضي وأملاك "الدولة" في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، من الغرامات المتأخرة. سبقته 3 قوانين شبيهة منذ مطلع العام الجاري، ولكنها تخصّ العاملين بالصرافة وتداول العملة الأجنبية كما سيمر معنا.
القارئ لعناوين تلك القوانين الأربعة، سيظنها في بادئ الأمر تصب في مصلحة المواطن ولكنه سرعان ما سيستنتج بأن جميعها تهدف إلى رفد خزينة النظام بالأموال من جيوب المواطنين، وبأسلوب تهديدي واضح إما بالسجن أو الملاحقة الأمنية.
فالقانون السابق (رقم 4 لعام 2024) على سبيل المثال، نصّ على إعفاء "المكلفين/ المخالفين" من تسديد الغرامات والفوائد المترتبة عليهم "بشرط تسديد تلك الغرامات والرسوم المستحقة" خلال سنة من تاريخ إصداره.
وجاء في المادة الأولى من القانون: "يعفى المكلفون برسوم الري عن الفترة الممتدة من عام 2012 ولغاية عام 2023 والمستحقة الدفع، من تسديد الغرامات والفوائد المترتبة عليهم في حال قيامهم بتسديد رسوم الري المستحقة خلال سنة من تاريخ نفاذ القانون". وأعفت المادة الثانية من تسديد الغرامات والفوائد المترتبة على شاغلي عقارات أملاك الدولة "سواء أكان هذا الإشغال بموجب عقود إيجار أم استثمار أم أجر المثل"، في حال تسديدهم هذه البدلات خلال سنة أيضاً.
كذلك الأمر، أعفت المادة الثالثة المكلفين بتسديد أقساط تكاليف استصلاح الأراضي الزراعية من فوائد وغرامات التأخير إذا تم تسديدها خلال سنة واحدة.
قبل ذلك بنحو شهر، وبالتحديد في الـ20 من كانون الثاني 2024، أصدر بشار الأسد مرسومين تشريعيين (رقم 5 و6)، أكّد في المرسوم الأول على منع التعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات أو لأي نوع من أنواع التداول التجاري، وحافَظ على العقوبات المتعلقة بالحبس أو السجن، لكنه أتاح للمدعى عليهم "التسوية أمام القضاء لتسقط عنهم عقوبة الحبس أو السجن التي قد تصل في بعض الحالات إلى أكثر من سبع سنوات".
بينما شدّد رئيس النظام عبر المرسوم رقم (6) في عقوبات "مَن يزاول مهنة الصرافة من دون ترخيص، ومَن ينقل أو يحوّل العملات الأجنبية أو الوطنية بين سوريا والخارج من دون ترخيص". ويعاقب المرسوم على ذلك بالسجن المؤقت من 5 سنوات إلى 15 سنة، وبغرامة مقدارها ثلاثة أمثال المبالغ المصادرة على ألا تقل الغرامة عن 25 مليون ليرة سورية، ومصادرة المبالغ المضبوطة نقداً، وأي مبالغ مدونة في القيود الورقية أو الإلكترونية، "ولا يجوز إخلاء السبيل في هذين الجرمين".
التسوية التي أشار إليها المرسوم رقم 5، تجري أمام المرجع القضائي الناظر في الدعوى، فإذا تمت التسوية تلك قبل صدور حكم قضائي مبرم فإن مبلغ التسوية يحدد بما يساوي قيمة المدفوعات والمبالغ المتعامل بها، المضبوطة والمدونة في القيود الورقية والإلكترونية، و"تؤول المبالغ الناجمة عن التسوية إلى خزينة الدولة، وتسقط الدعوى العامة بحق المتعامل ويعفى من التعويض المدني، أما إذا تمت التسوية بعد صدور حكم قضائي مبرم فإن مبلغ التسوية يحَدّد بالغرامة المتمثلة بضعفي قيمة المدفوعات أو المبالغ المتعامل بها إضافة إلى الالتزامات المدنية والتعويضات المحكوم بها". وبذلك يكون النظام قد ألزم المخالفين بدفع مبالغ طائلة مقابل عدم سجنهم.
التضييق على الطلاب في أول مراسيم 2024
المرسوم الأول في هذا العام، والذي صدر بتاريخ الرابع من كانون الثاني الماضي، كان من حصة الطالب السوري. حيث ألغى بشار الأسد في ذلك المرسوم نظام "الدورتين الامتحانيتين" لطلاب الشهادة الثانوية، الذي أقره بمرسوم حمل الرقم 153 في عام 2011، صدر عقب اندلاع الثورة السورية بمدة قصيرة في محاولة لامتصاص غضب الشارع حينذاك وخاصة طلاب المدارس، إذ تزامنت هجمات قوات النظام على المدن الثائرة مع تحضيرات الطلاب للامتحانات النهائية.
ظاهر ذلك المرسوم كان "لرفع مستوى العملية التدريسية، والارتقاء بمعايير جودة التعليم، تطبيق مبدأ المساواة في القبول الجامعي"، بحسب مزاعم حكومة النظام التي ناقشت المشروع قبيل تقديمه إلى "رئاسة الجمهورية" في أواخر عام 2023. إلا أن باطنه عاد ليضيّق مجدداً على الطلاب ويدفع عشرات الآلاف منهم للجوء إلى الدراسة في الجامعات الخاصة ذات الأقساط الخيالية، والتي للنظام "حصة الأسد" منها.
ونصّ المرسوم رقم 1 لعام 2024 على السماح لطلاب الشهادة الثانوية العامة بمختلف فروعها "بالتقدم لدورة امتحانية واحدة فقط" خلال العام الدراسي الواحد على أن يبدأ تطبيق هذا النظام ابتداء من العام الدراسي القادم 2024-2025.
كما أرجع المرسوم الجديد كل الشروط القديمة لنجاح طلاب الشهادة الثانوية، من حيث: أن يكون ناجحاً في جميع المواد، أي حصوله على درجة النهاية الصغرى (درجة المعدّل) في كل مادة، وأن يكون ناجحاً في مادة اللغة العربية مع بقية المواد باستثناء مادة واحدة منها فقط، أو باستثناء مادتين بشرط حصوله في مجموع درجتيهما على نسبة 25 في المئة على الأقل.
كما حرم المرسوم الطالب من إمكانية الاعتراض على النتيجة أو تصحيح أوراق الإجابة "بأي وجه من الوجوه". حيث ألغى ما سمح به رئيس النظام في مرسوم سابق (رقم 243 لعام 2017)، الذي منح الطالب حينذاك إمكانية الاعتراض على النتيجة والسماح بإعادة تصحيح ورقة امتحانية واحدة فقط.
بعد ذلك بيومين، أصدر رئيس النظام القانون رقم 1 للعام 2024، القاضي بـ "تنظيم عمل الاتحاد الوطني لطلبة سوريا كمنظمة شعبية طلابية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري".
وتعليقاً على القانون الجديد، رأت مصادر خاصة من جامعة دمشق في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا، أنه "صدر بتوجيه من أسماء الأسد التي ستشرف على عمل اتحاد الطلبة عبر (الأمانة السورية للتنمية) التي تديرها".
مصادر موقع تلفزيون سوريا: قانون تنظيم عمل الاتحاد الوطني لطلبة سوريا صدر بتوجيه من أسماء الأسد التي ستشرف على عمل اتحاد الطلبة عبر "الأمانة السورية للتنمية"
وأضافت المصادر لموقع تلفزيون سوريا أنَّ "القانون يهدف إلى أدلجة الطلبة في الجامعات السورية وفق رؤية النظام السياسية والحزبية"، إذ يمنع القانون الجديد الذي احتكر العمل التنظيمي الطلابي، الانتماء إلى أي حزب سياسي غير مرخص أو أي تنظيم أو تجمع "معادٍ" للدولة.
وذكرت المصادر، أنَّ الاتحاد الوطني لطلبة سوريا "كان وما زال أداة بيد النظام لمراقبة تحركات الطلبة وانتماءاتهم السياسية والطائفية وإعداد تقارير دورية تُرفع للاتحاد ومن ثم للفروع الأمنية المرتبطة بعلاقة وثيقة معه". مشيرة إلى أن ذلك القانون "لا يختلف عن غيره من التشريعات التي تصدر لصالح بقاء سيطرة (حزب البعث) والسلطة على مختلف مناحي الحياة في سوريا".
عزل قضاة لأسباب غير معروفة
ومن بين المراسيم أيضاً، أصدر بشار الأسد في آذار الفائت 4 مراسيم قضت بعزل 5 قضاة بذريعة "ارتكابهم مخالفات وأخطاء قانونية جسيمة" لم تحددها نصوص المراسيم.
المرسومان الأولان (73- 74) صدرا في الـ26 من آذار، وتضمنا عقوبة عزل بحق 3 قضاة، هم: القاضي "محمد عبد الله بن عبد الله" مستشار محكمة الاستئناف المدنية السادسة في عدلية حلب، و"لمى ماهر البدعيش" قاضية في النيابة العامة التمييزية من المرتبة الثالثة والدرجة الثالثة، و"سيدرا محمد سليم حنفي" قاضية في النيابة العامة التمييزية من المرتبة الثالثة والدرجة الثالثة.
وبعد يومين، صدر المرسومان (77- 78) القاضيان بعزل كلّ من "سعد بن كاسر لايقه" قاضي محكمة البداية المدنية الرابعة (ب) في عدلية اللاذقية، من المرتبة الثالثة والدرجة الثانية، و"محمد خضر الحويش" قاضي محكمتي صلح التبني وصلح الجزاء الثانية في عدلية دير الزور، من المرتبة الثالثة والدرجة الثالثة، على أن تُصفى حقوقهما وفقاً للقوانين النافذة.
لم توضح المراسيم الأربعة الأخيرة أسباب عزل القضاة المذكورين، كما لم تحدد ماهية "المخالفات والأخطاء القانونية الجسيمة" التي زعمت ارتكابها من قبل القضاة المعزولين، لتثير تساؤلات كثيرة نتيجة عدم الإفصاح العلني عن طبيعة التجاوزات، بالإضافة إلى إثارتها حفيظة الكثيرين من القضاة الذين يخشون التصريح بما اختلج في صدورهم خشية أن ينالهم ما نال القضاة الذين عزلوا.
أعادت تلك المراسيم إلى الذاكرة، المرسوم (رقم 175 لعام 2022) الذي عزل فيه رئيس النظام القاضية في النيابة العامة التمييزية "فتون خيربك" من منصبها، على خلفية مناشدة الأخيرة له -عبر تسجيل مصور- لحمايتها من تهديدات واتهامات تطولها بارتكاب مخالفات وأخطاء قانونية.
وكانت خيربك التي تقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة، قد وجهت في منتصف عام 2022 "مناشدة" لرئيس النظام السوري، طالبة منه "حمايتها من شقيقتها ومن ضباط كبار" في أجهزة النظام، قالت إنهم يلاحقونها ويتهمونها بارتكاب جرائم مفتعلة ضدها. إلا أن بشار الأسد ردّ على مناشدتها بإصدار مرسوم العزل.
مصدر أمني اشترط عدم ذكر اسمه، قال لموقع "العربي الجديد" إنه استطاع الوصول إلى معلومات "تفيد بأن اثنين من القضاة تم استصدار قرار من مجلس القضاء بعزلهما لأسباب لا توجب العزل"، وأوضح أن معلوماته تشير إلى أن أحدهما أبدى موقفاً سياسياً وعزل نتيجة تقرير كيدي، في حين كانت "مخالفة" إحدى القاضيتين عبارة عن تصريح "بيني" عن وجوب الادعاء على أحد المتنفذين بجريمة اعتداء على المجتمع (والذي يكفله القانون القضائي السوري ويعتبر فيه القاضي التمييزي صاحب الدعوى العامة).
وأوضح المصدر أن ما حصل عليه حول تفاصيل عزل القضاة المذكورين، لا يتعدى كونهم أشاروا إلى مكان خلل في الدائرة المقربة من النظام السوري، ويتعلق بقيام أولئك المقربين بأضرار اقتصادية واحتكار موارد اقتصادية مهمة في البلاد.
ويرى رئيس تجمّع المحامين السوريين، الحقوقي غزوان قرنفل، في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا، بأن مراسيم العزل "عبارة عن محاولة لتبييض صورة النظام السوري بزعم أنه يكافح الفساد، وتكريس لسلطة بشار الأسد بوصفه (رئيس مجلس القضاء الأعلى) وصاحب القرار الأول والأخير في عزل أو تنصيب من يشاء من القضاة وغيرهم".
الحقوقي غزوان قرنفل: مراسيم العزل محاولة لتبييض صورة النظام السوري بزعم أنه يكافح الفساد، لكنها لتكريس لسلطة بشار الأسد بوصفه رئيس مجلس القضاء الأعلى
سلسلة طويلة من المراسيم
تمثل المراسيم والقوانين وغيرها في هذا العام، تكملة لسلسلة من "الإصدارات الرئاسية" المماثلة التي شهدتها الشهور الأخيرة من العام الفائت 2023، حيث راحت المراسيم والقوانين تنهال على المواطنين من كل حدب وصوب، متناولة مختلف الأوضاع في البلاد؛ السياسية منها والعسكرية والمالية والحقوقية، والتعليمية أيضاً.
ولعل من بين أبرز إصدارات أواخر العام 2023، المرسوم القاضي بإنهاء المحاكم الميدانية العسكرية، الذي أكّد النظام بموجبه وجود تلك المحاكم التي كانت تمتلك صلاحية قتل وتصفية السوريين من دون محاكمات ومن دون وجود أي دلائل تدين ضحايا تلك المحاكم، بالرغم من نفي النظام المتكرر لوجودها خلال العقود الخمسة الماضية.
أضف إلى ذلك مراسيم العفو "الصورية" التي تستهدف "العسكريين الفارين" بالدرجة الأولى، والذين يتم زجهم في المعتقلات والسجون عقب إجراء ما يطلق عليها "المصالحات" مع النظام.
أما المراسيم المتعلقة بزيادة الرواتب والأجور، فغالباً ما يخرج فيها المواطن السوري خاسراً في نهاية المطاف، نتيجة استيفاء النظام لتلك الزيادات قبل صرفها على مستحقيها، من خلال رفع أسعار المحروقات والوقود وموارد الطاقة، وصولاً إلى أسعار مواد العيش اليومية، بأضعاف مضاعفة.